نظام مصاص الدماء الأميركي يمكن نقله على منصات منقولة
عناصر من الجيش الأوكراني يطلقون صواريخ تجاه القوات الروسية الغازية (صورة تعبيرية)

سلط ظهور الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في اجتماعات حلف شمال الأطلسي، الأربعاء، للمطالبة بتوفير المزيد من الأسلحة لبلاده، الضوء على "قلق كييف بشأن تضاؤل دعم الحلفاء، لاسيما مع انتقال الاهتمام إلى الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط على خليفة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس"، وفق ما ذكرت تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

ونظراً لمخزونها الضخم وقدراتها الصناعية الأكبر، فقد لعبت الولايات المتحدة دوراً حيوياً في تزويد أوكرانيا بسرعة بالأسلحة الحديثة، خاصة ذخائر المدفعية والدفاع الجوي.

ويقول محللون إن "التوقف المؤقت في الدعم قد يبدأ في التأثير على استراتيجية وتكتيكات الجيش الأوكراني في غضون أسابيع، مما قد يؤدي إلى تقليص الهجوم المضاد الذي تشنه كييف، وبالتالي تخفيف الضغط على القوات الروسية الغازية، ومنحها الفرصة لإعادة تجميع قواها". 

ورغم الحظر الأخير الذي قاده الجمهوريون في الكونغرس بشأن تقديم مساعدات لأوكرانيا، تعهدت إدارة الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، بدعم كييف "مهما استغرق الأمر من وقت".

ومن المتوقع أن يؤدي الدعم الكبير من الحزبين، (باستثناء كتلة صغيرة ولكن قوية من العناصر في الحزب الجمهوري بالكونغرس)، إلى تقديم المساعدات في نهاية المطاف.

لكن حتى بضعة أسابيع من التأخير يمكن أن يكون لها تأثير على الهجوم الأوكراني المضاد، إذ يرى مدير برنامج أوروبا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ماكس بيرغمان، أن "الحاجز أمام تقديم المزيد من المساعدات العسكرية والمالية، الذي أقامته أقلية من الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي، من غير المرجح أن يكون له تأثير فوري".

وتابع: "لكن في غضون أسابيع قليلة أخرى.. إذا لم يتغير شيء حقًا في الكونغرس، فأعتقد أن ذلك سيؤثر على قرارات (القيادة العسكرية الأوكرانية) في ساحة المعركة، ومن المؤكد أن ذلك سيؤثر على نوع خططهم مع قدوم فصلي الشتاء والربيع".

وفي اجتماع وزراء دفاع دول الناتو في بروكسل، الأربعاء، بذل زيلينسكي قصارى جهده "للتأكيد أنه ليس مصير الهجوم الأوكراني المضاد فقط على المحك"، موضحا: "الهجوم المضاد هو أحد الأهداف، لكن علينا أيضًا الدفاع عن أنفسنا في وجه جيش كبير من الإرهابيين".

وقال ميك رايان، وهو لواء سابق بالجيش الأسترالي يتابع الحرب عن كثب، إنه "نظرا لعدم اليقين بشأن الإمدادات العسكرية الأميركية، فإن أوكرانيا ستضطر إلى إعادة التفكير في تكتيكاتها واستراتيجيتها".

ولا يزال لدى البنتاغون حوالي 5 مليارات دولار لإنفاقها بموجب سلطة السحب الرئاسي المعتمدة بالفعل، والتي تسمح لبايدن بالاستفادة من مخزونات الأسلحة الأميركية، وهذا يكفي لعدة أشهر بمعدلات الإنفاق الحالية.

وأوضح رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة، الجنرال تشارلز براون، الأربعاء، أن "واشنطن لديها خطط لتسليم معدات عسكرية وذخائر لأوكرانيا، حتى الأول من يناير 2024 على الأقل".

كما لفت إلى أن "الالتزامات المشتركة للولايات المتحدة وحلفائها ستسمح لأوكرانيا بالحفاظ على خططها كما هي"، مردفا: "لا أرى أن خططهم (القوات الأوكرانية) ستتغير".

وتم إنفاق 9.4 مليار دولار أخرى على عقود الشراء لأوكرانيا، في إطار مبادرة المساعدة الأمنية الأميركية لأوكرانيا، معظمها على ذخيرة المدفعية، وصواريخ اعتراضية للدفاع الجوي، وصواريخ دقيقة بعيدة المدى، ومركبات مدرعة. 

