الجيش الكوري مسخر لحماية النظام
الزعيم الكوري الشمالي يحيي مجموعة من قوات جيشه (أرشيف)

شهدت الأسابيع الأخيرة تقارير متزايدة عن تدخل كوريا الشمالية لدعم روسيا عسكريًا في حربها على أوكرانيا، وهي أنباء أثارت قلقًا واسعًا لدى الدول الغربية. 

ووفقًا لموقع "راديو أوروبا الحرة"، عبّر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت، عن قلق واشنطن من هذه التقارير، وقال السبت: "نحن قلقون للغاية من تقارير تفيد بأن جنودًا من كوريا الشمالية يقاتلون نيابة عن روسيا". 

وأوضح أن الولايات المتحدة لا تزال غير قادرة على تأكيد هذه الادعاءات بشكل قاطع، لكنها في حال صحتها، تمثل "تطورًا خطيرًا في الحرب الروسية ضد أوكرانيا"، معتبرًا أن هذا التحرك يعكس "اليأس المتزايد" لدى روسيا بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها في المعارك.

وأكد سافيت أنه إذا اضطرت روسيا إلى الاعتماد على قوات من كوريا الشمالية، فإن ذلك سيكون علامة ضعف للكرملين وليس قوة. فمنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، تكبدت موسكو خسائر فادحة في ساحة المعركة. 

وتشير تقارير أميركية إلى أن روسيا تكبدت أكثر من 1,200 إصابة يوميًا خلال الأشهر الأخيرة، وفق راديو أوروبا الحرة.

وفي 18 أكتوبر، قالت وكالة الاستخبارات الوطنية في كوريا الجنوبية، إن بيونغ يانغ بدأت بالفعل بنقل وحدات خاصة إلى روسيا، حيث يتمركز الجنود الكوريون الشماليون في قواعد عسكرية روسية في الشرق الأقصى، مثل فلاديفوستوك وأوسوريسك وخاباروفسك وبلاغوفيشينسك. 

وتوقعت الوكالة أن يتم نشرهم في أوكرانيا بعد إتمام تدريباتهم.

وحسب التقارير، فإن الجنود الكوريين يخضعون للتدريب في مواقع مثل معسكر سيرجييفسكي في روسيا، وهو ما أكدته مقاطع فيديو تداولتها وسائل إعلام أوكرانية.

وفيما يتعلق بالمعلومات من الجانب الأوكراني، أشار موقع "صوت أميركا" إلى أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أكد خلال حديثه أمام برلمان بلاده في 16 أكتوبر، أن كييف تتابع بقلق ما وصفه بـ"تحالف ثلاثي" بين روسيا وكوريا الشمالية وإيران. 

وقال زيلينسكي: "نشهد زيادة في التعاون بين روسيا وأنظمة مثل كوريا الشمالية.. هذا لم يعد يتعلق فقط بنقل الأسلحة، بل يشمل أيضًا نقل الأفراد من كوريا الشمالية إلى القوات الروسية المحتلة".

وأوضح في تصريحاته أن المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الأوكرانية، تشير إلى أن حوالي 10,000 جندي كوري شمالي يتم تجهيزهم لنشرهم في الجبهة الروسية في أوكرانيا. 

"نحو صراع أوسع"

واعتبر الرئيس الأوكراني أن هذا التدخل الخارجي، إن تأكد، سيكون أول خطوة نحو صراع أوسع نطاقًا قد يتجاوز حدود أوكرانيا ويهدد الأمن العالمي.

من جانبه، توقع وزير الدفاع الكوري الجنوبي، كيم يونغ-هيون، أن إرسال المزيد من الجنود الكوريين الشماليين أمر "مرجح للغاية"، مشيرًا إلى تقارير عن مقتل عدد من الجنود الكوريين الشماليين في أوكرانيا. 

وفي تصريحات أمام مجلس النواب الكوري الجنوبي، قال كيم: "نتوقع أن تقع المزيد من الخسائر بين الجنود الكوريين الشماليين في أوكرانيا، نظرًا للظروف التي يشهدها النزاع".

ووفقًا لتقرير صحيفة "إندبندنت" البريطانية، فإن التحالف العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية تعزز بشكل ملحوظ منذ زيارة الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، إلى روسيا في وقت سابق من هذا العام. 

وتفيد التقارير بأن كيم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقّعا اتفاقيات تشمل توريد الأسلحة والذخائر، بما في ذلك الصواريخ الباليستية. 

جنود أوكرانيون يشاركون في تمرين تدريبي
في الحفلات والشوارع.. "سحب" الرجال للخدمة الإلزامية بالجيش يثير الجدل في أوكرانيا
شهدت أوكرانيا مؤخرًا تصاعدًا ملحوظًا في عمليات تجنيد الرجال للخدمة العسكرية، وذلك مع ظهور وحدات التجنيد في أماكن لافتة، كما حدث خللا حفل موسيقي في العاصمة كييف لفرقة الروك الشهيرة "أوكيان إيلزي"، أو في منتجع فاخر، وحتى في حفلات زفاف وسط مدينة لفيف.

