اقتصاد أوكرانيا يعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الخارجية بعد الغزو الروسي
اقتصاد أوكرانيا يعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الخارجية بعد الغزو الروسي

يواجه التمويل الأميركي لأوكرانيا النفاد خلال الشهر المقبل، بعد تمرير مجلس النواب اتفاقا مؤقتا بشأن الموازنة لتجنب إغلاق حكومي، لم يشمل المساعدات لكييف.

وقال مسؤولون حكوميون أوكرانيون وأميركيون، إن "النفقات التي تصرفها الولايات المتحدة للحكومة الأوكرانية تنفد الشهر المقبل"، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

وأدى الجدل الدائر في واشنطن بشأن المساعدات الاقتصادية لأوكرانيا إلى انقسام الكونغرس، حيث يقول بعض الجمهوريين إن "الأموال الأميركية يجب أن تدعم الاقتصاد الأميركي". 

وفي ظل مخاوف المشرعين بشأن "الفساد" في أوكرانيا، من غير الواضح إلى أي مستوى سيتم استعادة تلك المساعدات حال توقفها، طبقا للصحيفة.

وتدفع الولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى فعليا رواتب 150 ألف موظف حكومي في أوكرانيا، وأكثر من نصف مليون معلم وأستاذ جامعي في الكليات والمدارس، بالإضافة إلى النفقات الحكومية التي تتراوح بين الرعاية الصحية ودعم الإسكان، بحسب الصحيفة ذاتها.

وقال بيل تايلور، السفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا ونائب الرئيس الحالي للمعهد الأميركي للسلام الذي يموله الكونغرس: "لا أرى بدائل، فالتمويل الأميركي أمر بالغ الأهمية لبقاء أوكرانيا".

وخسرت أوكرانيا نحو 30 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي بسبب الغزو الروسي المستمر منذ فبراير لعام 2022، مع انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع النفقات العسكرية.

وقال صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير إن استمرار الدعم الخارجي للمالية العامة لأوكرانيا أمر بالغ الأهمية.

احتمالات وضغوطات

والثلاثاء، اتصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، بقادة دول حليفة للولايات المتحدة لتأكيد استمرار دعم واشنطن لكييف، لكن البيت الأبيض حذر من أن المساعدات قد تنقطع في غضون أشهر ما لم يوافق الجمهوريون على تمويلها.

وقال البيت الأبيض إن "الرئيس بايدن أجرى اتصالا صباح اليوم مع حلفائنا وشركائنا لتنسيق دعمنا المتواصل لأوكرانيا"، شارك فيه قادة كندا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبولندا ورومانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى وزيرة الخارجية الفرنسية.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن بايدن أكد لحلفاء واشنطن أنه "واثق" من أن الكونغرس سيوافق على تمويل مساعدات جديدة لأوكرانيا.

زيلينسكي سيجتمع مع بايدن ومع زعماء بالكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ـ صورة أرشيفية.
البيت الأبيض: بايدن يجتمع مع زيلينسكي ومساعدات جديدة متوقعة لأوكرانيا
قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الجمعة، إن من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة عن مساعدات إضافية لأوكرانيا هذا الأسبوع، مضيفا أن الرئيس، جو بايدن، سيلتقي مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يوم الخميس في البيت الأبيض.

لكنه حذر من أن المساعدات الأميركية لن تدوم أكثر من "بضعة أشهر تقريبا" ما لم يقر الكونغرس تمويلا إضافيا، مشددا على أهمية دعم هجوم كييف المضاد قبل حلول الشتاء.

وتوقعت وزارة المالية الأوكرانية تأخيرا محتملا في التمويل بسبب الجدل في الولايات المتحدة، حسبما صرح مسؤول أوكراني، لم تكشف عن هويته صحيفة وول ستريت جورنال.

وقال المسؤول الأوكراني إنه بعد شهر نوفمبر، ستواجه الحكومة احتمالات خفض الرواتب الحكومية أو محاولة الاقتراض من الخارج.

وأضاف المسؤول أن إنهاء المدفوعات للحكومة الأوكرانية يثير الاستياء في البلاد، وربما يفرض ضغوطا سياسية على الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، الذي سيواجه انتقادات أعلى من الفصائل المتنافسة.

الهجمات والمعارك مستمرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 - رويترز
الهجمات والمعارك مستمرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 - رويترز

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده أرادت بإطلاقها صاروخ فرط صوتي على أوكرانيا أن يدرك الغرب أنها مستعدة لاستخدام أي وسيلة لإحباط أي محاولة تهدف لإلحاق "هزيمة استراتيجية" بها.

