تستخدم القوات الأوكرانية دبابات غربية لصد التوغل الروسي على أراضيها وحتى التدخل في أراضي الدولة المعتدية "لكن بحذر"، وفقا لما ذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
سبب الحذر، وفق التقرير ذاته، هو التخوف من قدرة الطائرات من دون طيار على استكشاف مواقع الدبابات وقصفها، مما يؤدي إلى نسف الجهود الدفاعية لأوكرانيا بكبسة زر.
وكشف سير المعارك في أوكرانيا كيف أن الطائرات المسيّرة ذات التكلفة الأدنى بكثير من الدبابات يمكنها أن تصنع الفرق، وهو ما جعل الجيوش تعيد النظر في كيفية تصنيع ونشر هذه المركبات القوية.
تقوم الجيوش، وفق الصحيفة، بإضافة تقنيات إلى الدبابات لاكتشاف الطائرات بدون طيار والحماية من تهديداتها، كما تستكشف تغييرات في التصميم لجعل المركبات الثقيلة المدرعة أكثر مناورة.
في هذا السياق، قال الجنرال جيمس رايني، الذي يرأس قيادة مستقبل الجيش الأميركي، في حديث للصحيفة: "على المدى القريب، نحتاج بشدة إلى إجراء بعض التعديلات للحفاظ على بقاء تشكيلاتنا المدرعة".
خسائر كبيرة
تعتبر إعادة التفكير هذه علامة على دور الطائرات بدون طيار في إعادة تشكيل الحروب.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، ساعدت الدبابات القوات الأوكرانية في اجتياز منطقة كورسك الروسية، وهي منطقة شهدت معركة محورية في الحرب العالمية الثانية عام 1943.
ومن بين 31 دبابة أبرامز أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، دُمرت ست منها، وفقا لمنظمة "أوريكس" (Oryx)، وهي عبارة عن فريق مستقل من المحللين يتتبع خسائر الحرب. تُستخدم الدبابات المتبقية الآن بحذر، حيث أن تكلفتها التي بلغت 10 ملايين دولار لكل منها تجعل من الصعب استبدالها.
يذكر أنه لم تُستخدم دبابات الأبرامز بعد في منطقة كورسك.
ومن بين الدبابات الغربية الأخرى التي أُرسلت إلى أوكرانيا، دُمرت أو تضررت 12 من أصل 18 دبابة ألمانية من الطراز الأحدث، وفقا لـ"أوريكس". كما تكبدت روسيا أيضا خسائر كبيرة في الدبابات، وفقًا لمحللين.
🇷🇺 tank destroyed by 🇺🇦 32rd Brigade FPV drone pic.twitter.com/eK7SfFlNrN
— C4H10FO2P ☠️ (@markito0171) October 23, 2023
ونقلت الصحيفة عن سائق أوكراني لإحدى دبابات أبرامز، الذي يحمل لقب "سميليك"، قوله: "بمجرد أن تبدأ في السير على الطريق، ترى الطائرة بدون طيار ثم تُضرَب من كل جهة: بالمدفعية، الألغام، الصواريخ المضادة للدبابات، الطائرات بدون طيار، والقنابل الجوية الموجَّهة".
إعادة تشكيل الحروب
في بداية الحرب، كان القادة الأوكرانيون يخفون دباباتهم والمركبات المدرعة الأخرى عن طريق حفر الخنادق وتظليلها. ثم يخرج الجنود لإطلاق النار على العدو عندما يأتي في نطاق الرماية.
في الصدد، قال لوبيومير ستاخيف، وهو رقيب صغير في لواء أوكراني: "الآن تتم مراقبة كل شيء، لذا لا يمكنك حتى الحفر للاختباء".
وكانت مهارة قائد الدبابة تُحدد سابقا بقدرته على القتال ضد الدبابات وحماية المشاة، لكن الآن الأمر يتعلق بالقدرة على إطلاق النار بشكل سري والانسحاب بسرعة، حسبما قال أنطون هافريش، من إحدى شركات صناعة الدبابات، للصحيفة.
يشار إلى أن أوكرانيا تقوم بتعديل دباباتها للحماية من الطائرات بدون طيار، إذ غالبا ما يبني الطاقم أقفاصا معدنية حول برج الدبابة، وبعضها يرتفع كالحصون الصغيرة.
