FILE PHOTO: Republican presidential nominee and former U.S. President Donald Trump and Ukraine's President Volodymyr Zelenskiy meet in New York
ترامب اتصل بالرئيسين الأوكراني ثم الروسي بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية

غداة إعلان فوزه في انتخابات الرئاسة، اتصل الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب الأربعاء، بالرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، وفق ما نقله موقع أكسيوس الجمعة عن مصادر مطلعة.

وأكد ترامب، وفقا لأكسيوس، دعمه لأوكرانيا التي تتعرض لغزو روسي منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

وبينما يواصل زيلينسكي التأكيد على ضرورة استعادة جميع الأراضي التي استولت عليها روسيا كشرط لإنهاء الحرب، قد يجد ترامب نفسه في موقف متناقض بين التعبير عن الالتزام بدعم كييف وبين سعيه للإيفاء بوعده الانتخابي إنهاء الصراع فور عودته إلى البيت الأبيض.

وكان الرئيس الأميركي المنتخب قد وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة.

تناقض؟

يستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، بعد أن فاز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من نوفمبر الجاري ضد المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس.

والأحد، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن ترامب تحدث، الخميس الماضي، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أول مكالمة هاتفية بينهما منذ فوزه في الانتخابات، 

وذكرت الصحيفة أن المكالمة تضمنت "نصيحة" من ترامب لبوتين بعدم تصعيد الحرب في أوكرانيا، مع تذكيره للرئيس الروسي بالحضور العسكري الكبير للولايات المتحدة في أوروبا.

لكن الكرملين نفى، الاثنين، حدوث هذا الاتصال الهاتفي معتبرا أن ما أوردته واشنطن بوست "لا يمت للواقع بأي صلة".

وخلال فترة ولايته الجديدة، سيواجه ترامب معضلة "إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا" كما وعد، "لكن على نحو لا يعلم تفاصيله إلا هو"، وفق المحلل الأميركي باولو فان شيراك.

شيراك أضاف في مقابلة مع موقع "الحرة" معلقا على تصريحات ومواقف ترامب التي تبدو متناقضة حيال الملف الأوكراني، إن "الوعد بدعم أوكرانيا لا يعني بالضرورة الدعم اللوجستي أو العسكري"، ثم تابع: "أنا أرى أنه يقصد دعم كييف من ناحية التنمية والبناء بعد الحرب".

وبالحديث عن تناقض المواقف التي أبداها ترامب خلال مكالمة زيلينسكي وتلك التي دافع عنها طيلة حملته الانتخابية، قال شيراك: "التناقض عند ترامب شيء معتاد".

من جانبه، يرى المحلل الأميركي، إيريك هام، أن دعم ترامب لزيلينسكي "مرهون باستعداد الأخير لترك نيته في مواصلة الدفاع عن بلده واستعادة الأراضي التي أخذت منه بالقوة".

وفي حديث لموقع "الحرة"، شدد هام، القريب من الحزب الديمقراطي، على أن مستقبل ملف أوكرانيا مرهون بقرارات الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، قبل مغادرته البيت الأبيض.

وفي تفسيره لرؤية ترامب، قال هام: "سياسة ترامب تتوقف على ما توصل إليه بايدن والحلفاء الأوروبيون في الملف". وأشار إلى أن سياسة واشنطن حيال الحرب في أوكرانيا يجب أن تكون متسقة بين الضفتين "أميركا وأوروبا" حتى لا يقع مستقبل أمة بأكملها في يد رجل واحد، في إشارة إلى ترامب.

وقال إن بايدن "أكد مرارا ضرورة دعم كييف عسكريًا حتى استعادة أراضيها من روسيا، لكن يبدو أن ترامب ينوي المساعدة في إنهاء الحرب بطريقة أخرى".

والسبت، تعهد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من كييف، بتقدم دعم "ثابت" لأوكرانيا، في أول زيارة يقوم بها مسؤول كبير في بروكسل بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأحد، إن البيت الأبيض يعتزم إنفاق ما تبقى من التمويل المخصص لدعم أوكرانيا والبالغ 6 مليارات دولار قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا في يناير، محذرا من مخاطر إنهاء الدعم الأميركي لكييف على العالم.

