الزعيم الكوري الشمالي خلال زيارته لأحد مواقع إنتاج الأسلحة (أرشيف)
الزعيم الكوري الشمالي خلال زيارته لأحد مواقع إنتاج الأسلحة (أرشيف) | Source: VIA REUTERS

أظهرت صور أقمار اصطناعية حديثة، أن كوريا الشمالية زادت من وتيرة إرسال شحنات الذخيرة إلى روسيا، بالإضافة إلى تكثيف بيونغ يانغ إنتاج الأسلحة داخل حدودها، لتلبية احتياجات موسكو العسكرية المتزايدة، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

في مقابل ذلك، تحصل كوريا الشمالية على موارد مالية ونفطية حيوية من روسيا، مما يثير مخاوف لدى المسؤولين الغربيين من إمكانية طلب بيونغ يانغ مساعدة نووية حساسة أو دعم عسكري إضافي في حال نشوب صراع في شبه الجزيرة الكورية.

وزودت كوريا الشمالية حليفها الروسي بأكثر من 5 ملايين قذيفة مدفعية وصواريخ متعددة الطرازات، وفقًا للمسؤولين الأوكرانيين، مما ساعد موسكو على التغلب على نقص الذخيرة الذي نتج عن القتال المستمر منذ ما يقرب من 3 سنوات. 

كما أن صواريخ بيونغ يانغ أصبحت تشكل "نحو ثلث" عمليات الإطلاق الباليستية الروسية في أوكرانيا هذا العام.

وإلى جانب الإمدادات العسكرية، أفادت تقارير بأن حوالي 12ألف جندي كوري شمالي انضموا للقتال إلى جانب القوات الروسية، حيث قُتل أكثر من 100 منهم، وأصيب نحو 1000 آخرين في اشتباكات مع الوحدات الأوكرانية.

ويعمل نحو 200 مصنع للأسلحة في كوريا الشمالية بكامل طاقتها لتلبية الطلب الروسي المتزايد، وفق الصحيفة.

ومن بين الأسلحة المقدمة، صواريخ "Hwasong-11" الحديثة، وقاذفات صواريخ متعددة تصلح للاستخدام التكتيكي، حيث أُضيفت إليها أنظمة توجيه وتحكم جديدة بدعم تقني روسي.

ووفقًا لتقارير استخباراتية، يعمل الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، على تعزيز إنتاج الصواريخ التكتيكية بشكل موسع.

وفي بداية ديسمبر، دخلت اتفاقية الدفاع الموقعة بين كوريا الشمالية وروسيا في يونيو الماضي حيز التنفيذ، حسب وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية.

كوريا الشمالية أرسلت قوات إلى روسيا
"بيان دولي" ضد تدخل كوريا الشمالية في أوكرانيا
وأشار البيان الموقّع من وزراء خارجية أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى "القلق العميق" من "أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا إلى برنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية، بما في ذلك أسلحة دمار شامل".

وتكرس الاتفاقية التقارب بين موسكو وبيونغ يانغ على خلفية الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا.

ويلزم هذا الاتفاق الدولتين على تقديم مساعدة عسكرية "دون تأخير" في حال وقوع هجوم على الدولة الأخرى والتعاون دوليا للتصدي للعقوبات الغربية.

وكان ديفيد سيدني، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون آسيا والمحيط الهادئ، وهو باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، قد قال في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، إن الاتفاق بين موسكو وبيونغ يانغ ستكون له "تبعات خطيرة" ليس فقط على أوكرانيا، بل وحتى على دول المنطقة في آسيا وأوروبا.

وأوضح أن إرسال قوات كورية شمالية "تطور جديد يتطلب من كل هذه الدول سيما اليابان وكوريا الجنوبية، أن تتخذ خطوات لحماية مصالحها".

وأضاف: " لا نعرف حتى الآن موقف الصين من هذه الخطوة، لكننا نعرف أنها لم تكن سعيدة، حسب تصريح للرئيس الصيني على هامش أعمال قمة بركس التي انعقدت في موسكو، حيث حذر الزعيم الصيني من دخول أطراف ثالثة في الحرب في أوكرانيا" على حد تعبيره.

المسؤول الأميركي أشار إلى أن حتى بقية أعضاء دول بركس طالبوا بإحلال السلام في المنطقة وإنهاء الحرب، وبالتالي فإن روسيا "لم تحقق الكثير من الدعم من قبل حلفاءها بل حصلت على تحذير من الصين"، موضحا أن تطورات متلاحقة ستشهدها المنطقة في المستقبل، متوقعا أن ترسل واشنطن المزيد من المساعدات العسكرية لكييف للرد على التدخل الكوري الشمالي، على حد قوله.

جنود كوريون شماليون في تدريب عسكري - أرشيف
جنود كوريون شماليون في تدريب عسكري - أرشيف

قُتل نحو 300 جندي كوري شمالي من بين آلاف الجنود الذين أرسلتهم بيونغ يانغ لمساعدة روسيا في حربها على أوكرانيا، حسبما أفاد به نائب كوري جنوبي الاثنين نقلا عن معلومات من جهاز الاستخبارات في سيول.