وقد يكون للحرب بين إسرائيل وحماس، المصنفة إرهابية، "تأثير سلبي على كييف، إذ قد ينتهي الأمر بأوكرانيا وإسرائيل إلى التنافس على أنواع معينة من الدعم الأميركي، بما في ذلك ذخائر المدفعية وصواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية"، وفقا للصحيفة البريطانية.

"طلب تمويل واحد"

وقال بعض المسؤولين الأميركيين إن "هذا لن يحدث على الفور، لأن الولايات المتحدة تعهدت بالفعل بتقديم 3.8 مليار دولار كمساعدات فتاكة لإسرائيل"، لافتين إلى "الحاجة الإسرائيلية الأساسية حاليًا هي الصواريخ الاعتراضية لنظام القبة الحديدية قصير المدى، وهو ما لا تحتاجه أوكرانيا".

وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الأربعاء: "يمكننا أن نفعل الأمرين (دعم إسرائيل وأوكرانيا) معًا وسنفعل كليهما".

من ناحية أخرى، قالت الصحيفة إن "مسؤولي البيت الأبيض وزعماء الكونغرس يدرسون الجمع بين المساعدات لإسرائيل وأوكرانيا في طلب تمويل واحد".

ومع استمرار هذا الوضع، بدأ الجيش الأوكراني في تقليص استخدامه للذخائر وأنظمة الأسلحة التي زودته بها الولايات المتحدة، تحسبا للنقص.

ونظراً للتحصينات الروسية الثقيلة، وحقول الألغام العميقة، فإن الهجوم المضاد في أوكرانيا "يعتمد على استخدام المدفعية لاختراق مواقع العدو بسرعة أكبر من إمكانية إعادة بنائها، ولتحقيق هذه الغاية، تطلق أوكرانيا ما بين 6000 إلى 7000 قذيفة مدفعية يوميًا.

وفي هذا الصدد، قال الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، دارا ماسيكوت: "إذا شعروا أنهم لن يتمكنوا من الصمود بعد الآن، فسيتراجعون وسيؤدي ذلك إلى وقف الهجوم المضاد".

وأردف: "انقطاع المساعدات، ولو لأسابيع قليلة يمكن أن يؤدي إلى خسائر وانتكاسات".

ومن الناحية النظرية، يستطيع الاتحاد الأوروبي سد الفجوة في المساعدات المالية والاقتصادية لأوكرانيا، لكن الأمر مختلف فيما يتعلق بالأسلحة.

 وقد خصص الاتحاد الأوروبي 3 مليارات يورو لتوفير قذائف لأوكرانيا، إذ قال مسؤول كبير إن الاتحاد الأوروبي "يسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفه المتمثل في إرسال مليون قذيفة مدفعية إلى أوكرانيا هذا العام".

وقال بيرغمان إنه "إذا لم يكن الأوكرانيون واثقين من استمرار إمدادات القذائف أو الذخائر العنقودية أو قذائف الهاون، فقد يضطرون إلى الانسحاب إلى مواقع دفاعية".

وأضاف: "سيعيد ذلك تشكيل الحرب بالنسبة لهم، وبطريقة أعتقد أنها لا تحظى بالتقدير من قبل الكثيرين في الولايات المتحدة".

وكانت برلين قد أعلنت، الثلاثاء، أنها سترسل نظام باتريوت ثانٍ أميركي الصنع ومنظومة صواريخ من طراز IRIS-T ألمانية الصنع إلى أوكرانيا. 

لكن كييف لا تزال تعتمد على الصواريخ الاعتراضية الأميركية في الجزء الأكبر من بطاريات الدفاع الجوي ذات التصميم الغربي، حيث يمكن للقوات الأوكرانية تقنين استخدامها إذا كانت تخشى أن تكون الإمدادات محدودة.

وقال أوليكسي ميلنيك، المقدم السابق في القوات الجوية الأوكرانية والمدير المشارك لمركز رازومكوف البحثي في كييف: "أوكرانيا تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي، وهي مطلوبة الآن".

بوتين زار السعودية والإمارات الأربعاء
بوتين زار السعودية والإمارات الأربعاء

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زيارة خارجية نادرة خلال الأشهر الأخيرة، حيث توجه إلى السعودية والإمارات، في ظل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بسبب "جرائم حرب" في أوكرانيا.

وتسببت تلك المذكرة في حذر الرئيس الروسي خلال رحلاته الخارجية، وحدت بشكل كبير من جولاته ولقاءاته مع قادة الدول الأخرى، وبالتحديد المنضمة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الأربعاء، إن بوتين وولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، بحثا في الرياض "التعاون في إطار منظمة أوبك+".

