Ukrainian strike on a bridge over the Seym river in the Kursk region
صورة التقطتها الأقمار الصناعية لأحد الجسور التي دمرتها القوات الأوكرانية على نهر السيم

بات الجيش الروسي الذي يحاول استعادة منطقة كورسك مهددا بانقطاع الامدادات الضرورية لمواصلة القتال، بعد أن دمر الجيش الأوكراني آخر جسر فوق نهر سيم.

وهذا هو الجسر الثالث الذي يتم تدميره، بعد أن استهدف الجيش الأوكراني الجسر الأول على بعد 16 كيلومترا شمال غرب منطقة القتال الرئيسية في كورسك، في أواخر أغسطس، والجسر الثاني في زفانوي، الأحد.

وكان الجسر الأخير، الواقع في قرية كاريج في منطقة كورسك الروسية، آخر معبر رئيسي في المنطقة يستخدمه الجيش الروسي.

وقد تؤدي هجمات أوكرانيا على الجسور الثلاثة إلى محاصرة القوات الروسية بين النهر والقوات الأوكرانية المتوغلة والحدود الأوكرانية.

يبدو أن هذا التدمير يبطئ بالفعل قدرة موسكو على الاستجابة لهذا التوغل الذي شنته أوكرانيا في 6 أغسطس في كورسك.

وستكافح القوات الروسية من أجل إيصال الإمدادات والتعزيزات إلى منطقة تبلغ مساحتها حوالي 700 كيلومتر مربع.

الجسور العائمة

ومع احتدام القتال بين القوات الأوكرانية المتوغلة في الأراضي الروسية، يجد الجيش الروسي نفسه مقيدا أكثر في الحركة والإمداد، وبات عليه اللجوء إلى الجسور العائمة كحل للبقاء.

والجسور العائمة هي جسور مؤقتة تستخدمها الجيوش عندما يتم تفجير الجسور الرسمية في ساحات الحروب. لكن الجسور العائمة خطرة على الجيش الروسي الذي سيكون فريسة سهلة لهجمات المسيرات الأوكرانية، وهو ما يعزز المواقع العسكرية لكييف التي تسعى لإقامة منطقة عازلة تمنع موسكو من تنفيذ هجمات على الأراضي الأوكرانية.

ويمكن رؤية الجسور العائمة في صور الأقمار الصناعية التي قدمتها Planet Labs PBC في موقعين مختلفين على طول نهر سيم في الأيام الأخيرة، وفق أسوشييتدبرس.

ومن المحتمل أن تكون الجسور العائمة قد بنتها القوات الروسية التي تحاول إمداد القوات حول التقدم الأوكراني.

وظهر جسر عائم واحد على طول المسار المتعرج للنهر بين غلوشكوفو وقرية زفانوي، السبت، ولكن ليس في الصور الملتقطة، الاثنين.

وكان الدخان يتصاعد، الاثنين، على طول ضفاف النهر القريب، وهو عادة ما يكون علامة على ضربة، وفق أسوشييتد برس.

صورة التقطتها الأقمار الصناعية من Planet Labs PBC تظهر جسرا عائما عبر نهر سيم في منطقة كورسك الروسية.

 

تغيير مسار الحرب

تدمير الجسور الثلاثة فوق نهر سيم وتوغل كييف في منطقة كورسك الروسية يغير مسار الحرب، ويعزز الروح المعنوية بين سكان أوكرانيا المنهكين من الحرب، رغم أن النتيجة النهائية للتوغل، الذي يشكل أول هجوم على روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، "لا تزال مستحيلة التكهن"، وفق تقرير لأسوشييتدبرس.

لكن على الجانب الآخر، وبينما تشيد أوكرانيا بنجاح توغلها في عمق الأراضي الروسية، فإن هجوم موسكو شرقي أوكرانيا ينذر باستيلاء الجيش الروسي على مركز رئيسي آخر وهو مدينة بوكروفسك.

