بوكروفسك
القوات الروسية سعت على مدى شهور للسيطرة على بوكروفسك

تجمع مئات المدنيين على رصيف محطة القطار في مدينة بوكروفسك الأوكرانية، بينهم أطفال وشيوخ وذوو احتياجات خاصة، حاملين ما استطاعوا من متعلقاتهم الشخصية، ومتوترين بشأن ما إذا كانوا سيتمكنون من العودة إلى منازلهم يومًا ما.

وتفاجأ سكان هذه المدينة بسرعة تقدم القوات الروسية نحو بوكروفسك، التي كانت تُعتبر حتى وقت قريب ملاذًا آمنًا بعيدًا عن خطوط القتال، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".  

سعت القوات الروسية على مدى شهور للسيطرة على بوكروفسك، لكن تقدمها تسارع هذا الشهر ويُعتقد أنها الآن على بُعد أقل نحو 10 كيلومترات.

ومع اقترابها إلى تلك المسافة القريبة من وسط المدينة، باتت المنطقة بأكملها مهددة بهجمات المدفعية والطائرات المسيّرة، بينما أضحت ذات أهمية استراتيجية في غمرة المعارك حولها.

بوكروفسك.. الموقع والأهمية

بوكروفسك مدينة تقع على بعد حوالي 60 كلم من خطوط المواجهة في شرق أوكرانيا، ضمن منطقة دونيتسك. 

أصبحت المدينة ذات أهمية كبيرة بسبب دورها الاستراتيجي والإنساني في ظل الصراع المستمر بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا. 

تعتبر بوكروفسك مركزًا حيويًا للنقل، حيث تحتوي على محطة سكة حديد رئيسية تربط بين أجزاء مختلفة من أوكرانيا، خاصةً إلى المناطق الشرقية والجنوبية. 

وتعتبر هذه الشبكة الحديدية حيوية لنقل الإمدادات العسكرية، والمساعدات الإنسانية، ولإخلاء المدنيين، وجعلها موقعها الاستراتيجي هدفًا للهجمات العسكرية، بما في ذلك القصف.

   

أصبحت بوكروفسك ملاذًا رئيسيًا للهاربين من المناطق التي تأثرت بشدة بالنزاع، مثل باخموت وأفدييفكا. 

وقد وضع تدفق هؤلاء النازحين داخليًا ضغطًا على الموارد المحلية ولكن أدى أيضًا إلى زيادة التضامن والدعم المجتمعي، حيث تعمل العديد من المنظمات غير الحكومية، والوكالات الدولية، والمتطوعين المحليين على تقديم الخدمات الأساسية مثل المأوى والطعام والرعاية الطبية.

الوضع الأمني والعسكري للمدينة

ونظرًا لقربها من مناطق القتال النشطة، فإن بوكروفسك تضم انتشاراً عسكرياً كبيراً، حيث تستخدم القوات الأوكرانية المدينة كقاعدة للعمليات في منطقة دونيتسك، مع حركة متكررة للجنود والمعدات العسكرية عبر المدينة المحصنة بنقاط تفتيش ومواقع دفاعية لحمايتها من الهجمات المحتملة.

تعد بوكروفسك مدينة تأثرت بشكل كبير بالنزاع في شرق أوكرانيا. تلعب دورًا رئيسيًا في اللوجستيات، وتقديم المساعدات الإنسانية، وكونها موقعًا عسكريًا استراتيجيًا، مع تحمل سكانها المصاعب المترتبة على الحياة بالقرب من خطوط المواجهة.

أهمية المدينة بالنسبة للروس

الخبير العسكري والمتحدث السابق باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، فلاديسلاف سيليزنيف، قدم تحليلًا حول أسباب إصرار روسيا على السيطرة على مدينة بوكروفسك، وذلك خلال حديثه مع وكالة "آر بي سي-أوكرانيا".

وذكر سيليزنيف أنه من غير الواضح تمامًا سبب تركيز موسكو على هذه المنطقة بالتحديد، مشيرًا إلى أن هناك احتمالًا بوجود اعتبارات خاصة. وأضاف أن بوكروفسك تُعد أكبر مدينة في الجزء الغربي من منطقة دونيتسك، مما يجعلها هدفًا مهمًا.

وأوضح سيليزنيف أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان يطمح منذ بداية حربه على أوكرانيا إلى السيطرة على كامل أراضي منطقتي دونيتسك ولوهانسك. وبينما تسيطر روسيا بشكل كبير على لوهانسك، تبقى الأمور معقدة في دونيتسك.

وأشار هذا الخبير إلى أن الكتلة الحضرية الكبيرة في منطقة سلوفيانسك-كراماتورسك تبقى بعيدة المنال بالنسبة للجيش الروسي، لكن بوكروفسك، باعتبارها هدفًا في الجزء الغربي من دونيتسك، تعتبر خيارًا أكثر واقعية بالنسبة لهيئة الأركان العامة الروسية.