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن بيسكوف قوله: "تحدثنا مرة أخرى عن التعاون في أوبك+. الطرفان متفقان على أن بلدينا يتحملان مسؤولية كبيرة في التفاعل من أجل الحفاظ على سوق الطاقة الدولية عند المستوى المناسب، وفي حالة مستقرة يمكن التنبؤ بها".

وقال بوتين في تصريحات تلفزيونية، الأربعاء، إن العلاقات مع السعودية وصلت إلى "مستوى غير مسبوق"، وهو نفس ما وصف به العلاقات مع الإمارات خلال اجتماع في اليوم نفسه مع رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وهذه الزيارة الخاطفة لكل من الرياض وأبوظبي، سلطت الضوء على رحلات بوتين الخارجية، التي تأثرت بشدة بمذكرة الاعتقال.

ما هي الجرائم المتهم بها بوتين؟

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 17 مارس الماضي، مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي لاتهامه بـ"الترحيل غير القانوني لأطفال من أوكرانيا، ونقل غير قانوني لمدنيين من أراضي أوكرانيا إلى روسيا".

ويعد القرار هو الأول من نوعه من طرف الهيئة الدولية، التي تحقق في الصراع في أوكرانيا.

وأصدرت المحكمة أمر توقيف منفصل بحق مفوضة روسيا لحقوق الأطفال، ماريا أليكسييفنا لفوفا بيلوفا، بنفس الاتهامات.

ووصفت الخارجية الروسية قرارات المحكمة الجنائية الدولية بأنها "عديمة الأهمية" و"باطلة قانونيا".

وكان فريق تحقيق أممي قد اعتبر أن نقل أطفال أوكرانيين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو في أوكرانيا، وإلى روسيا، يشكل "جريمة حرب".

وكتب فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة في تقريره: "تمت معاينة حالات نقل وترحيل أطفال داخل أوكرانيا وفي اتجاه روسيا الاتحادية، تنتهك القانون الإنساني الدولي وتشكل جريمة حرب".

ونقلت وكالة بلومبرغ الأميركية، أن خبراء حقوقيين أشاروا إلى أن "عدد الأطفال الذين تم ترحيلهم يتجاوز 19 ألفا"، فيما تقول السلطات الروسية إنها نقلت الأطفال "لأهداف إنسانية" في ظل الحرب.

كيف أثرت مذكرة الاعتقال على رحلات بوتين؟

منذ إصدار أمر الاعتقال، لم يغادر بوتين إلا لدول ليست أطرافا في المحكمة الجنائية الدولية، مثل الصين وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، بجانب الإمارات والسعودية.

وغاب بوتين عن قمة "بريكس" التي عقدت في منتصف أغسطس الماضي بجنوب أفريقيا، بعدما أعلنت الأخيرة أن بصفتها عضوة في الجنائية الدولية، ستكون مجبرة على تنفيذ مذكرة الاعتقال.

وأعلنت الرئاسة في جنوب أفريقيا، يوليو الماضي، أن بوتين قرر عدم الحضور باتفاق متبادل مع الرئيس سيريل رامافوزا، على أن يمثل روسيا في القمة وزير الخارجية سيرغي لافروف.

وجاء ذلك بعدما أعلن حزب التحالف الديمقراطي المعارض البارز في جنوب أفريقيا، حينها، أنه اتخذ إجراءات قانونية لإجبار الحكومة على اعتقال بوتين إذا قام بزيارة البلاد، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

ما هي احتمالات محاكمة بوتين؟

أشار تقرير وكالة "بلومبرغ" إلى أن احتمالات محاكمة بوتين وكبار مساعديه لاتهامهم بجرائم حرب "ليست كبيرة، إلا لو تم تغيير النظام في موسكو".

ولا تسمح المحكمة الجنائية الدولية بإجراء محاكمات غيابية، ومن غير المرجح أن تتمكن من اعتقال بوتين أو مساعديه، وهي تعتمد بالأساس على الدول الأعضاء في تنفيذ الاعتقالات، وبالتالي حال تجنب السفر إلى تلك الدول فسيكون من الصعب القبض على المطلوبين لدى الجنائية الدولية.

ويبدو ذلك واضحا في أن الأشخاص الذين اتهمتهم الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب، لا يزال ثلثهم طلقاء. وكان أغلبهم أعضاء جماعات مسلحة وليسوا قادة سياسيين أو مسؤولين عسكريين رسميين.