كشفت الوثائق العسكرية الأميركية المسربة أن الصين وافقت على "تقديم مساعدة قاتلة" لروسيا في حرب أوكرانيا خلال وقت سابق من هذا العام، إذ خططت لإخفاء المعدات العسكرية كأغراض مدنية، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
وبحسب العلومات الواردة في الوثائق المسربة، فإن جهاز الاستخبارات الروسي أفاد بأن اللجنة العسكرية المركزية الصينية "وافقت على تزويد إضافي" للأسلحة وأرادت إبقائها سرية.
وجاءت هذه المعلومات في وثيقة استخباراتية أميركية تحت عنوان فرعي "بكين توافق على شحنات خفية للمساعدات الفتاكة لروسيا".
ولم يرد مكتب مدير الاستخبارات الوطنية على مكالمة من صحيفة "واشنطن بوست" لطلب التعليق.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: "لكننا ما زلنا قلقين ونستمر في المراقبة عن كثب".
وقال مسؤول رفيع بالإدارة الأميركية للصحيفة: "لم نرَ دليلا على أن الصين نقلت أسلحة أو قدمت مساعدة قاتلة لروسيا". كما اتفق مسؤول دفاعي كبير مع هذا التقييم.
وتحدث المسؤولان لصحيفة "واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المعلومات حول الوثيقة المصنفة تحت بند "سري للغاية".
وتأتي هذه المعلومات بعد تصريحات لمسؤولين في الإدارة الأميركية حذروا فيها بكين من تقديم مساعدات عسكرية قاتلة لروسيا.
في فبراير، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مقابلة مع قناة "سي بي أس" إن الصين "تدرس الآن توفير دعم فتاك" لموسكو يراوح بين "الذخيرة والأسلحة بحد ذاتها".
وأدلى بلينكن بتصريحات مماثلة في سلسلة من المقابلات خلال تواجده في المانيا قبل شهرين، حيث شارك في مؤتمر ميونيخ للأمن والتقى نظيره الصيني، وانغ يي.
في المقابل، نددت بكين بما وصفتها بأنها اتهامات "زائفة" صدرت عن الولايات المتحدة تفيد بأن الصين تدرس إمكان تسليح روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وجاء كشف هذه المعلومات في وقت تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن بعدما أسقطت الولايات المتحدة مطلع فبراير منطادا قالت إنه صيني لأغراض التجسس، مما أدى لإلغاء رحلة كان من المقرر أن يقوم بها بلينكن إلى بكين خلال تلك الفترة.
وكان الرئيس بايدن صرح خلال مؤتمر صحفي يوم 24 مارس في أوتاوا مع رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، "على مدى الأشهر الثلاثة الماضية وأنا أسمع أن الصين ستزود روسيا أسلحة مهمة".
وأضاف: "... لم يفعلوا ذلك بعد. هذا لا يعني أنهم لن يفعلوا ذلك، لكنهم لم يفعلوه بعد".
وخلال زيارة أجراها الرئيس الصيني، شي جينبينغ، إلى موسكو أواخر مارس، أشادت روسيا وبكين بـ"الطبيعة الخاصة" لعلاقاتهما. لكن الزعيم الصيني لم يعد بتوفير أسلحة للقوات الروسية المستنزفة في أوكرانيا، وهي خطوة كانت ستستدعي في حال حصولها فرض عقوبات غربية على الصين.
تشتهر أوكرانيا بأنها سلة "خبز" أوروبا، بسبب محاصيلها المهمة من الحبوب، ولكنها تتمتع بموارد نادرة ذات أهمية كبيرة.
تحدث الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن مخزون هائل من الموارد الأرضية النادرة وغيرها من المعادن المهمة، ضمن مساعيه لجذب الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التوصل لاتفاق.
وأكد خلال مقابلة مع رويترز الجمعة أن أقل من 20 في المئة من الموارد المعدنية في أوكرانيا، ومنها نحو نصف مخزونها من العناصر النادرة، موجود في الأراضي التي تحتلها روسيا.
وكان الرئيس ترامب، قد قال مطلع فبراير إنه يريد من كييف تزويد الولايات المتحدة بالمعادن النادرة مقابل دعمها في جهودها الحربية ضد روسيا.
المعادن النادرة
مخزون كبير من الموارد النادرة في أوكرانيا. أرشيفية
فكرة الموارد النادرة كان قد عرضها زيلنسكي في "خطة النصر" التي قدمها لحلفائه الغربيين بما في ذلك ترامب في خريف 2024.
ومن بين الموارد الموجودة على الكرة الأرضية، يصنف 17 معدنا ضمن مجموعة المعادن النادرة، والتي تستخدم في تصنيع المغناطيس عالي الأداء والمحركات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية، وأنظمة الصواريخ.
وتصنف هيئة المسح الجيولوجي الأميركية 50 معدنا بالغة الأهمية، بينها المعادن النادرة، والنيكل والليثيوم، بينما تضم قائمة الاتحاد الأوروبي 34 معدنا.
وهي تعتبر نادرة لقلتها وعدم وجود بدائل لها تؤدي نفس الوظيفة.
