FILE - Ukrainian servicemen ride atop a tank after returning from Russia near the Russian-Ukrainian border in Sumy region,…
بوتين أمام معضلة كبيرة إذ أن إخراج القوات الأوكرانية من كورسك يستدعي سحب قوات كبيرة من أوكرانيا

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الجيش الأوكراني بصدد توجيه قواته لمحاصرة نحو 3 آلاف جندي روسي محاصرين بالقرب من نهر في مقاطعة كورسك الروسية، في محاولة لتوجيه ضربة جديدة لموسكو في الأسبوع الثالث من التوغل المفاجئ.

وأفادت الصحيفة بأن قوات كييف استخدمت أنظمة صواريخ "هيمارس" الأميركية وطائرات بدون طيار لضرب المعابر العائمة ومعدات الجسور، بينما تحاول روسيا منع تطويق قواتها بين نهر سيم والحدود الأوكرانية.

وهذا التوغل الأوكراني، الذي بدأ في 6 أغسطس، أحرج الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حيث استولت القوات الأوكرانية على عشرات البلدات والقرى في منطقة بحجم يعادل ما استولت عليه روسيا في عام كامل من الهجمات في أوكرانيا، وفق تقرير الصحيفة.

ويوسع الجيش الأوكراني الآن سيطرته على طول الحدود ويضرب خطوط الإمداد الروسية، بينما تقوم موسكو بتصعيد الهجمات المضادة باستخدام القنابل والقوات التي تم جلبها من المناطق المحالة في أوكرانيا وأجزاء أخرى من روسيا.

وهذا التوغل لم يغير حتى الآن الديناميكيات في ساحات القتال الرئيسية في شرق أوكرانيا، حيث تتقدم روسيا نحو بوكروفسك، وهو مركز لوجستي رئيسي لأوكرانيا، وتوريستك، وهي مدينة ذات أهمية استراتيجية.

في غضون ذلك، استخدمت أوكرانيا طائرات بدون طيار لمهاجمة قاعدة جوية في منطقة فولغوغراد الروسية في تصعيد لحملتها للهجمات طويلة المدى.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها تصدت لهجمات طائرات بدون طيار في خمس مناطق أخرى خلال الليل.

وفي كورسك، تعمل أوكرانيا على توسيع نطاق توغلها بدلا من التقدم العميق الذي يسهل قطعه، وفقا لما ذكره ميك ريان، استراتيجي عسكري ولواء متقاعد في الجيش الأسترالي، في حديث للصحيفة الأميركية.

ويركز الجيش الأوكراني في كورسك على السيطرة على الأراضي الأكثر قابلية للدفاع عنها والقريبة من أوكرانيا، مما يسهل دعمها.

"معضلة"

هذا النهج يضع بوتين أمام معضلة كبيرة وفق الصحيفة، حيث أن محاولة إخراج القوات الأوكرانية تستدعي سحب قوات كبيرة من أوكرانيا، وهو ما سيضعف الهجمات الروسية المستمرة ضد الأهداف الاستراتيجية في الشرق ويتيح للأوكرانيين استغلال الفجوات واستعادة أراضيهم.

وحتى الآن، يبدو أن روسيا تنقل بشكل أساسي قوات من الاحتياطات والمناطق في أوكرانيا حيث القتال ليس شديدا، مثل الجنوب والشمال الشرقي.

وهناك من يرى أنه من المنطقي لروسيا مراقبة الوضع وإبطاء تقدم الأوكرانيين بإرسال ما يكفي من القوات فقط.

بالنسبة لروسيا، قد تكون استعادة السيطرة على كل منطقة كورسك هدفا ثانويا مقارنة بالهدف الاستراتيجي المتمثل في التقدم في إقليم دونيتسك الشرقي الأوكراني، الذي أعلن بوتين أنه جزء من روسيا.

وتجند موسكو حوالي 25 ألف رجل شهريا، لكنها تعاني من نقص الجنود ذوي الخبرة اللازمة لدفع الأوكرانيين للخروج.

وحتى الآن، "لا يوجد قلق كبير في موسكو بشأن الوضع في كورسك"، وفقا لتاتيانا ستانوفايا، الزميلة البارزة في مركز كارنيغي روسيا وأوراسيا.

وتعتقد ستانوفايا التي تحدثت لـ"وول ستريت جورنال" أن بوتين يرى أن الهجوم الأوكراني له تأثير محدود على حساباته الاستراتيجية الأوسع، التي تركز على السيطرة على دونيتسك وإسقاط الحكومة الأوكرانية في نهاية المطاف لتهيئة الظروف لمفاوضات تصب في مصلحة روسيا.

وأضافت أن الجيش الروسي لا يريد الانجرار إلى هجوم مكلف في كورسك قد يتطلب استخدام استراتيجية الأرض المحروقة التي طُبِّقت في مدن أوكرانية مثل أفدييفكا وباخموت.

"ضربة"

لكن العملية الأوكرانية وجهت ضربة لوعد بوتين بأن الحرب، التي يسميها "عملية عسكرية خاصة"، ستبقى محصورة في أوكرانيا ولن تؤثر على حياة الروس العاديين.

ويرى بعض القادة العسكريين الأوكرانيين منذ فترة طويلة أن جعل الروس يشعرون بالحرب يجب أن يكون جزءا أساسيا من استراتيجية كييف، لأنه يزيد الضغط على بوتين لإنهاء الحرب.

قائد كتيبة طائرات بدون طيار أوكراني يحمل الاسم الرمزي "كولد" قال للصحيفة في هذا الشأن: "نريد أن نجلب الحرب إلى أراضيهم".

