آثار الهجوم الروسي على دنيبرو في أوكرانيا.
آثار الهجوم الروسي على دنيبرو في أوكرانيا.

مع اقتراب دخول الحرب الروسية على أوكرانيا من عامها الثاني، تعاني حاليا من تراجع الدعم الدولي خاصة مع ضعف الرد العسكري الأوكراني المضاد، وفق تقرير لموقع "ذا ناشايونال إنترست" الذي ركز على أنه للحفاظ على الدعم الغربي المستمر، تحتاج كييف إلى استعراض جهودها في مكافحة الفساد، ورفض الاستثمارات الصينية، وتوسيع الحوار السياسي.

ويقول التقرير إن المشكلة ظهرت بوضوح خلال حديث الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مع مجلة "إيكونوميست" بمناسبة رأس السنة الجديدة، حين ناشد الحكومات الغربية بالاستمرار في الوقوف في وجه روسيا.

وفيما يتعلق بمكافحة الفساد والإصلاحات الداخلية العميقة، يرى الموقع أن مشاكل الفساد تؤثر على صورة أوكرانيا في مدى جديتها في إزالة العقبات التي تحول دون التحاقها بعضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف.

ولذلك ينتظر الغرب من كييف، بحسب الموقع، بذل المزيد من الجهود للقضاء على الفساد في القوات المسلحة، وتجديد السلطة القضائية، ووضع خطة استباقية لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب.

أما الجانب الآخر الذي يجب أن تركز عليه كييف، وفقا للموقع، هو الابتعاد عن الصين التي أبدت استعدادها للمشاركة في إعادة إعمار أوكرانيا باعتبارها متفوقة في مشاريع البنية التحتية على مدى العقد الماضي، وذلك لأن الحكومات الغربية من المتوقع أن ترغب في تولي هذه المهمة لأنها مجزية ماليا.

وأوضح الموقع أنه من المتوقع أن تكون مهمة إعادة الإعمار في أوكرانيا هي الأكبر من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية مع تضرر أو تدمير ما لا يقل عن 245 ألف مبنى نتيجة للهجوم الروسي بتكلفة متوقعة بحوالي 411 مليار دولار، بحسب تقديرات البنك الدولي في مارس 2023.

وتحدث الموقع عن أهمية توسيع المحادثات السياسية في أوكرانيا، خاصة أن زيلينسكي لديه العديد من المنتقدين وبدأت مكانته في التراجع وسط انتكاسات في ساحة المعركة وتصاعد المخاوف الداخلية بشأن قضايا عدة مثل الفساد وعدم شفافية القضاء

ووفقا للموقع، يتوقع المحللون أن يتآكل الدعم المحلي لزيلينسكي بشكل أكبر بمجرد انتهاء الحرب ودخول الطامحين السياسيين الآخرين في الساحة السياسية، وهذا ما دفع الرئيس الأوكراني إلى حد الخلاف العلني مع كبار المسؤولين الذين يعارضونه.

سوريون يرسمون جدارية تضامنية مع أوكرانيا تعبيرا عن القصف الروسي للبلدين
سوريون يرسمون جدارية تضامنية مع أوكرانيا في 2023 تعبيرا عن القصف الروسي للبلدين

بفرحة كبيرة، تتابع الناشطة الأوكرانية ليوبوف فيلينكو، أخبار تحرير سوريا من نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا التي تشن حربا على بلادها منذ فبراير 2022.

ورغم الوضع الصعب الذي تعيشه فيلينكو وغيرها من الأوكرانيين، حيث معظم المناطق بلا كهرباء في الشتاء القارس بسبب القصف الروسي المكثف، فإن نبأ تحرير سوريا أشعل شرارة الأمل.

"تحرر سوريا، كان بمثابة ضوء كبير، ودليل على أن روسيا أضعف كثيرا مما تبدو عليه"، قالت فيلينكو خلال مقابلة مع موقع "الحرة".

عندما تراجعت قوات الأسد على جبهات كثيرة، بدأت روسيا تدخلها العسكري لصالحه في 30 سبتمبر 2015، بعدما كانت داعما رئيسيا لدمشق في مجلس الأمن الدولي منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011.

كان تدخل روسيا نقطة تحوّل في الأحداث السورية، وبفضله، تمكن النظام من استعادة زمام المبادرة وتحقيق انتصارات استراتيجية، بينما كانت موسكو تنفذ الكثير من "المجازر" وتقصف بالطائرات، وأنشأت قاعدتين عسكريتين في سوريا.

يرى رئيس الجالية السورية في العاصمة الأوكرانية كييف، محمد زيدية أن التدخل الروسي المباشر في 2015 أنقذ  الأسد وأطال عمر ألم ومعاناة السوريين.

جانب من احتفال الجالية السورية في كييف بسقوط نظام بشار الأسد

منذ 33 عاما غادر زيدية مدينته درعا مهد الاحتجاجات السورية  التي اندلعت في عام 2011، للدراسة في الاتحاد السوفيتي آنذاك، وبقي هناك بعد استقلال أوكرانيا.

 "رأيت أن الوضع هنا أفضل من سوريا" قال زيدية الذي تزوج من أوكرانية وأسس عائلة هناك.

لم يترك أوكرانيا، وأصبح واحدا من ألف سوري لم يغادروها بعد شن روسيا حربها الشاملة، حيث كان عدد الجالية ستة آلاف شخص.

يشغل زيدية الحاصل على الدكتوراه في التربية البدنية، منصب مستشار في اتحاد كرة القدم في كييف.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة"  إن "الأوكرانيين تعاطفوا مع السوريين. كانوا يتابعون آلامهم، خاصة بعد أن تدخلت روسيا التي احتلت في 2014 شبه جزيرة القرم الأوكرانية".

"الشعب الأوكراني يشعر مع سقوط نظام الأسد، بأمل في أن تنتهي الحرب وينتصر"، قال زيدية.

وبعد أن أعلنت سوريا إقرارها بحق روسيا في ضم شبه جزيرة القرم في 2014، اعتبرت أوكرانيا أن الأمر اعتداء على أرضها وسيادتها من قبل دمشق، فجمدت العلاقات الدبلوماسية إلى أن قطعتها.

يعمل عضو مجلس القوميات في الإدارة الحكومية الأوكرانية، عماد أبو الرب ضمن فريق حكومي رسمي على "تعزيز" التعاون والتواصل مع سوريا الجديدة بعد سقوط الأسد، بما فيها إعادة التمثيل الدبلوماسي.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "الحكومة الأوكرانية، تدرس شمول سوريا في مبادرة الحبوب والطحين التي تقدمها كييف لدول تعاني من أوضاع إنسانية، تشمل لبنان وغزة ودول أفريقية".

وكما خرج الأسد من سوريا، يتمنى الأوكرانيون أن تخرج القوات الروسية من بلدهم، وأن تعود الحياة في البلدين آمنة.

ووسط هذا الأمل، لا تزال فيلينكو تتابع الأخبار في سوريا بفرح، وتسخر من تغيير الدعاية الروسية لمسارها بسرعة، منتقلة من وصف الثوار السوريين بالإرهابيين إلى وصفهم بـ"المعارضة".

هذه المناورة الإعلامية الروسية، في نظرها، دليل واضح على ضعفها الحقيقي. 

قالت فيلينكو: "لن يتوقف الأوكرانيون عن القتال حتى تحقيق النصر. نستند إلى قناعة راسخة، بأن روسيا أضعف بكثير مما تبدو عليه".