يمكن للصاروخ الروسي الجديد بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر (AFP)
يمكن للصاروخ الروسي الجديد بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر (AFP)

بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، يدخل الصراع في مرحلة جديدة مع إعلان موسكو استخدام صاروخ جديد فرط صوتي للمرة الأولى خلال الحرب، ما ينذر بمزيد من التصعيد، وفقا لمراقبين.

والخميس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قواته ضربت أوكرانيا مستخدمة صاروخا بالستيا جديدا فرط صوتي متوسط المدى يعرف باسم "أوريشنيك"، يمكنه بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر.

وقال الكرملين إنه "على ثقة" أن الولايات المتحدة "فهمت" رسالة بوتين بعدما أطلقت موسكو صاروخا على أوكرانيا قادرا على حمل رأس نووية. 

وأوضح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين غداة الضربة الصاروخية "نحن على ثقة بأن الإدارة الحالية في واشنطن كان لها فرصة إدراك الإعلان وفهمه"، مشددا أن الرسالة "كانت شاملة وواضحة ومنطقية".

والجمعة، أمر بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الجديد ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية "بحسب تطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا".

جاءت الخطوة الروسية التصعيدية، بعد نحو ثلاثة أيام من منح الولايات المتحدة الضوء الأخضر لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى ضد أهداف داخل روسيا.

وسعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا. في البداية، كانت المساعدات تقتصر على الأسلحة الصغيرة والمتوسطة، ولكن مع تطور الحرب، بدأت الدول الغربية في تقديم أسلحة أكثر تعقيدا.

هذا التحول في الدعم أزعج موسكو وأدى إلى تهديدات متكررة بالتصعيد النووي، لكنها لم تصل لهذا الحد حتى الآن.

ويعتقدمساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لاري كورب في تصريحات لموقع "الحرة" أن على الدول الغربية أن تكون مستعدة لزيادة مساعداتها لأوكرانيا ومنحها مزيدا من القدرات في حال قررت موسكو رفع سقف التصعيد.

ويرى كورب أن الخطوة المقبلة ربما ستشهد قيام دول أخرى غير الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا وتسمح لهم باستخدام الأسلحة في عمق روسيا.

بالتزامن، هناك متغير لا يمكن إغفاله يتعلق بفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، والذي كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

ويرى الخبير العسكري محمد عبد الواحد أن لدى الولايات المتحدة "خيارات كثيرة جدا" لمواجهة التصعيد الروسي.

ويقول عبد الواحد لموقع "الحرة" إن واشنطن "يمكنها ببساطة أن تتخذ خطوات تصعيدية أكبر في الفترة المقبلة".

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا في عام 2022، قدمت الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس جو بايدن دعما عسكريا واقتصاديا كبيرا لأوكرانيا، شمل الأسلحة المتطورة، مثل صواريخ "هيمارس" والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى الدعم المالي المقدر بمليارات الدولارات.

بالمقابل من المعروف أن ترامب يتبنى سياسة أكثر تحفظا في ما يتعلق بالتدخل الأميركي المباشر في النزاعات الخارجية، وعُرف بتوجهه نحو سياسة "أميركا أولًا" وتركيزه على تقليص مشاركة الولايات المتحدة في حروب خارجية.

ومن المرجح أن يتبنى ترامب سياسة أقل حماسة لدعم أوكرانيا مقارنةً بإدارة بايدن.

وأعرب ترامب مرارا استعداده للضغط على الدول الأوروبية لتحمل جزء أكبر من العبء المالي في دعم أوكرانيا، مما يعني تقليص المساعدات العسكرية والمالية الأميركية إلى أوكرانيا.

ويبين عبد الواحد أن "ما يجري حاليا هو محاولة من طرفي الصراع للحصول على مكاسب أكبر قبل مجيء ترامب".

ويلفت عبد الواحد إلى أنه "مع ذلك يمكن أن يصل الصراع لمراحل خطرة، وفقا لما ستسفر عنه تحركات الولايات المتحدة والناتو ضد روسيا".

ويشير إلى أن "الضغط الزائد على روسيا قد يؤدي لعواقب وخيمة ويمكن أن تؤدي لتصعيد كبير".

بالمقابل يعتقد لاري كورب أن بوتين سيعمد لاتخاذ خطوات تصعيدية حذرة انتظارا لما سيقوم به ترامب.

ويضيف كورب أن الروس "سينتظرون ويرون إذا ما غيّر ترامب رأيه وتصرف مثل بايدن، حينها أعتقد أنهم سيصبحون أكثر عدوانية". 

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.