تساؤلات عن مستقبل أوكرانيا في ظل المكاسب التي تحققها القوات الروسية على الجبهة الشرقية
تساؤلات عن مستقبل أوكرانيا في ظل المكاسب التي تحققها القوات الروسية على الجبهة الشرقية

طالما أكد المسؤولون الأوكرانيون أنهم لن يتنازلوا عن الأراضي التي احتلتها روسيا في أي تسوية سلمية، لكن فوز الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في انتخابات الرئاسة 2024، ربما يدفع كييف لتغيير موقفها.

ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في اليوم الأول لولايته الرئاسية الثانية.

وفي ظل تراجع القوات الأوكرانية بشكل مطرد في الشرق، تشير تقارير إلى أن أوكرانيا باتت مستعدة للدخول في مفاوضات مع روسيا بدفع من ترامب، لكنها تولي مسألة الحصول على ضمانات أمنية كشرط لوقف الحرب أهمية أكبر من استعادة الأراضي المحتلة.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأربعاء عن مسؤولين أوكرانيين كبار بأن الدفاع عن مصالح أوكرانيا في المفاوضات المحتملة لن يعتمد على الحدود الإقليمية، التي من المرجح أن يحددها القتال، بقدر ما يعتمد على الضمانات التي تضمن استمرار وقف إطلاق النار.

ويقول عضو مجلس القوميات في الإدارة الحكومية الأوكرانية، عماد أبو الرب لموقع "الحرة" إن "أوكرانيا تطلب من الوسطاء عدم طرح أي مبادرة دون موافقتها المسبقة، وأنها تدرس الخيارات المتاحة مع الولايات المتحدة والناتو للوصول إلى صيغة مرنة ولكن مقبولة في البنود"، رغم أن مفهوم "المرونة" لم يُفصح عنه بعد بشكل واضح من قبل الرئاسة، بحسب أبو الرب.

 لكن أبو الرب يضيف بأن التصريحات الرسمية للرئيس الأوكراني، ووزير الخارجية، ورئيس مكتب الرئاسة، تؤكد أن أوكرانيا منفتحة على أي مبادرة لتحقيق السلام، شرط ألا تكون دعوة للاستسلام أو التفريط في الأراضي الأوكرانية.

مواقع السيطرة العسكرية في أوكرانيا

وبشأن الضمانات التي تريدها أوكرانيا، أوضح أبو الرب أن كييف تطالب شركاءها بتقديم التزامات دولية حقيقية لدعم أي قرار يتضمن وقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاقية سلام مع روسيا.

وقال لموقع "الحرة" إن بلاده تعتبر الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) يمثل الضمان الأفضل، أو على الأقل تزويدها بصواريخ بعيدة المدى للرد على الهجمات الروسية من المواقع العسكرية حتى لو كانت على الأراضي الأوكرانية.

وأضاف أنه "رغم أن هذا الطلب يواجه رفضا عاما، هناك بعض الأصوات داخل الناتو تدعم حق أوكرانيا في الرد".

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لحلف الناتو، الأربعاء، أن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ستواصل تعزيز دعمها لأوكرانيا في الأشهر القليلة التي تسبق بدء رئاسة ترامب، بالإضافة إلى أنها ستحاول تعزيز التحالف العسكري حتى ذلك الحين.

وقال ترامب، الذي أثار تساؤلات حيال استمرار الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، إنه سينهي حرب روسيا سريعا دون أن يوضح كيفية ذلك، مما أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة من أنه قد يحاول إجبار كييف على قبول السلام بشروط موسكو.

ومن المقرر أن تنتهي ولاية بايدن يوم 20 يناير 2025.

ورأى أبو الرب أن المشهد السياسي يصعب توقعه بوجود مواقف غامضة من الدول الكبرى الداعمة لأوكرانيا، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الناتو.

ويعتقد أن فوز ترامب قد يدفع نحو تحرك جديد للتوصل إلى توافق بين هذه الدول، وربما يعرض مبادرة سلام جديدة تحت رعاية الولايات المتحدة التي قد تستخدم أسلوب "العصا والجزرة" للضغط على روسيا وأوكرانيا.

ومن المتوقع أن تتضح الصورة بشكل أكبر مع بداية العام الجديد، مع الأمل في الوصول إلى تسوية سلمية دائمة وعادلة، بحسب أبو الرب. 

الهجمات والمعارك مستمرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 - رويترز
الهجمات والمعارك مستمرة في أوكرانيا منذ فبراير 2022 - رويترز

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده أرادت بإطلاقها صاروخ فرط صوتي على أوكرانيا أن يدرك الغرب أنها مستعدة لاستخدام أي وسيلة لإحباط أي محاولة تهدف لإلحاق "هزيمة استراتيجية" بها.

