الخطوط الأمامية الأوكرانية تحتاج للذخائر لمواصلة صد الغزو الروسي
الخطوط الأمامية الأوكرانية تحتاج للذخائر لمواصلة صد الغزو الروسي

تعتبر حزمة المساعدات التي وافق عليها مجلس النواب الاميركي، مساء السبت، البالغ قيمتها نحو 61 مليار دولار "حيوية" للجيش الأوكراني، باعتراف الرئيس فولوديمير زيلنسكي، بينما تواجه أوكرانيا على الأرض نقصا في الذخيرة وتسعى للتصدي للهجمات الروسية المتعددة بأي طريقة في أماكن مختلفة على الجبهة.

وتعاني أوكرانيا عسكريا في مواجهة الجيش الروسي المتفوق عديدا وعتادا. ويتحدث زيلنسكي بشكل شبه يومي عن نقص المساعدات الغربية.

وتفتقر القوات الأوكرانية خصوصا لأنظمة دفاع جوي لصد هجمات روسيا اليومية بالمسيرات المفخخة والصواريخ على غرار الضربة الصاروخية على تشيرنيهيف الأربعاء والتي خلفت 18 قتيلا. 

عملية مخاض عسيرة

كان مجلس الشيوخ قد وافق على حزمة المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا بقيمة 60 مليار دولار في فبراير. غير أن الجمهوريين في مجلس النواب رفضوا النظر في النص في ظل خلافات مع الديمقراطيين بشأن قضايا عدّة، من بينها قضية الهجرة.

ولم يلبث رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الجمهوري" أن أعلن عن سعيه لطرح مشاريع قوانين المساعدات لكل من أوكرانيا وإسرائيل وتايوان الاثنين الماضي حتى وجه برفض من قبل بعض زملائه الجمهوريين، ما أعاد إلى الواجهة احتمال تقديم اقتراح بحجب الثقة عنه. 

وكان سلفه، كيفن مكارثي، قد أقيل العام الماضي في تحرك قاده نواب في الحزب الجمهوري ميؤيدون للرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي هذا الإطار، قالت النائب مارجوري تايلور غرين على منصة "أكس"، إن مايك جونسون أغرق الحزب الجمهوري "في الفوضى من خلال تقديم خدمة للديموقراطيين وتبنّي أجندة بايدن".

وأضافت "الآن، سيموّل الحروب في الخارج"، معتبرة أنه "يجب على رئيس مجلس النواب أن يعلن موعدا لاستقالته ويسمح للجمهوريين بانتخاب رئيس جديد يضع أميركا في المقام الأول ويدفع بأجندة الحزب الجمهوري".

غير أن رئيس مجلس النواب استبعد أي مغادرة طوعية لمنصبه. وقال للصحافة "لن أستقيل"، واصفا التهديد بحجب الثقة عنه بـ"السخيف".

والسبت، تمت الموافقة على تشريع يخص المساعدات لأوكرانيا بموافقة 311 نائبا ومعارضة 112 آخرين وامتناع سبعة عن التصويت، بحسب موقع مجلس النواب الإلكتروني.

التصويت على تشريع المساعدات الأميركية لأوكرانيا


وستحال الحزمة بأكملها الآن إلى مجلس الشيوخ، الذي قد يمررها الثلاثاء. ثم يتم إحالتها إلى الرئيس جو بايدن، الذي وعد بالتصديق عليها على الفور.

تفاصيل حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا 

ومن أصل 60.7 مليار دولار، ستستخدم الولايات المتحدة ما مجموعه 23.2 مليار دولار لتجديد مخزونها العسكري، ما يفتح الباب أمام عمليات النقل العسكرية الأميركية إلى أوكرانيا، بحسب موقع مجلس النواب.

وسيتم تخصيص 13.8 مليار دولار أخرى لمبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا، والتي يشتري البنتاغون بموجبها أنظمة أسلحة جديدة متقدمة للجيش الأوكراني مباشرة من متعاقدي الدفاع الأميركيين.

وهناك أيضا 11.3 مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية الأميركية الحالية في المنطقة، وتعزيز قدرات الجيش الأوكراني وتعزيز التعاون الاستخباراتي بين كييف وواشنطن. 

