الأسلحة الغربية غيرت موازين الحرب. أرشيفية
الأسلحة الغربية غيرت موازين الحرب. أرشيفية

صعّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مناشداته للحلفاء لرفع جميع قيودهم على استخدام الأسلحة الغربية ضد أهداف على الأراضي الروسية، بعد أن شنت موسكو أكبر هجماتها الصاروخية والطائرات المسيرة على أوكرانيا منذ فبراير 2022.

ووفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز"، فقد جعل زيلينسكي من أولوياته الدبلوماسية العليا إقناع واشنطن والعواصم الغربية الأخرى بالسماح لأوكرانيا بضرب القواعد الجوية والمواقع العسكرية الأخرى في عمق الأراضي الروسية التي تُستخدم لشن هجمات ضد أوكرانيا.

وقال الزعيم الأوكراني: "الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والشركاء الآخرون لديهم القدرة على مساعدتنا في وقف الإرهاب".

وانقسم حلفاء كييف حول هذه القضية: المملكة المتحدة وفرنسا متحمستان للسماح لأوكرانيا بضرب أهداف عسكرية في عمق الأراضي الروسية، بينما تعارض الولايات المتحدة وألمانيا ذلك.

وتمتلك أوكرانيا تمتلك حاليا صواريخ يصل مداها إلى 300 كم، مثل "أتامك" الأميركية و"ستورم شادو" البريطانية-الفرنسية، لكنها مقيدة باستخدامها داخل حدودها فقط. 

وتسعى كييف للحصول على أسلحة أكثر تطورا، خاصة صاروخ توروس الألماني بمدى 500 كم، وإذن لاستخدام مقاتلات F-16 لضرب أهداف داخل روسيا.

ويبرر الرئيس زيلينسكي هذه الطلبات بضرورة الدفاع ضد الهجمات الروسية ومنع تحركات قواتها. وتمشل المحتملة تشمل القواعد الجوية والمراكز اللوجستية ومراكز القيادة. 

ورغم نجاح أوكرانيا في استخدام طائرات بدون طيار محلية الصنع، إلا أن الصواريخ الغربية تتفوق عليها في السرعة والدقة وصعوبة اعتراضها وقدرتها على حمل حمولات أكبر، مما يجعلها أداة استراتيجية هامة في نظر القيادة الأوكرانية لتغيير مسار الحرب.

لماذا يتردد حلفاء كييف كثيرا؟

باختصار، لأن إدارة بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، قلقان بشأن خطر التصعيد إذا أصابت الأسلحة الغربية روسيا نفسها.

وتقول أوكرانيا ومؤيدوها إن واشنطن وبرلين قد استخدمتا مرارا وتكرارا خطر استفزاز الكرملين لتبرير عدم إرسال صواريخ دقيقة ودبابات وطائرات مقاتلة F-16 إلى أوكرانيا. لكن في كل مرة تم فيها توريد تلك الأسلحة في النهاية، لم تتحقق تهديدات موسكو.

ومع ذلك، تصر واشنطن على موقفها. وقالت سابرينا سينغ، نائبة المتحدثة باسم البنتاغون، في وقت سابق من هذا الشهر: "بالطبع، نحن قلقون بشأن التصعيد. لذا فقط لأن روسيا لم ترد على شيء ما لا يعني أنها لا تستطيع أو لن تفعل ذلك في المستقبل."

ماذا عن بريطانيا وفرنسا؟

ومنذ أشهر، تدعو لندن واشنطن للسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ ستورم شادو ضد أهداف داخل روسيا.

ووفقا لمصادر مطلعة تحدثت لصحيفة "فاينانشال تايمز"، قدمت الحكومة البريطانية طلبا رسميا بهذا الشأن لكل من واشنطن وباريس، في وقت سابق من هذا الصيف.

ونفت إدارة بايدن حجبها الإذن، حيث صرح مصدر مطلع بأن "فكرة الفيتو مبالغ فيها". ومع ذلك، تقر داونينغ ستريت بضرورة وجود توافق بين الحلفاء الغربيين بشأن هذه القضية الحساسة، مؤكدة على أهمية العمل بشكل متناسق.

ثمة اعتبار إضافي يتعلق باحتمالية حاجة صواريخ ستورم شادو للوصول إلى معلومات استخباراتية ومراقبة واستطلاع أميركية في المناطق التي تشوش فيها روسيا على إشارات "GPS" المستخدمة في توجيه هذه الأسلحة.

