صواريخ بعيدة المدى تسعى كييف للحصول عليها
صواريخ بعيدة المدى تسعى كييف للحصول عليها

تطلب أوكرانيا، منذ أشهر، السماح لها باستخدام أسلحة غربية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي.

وتقول كييف إنها بحاجة إلى تلك الأسلحة لضرب المواقع العسكرية التي تؤوي طائرات حربية  تطلق الصواريخ على المدن الأوكرانية.

وتدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها زيادة المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا لصد الغزو الروسي، لكن استخدام الصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي لايزال موضع مشاورات.

وترفض واشنطن السماح بذلك خشية الدخول في مواجهة مع موسكو.

وناقش الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، هذه المسألة، الجمعة. ويحاول الأخير دفع الولايات المتحدة لمنح الأوكرانيين حرية أكبر في استخدامها.

وأعربت فرنسا في السابق عن دعمها للضربات الأوكرانية في عمق الأراضي الروسية، ولكن فقط على أهداف عسكرية مرتبطة بشكل مباشر بحرب أوكرانيا.

وبعد عامين ونصف العام على بدء الغزو الروسي، لا تزال أوكرانيا تواجه صعوبات في صده، وهجومها الذي باشرته في بدأته أغسطس على منطقة كورسك الروسية لم يساعد في وقف تقدم قوات موسكو في الشرق.

وتطالب أوكرانيا بهامش حرية أكبر في استخدام الصواريخ بعيدة المدى لاستهداف مواقع لوجستية للجيش الروسي، ومطارات تقلع منها مقاتلاته.

وحذر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أن إعطاء أوكرانيا الضوء الأخضر لشن هجمات في عمق الأراضي الروسية بواسطة الأسلحة بعيدة المدى سيعني أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) "في حرب" مع موسكو.

وأوضح البيت الأبيض، الجمعة، أن واشنطن لا تعتزم إعلان أي سياسة جديدة بشأن أوكرانيا واستخدامها صواريخ بعيدة المدى. وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين: "لا توجد تغييرات في رؤيتنا بشأن تزويد أوكرانيا بقدرات هجومية بعيدة المدى لاستخدامها داخل روسيا".

إقليم كورسك
الهجوم الروسي المضاد.. هل أنهى معادلة "الأرض مقابل الأرض" مع أوكرانيا؟
أعلنت روسيا أن جيشها استعاد، مؤخرا، 10 قرى في إقليم كورسك الحدودي حيث شنت كييف الشهر الماضي هجوما واسعا، مما يطرح بعض التساؤلات فيما إذا كان ذلك التوغل قد فشل في تحقيق أهدافه سواء من جهة تشتيت جهود قوات الكرملين، أومن ناحية إمكانية الحديث عن معادلة "الأرض مقابل الأرض"، بما يؤدي إلى انسحاب الغزاة والعودة إلى حدود العام 1991.

وأوردت صحيفة نيويورك تايمز الأسلحة بعيد المدى التي تركز المناقشات في واشنطن إلى حد كبير عليها وهي:

صواريخ ستورم شادو

وهي صواريخ كروز تطلق من الجو. وتعرف باسم Storm Shadows في بريطانيا وSCALP في فرنسا

يبلغ مدى هذه الصواريخ حوالي 240 كيلومترا.

صواريخ ستورم شادو

وأرسلت بريطانيا وفرنسا بالفعل هذه الصواريخ إلى أوكرانيا، وقد ضربت حتى الآن أهدافا روسية في شبه جزيرة القرم، التي تحتلها روسيا.

ويتم إطلاقها من أسطول أوكرانيا القديم من الطائرات المقاتلة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية.

وتسعى لندن إلى الحصول على إجماع بين الحلفاء على استخدامها لضرب أهداف بعيدة داخل روسيا.

الصواريخ التكتيكية الأميركية "أتاكمز"

أحد المطالب الرئيسية لأوكرانيا هي السماح باستخدام أنظمة الصواريخ التكتيكية الأميركية أرض أرض "أتاكمز".

الصواريخ التكتيكية الأميركية "أتاكمز"

وهي صواريخ بعيدة المدى يمكنها حمل170 كيلوغراما من المتفجرات، ويمكنها ضرب أهداف على مسافة تصل إلى 300 كيلومتر. وتقول الشركة المصنعة "لوكهيد مارتن" إنه يمكن إطلاقها من راجمتي هيمارس، وأم 270.

وكانت واشنطن زودت كييف بها، العام الماضي، لكن إدارة بايدن امتنعت حتى الآن عن الموافقة على استخدامها داخل روسيا.

وقال مسؤولون عسكريون أميركيون وأوروبيون إن روسيا نقلت 90 في المئة من قواعدها الجوية التي تضم قاذفات قنابل من نطاق هذه الصواريخ، تحسبا للسماح لأوكرانيا قريبا بإطلاقها.

صواريخ (JASSM)

صواريخ كروز أميركية تطلق من الجو، يبلغ مداها حوالي 370 كيلومترا. وتحمل رؤوسا حربية تصل إلى 500 كيلوغرام، ويمكن إطلاقها من طائرات أف-16.

صواريخ (JASSM)

وتقول "لوكهيد مارتن" إنها قادة على "تدمير الأهداف عالية القيمة والمحمية جيدا، الثابتة والمتحركة من مسافة بعيدة، مما يحافظ على أطقم الطائرات بعيدا عن خطر أنظمة الدفاع الجوي المعادية".

وهذه الصواريخ لم تزود بها أوكرانيا بعد، لكن مسؤولا أميركيا قال، وفق نيويورك تايمز، إن إدارة بايدن تفكر في إرسالها.

لكن حتى لو حصلت كييف على هذه الموافقة، فقد تستغرق عملية التسليم أشهرا، ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستسمح لأوكرانيا بإطلاق هذه الصواريخ داخل روسيا.

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.      

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.