السلطات الروسية تقول إن مسيرات أوكرانية استهدفت خزانات نفط (أرشيف)
السلطات الروسية تقول إن مسيرات أوكرانية استهدفت خزانات نفط (أرشيف) | Source: Russian Emergencies Ministry/Handout via REUTER

أفادت السلطات الروسية، الخميس، بأن مناطق عدة في روسيا استهدفت ليلا بهجمات شنت بواسطة مسيّرات أوكرانية واستهدفت خصوصا خزانات نفط ما أدى إلى مقتل امرأة.

وضربت المسيّرات خصوصا مدينة سلافيانسك-نا-كوباني في منطقة كراسنودار جنوبي البلاد، حيث قتلت امرأة على ما أفاد حاكم المنطقة، فينيامين كوندراتييف.

وكتب كوندراتييف عبر تلغرام: "خلال الليل استهدف هجوم إجرامي لنظام كييف سفلايانسك-نا-كوبان. وقد دُمر منزل بالكامل. وللأسف قتلت امراة من سكان المنطقة".

وأكد المصدر نفسه اعتراض 15 مسيّرة وتدميرها في جمهورية أديغيا وفي مناطق بريانسك وكراسنودار وروستوف وبيلغورود وأرولوف.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: "خلال الليل أفشلنا محاولة لنظام كييف لشن هجمات إرهابية بواسطة مسيّرات جوية ضد مواقع في الأراضي الروسية".

وباستثناء كراسنودار، استهدفت الهجمات خصوصا خزانات نفط على ما ذكرت السلطات المحلية. ففي جمهورية أديغيا في جنوب البلاد اندلع حريق في مصفاة للنفط في بلدة إينيم "إثر هجوم بمسيّرة" على ما كتب الحاكم مراد كومبيلوف عبر تلغرام مؤكدا السيطرة على الحريق سريعا.

وفي منطقة تامبوف في وسط البلاد اندلعت النيران صباحا في خزان في مصفاة كبيرة للنفط في بلدة بلاتونوفكا جراء هجوم بمسيّرة "على الأرجح" على ما كتب الحاكم ماكسيم إيغوروف عبر تلغرام.

وتتعرض أوكرانيا منذ أكثر من سنتين لغزو روسي وترد بانتظام من خلال مهاجمة مناطق روسية مستهدفة خصوصا منشآت طاقة.

ووعدت كييف بنقل القتال إلى دال الأراضي الروسية ردا على عمليات قصف كثيرة لمناطقها.

من جانبها، قالت وزارة الطاقة الأوكرانية، الخميس، عبر تطبيق تلغرام إن هجوما شنته روسيا خلال الليل ألحق أضرارا بالبنية التحتية للطاقة في 4 مناطق أوكرانية.

وأضافت أن الهجوم أسفر عن إصابة 3 عمال في إحدى منشآت الطاقة المتضررة فضلا عن انقطاع الكهرباء عن بعض المستهلكين.

بوتين وترامب
صورة تجمع بين ترامب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين (فرانس برس)

في أحدث تصريحاته، هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية وعقوبات صارمة على روسيا إذا لم تتحرك فورًا لإنهاء الحرب الطاحنة في أوكرانيا. 

تلك التصريحات أعادت تسليط الضوء بشكل أكبر على أخطر أزمة تعاني منها القارة الأوروبية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ورغم تحذير ترامب، فإن الكرملين وصف موقفه بأنه لا يحمل جديدًا، ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذا النهج.

وفي هذا الصدد يرى، تيمور دويدار، الخبير في الشؤون الدولية والمقيم في موسكو، أن ترامب يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية عبر إنهاء الحرب. 

ويضيف في حديثه لموقع "الحرة" أن "إنهاء الأزمة الأوكرانية ليس فقط مصلحة للولايات المتحدة بل للعالم بأسره. ترامب يدرك أن رفع العقوبات عن روسيا وإعادة تدفق الطاقة والحبوب سيؤدي إلى استقرار الأسواق العالمية، ويعزز هيمنة واشنطن على أوروبا اقتصاديًا وسياسيًا".

دويدار أضاف أن الأزمة الأوكرانية باتت تمثل عبئًا اقتصاديًا وسياسيًا على الولايات المتحدة وأوروبا، لافتا إلى أن إنهاء الحرب سيعيد فتح الباب أمام التعاون الاقتصادي بين الغرب وروسيا، خاصة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية. 