وكانت وحدات الطائرات بدون طيار التابعة لـ "كولد" من أوائل القوات التي دخلت كورسك، وهي الآن تتمركز في أقبية المنازل شمال سودجا، حيث تستخدم طائراتها الاستطلاعية والهجومية لمساعدة القوات الأوكرانية على التقدم.

وأوضح "كولد" أن روسيا تقاتل بشراسة. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، أرسلت قوة مكونة من 80 جنديا إلى إحدى القرى الأوكرانية المحتلة، وقبل هجومها أسقطت 21 قنبلة انزلاقية على البلدة في ساعة واحدة، مما صعّب على الأوكرانيين صد الهجوم.

وأشار إلى أن القوات الروسية التي تم استقدامها مجهزة جيدا ولديها خبرة قتالية واسعة، إذ نجحت في استخدام أنظمة الحرب الإلكترونية لإسقاط بعض طائرات وحدته.

وكشف أن الجنود الروس الذين يتابع تحركاتهم عبر شاشات الطائرات بدون طيار، بصدد حفر الخنادق ويثبتون مواقع دفاعية على طول الخط الأمامي الجديد، مما يشير إلى أنهم يتوقعون حملة طويلة.

أكبر هجوم

تصاعد هجمات الطائرات الأوكرانية بدون طيار على المناطق الروسية يتزامن مع زيادة الهجمات على المطارات العسكرية لمنع روسيا من استخدامها لإطلاق الطائرات بدون طيار ومقاتلات.

وفي الأسبوع الماضي، شنت أوكرانيا ما وصفه مسؤول بأنه أكبر هجوم بالطائرات بدون طيار على المطارات العسكرية الروسية منذ بداية الحرب، حيث استهدفت مطارات في فورونيج وكورسك وسافاسلييكا وبوريسوغليبسك.

والطائرات بدون طيار، التي تُصنع محليا وتعتبر أقل تكلفة وأكثر توفرا من الصواريخ المجنحة، تمكنت من تجاوز القيود السياسية المفروضة على استخدام الأسلحة المقدمة من الحلفاء الغربيين في الهجمات داخل الأراضي الروسية.

وبالإضافة إلى ذلك، استهدفت أوكرانيا مصافي النفط الروسية باستخدام طائراتها بدون طيار.

وفي سومي، وهي مدينة تقع في المنطقة الأوكرانية الحدودية مع كورسك، تصطف على الطرق العسكرية مركبات تُستخدم لنقل الإمدادات إلى داخل كورسك، بما في ذلك الغذاء والوقود للقوات.

كما يتم جلب مولدات كهربائية بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في منطقة كورسك، مما تسبب في انقطاع الكهرباء هناك.

ومع قيام الروس بتجميع الجسور العائمة لمحاولة عبور نهر سيم، يستمر الأوكرانيون في تدميرها باستخدام المدفعية.

لكن الجنود الأوكرانيين يعتقدون أن هذه التحركات لن تنجح في مساعدة القوات الروسية المحاصرة والمعزولة عن خطوط إمدادها بالقرب من نهر سيم.

قائد أوكراني يحمل الاسم الرمزي "كروات"، قال للصحيفة: "الآن بعد أن دمرنا ثلاثة من جسورهم، فإن الأمر مسألة وقت فقط قبل أن يُغلق الجيب عليهم".

روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة
روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة

أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، خلال زيارة لمولدوفا، الثلاثاء، أن ألمانيا ستقدم مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون يورو (111 مليون دولار) لأوكرانيا هذا الشتاء.

وقالت بيربوك قبيل مؤتمر وزاري في كيشيناو، إن روسيا تخطط مجددا "لشن حرب شتوية لجعل حياة الناس في أوكرانيا مريعة قدر الإمكان"، حسب وكالة رويترز.

وتشن روسيا موجات من الهجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، مثل محطات الطاقة، مما يسبب في بعض الأحيان انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء من البلاد.

وفي يونيو، قالت كييف إن هناك حاجة إلى "مزيد من الدفاعات الجوية" لإصلاح البنية التحتية، من أجل تأمين الخدمات في فصل الشتاء، عندما يبلغ الطلب على الطاقة ذروته بسبب انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ولاحقا في مؤتمر لمعالجة المخاوف بشأن توسع التدخل الروسي في المنطقة، شددت بيربوك على أن دعم أوكرانيا "يضمن بقاء مولدوفا المجاورة صامدة".

وأضافت: "كل ما نقوم به لدعم أوكرانيا يعني أيضا تعزيز الاستقرار فيما يتعلق بمولدوفا.. ومن الواضح أن أكبر مخاوف الناس هنا هي أن يأتي الدور على مولدوفا إذا سقطت أوكرانيا".

وتزور بيربوك كيشيناو لحضور منصة الشراكة في مولدوفا، إلى جانب حلفاء من فرنسا ورومانيا.

وكانت ألمانيا، أحد الداعمين العسكريين الرئيسيين لكييف في أوروبا، قد بادرت بإنشاء المنصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، ووصفتها بأنها "جزء من جهود أوسع نطاقا لتحقيق الاستقرار في اقتصاد مولدوفا، وحمايته من التضليل الروسي".

من جانبها، قالت رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، إن بلادها "لا تزال تواجه تحديات خطيرة"، داعية الشركاء إلى زيادة دعمهم.

واستطردت ساندو: "حرب روسيا على أوكرانيا، التي نددنا بها منذ اليوم الأول، تسببت في أضرار جسيمة لاقتصادنا".

وتابعت: "حالة عدم اليقين التي تسببت بها الحرب لا تزال تعيق التنمية الاقتصادية عندنا بشكل خطير، وستستمر في إعاقتها طالما استمرت الحرب".