يحيط الغموض بمن يقف وراء تخريب خطي الأنابيب الأساسيين في تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا في سبتمبر من العام الماضي
يحيط الغموض بمن يقف وراء تخريب خطي الأنابيب الأساسيين في تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا في سبتمبر من العام الماضي

اضطلع ضابط في القوات الخاصة الأوكرانية بـ "دور رئيسي" في تخريب خطي أنابيب الغاز نورد ستريم في سبتمبر من العام الماضي، بحسب ما خلص إليه تحقيق صحفي، السبت. 

ويحيط الغموض بمن يقف وراء تخريب خطي الأنابيب الأساسيين في تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، وتأجيج التوتر على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وظهرت نظريات مختلفة تشير بأصابع الاتهام إلى أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة، وقد نفى كل منها تورطه.

وسلط تحقيق مشترك أجرته صحيفة واشنطن بوست ومجلة دير شبيغل الألمانية الضوء على رومان تشيرفينسكي (48 عاما) الذي خدم في قوات العمليات الخاصة الأوكرانية.

ونقلت الصحيفة والمجلة عن مسؤولين في أوكرانيا ودول أخرى في أوروبا، بالإضافة إلى آخرين على علم بالعملية، تحدثوا من دون الكشف عن هويتهم، أنه كان "المنسّق".

وقالت واشنطن بوست إنه أشرف على الخدمات اللوجستية والدعم لفريق يضم ستة أشخاص، استأجر قاربا شراعيا باستخدام هويات مزيفة ومعدات غوص لزرع عبوات ناسفة على خطي الأنابيب.

ودمرت الانفجارات ثلاثة من الأنابيب الأربعة التي تشكل خطي نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2، ما أدى إلى تسرب الغاز في بحر البلطيق.

وذكرت الصحيفة أن تشيرفينسكي لم يخطط للعملية ولم يتصرف بمفرده، بل تلقى أوامر من مسؤولين أوكرانيين كبار.

ونفى رومان تشيرفينسكي عبر محاميه أي دور له في التخريب.

وقال في بيان لصحيفة واشنطن بوست ومجلة دير شبيغل: "كل التكهنات حول تورطي في الهجوم على نورد ستريم تنشرها الدعاية الروسية من دون أي أساس".

ونفى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مرارا تورط بلاده في التخريب.

وقال لصحيفة بيلد الألمانية في يونيو: "ما كنت لأقوم بذلك أبدا"، مضيفا أنه "يود أن يرى دليلا".

لكن واشنطن بوست ذكرت أن عملية "نورد ستريم" جرى التخطيط لها من دون علم زيلينسكي.

وقالت الصحيفة والمجلة إن الحكومة الأوكرانية لم تستجب لطلبات التعليق على تحقيقاتهما.

ويحاكم تشيرفينسكي حاليا في كييف بتهمة إساءة استخدام سلطته أثناء محاولته إقناع طيار روسي بالانشقاق.

ويقول إن محاكمته هي انتقام سياسي لانتقاده زيلينسكي، بحسب تقارير إعلامية.

بوتين زار السعودية والإمارات الأربعاء
بوتين زار السعودية والإمارات الأربعاء

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زيارة خارجية نادرة خلال الأشهر الأخيرة، حيث توجه إلى السعودية والإمارات، في ظل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بسبب "جرائم حرب" في أوكرانيا.

وتسببت تلك المذكرة في حذر الرئيس الروسي خلال رحلاته الخارجية، وحدت بشكل كبير من جولاته ولقاءاته مع قادة الدول الأخرى، وبالتحديد المنضمة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الأربعاء، إن بوتين وولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، بحثا في الرياض "التعاون في إطار منظمة أوبك+".

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن بيسكوف قوله: "تحدثنا مرة أخرى عن التعاون في أوبك+. الطرفان متفقان على أن بلدينا يتحملان مسؤولية كبيرة في التفاعل من أجل الحفاظ على سوق الطاقة الدولية عند المستوى المناسب، وفي حالة مستقرة يمكن التنبؤ بها".

