بالنظر إلى أقدمية سوكولوف فمن غير المرجح أن تتمكن موسكو من إخفاء وفاته لفترة طويلة- صورة أرشيفية.
بالنظر إلى أقدمية سوكولوف فمن غير المرجح أن تتمكن موسكو من إخفاء وفاته لفترة طويلة- صورة أرشيفية.

قالت أوكرانيا إنها قتلت قائد أسطول البحر الأسود الروسي، الأدميرال فيكتور سوكولوف، إلى جانب 33 ضابطا آخر، خلال اجتماع للقادة الروس في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، وهو ما يعد "اختراقا استخباراتيا وعسكريا، وضربة قوية للقوات الروسية".

وإذا تأكدت الضربة فإنها ستكون من بين الضربات الأكثر ضررا التي تعرضت لها البحرية الروسية منذ غرق سفينة الأسطول الرئيسية العام الماضي، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

ويعد ذلك من أجرأ هجمات كييف حتى الآن على شبه جزيرة القرم المحتلة، حسبما تشير صحيفة "الغارديان" البريطانية.

ماذا حدث؟

الإثنين، قالت قوات العمليات الخاصة الأوكرانية إن الضربة التي وقعت الجمعة أسفرت عن مقتل 34 ضابطا، من بينهم قائد الأسطول، وإصابة 105 آخرين. 

وفي تحديث لاحق عبر حسابها بمنصة "أكس" (تويتر سابقا) أشارت أن الهجوم أدى لمقتل 62 بحارا روسيا، بعد تدمير سفينة مينسك.

وأكدت أن قائد أسطول البحر الأسود الروسي كان من بين 34 قتيلا خلال الهجوم الصاروخي على المقر الرئيسي.

ولم تذكر اسم القائد البحري، لكن قائد أسطول البحر الأسود هو الأدميرال فيكتور سوكولوف، وهو أحد كبار الضباط في البحرية الروسية، حسبما تؤكد "نيويورك تايمز" و"الغارديان".

ولم يتضح حتى الآن كيف أحصت القوات الخاصة الأوكرانية عدد القتلى والجرحى في الهجوم.

وقال الجيش الأوكراني إن الهجوم جاء خلال اجتماع للقادة الروس، وألحق أضرارا بالغة بمقر الأسطول الروسي في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم. 

ولم يصدر تعليق فوري من وزارة الدفاع الروسية بشأن وضع أي من قادتها، ولم تتمكن "نيويورك تايمز" أو "الغارديان" من التحقق من المزاعم الأوكرانية.

ورفض العديد من أقارب سوكولوف المقربين الاستجابة لطلبات تعليق من "الغارديان".

وأكد مسؤولون عينتهم روسيا وقوع الهجوم الأوكراني الجمعة قائلين إن صاروخا واحدا على الأقل أصاب مقر الأسطول، وفق وكالة "رويترز".

من هو سوكولوف؟

تم تعيين سوكولوف كقائد جديد لأسطول البحر الأسود المتمركز في شبه جزيرة القرم في أغسطس 2022

تم تعيين سوكولوف كقائد جديد لأسطول البحر الأسود المتمركز في شبه جزيرة القرم في أغسطس 2022، وذلك لدعم دفاعات شبه جزيرة القرم بعد تعرضها لأول مرة لسلسلة من الانفجارات الأوكرانية في الصيف الماضي.

وقد شغل سابقًا سلسلة من المناصب في أسطول المحيط الهادئ والأسطول الشمالي، حيث شغل وقتها منصب نائب القائد.

والإثنين، حث بعض المدونين الروس المؤيدين للحرب وزارة الدفاع على التعليق على المزاعم الأوكرانية. 

وكتب سيرجي ماركوف، المدون الشهير والمستشار السابق للكرملين: "نود أن نتلقى المعلومات بشكل أسرع... كلنا ننتظر إجابات بسيطة وواضحة حول قائد أسطول البحر الأسود الروسي".

