أدخنة متصاعدة بعد انفجار في القرم في 16 أغسطس 2022
أدخنة متصاعدة بعد انفجار في القرم في 16 أغسطس 2022 (أرشيف)

تشير العديد من دلائل على أن القوات الروسية تسحب معدات قتالية رئيسية من شبه جزيرة القرم التي احتلتها في العام 2014، وتعيد نشرها في القطاع الجنوبي لأوكرانيا، وذلك بالتزامن مع تحصين شبه الجزيرة المتنازع عليها بالخنادق والأنظمة الدفاعية قبل الهجوم الأوكراني المضاد المتوقع حدوثه في فصل الربيع الحالي.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي قالت فيه كييف إن المحادثات مع موسكو بشأن شبه جزيرة القرم سوف تعقد إذا نجح الهجوم المضاد المخطط له، وفقا لما ذكرت صحيفة "إندندبنت" البريطانية.

وأوضح معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة أن "القوات الروسية قد تكون سحبت معدات من شبه جزيرة القرم المحتلة لإعادة نشرها في أماكن أخرى بجنوب أوكرانيا خوفًا من هجوم مضاد أوكراني".

وأفاد المعهد أن صور الأقمار الصناعية تُظهر "سحب كمية كبيرة من المركبات القتالية المدرعة والدبابات وأنظمة المدفعية من مستودع في بلدة ميدفيديفكا (20 كم شمال شرق دزهانكوي على طول الطريق السريع M18) بين 17 مارس الماضي و 5 أبريل الحالي"، لكنه لم يحدد وجهتها.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي نشرتها شركة"Maxar"، وهي شركة لتكنولوجيا الفضاء يقع مقرها الرئيسي في ولاية كولورادو، أن روسيا كانت تحصن شبه جزيرة القرم من خلال حفر الخنادق لأسابيع عدة، لاسيما في بلدة ميدفيديفكا الصغيرة، وتعزيزها بنظام مراقبة ورصد دقيق يمتد لعدة كيلومترات.

وأنشأت القوات الروسية  تلك الممرات لمساعدة الجنود في الحصول على زوايا أفضل لحيازة نطاق أوسع لإطلاق النيران، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وأوضحت الصحيفة أن التحصينات الأخرى في المنطقة تشمل التربة المحفورة لخنادق عميقة للاستيلاء على الدبابات والمركبات الثقيلة.

وتظهر الصور الجوية عشرات الدفاعات المماثلة التي بنتها روسيا في المنطقة. 

وفي هذا الصدد، يقول المحلل العسكري الأوكراني، إيان ماتفيف، إن روسيا "تفهم على ما يبدو" أنه سيتعين عليها حماية شبه جزيرة القرم في المستقبل القريب.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أشار فيه أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى أن أوكرانيا قد لا تطالب بعد الآن بالعودة الكاملة لشبه جزيرة القرم كشرط مسبق لمحادثات السلام.

"الملاذ الأخير"

وقال نائب رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه سيبيها، إن أوكرانيا سوف تناقش مستقبل شبه جزيرة القرم مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إذا وصل الجنود الأوكرانيون إلى حدود شبه الجزيرة بنجاح.

وحذر المسؤول الكبير من أن هذا لا يعني أن أوكرانيا "سوف تستبعد طريق تحرير القرم من قبل جيشنا".

وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤولو زيلينسكي عن محادثات السلام بشأن شبه جزيرة القرم، وذلك منذ أن تولى الفنان الكوميدي السابق منصبه في العام 2019.

وكان المسؤولون في كييف قد رفعوا من حدة المناقشات بشأن خطط لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.

من جانبها، أوضحت مبعوثة زيلينسكي إلى شبه جزيرة القرم، تاميلا تاشيفا، أن "أوكرانيا ستختار إعادة شبه جزيرة القرم، باستخدام الوسائل السياسية أوالعسكرية"، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "بوليتيكو".

ونبه المسؤولون إنه من أجل "تقليل الخسائر العسكرية الأوكرانية، وتقليص التهديدات التي يتعرض لها المدنيون الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، فضلاً عن تدمير البنية التحتية المدنية"، تخطط القوات الأوكرانية لمنح روسيا خيارات لمغادرة شبه جزيرة القرم قبل استخدام العمل العسكري كملاذ أخير.

وقال المبعوثة "إذا لم يوافقوا على المغادرة طواعية، فإن أوكرانيا ستواصل تحرير أراضيها بالوسائل العسكرية".

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.