وحذر زيلينسكي من أن مشاركة كوريا الشمالية في الحرب يمكن أن تؤدي إلى زيادة التصعيد، وقال في مؤتمر صحفي في بروكسل: "هذا التدخل من دولة ثالثة قد يكون الخطوة الأولى نحو حرب عالمية".

ونقلت "إندبندنت" عن مصادر في الحكومة الأوكرانية قولها، إن التقارير تشير إلى أن كوريا الشمالية لم تكتف بتوريد الذخائر فحسب، بل بدأت أيضًا في إرسال جنود لدعم روسيا في الميدان. 

ووفقًا للمصادر الأوكرانية، فقد تم نشر الجنود الكوريين في مواقع استراتيجية على الجبهات الأمامية، حيث يقومون بدعم القوات الروسية في المناطق المحتلة من أوكرانيا.

مقاطع فيديو

أكدت شبكة" سي إن إن" الأميركية، أن مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت، أظهرت جنودًا كوريين شماليين في معسكرات تدريب روسية. 

وتظهر هذه المقاطع الجنود وهم يتلقون زيهم العسكري ومعداتهم، استعدادًا لنشرهم على الجبهات في أوكرانيا.

وتظهر إحدى الفيديوهات، التي تم تصويرها في معسكر سيرغييفسكي، جنودًا كوريين شماليين في طوابير لتسلم معداتهم العسكرية. وفي أحد المقاطع التي تم تحليلها من قبل الشبكة، يقول أحد المتحدثين بالروسية: "هناك المزيد منهم.. إنهم بالآلاف. هذه هي التعزيزات الجديدة".

وزادت تلك الأدلة قلق أوكرانيا وحلفائها الغربيين، بشأن مشاركة كوريا الشمالية بشكل مباشر في الحرب.

وذكر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن الجنود الكوريين الشماليين يتم تدريبهم للقتال في أوكرانيا، وقد يصل عددهم إلى 3,000 جندي بحلول نهاية العام.

"لا أدلة مؤكدة"

وعلى الرغم من هذه التقارير والشهادات، فإنه لا تزال هناك شكوك بشأن حجم التدخل الكوري الشمالي، ففي 16 أكتوبر، نفى المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، هذه الادعاءات، ووصفها بأنها "مجرد شائعات" غير موثوقة.

وقال إنها تأتي من مصادر غربية مثل الاستخبارات البريطانية والأميركية دون تقديم أي أدلة ملموسة، على حد قوله.

وفي السياق نفسه، صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روت، بأنه لا يمكن للناتو تأكيد التقارير بشأن مشاركة جنود كوريين شماليين في القتال بأوكرانيا في الوقت الحالي. 

لكنه أضاف: "نعلم أن كوريا الشمالية تدعم روسيا بالأسلحة والتكنولوجيا، وهذا بحد ذاته مصدر قلق كبير"، مشددا على أن الحلف سيواصل مراقبة الوضع عن كثب.

الطائرة الجديدة لها مميزات عدة في التحليق والاستهداف وجمع المعلومات
صغيرة وبأسعار معقولة.. مسيرات أميركية جديدة نجحت في أوكرانيا
أصدرت شركة أندوريل Anduril الأميركية للصناعات العسكرية التكنولوجية طائرات مسيرة جديدة ومستقلة لجمع المعلومات وتنفيذ المهام القتالية، في محاولة للاستفادة من الطلب المتزايد بعد نجاح منتجات مماثلة في أوكرانيا والتي تعتبر أرخص بكثير من الطائرات المقاتلة.

وبدورها، أكدت الولايات المتحدة وحلفاؤها في كوريا الجنوبية واليابان، إدانتهم لتنامي التعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية.

وجاء في بيان مشترك صادر عن هذه الدول، أن "الدعم العسكري الذي تقدمه كوريا الشمالية لروسيا يساهم في زعزعة استقرار أوروبا، ويعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية". 

كما شدد البيان على التزام واشنطن "بحماية حلفائها" في مواجهة أي تهديدات قد تنشأ عن هذا التعاون.

وفي ضوء هذه التقارير، يرى محللون أن التدخل العسكري الكوري الشمالي يمثل تحولًا في مسار الحرب، حيث يُظهر اعتماد روسيا على الدعم الخارجي لتعويض خسائرها البشرية المتزايدة. 

وفي هذا المنحى، قال مدير مجموعة "كوريا ريسك" أندري لانكوف، لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن كوريا الشمالية تسعى من خلال هذا التدخل للحصول على تمويل عسكري وتكنولوجي يساعدها في تعزيز برنامجها النووي. 

وأضاف أن مشاركة الجنود الكوريين في الحرب ستوفر لكوريا الشمالية "خبرة قتالية حقيقية"، لكنها تحمل في طياتها "خطر تعريض الكوريين الشماليين للحياة في الغرب، وهو مكان أكثر ازدهاراً إلى حد كبير".

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.