روسيا تتقدم في ساحات المعارك لكن القتلى بالآلاف
صورة أرشيفية لجنود روس داخل أوكرانيا

تسعى روسيا إلى ملاحقة الهاربين من الخدمة العسكرية حتى خارج أراضيها، سعيا لتعويض خسائرها البشرية الفادحة جراء غزو قوات الكرملين لأوكرانيا في أواخر فبراير من عام 2022، وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وحسب خبير استخباراتي غربي رفيع المستوى، فقد قُتل أو جُرح ما لا يقل عن نصف مليون روسي في تلك الحرب، فيما قال مسؤولون أميركيون إن موسكو بحاجة إلى إرسال أكثر من 20 ألف مقاتل مدربين بشكل جيد إلى منطقة كورسك على أمل استعادة الأراضي التي سيطرت عليها القوات الأوكرانية، وفق الصحيفة.

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، قد قال، الإثنين، إن القوات الأوكرانية سيطرت على أكثر من 1250 كيلومترا مربعا و92 تجمعا سكنيا في منطقة كورسك الروسية.

وحث زيلنسكي حلفاء أوكرانيا على السماح بشن ضربات بأسلحة غربية في عمق روسيا، قائلا إن "منع ذلك هو السبب الرئيسي لعجز القوات الأوكرانية عن وقف تقدم القوات الروسية على خط المواجهة في الشرق".

ووفقا لخبراء، فإن عجز روسيا عن استعادة الأراضي التي سيطر عليها الجيش الأوكراني، "كشف عن وجود نقص شديد في القوى البشرية المقاتلة داخل قواتها".

وطوال الحرب، طبقت روسيا تدابير صارمة للحفاظ على وجود عدد كبير من المقاتلين رغم الخسائر الكبيرة، حيث لجأت إلى تجنيد السجناء والمجرمين مقابل مغريات مادية ووعود بالإفراج عنهم، حسب الصحيفة.

كما جمدت سلطات موسكو المحاكمات الجنائية للمتهمين الراغبين في الخدمة، بالإضافة إلى عرض حوافز مالية كبيرة لإغراء الروس بالتطوع للقتال، فضاعفت مكافآت التجنيد 3 مرات في بعض المناطق، وعرضت على أسر الجنود مساكن مدعومة وأماكن في أفضل المدارس. 

وسارعت موسكو أيضا في قبول طلبات الجنسية الروسية للأجانب كمكافأة لهم مقابل القتال في صفوف قواتها بأوكرانيا.

وبفضل تعداد سكاني يبلغ 3 أمثال تعداد سكان أوكرانيا، استخدمت روسيا مثل هذه التدابير للاحتفاظ بنحو نصف مليون جندي في أوكرانيا وحولها، وفقا لتقديرات أوكرانية. 

من جانبها، قالت الاستخبارات البريطانية والأوكرانية إن روسيا "تجند الآن ما لا يقل عن 25 ألف رجل شهريا، على الرغم من أن قِلة منهم لديهم خبرة قتالية".

آلاف القضايا

ورغم كل الإجراءات السابقة، فإن روسيا عززت من حملتها لملاحقة المتهربين أو الفارين من أداء الخدمة العسكرية، حتى وصل الأمر إلى خارج البلاد، وتحديدا ملاحقة المطلوبين في دولة أرمينيا المجاورة.

وكان آلاف الروس قد فروا إلى أرمينيا هربا من التعبئة العامة، خاصة وأنهم لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى ذلك البلد الذي كان جزءا من الاتحاد السوفيتي السابق.

ويبدأ النهج العقابي لموسكو بحق المتخلفين حتى قبل الالتحاق بالخدمة العسكرية، إذ أن أوامر الاستدعاء الصادرة من الجيش عبر الإنترنت تمنع المطلوبين من السفر إلى الخارج بشكل تلقائي.

ووفق تقرير الصحيفة الأميركية، فإنه كثيرا ما يتم إجبار المجندين على توقيع عقود خدمة غير محددة المدة، وفقا للمحامين الذين يدافعون عن الجنود الروس في المحكمة.

وفي عام 2022، أقرت روسيا قوانين جديدة تشدد العقوبة على الفرار والعصيان، بما في ذلك أحكام بالسجن تصل إلى 15 عاما، ومصادرة ممتلكات الجنود الهاربين.

ورفعت المحاكم أكثر من 10 آلاف قضية جنائية بمثل هذه التهم، وفقًا لإحصاءات جمعتها "ميديازونا"، وهي مؤسسة إخبارية يديرها المنفيون الروس وتركز على نظام العدالة الجنائية في البلاد.

وتُظهر البيانات أن المئات قيد المحاكمة في الوقت الحالي، بينما يوجد الكثيرون في السجون الروسية في انتظار استكمال الإجراءات قبل عرضهم على القضاء.

وفي مايو، قضت محكمة على جندي بالسجن لمدة 10 سنوات لغيابه المتكرر دون إذن.

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.