وتتضمن الحزمة حوالي ثمانية مليارات دولار من المساعدات غير العسكرية، مثل مساعدة الحكومة الأوكرانية على مواصلة العمليات الأساسية، بما في ذلك دفع الرواتب ومعاشات التقاعد.

كيف ردت روسيا؟ 

قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، السبت إن إقرار مجلس النواب الأميركي لمشروع قانون لتقديم مساعدة لأوكرانيا "سيزيد من الدمار" لديها وسيؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى في الصراع.

وقال بيسكوف لوكالة تاس للأنباء إن بندا في التشريع يسمح للإدارة الأميركية بمصادرة أصول روسية محتجزة ونقلها إلى أوكرانيا لإعادة الإعمار من شأنه أن يشوه صورة الولايات المتحدة، مضيفا أن روسيا سترد بإجراءات تصب في مصلحتها.

"ستأخذ وقتا"

حذر المعهد الأميركي لدراسات الحرب حذر من أنه رغم ترحيب القادة الأوكرانيين والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بأنباء التصويت الأميركي، يجب عدم توقع تغيير فوري في ميزان القوى في القتال.

خريطة السيطرة في أوكرانيا

وكتب المعهد في تقريره الأخير أن "الخدمات اللوجستية لنقل المعدات الأميركية إلى خط المواجهة في أوكرانيا ستعني على الأرجح أن المساعدات الأميركية الجديدة لن تبدأ بالتأثير في الوضع على خط المواجهة قبل أسابيع". 

وتابع أن الوضع "سيستمر في التدهور خلال هذا الوقت على الأرجح، لاسيما إذا كثفت القوات الروسية هجماتها للاستفادة من المهلة المحدودة قبل وصول المساعدات الأميركية الجديدة"، متوقعا شهرا ونصف شهر من المعارك لمصلحة الروس.

وفي الانتظار، يريد سكان كييف التصديق أن المعدات والذخائر التي وعد بها الحليف الأميركي ستتيح صد الجار الروسي الذي لايزال يحتل نحو 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية.

أوكرانيا تتخوف من التوصل لاتفاق سلام على حسابها. أرشيفية
أوكرانيا تتخوف من التوصل لاتفاق سلام على حسابها. أرشيفية

يصوت الأميركيون لاختيار رئيس للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر، وهو قرار لن يؤثر على الداخل الأميركي فقط، بل يتردد صداه في مختلف أنحاء العالم، وقد تكون أوكرانيا من أوائل تلك الدول التي تشعر بها، على ما أفاد تقرير نشره موقع راديو أوروبا الحرة "ليبرتي".

وتعتمد أوكرانيا في دفاعاتها ضد روسيا إلى حد كبير على الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي الأميركي بشكل أساسي.

ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا، قدمت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن عشرات مليارات الدولارات كمساعدات أمنية ومالية وإنسانية لأوكرانيا.

روث دييرموند، باحثة في قسم دراسات الحرب في كينغز كوليدج لندن، قالت "إن العامل الأكثر أهمية الذي سيؤثر على نتيجة الحرب، وما سيحدث بالتأكيد في الأشهر القليلة المقبلة هو نتيجة الانتخابات الأميركية".

وأضافت لراديو "ليبرتي" أن "نتيجة التصويت ستحدث في الواقع ما إذا كانت أوكرانيا ستستمر في الحصول على الدعم من الولايات المتحدة، أو مدى الدعم المقدم لها".

الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الأميركي، والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس عبرا عن مواقف مختلفة تماما بشأن دعم أوكرانيا.

المرشحة الديمقراطية، هاريس قالت "إنها ستواصل سياسة بايدن في مساعدة أوكرانيا، معبرة بوضوح عن رغبتها في رؤية روسيا مهزومة".

المرشح الجمهوري، ترامب شكك في استمرار دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، منوها إلى أن أوروبا يجب أن تتحمل العبء الأكبر في دعم كييف ضد الغزو الروسي، رافضا التعليق عما إذا كان يرغب في رؤية أوكرانيا تنتصر أم لا.

وكرر ترامب مرارا إنه إذا تم انتخابه، سينهي الحرب بسرعة كبيرة قبل استلامه إذا ما فاز.

