جنود أوكران بالقرب من خط المواجهة بمنطقة زابوريجيا
جنود أوكران بالقرب من خط المواجهة بمنطقة زابوريجيا

تعمل القوات الروسية على تعزيز دفاعاتها في المناطق التي تسيطر عليها في جنوب أوكرانيا، عبر زرع حقول ألغام وبناء حواجز وخنادق ضمن استعداداتها لصد هجوم أوكراني مضاد، يرتقب أن تطلقه كييف خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بحسب تقرير  صحيفة "نيويورك تايمز".

وبدأت القوات الروسية في حفر حواجز دفاعية بين حدود مناطق زابوريجيا ودونيتسك وخيرسون، وفقا لإيفان فيدوروف، عمدة مدينة ميليتوبول المنفي الذي كشف أيضا عن أشغال لإنشاء خط دفاعي بالقرب من مدينته التي سيطرت عليها موسكو.

وأوضح فيدوروف في منشور على منصة تلغرام، أن الجانب الروسي يستعد للدفاع عن مدينة ميليتوبول المحتلة، مشيرا إلى أنه حصل على معلوماته من جهات اتصال في المدينة الواقعة بمنطقة زابوريجيا.

وتحظى ميليتوبول التي تقع على بعد 96 كيلومترا جنوب خط المواجهة، بأهمية استراتيجية كبرى بالنسبة لموسكو، حيث تعد محورا رئيسيا لخط السكك الحديدية وتربط شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014، بالأراضي التي احتلتها بشرق أوكرانيا.

وفي حال نجحت أوكرانيا في استعادة المدينة، فإنها "ستقسم بشكل فعلي الأراضي الروسية، مما سيصعب ويعقد على الروس عمليات إعادة الإمداد"، بحسب التقرير.

والتزمت القيادة العسكرية في أوكرانيا الصمت بشأن الأهداف المحتملة لهجومها المضاد، غير أن الصحيفة تلفت إلى أن شرق البلاد يبقى "هدفا متوقعا بعد أن احتدم فيه القتال منذ أشهر".

لكن المسؤولين الأوكرانيين لم ينفوا أيضا التوقعات التي تشير إلى احتمالية أن يكون الجنوب هدفا أيضا، وذلك  لمواصلة الحملة العسكرية الناجحة التي شنتها القوات الأوكرانية الصيف الماضي، والتي تكللت بانسحاب آلاف الجنود الروس من مدينة خيرسون.

وتوضح الصحيفة الأميركية أن الأوكرانيين سبق أن استغلوا "حالة الغموض" التي تكتنف مخططاتهم لتحقيق مكاسب لصالحهم، مذكّرة بالهجوم السريع الذي نفذته قوات كييف على منطقة خاركيف بالشمال الشرقي، أوائل شهر سبتمبر الماضي، والذي فاجأ القوات الروسية التي كانت تستعد للمواجهة بمنطقة خيرسون جنوبا.

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أشار بوضوح إلى استعداد قواته لهجوم مضاد على المدن التي سيطرت عليها روسيا، وقال في خطاب ألقاه مؤخرا: "سيأتي يوم نقول فيه: فر المحتل الأخير أو قُتل في مناطق دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وفي جنوبنا بأكمله".

وتتوقع "نيويورك تايمز"، أن يمنع الهجوم الأوكراني المحتمل على منطقة زابوريجيا القوات الروسية من مواصلة قصفها شبه المستمر لمدينة خيرسون والبلدات والقرى القريبة من ضفة نهر دنيبر بالشرق.

وشهدت المنطقة، أول أمس الاثنين، 61 هجوما، بحسب أولكسندر بروكودين، رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية الذي كشف عن مقتل شخص واحد بعد سقوط إجمالي 224 قذيفة.

وكشف قادة بالجيش الأوكراني أن هجومهم المضاد، الذي سيكون بدعم من دبابات وعتاد عسكري وصلهم مؤخرا من الغرب، سيُنفذ في وقت قريب لكنهم أكدوا على أهمية الصمود وتكبيد الجانب الآخر الخسائر في الوقت الراهن، بحسب رويترز.

واستلمت أوكرانيا منذ أيام أول دفعة من دبابات القتال الغربية لاستخدامها في شن هجومها على القوات الروسية مع حلول فصل الربيع وانتهاء موجة الطقس البارد.

النائب البرلماني المنتمي لحزب زيلينسكي، ميكيتا بوتورايف، يقول إن "روسيا تحتل جزءا من قلب أوكرانيا القديم"، مضيفا في مقابلة "هذا هو السبب في أن تحرير جزء من زابورجيا ومنطقة خيرسون هو شغلنا الشاغل حاليا".

وطيلة الأسابيع الأخيرة، أعاد الجانبان الروسي والأوكراني تشكيل قواتهما على طول خط المواجهة في منطقة زابوروجيا، وفقا لخبراء عسكريين ولرافائيل ماريانو غروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، الذي زار المنطقة الأسبوع الماضي.

