تناول تحليل لمجلة "فورين آفيرز" الأميركية، استراتيجيات أوكرانيا العسكرية لعام 2025، والتحديات الجيوسياسية التي تواجهها، اعتمادًا على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل.
وتواجه أوكرانيا سيناريوهات متباينة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الأميركية، التي قد تنتهي بفوز الرئيس السابق، الجمهوري دونالد ترامب، أو نائبة الرئيس، الديمقراطية كامالا هاريس، بالمكتب البيضاوي.
في غضون ذلك، تستمر جهود كييف لصد المحاولات الروسية لغزو أراض إضافية في أوكرانيا، عن طريق دفاعات متقدمة وتوغلات في روسيا، مع تفاوت نتائج تلك الجهود.
ولم يحقق الهجوم الأوكراني في 2023 مثلا نتائج حاسمة بسبب نقص الموارد والتكتيكات، رغم أن استراتيجية الحرب الاستنزافية الروسية تظل هي الأخرى غير مرجحة لتحقيق أي نجاح، وفق ذات التحليل.
ففي عام 2022، فشلت خطة روسيا الأولية للاستيلاء على كييف والإطاحة بالقيادة الأوكرانية، ويبدو أن استراتيجيتها الحالية لاستنزاف مقاومة أوكرانيا، من خلال حرب استنزاف، "لن تحقق النجاح أيضًا".
في المقابل، استخدمت أوكرانيا تكتيكات دفاعية بمهارة لطرد القوات الروسية من مناطق مثل كييف وخاركيف، وأجزاء كبيرة من خيرسون في عام 2022.
ومع ذلك، فإن الهجوم الأوكراني في 2023، افتقر إلى القوات والموارد والتكتيكات اللازمة لتحقيق نصر حاسم في ساحة المعركة ضد روسيا.
ورغم أن التوغل الأوكراني هذا الصيف في منطقة كورسك الروسية أدى إلى إرباك القوات الروسية، فإنه لم يؤدي إلى تحقيق نصر كامل لكييف.
واعتبر التحليل الحرب الدفاعية التي تنتهجها كييف، "مسارا بطيئا لتحقيق النصر، أو إنهاء الحرب قريبًا وبشروط مواتية"، إذ يرى أن أوكرانيا ستحتاج إلى شن هجوم مرة أخرى في عام 2025.
وحسب التحليل، سيكون على أوكرانيا إقناع الداعمين الغربيين المترددين بزيادة دعمهم المادي، من خلال إظهار استراتيجية عسكرية واقعية، تتضمن أهدافًا واضحة، وأفعالًا داعمة لتلك الأهداف، وفهمًا للموارد المطلوبة.
ولمنع احتمالية انتصار روسي في النهاية من خلال الاستنزاف، يجب أن تركز استراتيجية أوكرانيا على الحفاظ على الدفاعات، وإلحاق خسائر متواصلة في ساحة المعركة، وتوسيع السيطرة الإقليمية في اتجاه واحد على الأقل، حسب المجلة.
وإذا تم تنفيذ هذه الحملة بنجاح، فقد تُجبر موسكو على التفاوض بحلول نهاية صيف 2025.
سيناريو هاريس أو ترامب
تحتاج أوكرانيا إلى دعم من الغرب، لا سيما الولايات المتحدة، وكل ذلك مرهون الآن بنتائج الانتخابات الأميركية.
يرى التحليل أن قدرة الغرب واستعداده لمساعدة كييف تعتمد على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإذا فازت هاريس، فمن المتوقع أن تحافظ إدارتها على الدعم الذي قدمته إدارة الرئيس جو بايدن لأوكرانيا.
واعتبرت المجلة أنه في هذا السيناريو، ستدعم واشنطن وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، هجومًا أوكرانيًا جديدًا في عام 2025.
وخلال العامين والنصف الماضيين، استثمرت الولايات المتحدة بشكل كبير في قطاع الدفاع. كما أن أوروبا رفعت استجابتها، فقد التزمت 23 من أصل 32 دولة عضو في الناتو بإنفاق اثنين في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وقامت القارة بتوسيع إنتاج الأسلحة.
وبعد تقييم حالة الحرب خلال 3 سنوات، قد تقرر إدارة هاريس الجديدة أن دعم الجهود العسكرية الأوكرانية بشكل أكبر هو "أمر ضروري" للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإنهاء الصراع.
ولتحقيق هذا الدعم، سيتعين على كييف تحقيق انتصارات صغيرة لكن ذات مغزى، باستخدام الموارد المتاحة الآن، لتقديم إثبات لمفهوم استراتيجية عام 2025.
في المقابل، رأت المجلة أن الفوز المحتمل لترامب في انتخابات 2024، سيكون "خطرًا كبيرًا" على أوكرانيا.
لا مجال لانتظار نتيجة الانتخابات
وقال التحليل إنه إذا كانت أوكرانيا تريد أية فرصة لتنفيذ هجوم في عام 2025، فيجب على واشنطن وشركاؤها في كييف، "البدء في تنفيذ استراتيجية جديدة اليوم"، إذ يمكن أن يؤدي تعزيز توفير الموارد الضرورية والتدريب إلى تخفيف تأثير فوز ترامب، من خلال منح الناتو الوقت للتكيف.
ويتخذ الحلف الغربي بالفعل خطوات في هذا النحو، بما في ذلك الإعلان المحتمل في الصيف المقبل عن إنشاء قيادة عسكرية جديدة في ألمانيا، للإشراف على توفير المعدات والتدريب لأوكرانيا، والتي يمكن أن تعمل في حالة انسحاب الولايات المتحدة من الناتو تحت إدارة ترامب.
وحتى لو فاز ترامب وقطع الدعم الأميركي قبل أن يبدأ الهجوم، فإن استمرار تطوير القاعدة الصناعية الأوكرانية ومرافق إنتاج الطائرات المسيرة، وتحسين قدرات الصيانة للأسلحة والمعدات المقدمة من الغرب، وتدريب وتجهيز القوات الأوكرانية لتنفيذ عمليات حربية مشتركة فعالة خلال الأشهر المقبلة، سيساعد أوكرانيا على تقويض الاستراتيجية العسكرية الروسية.
وبالنسبة للتحليل، فإن الأعضاء الآخرين في الناتو قادرون على تقديم الدعم لأوكرانيا لعدة سنوات، ومعًا لديهم القوة الاقتصادية لتجاوز إنتاج روسيا الدفاعي.
لكن ستظل كييف بحاجة إلى تنفيذ هجوم معتدل في عام 2025، باستخدام مخزون أصغر من المعدات الأوروبية واستغلال المواد المنتجة محليًا قدر الإمكان، حسب التحليل.
وفي حال فوز ترامب وتحول الولايات المتحدة نحو "الانعزالية"، يمكن أن تساعد الخطوات التي تتخذها كييف الآن في الاستعداد لهجوم الصيف على الأقل، في وضع القوات الأوكرانية للحفاظ على دفاعاتها والاستمرار في إضعاف روسيا خلال العام المقبل.
لكن إذا فازت هاريس وحافظت على الدعم الأميركي أو حتى وسعته، يمكن لأوكرانيا أن تهدف إلى تحقيق مكاسب عسكرية كبيرة بحلول أواخر 2025.