وقالت دييرموند بينما نتوقع أن يستمر البيت الأبيض في عهد هاريس بالسياسة ذاتها، كما في عهد بايدن، إلا أن ترامب أوضح أنه "يريد رؤية نهاية للحرب بسرعة".

وأضافت نعلم أن ترامب إحدى أولويات سياسته الخارجية طويل الأجل، والتي تبناها قبل انتخابه في 2016 "التفاهم مع روسيا"، لهذا قد "يريد أن يرى نهاية للحرب بسرعة بشروط روسيا".

وكرر ترامب أنه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لم يكن لغزو أوكرانيا لو لم يكن في البيت الأبيض.

وفي أبريل الماضي، قال ترامب إنه سيكون منفتحا على شيء مثر برنامج "الإعارة والتأجير" الذي أطلقته الولايات المتحدة لمساعدة حلفائها خلال الحرب العالمية الثانية كبديل لمنح المساعدات.

ولم يتحدث ترامب كثيرا عن الكيفية التي يعتزم بها هندسة "نهاية الحرب الروسية ضد أوكرانيا".

وألمح ترامب في تصريحات في يوليو من 2023 إلى أنه سيحاول دفع بوتين للتفاوض، وسيضغط على الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي من خلال التهديد بحجب المساعدات.

ويخشى الأوكرانيون من أن أي جهد للتوصل إلى اتفاق سلام سريع من شأنه أن يصب في مصلحة روسيا، ما قد يترك نحو خمس بلادهم تحت سيطرة موسكو، وقد يسمح توقف القتال لبوتين الفرصة لبناء قواته لشن هجوم مستقبلي.

ويشير التقرير إلى أن ما سيفعله الفائز بمجرد الوصول إلى البيت الأبيض غير مؤكد على وجه التحديد، وهناك عدة متغيرات قد تؤثر في سياسات الرئيس المقبل.

وكانت حكومة زيلنسكي تشكو من إدارة بايدن قائلة إن المساعدات العسكرية الأميركية يتم توريدها ببطء كثير، كما لم تسمح واشنطن بضرب أهداف بعيدة المدى في العمق الروسي.

هاريس لم توضح ما إذا كانت أكثر كثافة في تسليم المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتخفيف القيود، وهي إحدى النقاط الهامة في "خطة النصر" التي قدمها زيلينسكي خلال الأشهر الأخيرة، والتي تتضمن أيضا تسريع انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي.

وستكون إحدى العوامل المؤثرة في رئاسة ترامب بملف أوكرانيا تشكيلة إدارته.

وعود بإنهاء الحروب.. نظرة واقعية أم شعارات انتخابية
من يستطيع إنهاء الحروب.. ترامب أم هاريس؟
سعى المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى استمالة الناخبين المسلمين في ولاية ميشيغان السبت في حين استعدت ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، إلى الانضمام للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في فعالية أخرى بنفس الولاية الحاسمة.

وتشير التقارير إلى أن ترامب قد يرشح وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو لمنصب وزير الدفاع، ومستشار الأمن القومي السابق، روبرت أوبراين لمنصب وزير الخارجية، وكلاهما انتقدا إدارة بايدن في تقييد استخدام الأسلحة الأميركية المرسلة لأوكرانيا.

وهناك عامل متغير آخر، وهو الكونغرس، ورغم تمتع الرؤساء بنفوذ كبير في السياسة الخارجية لواشنطن، تبقى الهيئة التشريعية تمسك بزمام الأمور في البلاد، وقد تجبر البيت الأبيض على تعديل موقفه بشأن قضية الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.

ويمكن أن تنقلب السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات الخامس من نوفمبر، مع حصول الديمقراطيين على أغلبية المقاعد في مجلس النواب، والجمهوريين في مجلس الشيوخ.

تشارلز كوبتشان، المحلل في مجلس العلاقات الخارجية قال لإذاعة "ليبرتي" إن الولايات المتحدة قد تدفع أوكرانيا نحو المحادثات بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الحرب تضغط على الموارد الغربية.

وقال "أتوقع أن يكون 2025 عام الدبلوماسية.. لا أعتقد أن الوضع الذي نحن فيه قابل للاستدامة".