وقال لافروف، في مقابلة مع الصحفي تاكر كارلسون الخميس، إن "على الولايات المتحدة وحلفاءها الذين يقدمون أيضا هذه الأسلحة طويلة المدى لنظام أوكرانيا -- أن يدركوا أننا على استعداد لاستخدام أي وسيلة تحول دون نجاحهم فيما يصفوه (بإلحاق) هزيمة استراتيجية بروسيا".

وأضاف لافروف أنه "لخطأ كبير للغاية" أن يفترض أي شخص في الغرب أن روسيا ليس لديها خطوط حمراء.

وتأتي هذه التصريحات قبل أقل من شهرين من تنصيب ترامب، في حين تقول إدارة الرئيس، جو بايدن، إنها تريد "ضمان أن تكون لدى أوكرانيا القدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي". 

وتابع لافروف "نود أن تكون لدينا علاقات طبيعية مع جميع جيراننا في شكل عام، مع كل البلدان، وبخاصة مع دولة كبيرة مثل الولايات المتحدة"، مضيفا "لا نرى سببا يمنع روسيا والولايات المتحدة من التعاون من أجل مصلحة العالم". 

وكان لافروف قد حذر في كلمته خلال الاجتماع من أن ما وصفها بالحرب الباردة الجديدة يمكن أن تدخل "مرحلة ساخنة".

وأثار استخدام روسيا نهاية شهر نوفمبر صاروخ أوريشنيك الفرط صوتي متوسط المدى ضد مدينة دنيبرو الأوكرانية، في تصعيد كبير للحرب المستمرّة منذ حوالى ثلاث سنوات، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "تطور جديد يثير القلق. 

ويمكن لصاروخ "أوريشنيك" البالستي المتوسط المدى (يصل إلى 5500 كيلومتر)، حمل رؤوس نووية، والتحليق بسرعة 10 ماخ أي ثلاثة كيلومترات في الثانية، وفق موسكو. 

وقالت روسيا إنها نفذت هذه الضربة ردا على ضربتين شنتهما أوكرانيا على الأراضي الروسية بصواريخ ATACMS الأميركية وصواريخ ستورم شادو البريطانية، وهي أسلحة يبلغ مداها نحو 300 كيلومتر.

وقلّل مسؤول أميركي في إحاطة غير مصورة، من احتمال أن يغير الصاروخ مسار الحرب، "خصوصا أن روسيا تمتلك على الأرجح عددًا محدودًا جدًا من هذه الصواريخ التجريبية، وأن أوكرانيا تمكنت من الصمود في وجه هجمات روسية متعددة، بما في ذلك هجمات بصواريخ ذات رؤوس حربية أكبر بكثير من هذا الصاروخ".

روسيا تجري تدريبات على صواريخ "أسرع من الصوت".. رويترز
مناورات في المتوسط.. روسيا تتدرب على صواريخ "أسرع من الصوت"
مئات الأفراد وعشرات الطائرات والسفن وصواريخ أسرع من الصوت. عناوين ضخمة احتلت وكالات الأبناء الروسية للإعلان عن تدريبات مشتركة للبحرية والقوات الجوية الفضائية في شرق البحر المتوسط بالتزامن مع العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.

أمين عام حلف الناتو، مارك روته، قال من جهته إن الرئيس الروسي "بوتين يصعّد من خطابه وأفعاله المتهورة، ويستخدم أوكرانيا أرضَ اختبارٍ للصواريخ التجريبية، كما ينشر جنودًا من كوريا الشمالية في هذه الحرب غير القانونية".

وأعلن روته أن الحلف "بصدد إنشاء مقر قيادة جديد للناتو في لشبونة لتنسيق المساعدات الأمنية والتدريب لأوكرانيا.

وتخشى أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون أن يضعف الدعم الأميركي لها فيما تواجه قواتها صعوبات على الجبهة، أو أن يفرض عليها اتفاق يتضمن تنازلها عن مناطق لروسيا.

سخونة الحرب التي تحدث عنها لافروف هي الإرث الذي ستحمله إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بدءا من العشرين من شهر يناير المقبل.

وانتقد ترامب مرارا حجم الدعم الأميركي لأوكرانيا وتعهد بإنهاء الحرب بسرعة دون أن يذكر كيف.

وتم تفسير ذلك على أنه يزيد من احتمال بدء محادثات سلام، التي لم تُعقد منذ الأشهر الأولى بعد الغزو الروسي الشامل في أوكرانيا في فبراير 2022.