وتعتبر الدبابات أكثر عرضة للطائرات بدون طيار من المركبات المدرعة الأخرى بسبب حجمها الكبير وارتفاعها، كما يكون سطحها مدرعا بشكل رقيق. كما أن مدفع الدبابة ليس مناسبا لإسقاط الطائرات بدون طيار، وعادةً ما تحمل المركبات فقط من 30 إلى 40 قذيفة.
في المقابل، تمثل الطائرات بدون طيار تهديدا جديدا وأرخص من "أعداء الدبابات" التقليديين مثل الطائرات أو الصواريخ المضادة للدبابات.
قال أحد الخبراء: "هذا يعني أنها تمثل تهديدا كبيرا للدبابة".
الطائرت المسيرة.. والحاجة إلى تخفيف وزن الدبابات
زاد ظهور الطائرات بدون طيار من التركيز على الحاجة إلى الحركة المستمرة، وفقا لقائد اللواء المدرع في فنلندا، العقيد جوهانا سكايتا، الذي قال: "لا يمكنك حتى أن تترك الدبابات في المنطقة المفتوحة لحظة واحدة. كلما توقفت الحركة، يجب أن تكون تحت الأشجار، ويجب أن تجد غطاءً".
لذلك، تحاول الولايات المتحدة إيجاد معادن أخف لدباباتها بينما تسعى إلى رفع قدراتها في مناورة.
وتحتوي دبابة الأبرامز على خزان وقود سعة 500 غالون وتحتاج إلى عدة غالونات فقط لتبدأ، مما يجعلها وحشا في ترسانة الولايات المتحدة.
وتجري أيضا جهود لجعل الدبابات أصعب في الكشف عنها، من خلال تغيير طريقة طلائها لتقليل توقيعها الإلكتروني (درجة اكتشافها)، وفقا لدوغلاس بوش، مساعد وزير الجيش الأميركي للمشتريات واللوجستيات والتكنولوجيا.
إلى ذلك، تقول شركة ساب السويدية إنها تشهد الكثير من الاهتمام بشبكة التمويه التي تنتجها والتي تَُلَفُّ حول جميع أجزاء الدبابة، ما يجعلها أصعب في الرؤية ويخفي جزئيا الحرارة المنبعثة من المركبات.
تدابير مضادة
تضيف الولايات المتحدة وحلفاؤها أيضا تدابير مضادة جديدة للعديد من دباباتهم.
في هذا السياق، وبعد فترة وجيزة من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وافقت بولندا على شراء مئات الدبابات من طراز "K2" من كوريا الجنوبية.
وخلال مفاوضاتها مع الشركة المصنعة "هيونداي روتم" للحصول على دفعة أخرى بعد بضعة أشهر، أضافت متطلبات جديدة، بما في ذلك تجهيز الدبابات بأجهزة تشويش ضد الطائرات بدون طيار.
وأصبحت هذه الأنظمة الإلكترونية، التي تعطل إشارات الطائرات بدون طيار وتحد من فعاليتها، جزءا أساسيا من تجهيزات الدبابات الحديثة.
وقال أحد الجنود الأوكرانيين، وهو يعمل في دبابة أبرامز مزودة بتقنية التشويش: "بدونها، لا يمكننا النجاح".
يذكر أن تدمير أعداد كبيرة من الدبابات في الحروب ليس بالأمر الجديد؛ فخلال الحرب العالمية الثانية، تم تدمير كميات هائلة منها، وكذلك في حرب أكتوبر بين دول عربية وإسرائيل، في عام 1973.
وبعض كبار ضباط الجيش الأميركي يرون أن الجيش قد استثمر بشكل كبير في الدبابات، لذلك، قبل أربع سنوات، تخلت قوات مشاة البحرية الأميركية عن دباباتها كجزء من عملية إعادة هيكلة تهدف لجعلها أكثر مرونة. كما خفضت دول أخرى مثل النرويج أعداد دباباتها، مفضلةً الاستثمار في أنظمة الدفاع الصاروخي.
وعلى الرغم من نقاط الضعف التي تواجهها الدبابات، لا تزال الجيوش تعتبرها جزءا حيويا من العمليات القتالية في النزاعات الحالية.