هجوم صاروخي على كييف ـ صورة أرشيفية.
هجوم صاروخي على كييف ـ صورة أرشيفية.

قالت القوات الجوية الأوكرانية، الأحد، إنها دمرت ثماني طائرات مسيرة هجومية من أصل تسع أطلقتها روسيا خلال الليل، بينما أكدت روسيا أنها أحبطت هجوما أوكرانيا كبيرا بالمسيرات، وفق وكالة "رويترز".

وجاء الهجوم، الذي قالت القوات الجوية الأوكرانية إنه تم شنه من الجنوب الشرقي، بعد يوم مما قال مسؤولون أوكرانيون إنه أكبر هجوم روسي بطائرات مسيرة منذ بدء الحرب.

ولم ترد تقارير فورية عن وقوع أضرار أو عن المكان الذي أصابته الطائرة المسيرة الروسية التي لم يتم إسقاطها.

ومن جانبها، قالت روسيا، الأحد، إنها أحبطت هجوما أوكرانيا كبيرا بطائرات مسيرة، مضيفة أنها أسقطت ما لا يقل عن 20 طائرة مسيرة فوق مناطق متفرقة منها العاصمة موسكو.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها "أسقطت طائرات مسيرة أوكرانية فوق مناطق منها موسكو وتولا وكالوجا وبريانسك".

وقال حاكم منطقة تولا، أليكسي ديومين، إن شخصا أصيب عندما اصطدمت طائرة مسيرة تم اعتراضها ببناية سكنية.

وذكر رئيس بلدية موسكو، سيرجي سوبيانين: "كانت هناك محاولة لشن هجوم كبير بطائرات مسيرة أثناء الليل".

وقال مسؤولون روس إن عدة طائرات مسيرة أوكرانية أسقطت في عدة مناطق في منطقة موسكو.

وأكدت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن رحلات الطيران أرجئت أو ألغيت في مطارات رئيسية في موسكو بسبب هجوم الطائرات المسيرة.

وليل الجمعة السبت، تعرضت كييف لما وصفته أوكرانيا بأنه أكبر هجوم ليلي بواسطة مسيرات روسية منذ بدء غزو البلاد في فبراير 2022، ما أسفر عن اصابة خمسة اشخاص وحرمان عشرات الأبنية السكنية والمنشآت من التيار الكهربائي، حسب وكالة "فرانس برس".

وبدأ الهجوم بضرب مناطق مختلفة في كييف في الساعات الأولى، من صباح السبت، مع توالي المزيد من الضربات مع شروق الشمس.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن روسيا أطلقت أكثر من 70 طائرة مسيرة من طراز شاهد التي صممتها إيران على أوكرانيا، وتم إسقاط معظمها لكن ليس كلها.

وبعد ذلك، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية  إسقاط 71 طائرة مسيرة من طراز شاهد وصاروخ واحد.

وقال رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، على تلغرام إن الهجوم أدى إلى إصابة خمسة أشخاص من بينهم طفلة عمرها 11 عاما، كما ألحق أضرارا بمبان في مناطق في أنحاء المدينة.

وأضاف أن شظايا طائرة مسيرة تم اعتراضها، تسببت في اشتعال حريق في حضانة أطفال.

انفجار في سماء كييف خلال غارة جوية بطائرة مسيرة روسية في 4 مايو 2023
حرب المسيرات بين أوكرانيا وروسيا تشتعل.. لمن الغلبة؟
خلال الأيام القليلة الماضية، تصاعدت وتيرة "حرب المسيرات" بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما يصفه خبراء تحدث معهم موقع "الحرة" بالتحول استراتيجي، ويكشفون عن قدرات كلا من موسكو وكييف في ذلك الشأن، ويجيبون عن السؤال الأبرز "لمن الغلبة في "صراع الدرون".

وفي الأسابيع الأخيرة، حذرت أوكرانيا من أن روسيا ستستهدف البنية التحتية الحيوية في حملة جوية خلال الشتاء كما فعلت العام الماضي.

ومع اقتراب الشتاء، تتوقع أوكرانيا زيادة في الهجمات الروسية على بنيتها التحتية الحيوية، وخصوصا منشآت الطاقة، وتخشى وضعا مشابها لما حدث في شتاء 2022 عندما حرمت الضربات الروسية ملايين الأوكرانيين من التيار الكهربائي لساعات في ظل انخفاض درجات الحرارة.