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بالغ الجانبان في تضخيم خسائر العدو، بينما التزما الصمت في كثير من الأحيان بشأن خسائرهما، لكن بالنظر إلى أقدمية سوكولوف، فمن غير المرجح أن تتمكن موسكو من إخفاء وفاته لفترة طويلة، حسبما تؤكد "الغارديان".

انقلاب استخباراتي وعسكري؟

إذا كانت ادعاءات أوكرانيا دقيقة، بشأن علمها بالاجتماع الروسي رفيع المستوى، وهويات الأشخاص الذين تعرضوا للضرب، والتمكن من الحصول على أعداد الضحايا، فإن هذه التصريحات تشير إلى انقلاب استخباراتي فضلا عن انقلاب عسكري، حسب "نيويورك تايمز".

ولم يكن من الواضح ما هي الأسلحة المستخدمة في هجوم الجمعة، لكن أوكرانيا 
نشرت مؤخرا صواريخ كروز من طرازي "ستورم شادو" التي قدمتها بريطانيا، و"سكالب" الفرنسية والتي يقال إنها يمكنها السفر لأكثر من 300 ميل، وهو ما يتجاوز نطاق الأسلحة الغربية الأخرى المستخدمة بواسطة أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن روسيا لا تزال القوة البحرية الأعظم في البحر الأسود، لكن الأسطول الروسي هناك عانى من انتكاسات متعددة. 

وفي أبريل 2022، أغرقت أوكرانيا الطراد "موسكفا"، السفينة الرئيسية للأسطول، بهجوم صاروخي. 

وفي أغسطس 2023، استخدمت الطائرات البحرية بدون طيار لتدمير سفينة حربية روسية على الجانب البعيد من البحر الأسود.

وقال محللون لـ"نيويورك تايمز"، إن شبه جزيرة القرم تعد عنصرا أساسيا في الرؤية الإقليمية التوسعية التي حددها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لذا فإن عجز موسكو عن حمايتها من الضربات يشكل إحراجا للكرملين.

وعندما غزت روسيا جارتها في فبراير 2022، استخدمت القوات الروسية شبه جزيرة القرم كنقطة انطلاق للاستيلاء على أجزاء من جنوب أوكرانيا، وإنشاء جسر بري يربط بالمناطق التي تحتلها روسيا في أقصى الشرق.

على المدى الطويل، تهدف موسكو إلى النجاة من الهجمات الأوكرانية، مدركة أن القوات البرية الأوكرانية لا تزال بعيدة عن الوصول إلى شبه جزيرة القرم، ناهيك عن استعادتها، وفقا لحديث المحلل بصحيفة ميدوزا الروسية المستقلة، لديميتري كوزنتس.

وقال إن المخزونات الأوكرانية من الصواريخ طويلة المدى محدودة، مؤكدا أن "الضربات لم تصل بعد إلى نقطة حرجة بالنسبة لموسكو".

وأضاف: "الهدف هو تعطيل الخدمات اللوجستية والسيطرة الروسية من أجل الحصول على ميزة على الجبهة". 

ولتحقيق ذلك، لا يتم تنفيذ الضربات في شبه جزيرة القرم فحسب، بل في جميع أنحاء جنوب أوكرانيا أيضا، وبهذا المعنى فإن "التقدم كان محدودا حتى الآن"، حسبما يؤكد.

وتستهدف أوكرانيا القرم منذ بدأت العملية العسكرية الروسية ضدها، لكن تم تكثيف الهجمات على المنشآت العسكرية فيها مؤخرا في وقت تتعهّد كييف استعادة شبه الجزيرة التي ضمتها موسكو عام 2014، وفق وكالة "فرانس برس".

وفي الأسابيع الأخيرة، زادت أوكرانيا بشكل حاد من وتيرة ضرباتها على شبه جزيرة القرم في سعيها لتوجيه ضربات استراتيجية ورمزية ضد القوات الروسية المتمركزة هناك.

وزادت مؤخرا وتيرة الهجمات على الأراضي الروسية بعدما كانت نادرة في بداية العملية العسكرية، وتعلن كييف بشكل متزايد مسؤوليتها عن هذه الهجمات.

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.