وشدد على أن الولايات المتحدة قد تستفيد من عودة العلاقات الطبيعية مع موسكو لتركز جهودها على مواجهة التحديات الأكبر مع الصين.

في المقابل، يؤكد الدبلوماسي الأوكراني، إيفان سيهيدا، أن أي هدنة أو وقف مؤقت لإطلاق النار لن يحقق أمن أوكرانيا.

ويضيف: "بوتين لا يفهم إلا لغة القوة. أي اتفاق دون ضمانات قوية سيكون مجرد فرصة له لإعادة تنظيم قواته استعدادًا لهجوم جديد".

 سيهيدا أكد أيضًا على ضرورة وجود دعم عسكري قوي لبلاده يرافق العقوبات لضمان تحقيق ردع فعال.

وأوضح الدبلوماسي الأوكراني أن كييف لن تعترف أبدًا بـ"الاحتلال الروسي للقرم أو أي أراضٍ أوكرانية أخرى"، مشيرًا إلى أن "جرائم الحرب الروسية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان تجعل أي تسوية مع موسكو مشروطة بمحاسبة المسؤولين وضمان سلام دائم".

 تباين في المواقف

في منشور على منصته "تروث سوشال"، أوضح ترامب أنه يسعى لإنهاء الحرب بسرعة، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الروسي يعاني وأن أي اتفاق سيكون في مصلحة الجميع. 

ومع ذلك، لم يقدم ترامب تفاصيل حول طبيعة العقوبات الجديدة. وأضاف: "أنا أحب الشعب الروسي، ودائمًا كانت لدي علاقة جيدة مع الرئيس بوتين"، في محاولة للتأكيد على أن تهديداته تهدف لتحقيق سلام دائم وليس تصعيدًا.

من جانبها، قالت موسكو إنها "منفتحة على الحوار"، لكن ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين، أكد أن أي مفاوضات يجب أن تقوم على احترام متبادل. بينما رأى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن فرص التوصل لاتفاق مع إدارة ترامب "محدودة"، لكنه أشار إلى وجود أمل مقارنة بسياسات الإدارة السابقة بقيادة بايدن.

ترامب، الذي تولى منصبه حديثًا، أشار إلى أنه يستطيع إنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة. وأكد أن سياسته تهدف إلى تحقيق التوازن بين الضغط على روسيا وتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي. لكن تبقى الأسئلة مفتوحة حول كيفية تحقيق هذا الهدف، خاصة في ظل استمرار التوترات بين الأطراف المختلفة.

تداعيات اقتصادية وسياسية 

الحرب المستمرة في أوكرانيا أثرت بشدة على الأسواق العالمية، خاصة في أوروبا، وهنا يقول دويدار: "إن إنهاء الحرب سيعيد التوازن للاقتصاد العالمي، ويخفف من التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا. فالغاز الروسي الرخيص كان ضروريًا للصناعات الأوروبية، وعودته ستساهم في إنعاش الاقتصاد الأوروبي".

ويضيف أن أوروبا تعاني من شتاء قارس وارتفاع في تكاليف التدفئة، مما يزيد من الضغط على الحكومات الأوروبية لإيجاد حل سريع للصراع. 

ويشير إلى أن عودة العلاقات التجارية مع روسيا قد تكون إحدى الطرق لتخفيف هذا الضغط، لكن ذلك يعتمد على التوصل إلى اتفاق سياسي شامل.

أما سيهيدا فيرى أن السماح لروسيا بالاستفادة من عدوانها سيكون خطأ كبيرًا، مردفا: "أي تخفيف للعقوبات دون تحقيق سلام عادل سيشكل مكافأة للكرملين. يجب أن يكون هناك موقف صارم يمنع تكرار هذا السيناريو مستقبلًا".

الحرب أيضًا ألقت بظلالها على الأمن الغذائي العالمي، حيث تعطلت بعض عمليات تصدير الحبوب والأسمدة من أوكرانيا وروسيا، مما أثر على العديد من الدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على هذه الموارد، وبالتالي، فإن التوصل إلى اتفاق سلام، كما يرى دويدار،  قد يعيد تدفق هذه الموارد بشكل طبيعي.