واتهمت أوكرانيا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بيونغ يانغ بإرسال أكثر من عشرة آلاف جندي للقتال إلى جانب القوات الروسية.

وقال النائب لي سيونغ-كوين للصحافيين بعد إحاطة من وكالة الاستخبارات إن "التقديرات تشير إلى أن عدد الضحايا في صفوف القوات الكورية الشمالية تجاوز 3 آلاف، بينهم نحو 300 قتيل و2700 جريح".

وفي ديسمبر، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن نحو 3000 جندي كوري شمالي "قُتلوا أو جُرحوا" حتى الآن مع انضمامهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، في حين قدر جهاز الاستخبارات الكوري الجنوبي عددهم بحوالي الألف.

رسائل انتحار

لكن اللافت في المعلومات التي كشفها النائب الكوري الجنوبي هو أن "ملاحظات عثر عليها بحوزة جنود قتلى تشير إلى أن السلطات الكورية الشمالية مارست ضغوطا عليهم للانتحار"، عبر أمرهم بـ"تفجير أنفسهم قبل وقوعهم في الأسر".

والاثنين أيضا، أعلنت القوات الخاصة الأوكرانية عبر تلغرام أنها "أردت 17 جنديا كوريا شماليا" وأن جنديا آخرا "فجر نفسه بقنبلة يدوية" خلال "هجوم".

كوريا الشمالية أرسلت قوات إلى روسيا
"بيان دولي" ضد تدخل كوريا الشمالية في أوكرانيا
وأشار البيان الموقّع من وزراء خارجية أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى "القلق العميق" من "أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا إلى برنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية، بما في ذلك أسلحة دمار شامل".

وأشار النائب لي سيونغ-كوين إلى أن الملاحظات التي تم العثور عليها بحوزة الجنود القتلى تكشف أن كوريا الشمالية كانت تستغل "آمال الجنود في الانضمام إلى حزب العمال (الحاكم) أو الاستفادة من عفو" لإرسالهم إلى ساحة القتال، مرجحا أن بعضهم كانوا سجناء.

اعترافات الأسرى

وكان زيلينسكي أعلن السبت أسر جنديين كوريين شماليين في منطقة كورسك الروسية واستجوابهما في كييف.

وأعلنت كييف أن الأسيرين أصيبا في منطقة كورسك الروسية حيث تحتلّ القوات الأوكرانية منذ آب/أغسطس 2024 مئات الكيلومترات المربعة.

وقال الرئيس الأوكراني عبر منصة إكس "أوكرانيا مستعدة لتسليم الجنديين إلى كيم جونغ أون إذا تمكن من تنظيم تبادلهما مع محاربينا الأسرى في روسيا".

وتابع زيلينسكي "بالنسبة للجنود الكوريين الشماليين الذين لا يرغبون في العودة (إلى بلدهم)، قد تكون هناك خيارات أخرى متاحة".

وقال إن الجنود الكوريين الشماليين الذين يريدون "تحقيق السلام من خلال نشر الحقيقة حول هذه الحرب في كوريا سيمنحون هذه الفرصة".

ورفض الكرملين الإثنين التعليق على هذا التصريح.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين "نحن لا يمكننا التعليق على ذلك البتة".

ونشرت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية مقطع فيديو لاستجواب الأسيرَين المفترضين من كوريا الشمالية، أحدهما ممدد على سرير بطابقين والآخر جالس في سرير مع ضمادة حول فكه.

وقالت الاستخبارات الكورية الجنوبية إن أحد الجنديين الأسيرين كشف أثناء الاستجواب أنه تلقى تدريبا عسكريا على يد القوات الروسية بعد وصوله في نوفمبر.

وأضافت "ظن في البداية أنه أرسِل للتدريب، ثم أدرك عند وصوله إلى روسيا أنه أرسِل" إلى الجبهة.

عززت كوريا الشمالية وروسيا علاقاتهما العسكرية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

ويربط الدولتين اتفاق دفاعي أبرم في يونيو 2024 ودخل حيّز التنفيذ في ديسمبر.

بحث عن مخرج

تشكّل المشاركة المفترضة لجيش أجنبي تصعيدا كبيرا في الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أمر الرئيس فلاديمير بوتين بشنّه قبل حوالي ثلاث سنوات ويدخل مرحلة حرجة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.

وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء النزاع في أوكرانيا "خلال 24 ساعة" دون أن يكشف تفاصيل عن خطته.

وقال ترامب الخميس إنه يحضر للقاء مع بوتين لـ"إنهاء" النزاع.

وقال النائب الكوري الجنوبي إن ترامب "يمكن أن يدفع من أجل الحوار (...) مرة أخرى" مع كوريا الشمالية، بعد أن التقى بالزعيم كيم جونغ أون في عام 2018 خلال ولايته الأولى.

ولم تؤكّد موسكو ولا بيونغ يانغ مشاركة جنود كوريين شماليين في القتال إلى جانب الجنود الروس.

ورجحت كوريا الجنوبية أن روسيا تقدم مقابل نشر الجنود الكوريين الشماليين تكنولوجيا متطورة لبيونغ يانغ التي تسعى إلى تعزيز ترسانتها.