خريطة المناطق التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية والروسية في أوكرانيا - 22 أغسطس 2024

ورغم ذلك، أبدى سيليزنيف شكوكه حول قدرة القوات الروسية على تحقيق هذا الهدف، مشيرًا إلى تصريح رئيس المخابرات الدفاعية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، بأن الهجوم الروسي قد يستنفد نفسه خلال شهر إلى شهرين، وأنه قد مر بالفعل أسبوعان من هذه الفترة. 

وأضاف أن مدينتي ميرنوهيراد وبوكروفسك هما مناطق حضرية تحتوي على العديد من المناطق الصناعية، مما يجعلها مجهزة بقوات وموارد للدفاع عن التحصينات الهندسية. وبالتالي، قد تفتقر القوات الروسية للموارد الكافية لتحقيق هذه المهمة، لكنها ستستمر في محاولة السيطرة عليها.

ويتردد المدافعون عن بوكروفسك في تحديد مدى قدرتهم على الصمود، وفق ما ذكرت صحيفة "الإيكونوميست"، التي قالت إن الروس قد يستغرقون أسابيع أو أشهر لتجاوز البلدات المحيطة مثل ميرنوهيراد وسيليدوفا وأوكرينسكي، والتي أصبحت الآن ملاحقة بالطائرات المسيّرة والمدفعية وقاذفات القنابل. 

ونقلت الصحيفة عن أولكسندر، قائد الطائرات المسيّرة في اللواء 110، إن التقدم قد تباطأ منذ 19 أغسطس. لكن الرجل حذر من أن الروس لديهم عادة الهجوم على نقاط الضعف بأثر مدمر، "ويبدو أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تُدمر بوكروفسك مثل ماريوبول وباخموت وأفدييفكا" وفق الصحيفة.

يأتي هذا تزامنا مع احتفاء زوكرانيا بعيد استقلالها، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من بدء التوغل المباغت لكييف في منطقة كورسك الروسية في لاسادس من أغسطس الحالي. 

وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، بسلاح جديد طورته بلاده عبارة عن صاروخ تطلقه طائرة مسيرة وقال إنه سينقل الحرب إلى روسيا، وذلك في الوقت الذي قرر فيه ترقية قائد الجيش إلى رتبة جنرال بأربع نجوم. 

روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة
روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة

أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، خلال زيارة لمولدوفا، الثلاثاء، أن ألمانيا ستقدم مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون يورو (111 مليون دولار) لأوكرانيا هذا الشتاء.

وقالت بيربوك قبيل مؤتمر وزاري في كيشيناو، إن روسيا تخطط مجددا "لشن حرب شتوية لجعل حياة الناس في أوكرانيا مريعة قدر الإمكان"، حسب وكالة رويترز.

وتشن روسيا موجات من الهجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، مثل محطات الطاقة، مما يسبب في بعض الأحيان انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء من البلاد.

وفي يونيو، قالت كييف إن هناك حاجة إلى "مزيد من الدفاعات الجوية" لإصلاح البنية التحتية، من أجل تأمين الخدمات في فصل الشتاء، عندما يبلغ الطلب على الطاقة ذروته بسبب انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ولاحقا في مؤتمر لمعالجة المخاوف بشأن توسع التدخل الروسي في المنطقة، شددت بيربوك على أن دعم أوكرانيا "يضمن بقاء مولدوفا المجاورة صامدة".

وأضافت: "كل ما نقوم به لدعم أوكرانيا يعني أيضا تعزيز الاستقرار فيما يتعلق بمولدوفا.. ومن الواضح أن أكبر مخاوف الناس هنا هي أن يأتي الدور على مولدوفا إذا سقطت أوكرانيا".

وتزور بيربوك كيشيناو لحضور منصة الشراكة في مولدوفا، إلى جانب حلفاء من فرنسا ورومانيا.

وكانت ألمانيا، أحد الداعمين العسكريين الرئيسيين لكييف في أوروبا، قد بادرت بإنشاء المنصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، ووصفتها بأنها "جزء من جهود أوسع نطاقا لتحقيق الاستقرار في اقتصاد مولدوفا، وحمايته من التضليل الروسي".

من جانبها، قالت رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، إن بلادها "لا تزال تواجه تحديات خطيرة"، داعية الشركاء إلى زيادة دعمهم.

واستطردت ساندو: "حرب روسيا على أوكرانيا، التي نددنا بها منذ اليوم الأول، تسببت في أضرار جسيمة لاقتصادنا".

وتابعت: "حالة عدم اليقين التي تسببت بها الحرب لا تزال تعيق التنمية الاقتصادية عندنا بشكل خطير، وستستمر في إعاقتها طالما استمرت الحرب".