وتعد الصين، أكبر منتج للمعادن النادرة والحيوية في العالم.
فكم تمتلك أوكرانيا من مخزون للموارد الأرضية النادرة؟
أوكرانيا لديها موارد هامة لصناعات الإلكترونيات والفضاء. أرشيفية - تعبيرية
بحسب بيانات وزارة الاقتصاد في كييف، تمتلك أوكرانيا موارد من 22 معدنا من بين 34 معدنا التي تعتبر ذات أهمية عالية في قائمة الاتحاد الأوروبي.
وتشمل هذه الموارد ما يستخدم في المواد الصناعية، ومواد البناء، وسبائك الحديد، وعناصر أرضية نادرة، واحتياطيات ضخمة من الفحم.
وبحسب معهد الجيولوجيا الأوكراني، تمتلك كييف عناصر أرضية نادرة مثل: اللانثانوم والسيريوم، المستخدمة في أجهزة التلفاز والإضاءة؛ والنيوديميوم، المستخدم في توربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية؛ والإربيوم والإتريوم، والتي تتراوح تطبيقاتها من الطاقة النووية إلى الليزر.
وبحسب بيانات للمعهد والتي مولها الاتحاد الأوروبي تمتلك أوكرانيا احتياطيات من سكانديوم المستخدم في صناعات الطيران.
ويقول زيلينسكي أيضا إن أوكرانيا تمتلك أكبر احتياطيات من التيتانيوم واليورانيوم في أوروبا.
وبحسب تقرير نشره موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، تعد أوكرانيا موردا رئيسيا لليثيوم والبيريليوم والمنجنيز والغاليوم والزركونيوم والغرافيت والأباتيت والفلوريت والنيكل.
وتؤكد تقديرات هيئة الجيولوجيا الحكومية تمتلك أوكرانيا واحدة من أكبر احتياطيات أوروبا المؤكدة من الليثيوم، والتي تقدر بنحو 500 ألف طن متري.
ويستخدم الليثيوم في صناعة البطاريات والسيراميك والزجاج، بينما تتمركز احتياطيات التيتانيوم في الغالب في شمال غرب ووسط أوكرانيا، بينما يقع الليثيوم في الوسط والشرق والجنوب الشرقي.
وتمثل احتياطيات أوكرانيا من الغرافيت، وهو مكون رئيسي في بطاريات السيارات الكهربائية والمفاعلات النووية، 20 في المئة من الموارد العالمية، والتي تتركز في وسط البلاد وغربها.
روسيا تسيطر على حوالي نصف الموارد النادرة لأوكرانيا. أرشيفية
التيتانيوم
تتصدر أوكرانيا أوروبا من حيث احتياطيات التيتانيوم وتحتل المرتبة العاشرة على مستوى العالم، وتنتج 7 في المئة من الإنتاج العالمي، ولديها 28 حقلا يتم استخراجه منه، فيما يتم إنتاج معادن إضافية خلال عملية الإنتاج مثل الزركونيوم.
الليثيوم
تمتلك أوكرانيا ثلث احتياطيات الليثيوم في أوروبا، وهو ما يمثل ما يقرب من 3 في المئة من الإنتاج العالمي.
الغرافيت
تمتلك أوكرانيا 20 في المئة من موارد الغرافيت في العالم، حيث تبلغ احتياطها حوالي 19 مليون طن من الخام، وهي واحدة من أكبر خمس دول في العالم من حيث الاحتياطيات.
النيكل والكوبالت
تضم أوكرانيا 12 منطقة لاستخراج سيليكات النيكل، والتي تحتوي أيضًا على الكوبالت كمنتج ثانوي، حيث تقدر احتياطيات الكوبالت بـ 9000 طن.
وقال أوليكسي سوبوليف، النائب الأول لوزير الاقتصاد الأوكراني في يناير الماضي إن الحكومة تعمل على إبرام صفقات مع حلفاء غربيين بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بشأن مشاريع تتعلق باستغلال المواد الحيوية.
وتقدر الحكومة إجمالي إمكانات الاستثمار في القطاع بنحو 12 إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2033.
وذكرت هيئة الجيولوجيا في كييف أن الحكومة تستعد لمنح تراخيص مشتركة لنحو 100 موقع وتطويرها، من دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وبحساب قيمة هذه المعادن الهامة، تمتلك أوكرانيا مجموعة واسعة تقدر بأكثر من 26 تريليون دولار أميركي. زيلينسكي أكد أن كييف لا تقترح "التخلي" عن مواردها، بل تعرض شراكة مفيدة للطرفين لتطويرها بشكل مشترك.
وقال "قدم الأميركيون المساعدة أكثر من غيرهم، وبالتالي يجب أن يكسب الأميركيون أكثر من غيرهم. ويجب أن تكون هذه الأولوية لهم، وستكون لهم. أود أيضا التحدث عن هذا مع الرئيس ترامب".
وقال إن روسيا تعرف بالتفصيل مواقع الموارد الحيوية لأوكرانيا من المسوحات الجيولوجية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية والتي أعيدت إلى موسكو عندما حصلت كييف على استقلالها في عام 1991.