وقال سوليفان لبرنامج "فايس ذا نايشن" عبر محطة "سي. بي. أس" إن بايدن سيناقش أهم قضايا السياسة الخارجية مع ترامب خلال لقائهما الأربعاء في المكتب البيضاوي.

"طريقة ترامب" لإنهاء الحرب

"الطريقة الأخرى" لإنهاء الحرب، وفق المحلل فان شيراك، هي تمكين زيلينسكي من الخروج من الحرب بشكل مشرف دون تكبد مزيد من الخسائر.

الرجل أكد أن رؤية ترامب لجميع الملفات تدور حول المنفعة والربح، "وهو ما سيعرضه على زيلينسكي بعد يناير".

شيراك يفترض أن يدعم ترامب "حلا وسطا" بين بوتين الذي يريد كبح توسع حلف الناتو وزيلينسكي الذي يحاول درء خطر توسع غريمه الروسي.

وقال: "نهاية المعارك بهذه الطريقة، وفق وصفة ترامب، تعجل بإيجاد حل لحرب استنزفت الغرب أيضًا وليس روسيا فقط".

وقال أيضًا: "عرض ترامب سيتركز على استغناء زيلينسكي عن الانضمام إلى حلف الناتو، وتسليم بوتين بعدم التعرض لأوكرانيا بعد ذلك"، وشدد على أن هذا العرض ينبني على فكرة اشتراط أي دعم مادي مستقبلي لكييف بقبول زيلينسكي بهذا الخيار.

أما إيريك هام فانتقد تصريحات ترامب و بعض مقربيه، الذين كشفوا عن بعض النقاط في "مشروعه" لحل النزاع في أوكرانيا، والذي يقوم على التفاوض والتوقف عن إمداد كييف بالعتاد العسكري.

في المقابل، لفت هام إلى أن إدارة بايدن قدمت مساعدات لأوكرانيا منذ بدء الحرب في 2022 قدرها 108 مليارات دولار.

يذكر أن مستشارين رئيسيين لدونالد ترامب كشفا قبل أشهر بعض النقاط من خطة ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا والتي تقضي بإبلاغ كييف أنها ستتلقى مزيدًا من الأسلحة الأميركية فقط إذا دخلت في مفاوضات سلام.

وقال الجنرال المتقاعد كيث كيليوج، أحد مستشاري ترامب للأمن القومي، وفق وكالة رويترز ، إن الولايات المتحدة، ستوجه -في الوقت نفسه- تحذيرًا لموسكو مفاده أن أي رفض للتفاوض سيؤدي إلى زيادة الدعم الأميركي لأوكرانيا.

هام أشار في سياق حديثه إلى التقدم الروسي في ساحات المعارك، مؤكدا أن كبح الدعم لأوكرانيا قد يعني تركها فريسة لروسيا.

والأحد، هاجمت روسيا أوكرانيا بعدد "قياسي" من المسيّرات خلال الليل بلغ 145، بحسب ما اعلن الرئيس زيلينسكي.

وكتب زيلينسكي في منشور على منصة أكس "أطلقت روسيا الليلة الماضية 145 مسيّرة من طراز شاهد وطائرات مسيّرة هجومية أخرى ضد أوكرانيا"، داعيا شركاء كييف الغربيين إلى زيادة الإمدادات للمساعدة في حماية أجواء البلاد.

في المقابل، أعلنت روسيا إسقاط 34 طائرة من دون طيار في أجواء منطقة موسكو، في أكبر هجوم من نوعه يستهدف العاصمة منذ بدء الغزو مطلع العام 2022.

شيراك أعاد التأكيد من جانبه على أن دعم ترامب لأوكرانيا "سيكون في صيغة استثمارات أميركية، ومساعدات غير عسكرية لإعادة بناء الهياكل المدمرة وبعث عجلة التنمية مجددًا فقط".

الهجمات والمعارك مستمرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 - رويترز
الهجمات والمعارك مستمرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 - رويترز

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده أرادت بإطلاقها صاروخ فرط صوتي على أوكرانيا أن يدرك الغرب أنها مستعدة لاستخدام أي وسيلة لإحباط أي محاولة تهدف لإلحاق "هزيمة استراتيجية" بها.

