حملات التأثير الروسية تهدف لإضعف اليدمقراطية الغربية
حملات التأثير الروسية تهدف لإضعف اليدمقراطية الغربية

نجحت الحكومة الروسية في التلاعب بتصنيفات مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث عما كان معروفًا في السابق، مما عزز الأكاذيب حول الجيش الأوكراني والآثار الجانبية للقاحات بمئات الآلاف من الحسابات المزيفة عبر الإنترنت، وفقا لوثائق التي تم تسريبها مؤخرا على تطبيق الدردشة ديسكورد، ونشرتها صحيفة "واشنطن بوست".

وتقول الوثيقة المسربة غير المؤرخة إن المشغلين الروس لتلك الحسابات يتباهون بأن الشبكات الاجتماعية لا تكتشفهم إلا بنسبة 1 في المئة فقط من الوقت.

وتشير الوثيقة لفعالية روسيا في تعزيز الدعاية على تطبيقات تليغرام وتيك توك ويوتيوب وتويتر.

تقدم الوثيقة تقييما صريحا نادرا من قبل المخابرات الأميركية لعمليات التضليل الروسية

شبكة تضليل روسية

تقدم الوثيقة تقييما صريحا نادرا من قبل المخابرات الأميركية لعمليات التضليل الروسية.

وتشير الوثيقة إلى أنه تم إعدادها من قبل هيئة الأركان المشتركة والقيادة الإلكترونية الأميركية والقيادة الأوروبية، إلى ذكاء الإشارات والذي يتضمن التنصت لكنها لا تستشهد بمصادر لاستنتاجاتها.

وتركز الوثيقة على مركز حوسبة البحث العلمي الرئيسي في روسيا والذي يشار إليه أيضا باسم (GlavNIVTs)والذي يدير شبكة تضليلية تعرف باسم "فابريكا" (Fabrika).

وكان المركز يعمل في أواخر عام 2022 لتحسين "فابريكا" بشكل أكبر، وكانت الشبكة ناجحة على الرغم من أن العقوبات الغربية ضد روسيا والرقابة الروسية على منصات التواصل الاجتماعي داخل البلاد قد أضافتا صعوبات.

وتقول الوثيقة الاستخباراتية إن أهداف حملات التأثير الروسية تضمنت إضعاف معنويات الأوكرانيين واستغلال الانقسامات بين الحلفاء الغربيين.

وخلصت إلى أن "الجهود ستعزز على الأرجح قدرة موسكو على التحكم في بيئتها المعلوماتية المحلية وتعزيز الروايات المؤيدة لروسيا في الخارج".

سوريون يرسمون جدارية تضامنية مع أوكرانيا تعبيرا عن القصف الروسي للبلدين
سوريون يرسمون جدارية تضامنية مع أوكرانيا في 2023 تعبيرا عن القصف الروسي للبلدين

بفرحة كبيرة، تتابع الناشطة الأوكرانية ليوبوف فيلينكو، أخبار تحرير سوريا من نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا التي تشن حربا على بلادها منذ فبراير 2022.

ورغم الوضع الصعب الذي تعيشه فيلينكو وغيرها من الأوكرانيين، حيث معظم المناطق بلا كهرباء في الشتاء القارس بسبب القصف الروسي المكثف، فإن نبأ تحرير سوريا أشعل شرارة الأمل.

"تحرر سوريا، كان بمثابة ضوء كبير، ودليل على أن روسيا أضعف كثيرا مما تبدو عليه"، قالت فيلينكو خلال مقابلة مع موقع "الحرة".

عندما تراجعت قوات الأسد على جبهات كثيرة، بدأت روسيا تدخلها العسكري لصالحه في 30 سبتمبر 2015، بعدما كانت داعما رئيسيا لدمشق في مجلس الأمن الدولي منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011.

كان تدخل روسيا نقطة تحوّل في الأحداث السورية، وبفضله، تمكن النظام من استعادة زمام المبادرة وتحقيق انتصارات استراتيجية، بينما كانت موسكو تنفذ الكثير من "المجازر" وتقصف بالطائرات، وأنشأت قاعدتين عسكريتين في سوريا.

يرى رئيس الجالية السورية في العاصمة الأوكرانية كييف، محمد زيدية أن التدخل الروسي المباشر في 2015 أنقذ  الأسد وأطال عمر ألم ومعاناة السوريين.

جانب من احتفال الجالية السورية في كييف بسقوط نظام بشار الأسد

منذ 33 عاما غادر زيدية مدينته درعا مهد الاحتجاجات السورية  التي اندلعت في عام 2011، للدراسة في الاتحاد السوفيتي آنذاك، وبقي هناك بعد استقلال أوكرانيا.

 "رأيت أن الوضع هنا أفضل من سوريا" قال زيدية الذي تزوج من أوكرانية وأسس عائلة هناك.

لم يترك أوكرانيا، وأصبح واحدا من ألف سوري لم يغادروها بعد شن روسيا حربها الشاملة، حيث كان عدد الجالية ستة آلاف شخص.

يشغل زيدية الحاصل على الدكتوراه في التربية البدنية، منصب مستشار في اتحاد كرة القدم في كييف.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة"  إن "الأوكرانيين تعاطفوا مع السوريين. كانوا يتابعون آلامهم، خاصة بعد أن تدخلت روسيا التي احتلت في 2014 شبه جزيرة القرم الأوكرانية".

"الشعب الأوكراني يشعر مع سقوط نظام الأسد، بأمل في أن تنتهي الحرب وينتصر"، قال زيدية.

وبعد أن أعلنت سوريا إقرارها بحق روسيا في ضم شبه جزيرة القرم في 2014، اعتبرت أوكرانيا أن الأمر اعتداء على أرضها وسيادتها من قبل دمشق، فجمدت العلاقات الدبلوماسية إلى أن قطعتها.

يعمل عضو مجلس القوميات في الإدارة الحكومية الأوكرانية، عماد أبو الرب ضمن فريق حكومي رسمي على "تعزيز" التعاون والتواصل مع سوريا الجديدة بعد سقوط الأسد، بما فيها إعادة التمثيل الدبلوماسي.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "الحكومة الأوكرانية، تدرس شمول سوريا في مبادرة الحبوب والطحين التي تقدمها كييف لدول تعاني من أوضاع إنسانية، تشمل لبنان وغزة ودول أفريقية".

وكما خرج الأسد من سوريا، يتمنى الأوكرانيون أن تخرج القوات الروسية من بلدهم، وأن تعود الحياة في البلدين آمنة.

ووسط هذا الأمل، لا تزال فيلينكو تتابع الأخبار في سوريا بفرح، وتسخر من تغيير الدعاية الروسية لمسارها بسرعة، منتقلة من وصف الثوار السوريين بالإرهابيين إلى وصفهم بـ"المعارضة".

هذه المناورة الإعلامية الروسية، في نظرها، دليل واضح على ضعفها الحقيقي. 

قالت فيلينكو: "لن يتوقف الأوكرانيون عن القتال حتى تحقيق النصر. نستند إلى قناعة راسخة، بأن روسيا أضعف بكثير مما تبدو عليه".