وقال بوتين في تصريحات تلفزيونية، الأربعاء، إن العلاقات مع السعودية وصلت إلى "مستوى غير مسبوق"، وهو نفس ما وصف به العلاقات مع الإمارات خلال اجتماع في اليوم نفسه مع رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وهذه الزيارة الخاطفة لكل من الرياض وأبوظبي، سلطت الضوء على رحلات بوتين الخارجية، التي تأثرت بشدة بمذكرة الاعتقال.

ما هي الجرائم المتهم بها بوتين؟

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 17 مارس الماضي، مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي لاتهامه بـ"الترحيل غير القانوني لأطفال من أوكرانيا، ونقل غير قانوني لمدنيين من أراضي أوكرانيا إلى روسيا".

ويعد القرار هو الأول من نوعه من طرف الهيئة الدولية، التي تحقق في الصراع في أوكرانيا.

وأصدرت المحكمة أمر توقيف منفصل بحق مفوضة روسيا لحقوق الأطفال، ماريا أليكسييفنا لفوفا بيلوفا، بنفس الاتهامات.

ووصفت الخارجية الروسية قرارات المحكمة الجنائية الدولية بأنها "عديمة الأهمية" و"باطلة قانونيا".

وكان فريق تحقيق أممي قد اعتبر أن نقل أطفال أوكرانيين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو في أوكرانيا، وإلى روسيا، يشكل "جريمة حرب".

وكتب فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة في تقريره: "تمت معاينة حالات نقل وترحيل أطفال داخل أوكرانيا وفي اتجاه روسيا الاتحادية، تنتهك القانون الإنساني الدولي وتشكل جريمة حرب".

ونقلت وكالة بلومبرغ الأميركية، أن خبراء حقوقيين أشاروا إلى أن "عدد الأطفال الذين تم ترحيلهم يتجاوز 19 ألفا"، فيما تقول السلطات الروسية إنها نقلت الأطفال "لأهداف إنسانية" في ظل الحرب.

كيف أثرت مذكرة الاعتقال على رحلات بوتين؟

منذ إصدار أمر الاعتقال، لم يغادر بوتين إلا لدول ليست أطرافا في المحكمة الجنائية الدولية، مثل الصين وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، بجانب الإمارات والسعودية.

وغاب بوتين عن قمة "بريكس" التي عقدت في منتصف أغسطس الماضي بجنوب أفريقيا، بعدما أعلنت الأخيرة أن بصفتها عضوة في الجنائية الدولية، ستكون مجبرة على تنفيذ مذكرة الاعتقال.

وأعلنت الرئاسة في جنوب أفريقيا، يوليو الماضي، أن بوتين قرر عدم الحضور باتفاق متبادل مع الرئيس سيريل رامافوزا، على أن يمثل روسيا في القمة وزير الخارجية سيرغي لافروف.

وجاء ذلك بعدما أعلن حزب التحالف الديمقراطي المعارض البارز في جنوب أفريقيا، حينها، أنه اتخذ إجراءات قانونية لإجبار الحكومة على اعتقال بوتين إذا قام بزيارة البلاد، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

ما هي احتمالات محاكمة بوتين؟

أشار تقرير وكالة "بلومبرغ" إلى أن احتمالات محاكمة بوتين وكبار مساعديه لاتهامهم بجرائم حرب "ليست كبيرة، إلا لو تم تغيير النظام في موسكو".

ولا تسمح المحكمة الجنائية الدولية بإجراء محاكمات غيابية، ومن غير المرجح أن تتمكن من اعتقال بوتين أو مساعديه، وهي تعتمد بالأساس على الدول الأعضاء في تنفيذ الاعتقالات، وبالتالي حال تجنب السفر إلى تلك الدول فسيكون من الصعب القبض على المطلوبين لدى الجنائية الدولية.

ويبدو ذلك واضحا في أن الأشخاص الذين اتهمتهم الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب، لا يزال ثلثهم طلقاء. وكان أغلبهم أعضاء جماعات مسلحة وليسوا قادة سياسيين أو مسؤولين عسكريين رسميين.