وقال لافروف، في مقابلة مع الصحفي تاكر كارلسون الخميس، إن "على الولايات المتحدة وحلفاءها الذين يقدمون أيضا هذه الأسلحة طويلة المدى لنظام أوكرانيا -- أن يدركوا أننا على استعداد لاستخدام أي وسيلة تحول دون نجاحهم فيما يصفوه (بإلحاق) هزيمة استراتيجية بروسيا".

وأضاف لافروف أنه "لخطأ كبير للغاية" أن يفترض أي شخص في الغرب أن روسيا ليس لديها خطوط حمراء.

وتأتي هذه التصريحات قبل أقل من شهرين من تنصيب ترامب، في حين تقول إدارة الرئيس، جو بايدن، إنها تريد "ضمان أن تكون لدى أوكرانيا القدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي". 

وتابع لافروف "نود أن تكون لدينا علاقات طبيعية مع جميع جيراننا في شكل عام، مع كل البلدان، وبخاصة مع دولة كبيرة مثل الولايات المتحدة"، مضيفا "لا نرى سببا يمنع روسيا والولايات المتحدة من التعاون من أجل مصلحة العالم". 

وكان لافروف قد حذر في كلمته خلال الاجتماع من أن ما وصفها بالحرب الباردة الجديدة يمكن أن تدخل "مرحلة ساخنة".

وأثار استخدام روسيا نهاية شهر نوفمبر صاروخ أوريشنيك الفرط صوتي متوسط المدى ضد مدينة دنيبرو الأوكرانية، في تصعيد كبير للحرب المستمرّة منذ حوالى ثلاث سنوات، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "تطور جديد يثير القلق. 

ويمكن لصاروخ "أوريشنيك" البالستي المتوسط المدى (يصل إلى 5500 كيلومتر)، حمل رؤوس نووية، والتحليق بسرعة 10 ماخ أي ثلاثة كيلومترات في الثانية، وفق موسكو. 

وقالت روسيا إنها نفذت هذه الضربة ردا على ضربتين شنتهما أوكرانيا على الأراضي الروسية بصواريخ ATACMS الأميركية وصواريخ ستورم شادو البريطانية، وهي أسلحة يبلغ مداها نحو 300 كيلومتر.

وقلّل مسؤول أميركي في إحاطة غير مصورة، من احتمال أن يغير الصاروخ مسار الحرب، "خصوصا أن روسيا تمتلك على الأرجح عددًا محدودًا جدًا من هذه الصواريخ التجريبية، وأن أوكرانيا تمكنت من الصمود في وجه هجمات روسية متعددة، بما في ذلك هجمات بصواريخ ذات رؤوس حربية أكبر بكثير من هذا الصاروخ".

روسيا تجري تدريبات على صواريخ "أسرع من الصوت".. رويترز
مناورات في المتوسط.. روسيا تتدرب على صواريخ "أسرع من الصوت"
مئات الأفراد وعشرات الطائرات والسفن وصواريخ أسرع من الصوت. عناوين ضخمة احتلت وكالات الأبناء الروسية للإعلان عن تدريبات مشتركة للبحرية والقوات الجوية الفضائية في شرق البحر المتوسط بالتزامن مع العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.

أمين عام حلف الناتو، مارك روته، قال من جهته إن الرئيس الروسي "بوتين يصعّد من خطابه وأفعاله المتهورة، ويستخدم أوكرانيا أرضَ اختبارٍ للصواريخ التجريبية، كما ينشر جنودًا من كوريا الشمالية في هذه الحرب غير القانونية".

وأعلن روته أن الحلف "بصدد إنشاء مقر قيادة جديد للناتو في لشبونة لتنسيق المساعدات الأمنية والتدريب لأوكرانيا.

وتخشى أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون أن يضعف الدعم الأميركي لها فيما تواجه قواتها صعوبات على الجبهة، أو أن يفرض عليها اتفاق يتضمن تنازلها عن مناطق لروسيا.

سخونة الحرب التي تحدث عنها لافروف هي الإرث الذي ستحمله إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بدءا من العشرين من شهر يناير المقبل.

وانتقد ترامب مرارا حجم الدعم الأميركي لأوكرانيا وتعهد بإنهاء الحرب بسرعة دون أن يذكر كيف.

وتم تفسير ذلك على أنه يزيد من احتمال بدء محادثات سلام، التي لم تُعقد منذ الأشهر الأولى بعد الغزو الروسي الشامل في أوكرانيا في فبراير 2022.