وواصلت روسيا الضغط على مدينة بوكروفسك، واحدة من المعاقل الدفاعية الرئيسية لأوكرانيا ومركز لوجستي رئيسي في منطقة دونيتسك، مما أجبر قوات كييف على الانسحاب والمدنيين الأوكرانيين على الفرار من منازلهم.

والاستيلاء على هذه المدينة من شأنه أن يعرض قدرات أوكرانيا الدفاعية وطرق الإمداد للخطر، وسيقرب روسيا من هدفها المعلن المتمثل في الاستيلاء على منطقة دونيتسك بأكملها.

وتريد روسيا السيطرة على جميع أجزاء دونيتسك ولوغانسك المجاورة، والتي تشكل معا منطقة دونباس الصناعية.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، نشر قائد القوات الجوية الأوكرانية مقطعي فيديو لجسور فوق نهر السيم يتم قصفها.

وأكدت صور الأقمار الصناعية التي التقطتها Planet Labs PBC والتي حللتها وكالة أسوشيتد برس، الثلاثاء، أن جسرا في بلدة غلوشكوفو قد دمر.

وأكد محقق عسكري روسي، الاثنين، أن أوكرانيا "دمرت تماما" جسرا واحدا وألحقت أضرارا بجسرين آخرين في المنطقة. وظل المدى الكامل للأضرار غير واضح.

ومنذ بدء التوغل في منطقة كورسك، استولى الجيش الأوكراني على 1263 كيلومترا مربعا، وفقا لما قاله القائد العسكري الأوكراني، الجنرال أوليكساندر سيرسكي، الثلاثاء.

ويشكل ذلك توسعا في مناطق السيطرة بما يصل إلى نحو 1000 كيلومتر مربع.

آلية روسية دمرت في منطقة كورسيك بهجمات شنتها القوات الأوكرانية

وبعد اجتماع مع الجنرال سيرسكي في وقت لاحق، الثلاثاء، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في خطاب فيديو إن الجيش الأوكراني حقق "أهدافا محددة" في كورسك.

وقال زيلينسكي في الأيام الأخيرة إن العملية تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة يمكنها منع الهجمات المستقبلية على بلاده من عبر الحدود، وأن أوكرانيا تأسر عددا كبيرا من الروس الذين تأمل في مبادلتهم بالأوكرانيين الأسرى.

وذكرت وكالة أنباء تاس الروسية الرسمية أن 17 شخصا لقوا حتفهم وأصيب 140 آخرون في توغل أوكرانيا، نقلا عن مصدر لم تسمه في الخدمة الطبية الروسية. ومن بين 75 شخصا تم نقلهم إلى المستشفى، أربعة منهم أطفال.

وقالت وزارة الطوارئ الروسية، الثلاثاء، إن أكثر من 500 شخص غادروا مناطق خطرة في منطقة كورسك خلال الـ 24 ساعة الماضية.

وأضافت أن أكثر من 122 ألف شخص أعيد توطينهم منذ بدء الهجوم الأوكراني.

"انهيار الخطوط الحمراء"

في مثال آخر على نقل أوكرانيا للحرب إلى الأراضي الروسية، اشتعلت النيران بشكل هائل لليوم الثالث على التوالي بعد أن ضربت طائرات بدون طيار أوكرانية مستودعا للنفط.

وقالت وكالات أنباء روسية رسمية إن الحريق في المستودع في بلدة بروليتارسك امتد على مساحة هكتار واحد. وكان هناك 500 رجل إطفاء شاركوا في العملية، وتم نقل 41 منهم بالفعل إلى المستشفى بسبب الإصابات، وفقا لوكالة تاس، نقلا عن مسؤولين محليين.

وأعلنت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، الأحد، مسؤوليتها عن مهاجمة مستودع النفط، الذي كان يستخدم لتوفير احتياجات الجيش الروسي، ووصفته بأنه إجراء "لتقويض الإمكانات العسكرية والاقتصادية" لروسيا.

واتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأوكرانيين "بمحاولة زعزعة استقرار بلدنا" وقارنهم بـ "الإرهابيين".

وقال بوتين، الثلاثاء: "سنعاقب المجرمين. لا شك في ذلك". وكان يجتمع مع أمهات الأطفال الذين قتلوا في هجوم مدرسة بيسلان عام 2004 من قبل متشددين إسلاميين والذي أسفر عن مقتل أكثر من 330 شخصا.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الأوكرانية لتدمير أحد الجسور على نهر السيم

وكشفت عملية التوغل الأوكرانية عن نقاط ضعف روسية وفقا للمحللين والمسؤولين الأوكرانيين.

وقال زيلينسكي، الاثنين، إنه يعتقد أن تحركات أوكرانيا ستساعد في تبديد المخاوف الغربية من تقديم مساعدات عسكرية أكثر قوة لكييف.

وكان بعض الحلفاء يسلمون الأسلحة ببطء ويفرضون قيودا على كيفية استخدامها، خوفا من أن يؤدي تجاوز "الخط الأحمر" الروسي إلى التصعيد، وحتى التصعيد النووي.

وأضاف زيلينسكي قوله "لقد حققنا الآن تحولا أيديولوجيا بالغ الأهمية"، مبيا أن "المفهوم الساذج والوهمي لما يسمى الخطوط الحمراء في ما يتعلق بروسيا، والذي هيمن على تقييمات الحرب من قبل بعض شركائنا، أدى إلى انهيار هذه الخطوط الحمراء".

روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة
روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة

أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، خلال زيارة لمولدوفا، الثلاثاء، أن ألمانيا ستقدم مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون يورو (111 مليون دولار) لأوكرانيا هذا الشتاء.

وقالت بيربوك قبيل مؤتمر وزاري في كيشيناو، إن روسيا تخطط مجددا "لشن حرب شتوية لجعل حياة الناس في أوكرانيا مريعة قدر الإمكان"، حسب وكالة رويترز.

وتشن روسيا موجات من الهجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، مثل محطات الطاقة، مما يسبب في بعض الأحيان انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء من البلاد.

وفي يونيو، قالت كييف إن هناك حاجة إلى "مزيد من الدفاعات الجوية" لإصلاح البنية التحتية، من أجل تأمين الخدمات في فصل الشتاء، عندما يبلغ الطلب على الطاقة ذروته بسبب انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ولاحقا في مؤتمر لمعالجة المخاوف بشأن توسع التدخل الروسي في المنطقة، شددت بيربوك على أن دعم أوكرانيا "يضمن بقاء مولدوفا المجاورة صامدة".

وأضافت: "كل ما نقوم به لدعم أوكرانيا يعني أيضا تعزيز الاستقرار فيما يتعلق بمولدوفا.. ومن الواضح أن أكبر مخاوف الناس هنا هي أن يأتي الدور على مولدوفا إذا سقطت أوكرانيا".

وتزور بيربوك كيشيناو لحضور منصة الشراكة في مولدوفا، إلى جانب حلفاء من فرنسا ورومانيا.

وكانت ألمانيا، أحد الداعمين العسكريين الرئيسيين لكييف في أوروبا، قد بادرت بإنشاء المنصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، ووصفتها بأنها "جزء من جهود أوسع نطاقا لتحقيق الاستقرار في اقتصاد مولدوفا، وحمايته من التضليل الروسي".

من جانبها، قالت رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، إن بلادها "لا تزال تواجه تحديات خطيرة"، داعية الشركاء إلى زيادة دعمهم.

واستطردت ساندو: "حرب روسيا على أوكرانيا، التي نددنا بها منذ اليوم الأول، تسببت في أضرار جسيمة لاقتصادنا".

وتابعت: "حالة عدم اليقين التي تسببت بها الحرب لا تزال تعيق التنمية الاقتصادية عندنا بشكل خطير، وستستمر في إعاقتها طالما استمرت الحرب".