وقال لافروف، في مقابلة مع الصحفي تاكر كارلسون الخميس، إن "على الولايات المتحدة وحلفاءها الذين يقدمون أيضا هذه الأسلحة طويلة المدى لنظام أوكرانيا -- أن يدركوا أننا على استعداد لاستخدام أي وسيلة تحول دون نجاحهم فيما يصفوه (بإلحاق) هزيمة استراتيجية بروسيا".

وأضاف لافروف أنه "لخطأ كبير للغاية" أن يفترض أي شخص في الغرب أن روسيا ليس لديها خطوط حمراء.

وتأتي هذه التصريحات قبل أقل من شهرين من تنصيب ترامب، في حين تقول إدارة الرئيس، جو بايدن، إنها تريد "ضمان أن تكون لدى أوكرانيا القدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي". 

وتابع لافروف "نود أن تكون لدينا علاقات طبيعية مع جميع جيراننا في شكل عام، مع كل البلدان، وبخاصة مع دولة كبيرة مثل الولايات المتحدة"، مضيفا "لا نرى سببا يمنع روسيا والولايات المتحدة من التعاون من أجل مصلحة العالم". 

وكان لافروف قد حذر في كلمته خلال الاجتماع من أن ما وصفها بالحرب الباردة الجديدة يمكن أن تدخل "مرحلة ساخنة".

وأثار استخدام روسيا نهاية شهر نوفمبر صاروخ أوريشنيك الفرط صوتي متوسط المدى ضد مدينة دنيبرو الأوكرانية، في تصعيد كبير للحرب المستمرّة منذ حوالى ثلاث سنوات، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "تطور جديد يثير القلق. 

ويمكن لصاروخ "أوريشنيك" البالستي المتوسط المدى (يصل إلى 5500 كيلومتر)، حمل رؤوس نووية، والتحليق بسرعة 10 ماخ أي ثلاثة كيلومترات في الثانية، وفق موسكو. 

وقالت روسيا إنها نفذت هذه الضربة ردا على ضربتين شنتهما أوكرانيا على الأراضي الروسية بصواريخ ATACMS الأميركية وصواريخ ستورم شادو البريطانية، وهي أسلحة يبلغ مداها نحو 300 كيلومتر.

وقلّل مسؤول أميركي في إحاطة غير مصورة، من احتمال أن يغير الصاروخ مسار الحرب، "خصوصا أن روسيا تمتلك على الأرجح عددًا محدودًا جدًا من هذه الصواريخ التجريبية، وأن أوكرانيا تمكنت من الصمود في وجه هجمات روسية متعددة، بما في ذلك هجمات بصواريخ ذات رؤوس حربية أكبر بكثير من هذا الصاروخ".

مناورات في المتوسط.. روسيا تتدرب على صواريخ "أسرع من الصوت"
مئات الأفراد وعشرات الطائرات والسفن وصواريخ أسرع من الصوت. عناوين ضخمة احتلت وكالات الأبناء الروسية للإعلان عن تدريبات مشتركة للبحرية والقوات الجوية الفضائية في شرق البحر المتوسط بالتزامن مع العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.

أمين عام حلف الناتو، مارك روته، قال من جهته إن الرئيس الروسي "بوتين يصعّد من خطابه وأفعاله المتهورة، ويستخدم أوكرانيا أرضَ اختبارٍ للصواريخ التجريبية، كما ينشر جنودًا من كوريا الشمالية في هذه الحرب غير القانونية".

وأعلن روته أن الحلف "بصدد إنشاء مقر قيادة جديد للناتو في لشبونة لتنسيق المساعدات الأمنية والتدريب لأوكرانيا.

وتخشى أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون أن يضعف الدعم الأميركي لها فيما تواجه قواتها صعوبات على الجبهة، أو أن يفرض عليها اتفاق يتضمن تنازلها عن مناطق لروسيا.

سخونة الحرب التي تحدث عنها لافروف هي الإرث الذي ستحمله إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بدءا من العشرين من شهر يناير المقبل.

وانتقد ترامب مرارا حجم الدعم الأميركي لأوكرانيا وتعهد بإنهاء الحرب بسرعة دون أن يذكر كيف.

وتم تفسير ذلك على أنه يزيد من احتمال بدء محادثات سلام، التي لم تُعقد منذ الأشهر الأولى بعد الغزو الروسي الشامل في أوكرانيا في فبراير 2022.