في مايو الماضي، أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه للضربات الأوكرانية على الأراضي الروسية باستخدام الصواريخ الفرنسية، مصرحا: "علينا السماح للأوكرانيين بتحييد المواقع العسكرية التي تُشن منها الهجمات على أوكرانيا". لكنه أكد على عدم استهداف منشآت مدنية أو أهداف أخرى.

وعند الاستفسار عن استمرارية هذا الموقف الفرنسي، اكتفى متحدث باسم قصر الإليزيه بالإحالة إلى تصريحات الرئيس السابقة.

هل سيُسمح لكييف باستخدام صواريخ بعيدة المدى في روسيا؟

ومن المرجح أن تسمح الدول الغربية لأوكرانيا باستخدام الأسلحة بعيدة المدى ضد أهداف داخل روسيا.

وخلال الأشهر الماضية، كانت بريطانيا وفرنسا سباقتين في تقديم دعم عسكري متقدم لأوكرانيا، متجاوزتين تردد الولايات المتحدة. فقد كانتا أول من قدم دبابات غربية وصواريخ كروز لكييف.

وسمحت بريطانيا منفردة لأوكرانيا باستخدام صواريخ ستورم شادو ضد أهداف روسية في القرم، محققة نتائج ملموسة رغم التحفظات الأميركية، بحسب الصحيفة.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن السياسة الأميركية، تميل للتطور تدريجيا، حيث تراجعت عن مواقفها السابقة بشأن الدبابات وصواريخ "ATACMS".

ومؤخرا، عدلت واشنطن موقفها للسماح بضرب أهداف روسية قرب الحدود الأوكرانية، خاصة بعد الهجوم الروسي على خاركيف.

واستخدمت أوكرانيا بالفعل أسلحة غربية، مثل صواريخ هيمارس ومركبات قتالية، في عمليات داخل الأراضي الروسية، وذلك ضمن الشروط المتفق عليها مع الدول الغربية المزودة لهذه الأسلحة.

روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة
روسيا تشن هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مما يجعل فصل الشتاء أكثر صعوبة

أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، خلال زيارة لمولدوفا، الثلاثاء، أن ألمانيا ستقدم مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون يورو (111 مليون دولار) لأوكرانيا هذا الشتاء.

وقالت بيربوك قبيل مؤتمر وزاري في كيشيناو، إن روسيا تخطط مجددا "لشن حرب شتوية لجعل حياة الناس في أوكرانيا مريعة قدر الإمكان"، حسب وكالة رويترز.

وتشن روسيا موجات من الهجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، مثل محطات الطاقة، مما يسبب في بعض الأحيان انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء من البلاد.

وفي يونيو، قالت كييف إن هناك حاجة إلى "مزيد من الدفاعات الجوية" لإصلاح البنية التحتية، من أجل تأمين الخدمات في فصل الشتاء، عندما يبلغ الطلب على الطاقة ذروته بسبب انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ولاحقا في مؤتمر لمعالجة المخاوف بشأن توسع التدخل الروسي في المنطقة، شددت بيربوك على أن دعم أوكرانيا "يضمن بقاء مولدوفا المجاورة صامدة".

وأضافت: "كل ما نقوم به لدعم أوكرانيا يعني أيضا تعزيز الاستقرار فيما يتعلق بمولدوفا.. ومن الواضح أن أكبر مخاوف الناس هنا هي أن يأتي الدور على مولدوفا إذا سقطت أوكرانيا".

وتزور بيربوك كيشيناو لحضور منصة الشراكة في مولدوفا، إلى جانب حلفاء من فرنسا ورومانيا.

وكانت ألمانيا، أحد الداعمين العسكريين الرئيسيين لكييف في أوروبا، قد بادرت بإنشاء المنصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، ووصفتها بأنها "جزء من جهود أوسع نطاقا لتحقيق الاستقرار في اقتصاد مولدوفا، وحمايته من التضليل الروسي".

من جانبها، قالت رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، إن بلادها "لا تزال تواجه تحديات خطيرة"، داعية الشركاء إلى زيادة دعمهم.

واستطردت ساندو: "حرب روسيا على أوكرانيا، التي نددنا بها منذ اليوم الأول، تسببت في أضرار جسيمة لاقتصادنا".

وتابعت: "حالة عدم اليقين التي تسببت بها الحرب لا تزال تعيق التنمية الاقتصادية عندنا بشكل خطير، وستستمر في إعاقتها طالما استمرت الحرب".