وفي الوقت ذاته، تصاعد القصف الروسي على المدن والبلدات القريبة من خط المواجهة، بحسب مسؤولين أوكرانيين. 

وقالت خدمة الطوارئ الحكومية على فيسبوك، إن قوات موسكو شنت غارتين على مناطق في منطقة زابورجيا، مما تسبب في حريق كبير دمر صالة للألعاب الرياضية، غير أن الحادث لم يخلف خسائر بشرية.

وفيما تواصل روسيا قصفها على المدن الأوكرانية، أعلنت الولايات المتحدة عن إرسال مجموعة من أنظمة الدفاع الجوي والرادارات والأسلحة الأخرى إلى أوكرانيا، ضمن خطة المساعدات طويلة الأجل لكييف تبلغ تكلفتها 2.1 مليار دولار.

وتتضمن الحزمة الأميركية الجديدة، بمزيجها من المساعدات قصيرة الأجل وطويلة الأجل، مجموعة متنوعة من الذخيرة من مخزونات البنتاغون، و23 مليون طلقة من ذخيرة الأسلحة الصغيرة و200 ألف قنبلة يدوية، وفقا لأسوشيتد برس.

بالإضافة إلى شراء المزيد من الأسلحة عالية التقنية، بما في ذلك أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات بدون طيار ورادار المراقبة الجوية ومحطات وخدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية.

زيلنسكي بلقطة أرشيفية - فرانس برس
زيلنسكي بلقطة أرشيفية - فرانس برس

وصف الكرملين، الأربعاء، إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وقادة آخرين لإنهاء النزاع بأنه "كلام أجوَف".

وبعد مرور حوالى ثلاث سنوات على بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا، أصبحت الدعوات لإجراء محادثات سلام أكثر إلحاحا مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتأكيده أنه يريد إنهاء الحرب بسرعة.

ورد زيلنسكي على سؤال بشأن إمكان التفاوض مع بوتين في مقابلة بُثت الثلاثاء، قائلا إنه سيفعل ذلك "إذا كان هذا هو الشكل الوحيد الذي يمكننا من خلاله تحقيق السلام لمواطني أوكرانيا وعدم خسارة المزيد من الأرواح".

وتحدّث عن صيغة تضم "4 مشاركين"هم مبدئيا أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحفيين، الأربعاء "حتى الآن لا يمكن اعتبار هذا الأمر سوى كلام أجوَف" مضيفا أن "الاستعداد يجب أن يرتكز على شيء ما".

وكرر بيسكوف حجة روسيا بأن زيلنسكي لا يستطيع التحدث إلى بوتين بعدما أصدر مرسوما في أكتوبر 2022 يحظر أي مفاوضات مع روسيا طالما كان بوتين رئيسا، وذلك ردا على إعلان الكرملين ضم أربع مناطق أوكرانية.

وأعلن بيسكوف أنه "رغم ذلك، نبقى منفتحين على المحادثات"، معتبرا أن "الواقع على الأرض يشير إلى أن كييف يجب أن تكون أول من يبدي انفتاحه واهتمامه بمحادثات مماثلة"، في إشارة على ما يبدو إلى التقدم العسكري الروسي ميدانيا.

وكرر بوتين مرارا أنه مستعد للتفاوض بشرط أن تمتثل أوكرانيا لمطالبه: التنازل عن أربع مناطق في جنوب وشرق البلاد بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في العام 2014 والتخلي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهي شروط غير مقبولة بالنسبة لكييف.

وفي توضيح لتصريحاته، قال زيلنسكي، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي إن الاستعداد للنقاش مع بوتين هو في حد ذاته "تنازل" من جانب أوكرانيا.

ووصف الزعيم الروسي بأنه "قاتل وإرهابي". وقال "التحدث إلى قاتل هو بمثابة تنازل من جانب أوكرانيا والعالم المُتَحضِّر بأكمله".

وأقرّ بأن حلفاء كييف "يعتقدون أن الدبلوماسية هي الطريق للمضي قدما".

وفي المقابلة التي نُشرت الثلاثاء، أثار زيلنسكي مجددا احتمال حصول أوكرانيا على أسلحة نووية في حال عدم انضمامها بسرعة إلى حلف شمال الأطلسي.

وقال بيسكوف، الأربعاء، إن هذه التصريحات "تلامس الجنون"، داعيا حلفاء كييف إلى إدراك "المخاطر المحتملة لمناقشة هذا الموضوع في أوروبا".

وإلى ذلك تحدث بيسكوف عن "اتصالات" بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن مواضيع محددة، لافتا إلى أن الاتصالات "تكثفت أخيرا"، من دون أن يذكر تفاصيل إضافية.