في فبراير الماضي، توفي سجينان سياسيان من شبه جزيرة القرم هما كونستانتين شيرينغ وجميل خافاروف، في مراكز احتجاز تديرها السلطات الروسية.
كان كل منهما يعاني من أمراض خطيرة تتطلب العلاج، لكنهما لم يحصلا على أي رعاية طبية رغم طلباتهما المتكررة، بحسب ما كشفت مديرة ملف شبه جزيرة القرم في منظمة "زمينا" لحقوق الإنسان الأوكرانية، فيكتوريا نسترينكو.
وتوفي شيرينغ، في معسكر رقم 5 الصارم الموجود في مدينة نوفوترويتسكي، بمنطقة أورينبورغ، حيث تم اعتقاله من شبه جزيرة القرم المحتلة بتهمة "التجسس"، وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما في سجن شديد الحراسة، بحسب المسؤولة في منظمة "زمينا" وتعني "التغيير".
وقالت نسترينكو لموقع "الحرة" إن شيرينغ توفي عن عمر ناهز 61 عاما، واحتاج إلى مساعدة طبية بسبب مرض بالقلب، لكنه لم يتلق أي رعاية، محملة المسؤولية لسلطات المعسكر الذي كان يحتجز فيه.
وأوضحت أن شيرينغ، الذي تم توقيفه في 15 أبريل 2020، "غالبا ما كان يشعر بالمرض أثناء جلسات المحاكمة التي عقدت في سيمفيروبول، حتى أنه طلب من القاضي خلال المحاكمة توفير رعاية طبية، لكن لم تتم الاستجابة لطلباته رغم أن حالته كانت تبدو سيئة".
وقبل وفاة الناشط جميل خافاروف عن 60 عاما، بأشهر قليلة، وبالتحديد في نوفمبر الماضي، تعرض لأزمة قلبية، كما كان مريضا بالفشل الكلوي، وكان يحتاج إلى غسيل للكلى، لكن السلطات الروسية لم تقدم له الرعاية الطبية، إلى أن توفي في مركز احتجاز احتياطي في نوفوتشركاسك في منطقة روستوف.
وكانت السلطات الروسية اعتقلت خافاروف في 27 مايو 2019 على خلفية مشاركته في أنشطة حزب التحرير، الذي تصنفه روسيا على أنه منظمة إرهابية، بخلاف أوكرانيا التي تعتبره كيانا سياسيا قانونيا.
ووفقا لمنتدى 18 غير الحكومي الدولي، المعني بالحرية الدينية، "واصلت روسيا مقاضاة الأفراد بسبب معتقداتهم الدينية، بما في ذلك الأئمة الذين يؤدون الصلاة في مساجدهم، باعتبار ذلك "نشاطا تبشيريا غير قانوني".
وبحسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية بشأن الحريات الدينية لعام 2021، فإن السلطات الروسية في شبه جزيرة القرم المحتلة، واصلت اضطهاد وترهيب التجمعات الدينية للأقليات، بما في ذلك تتار القرم المسلمون، وشهود يهوه، ورجال الدين.
وتقول نسترينكو: "الكثير من هؤلاء السجناء السياسيين مسلمون، وذلك لأنهم فقط أبدوا آراء مخالفة ومنتقدة لروسيا، لذا تم اعتقالهم واتهامهم بقضايا ترتبط بالتطرف والإرهاب رغم أنهم لم يفعلوا شيئا في الواقع إلا أنهم معارضين لاحتلال روسيا لأراضيهم".
وتشير إلى أنه منذ احتلال شبه جزيرة القرم في 2014، وروسيا تقوم بعملية قمع للأصوات المعارضة، لكنها تزايدت بعد الغزو الروسي في فبراير 2022".
وحتى يوليو 2021، ظل 74 من سكان القرم في السجن، مقارنة بـ 69 حتى أكتوبر 2020، فيما يتعلق بتورطهم المزعوم مع المنظمة السياسية الدينية الإسلامية حزب التحرير"، بحسب الخارجية الأميركية، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال الروسي واصلت تعريض مسلمي تتار القرم للسجن والاحتجاز انتقاما لمعارضتهم للاحتلال الروسي من خلال محاكمتهم لتورطهم المزعوم في حزب التحرير.
وبحسب ما أفادت نسترينكو لموقع "الحرة"، فإن السلطات الروسية "تحتجز اليوم حوالي 190 سجينا سياسيا في شبه جزيرة القرم خلف القضبان"، مضيفة أن 50 فردا منهم يعانون من مشكلات صحية خطيرة تهدد حياتهم، لكنهم لا يتلقون أي استجابة أو رعاية من المسؤولين في السجون".
وتقول، "لم يكف السلطات الروسية أنها أصدرت أحكاما بالسجن لمدد طويلة فحسب، بل إن السجناء السياسيين من شبه جزيرة القرم، لا يتم التعامل معهم بشكل لائق، وكثيرا ما يتم تعذيبهم وإهانتهم، وذلك لأنهم يعارضون الاحتلال الروسي، وتم سجن معظمهم بناء على الإدلاء بآرائهم السياسية أو الدينية خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لم يعجب الروس".
من بين هؤلاء الناشطة إيرينا دانيلوفيتش، التي تبلغ من العمر 33 عاما، التي تم إيقافها في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لمدة 17 عاما بتهمة "التخريب"، لأنها كانت تنشر على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي قصصا عن السجناء السياسيين في القرم وتنتقد المحاكمات السياسية لسكان القرم، كما نشرت عن الفساد في القطاع الصحي"، بحسب نسترينكو.
وتضيف: "كانت دانيلوفيتش بصحة جيدة عندما تم اعتقالها، لكنها الآن صماء ولا تسمع إلا بأذن واحدة، وأصيبت بعدة سكتات دماغية، لكن السلطات الروسية لم تقدم لها أي مساعدة".
وتشير إلى أن "بعض السجناء السياسيين الأوكرانيين، يتم محاكمتهم في القرم، أو حتى داخل روسيا وفق القوانين الروسية، ثم يتم نقلهم إلى سجون مختلفة في روسيا، خاصة في مناطقة نائية مثل ليفورتوفو"، معتبرة أنها "طريقة للضغط على السجين وترهيب للآخرين من خلال نقلهم إلى أماكن بعيدة، وعزلهم عن وطنهم وعائلاتهم".