سوريون يرسمون جدارية تضامنية مع أوكرانيا تعبيرا عن القصف الروسي للبلدين
سوريون يرسمون جدارية تضامنية مع أوكرانيا في 2023 تعبيرا عن القصف الروسي للبلدين

بفرحة كبيرة، تتابع الناشطة الأوكرانية ليوبوف فيلينكو، أخبار تحرير سوريا من نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا التي تشن حربا على بلادها منذ فبراير 2022.

ورغم الوضع الصعب الذي تعيشه فيلينكو وغيرها من الأوكرانيين، حيث معظم المناطق بلا كهرباء في الشتاء القارس بسبب القصف الروسي المكثف، فإن نبأ تحرير سوريا أشعل شرارة الأمل.

"تحرر سوريا، كان بمثابة ضوء كبير، ودليل على أن روسيا أضعف كثيرا مما تبدو عليه"، قالت فيلينكو خلال مقابلة مع موقع "الحرة".

عندما تراجعت قوات الأسد على جبهات كثيرة، بدأت روسيا تدخلها العسكري لصالحه في 30 سبتمبر 2015، بعدما كانت داعما رئيسيا لدمشق في مجلس الأمن الدولي منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011.

كان تدخل روسيا نقطة تحوّل في الأحداث السورية، وبفضله، تمكن النظام من استعادة زمام المبادرة وتحقيق انتصارات استراتيجية، بينما كانت موسكو تنفذ الكثير من "المجازر" وتقصف بالطائرات، وأنشأت قاعدتين عسكريتين في سوريا.

يرى رئيس الجالية السورية في العاصمة الأوكرانية كييف، محمد زيدية أن التدخل الروسي المباشر في 2015 أنقذ  الأسد وأطال عمر ألم ومعاناة السوريين.

جانب من احتفال الجالية السورية في كييف بسقوط نظام بشار الأسد

منذ 33 عاما غادر زيدية مدينته درعا مهد الاحتجاجات السورية  التي اندلعت في عام 2011، للدراسة في الاتحاد السوفيتي آنذاك، وبقي هناك بعد استقلال أوكرانيا.

 "رأيت أن الوضع هنا أفضل من سوريا" قال زيدية الذي تزوج من أوكرانية وأسس عائلة هناك.

لم يترك أوكرانيا، وأصبح واحدا من ألف سوري لم يغادروها بعد شن روسيا حربها الشاملة، حيث كان عدد الجالية ستة آلاف شخص.

يشغل زيدية الحاصل على الدكتوراه في التربية البدنية، منصب مستشار في اتحاد كرة القدم في كييف.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة"  إن "الأوكرانيين تعاطفوا مع السوريين. كانوا يتابعون آلامهم، خاصة بعد أن تدخلت روسيا التي احتلت في 2014 شبه جزيرة القرم الأوكرانية".

"الشعب الأوكراني يشعر مع سقوط نظام الأسد، بأمل في أن تنتهي الحرب وينتصر"، قال زيدية.

وبعد أن أعلنت سوريا إقرارها بحق روسيا في ضم شبه جزيرة القرم في 2014، اعتبرت أوكرانيا أن الأمر اعتداء على أرضها وسيادتها من قبل دمشق، فجمدت العلاقات الدبلوماسية إلى أن قطعتها.

يعمل عضو مجلس القوميات في الإدارة الحكومية الأوكرانية، عماد أبو الرب ضمن فريق حكومي رسمي على "تعزيز" التعاون والتواصل مع سوريا الجديدة بعد سقوط الأسد، بما فيها إعادة التمثيل الدبلوماسي.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "الحكومة الأوكرانية، تدرس شمول سوريا في مبادرة الحبوب والطحين التي تقدمها كييف لدول تعاني من أوضاع إنسانية، تشمل لبنان وغزة ودول أفريقية".

وكما خرج الأسد من سوريا، يتمنى الأوكرانيون أن تخرج القوات الروسية من بلدهم، وأن تعود الحياة في البلدين آمنة.

ووسط هذا الأمل، لا تزال فيلينكو تتابع الأخبار في سوريا بفرح، وتسخر من تغيير الدعاية الروسية لمسارها بسرعة، منتقلة من وصف الثوار السوريين بالإرهابيين إلى وصفهم بـ"المعارضة".

هذه المناورة الإعلامية الروسية، في نظرها، دليل واضح على ضعفها الحقيقي. 

قالت فيلينكو: "لن يتوقف الأوكرانيون عن القتال حتى تحقيق النصر. نستند إلى قناعة راسخة، بأن روسيا أضعف بكثير مما تبدو عليه".