Aftermath of a Russian military strike in Sumy region
تعميق التعاون العسكري بين إيران وروسيا يشكل تهديدا لأوكرانيا وأوروبا.

قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، السبت، إنها تشعر بالقلق العميق بعد تقارير إعلامية عن احتمال نقل صواريخ باليستية إيرانية إلى روسيا.

وأضافت الوزارة في بيان أرسلته للصحفيين عبر البريد الإلكتروني أن تعميق التعاون العسكري بين إيران وروسيا يشكل تهديدا لأوكرانيا وأوروبا والشرق الأوسط، داعية المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على البلدين.

وذكرت شبكة سي.إن.إن وصحيفة وول ستريت جورنال، الجمعة، نقلا عن مصادر لم تسمياها أن إيران نقلت صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا.

وكانت رويترز قد أفادت، في أغسطس، بأن روسيا تتوقع تسلم شحنة وشيكة تضم المئات من صواريخ فتح-360 الباليستية قصيرة المدى من طهران، وبأن العشرات من العسكريين الروس يجري تدريبهم في إيران على تلك الأسلحة الموجهة بالأقمار الصناعية لاستخدامها في حرب أوكرانيا في نهاية المطاف.

وعبرت الولايات المتحدة، وهي حليفة رئيسية لأوكرانيا، أيضا عن قلقها، الجمعة، إزاء النقل المحتمل للصواريخ.

وقال شون سافيت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض "أي نقل للصواريخ الباليستية الإيرانية إلى روسيا سيمثل تصعيدا جذريا في دعم إيران لحرب العدوان الروسية على أوكرانيا".

ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الشحنة التي تم تسليمها مؤخراً تشمل عدة مئات من الصواريخ، يصل مداها إلى حوالي 500 ميل.

وقال مسؤول أميركي آخر لرويترز إنهم يراقبون عن كثب النقل المحتمل للصواريخ الإيرانية إلى روسيا.

وأشار مسؤول أوروبي كبير للصحيفة إلى أن هذه الخطوة "ليست النهاية، بل من المتوقع أن تستمر إيران في إرسال الأسلحة إلى روسيا".

وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الدفاعات الجوية الأوكرانية صعوبات كبيرة في مواجهة الصواريخ الروسية وهجمات الطائرات المسيرة، وهو ما أكده الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال اجتماع مع المسؤولين الغربيين، الجمعة، في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا.

زيلينسكي دعا إلى تعزيز دعم الدفاع الجوي لضمان عدم نجاح الهجمات الروسية.

وتزامنت عمليات تسليم الصواريخ أيضا، مع تصعيد الهجمات الروسية على المدن والبنى التحتية الأوكرانية، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين.

ولم يرد مجلس الأمن القومي الأميركي على طلب الصحيفة للتعليق، كما لم تعلق السفارة الروسية في واشنطن.

من جانبها، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الجمعة، إن موقف طهران تجاه الصراع في أوكرانيا لم يتغير.

وأضافت "تعتبر إيران تقديم المساعدة العسكرية للطرفين المنخرطين في الصراع أمر غير إنساني كونه يؤدي إلى زيادة الخسائر البشرية وتدمير البنية الأساسية والابتعاد عن مفاوضات وقف إطلاق النار".

وتابعت "وبالتالي، فإن إيران لا تشارك فحسب في مثل هذه الأعمال بل تدعو أيضا الدول الأخرى إلى وقف تزويد أي طرف من طرفي الصراع بالأسلحة".

في السابق، استخدمت روسيا طائرات مسيرة إيرانية في أوكرانيا، بالإضافة إلى الذخيرة والصواريخ من كوريا الشمالية.

ومن المرجح أن تؤثر هذه الشحنات على آمال الحكومة الإيرانية الجديدة في تهدئة التوترات مع الغرب، إذ يسعى الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزشكان، إلى تحسين الاقتصاد المحلي عبر تخفيف العقوبات من قبل أوروبا والولايات المتحدة.

ويراقب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني، عن كثب، العلاقات العسكرية بين إيران وروسيا.

وفي مارس، حذر قادة مجموعة السبع من أنهم سيفرضون عقوبات منسقة على إيران إذا تمت عملية نقل الصواريخ.

وذكر مسؤولون أوروبيون أنهم يعملون مع نظرائهم الأميركيين على رد يشمل فرض عقوبات إضافية، حيث من المحتمل أن يحظر الأوروبيون شركة الطيران الوطنية الإيرانية "إيران إير" من الطيران إلى المطارات الأوروبية، مما قد يؤثر على الروابط التجارية المتبقية.

كما يعتزمون استهداف شركات وأفراد إيرانيين مشاركين في نقل الصواريخ، بما في ذلك شركات النقل.

ورغم تأكيد المسؤولين الأوروبيين في وقت سابق أن نقل الصواريخ الإيرانية إلى روسيا سيكون خطاً أحمر قد يؤدي إلى سحب بعض تخفيف العقوبات الذي حصلت عليه طهران في اتفاق النووي لعام 2015، إلا أنهم أصبحوا أكثر ترددًا في الأسابيع الأخيرة. وفقاً للصحيفة.

وذكر دبلوماسي أوروبي كبير الأسبوع الماضي أن القطاع المصرفي أو الاقتصادي مع إيران لن يتم قطعه، بخلاف قطاع الطيران.

وكان المسؤولون الأوروبيون والإيرانيون يأملون في أن يؤدي انتخاب بيزشكان إلى تحسين التفاعل مع طهران كجزء من عملية تهدئة التوترات حول سياسة إيران الإقليمية وبرنامجها النووي.

ومن المتوقع أن تستخدم طهران الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة للإشارة إلى جهودها في هذا الصدد.

ومع ذلك، حذرت العواصم الأوروبية طهران مرارا من أن الحرب الروسية في أوكرانيا تمثل أكبر قلق أمني لديهم، وأن المزيد من الدعم الإيراني لموسكو قد يقوض أي تحسين في العلاقات.

يذكر أن واشنطن، حذّرت إيران، في مطلع أغسطس الماضي، من عواقب تزويد روسيا بصواريخ بالستية، مشيرة إلى أن ذلك سيدفعها للرد بشكل "قوي" ومعارضة جهود طهران الرامية لتحسين العلاقات.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، للصحفيين، وقتها، إن الولايات المتحدة تواصلت مع حلفائها الأوروبيين بشأن تقارير تفيد بأن إيران "تخطط لتسليم روسيا مئات الصواريخ البالستية".

وأضاف "نحن على استعداد للرد بشكل سريع وقوي إذا مضت إيران قدما بنقل الصواريخ البالستية، وهي خطوة من وجهة نظرنا ستمثّل تصعيدا كبيرا في دعم إيران لحرب روسيا العدوانية على أوكرانيا".

تلجأ روسيا إلى بلدان خاضعة لعقوبات دولية، بما في ذلك كوريا الشمالية، للحصول على معدات عسكرية لدعم عملياتها في أوكرانيا.

وسبق للولايات المتحدة أن فرضت عقوبات على مزوّدي روسيا بالمسيّرات الإيرانية.

 

 

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.      

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.