البنتاغون
البنتاغون

أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الخميس، أن المبادرة التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب بتواصله المباشر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا لا تشكل "خيانة" لكييف، خلال لقاء مع الحلفاء الأوروبيين الذين يطالبون بمقعد لهم على طاولة المفاوضات بعدما باغتهم الطرح الأميركي.

وقال ترامب الأربعاء إنه سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في السعودية، وذلك بعد وقت قصير من محادثة هاتفية أجراها الرئيسان واتفقا خلالها على البدء "فورا" بمفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقال بيت هيغسيث من مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل "ليست هناك خيانة"، مضيفا "ثمة اعتراف بأن العالم والولايات المتحدة مهتمان بالسلام، سلام عن طريق التفاوض".

وأعلن الكرملين من جانبه الخميس أنه يرغب في أن يُنظَّم لقاء مباشر بين بوتين وترامب "سريعا"، قائلا إن الرئيسين اتفقا خلال الاتصال على بدء المفاوضات "فورا" بشأن نزاع أوكرانيا، في أول اتصال رئاسي مباشر بين واشنطن وموسكو منذ ثلاث سنوات.

وعلى الجانب الأوكراني، قال وزير الدفاع رستم أوميروف الخميس قبيل اجتماع حلف شمال الأطلسي في بروكسل، إن "الرسالة الآن هي أننا نواصل العمل. نحن أقوياء وقادرون".

أما ألمانيا، ثاني أكبر مساهم في المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد واشنطن، فبدت منزعجة بشدة من الموقف الأميركي المستجد. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الخميس إنه يرفض "سلاما مفروضا" على أوكرانيا، كما انتقد وزير دفاعه بوريس بيستوريوس أسلوب ترامب.

وقال بيستوريوس للصحافيين إنه "من المؤسف" أن يقدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب "تنازلات" لفلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا "حتى قبل أن تبدأ المفاوضات".

من جهتها، أكّدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الخميس أن أي اتفاق بشأن أوكرانيا يتم التوصل إليه من دون إشراك الاتحاد الأوروبي سيفشل، فيما انتقدت مسارعة واشنطن لتقديم تنازلات لموسكو.

وكانت الولايات المتحدة أشارت الأربعاء إلى أن فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو ليست واقعية، وكذلك عودتها إلى حدودها قبل عام 2014، أي مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.

قلق أوروبي

وما يزيد من قلق الأوروبيين، مسارعة المسؤولين الروس إلى إظهار رضاهم عن هذه التطورات، تماما مثل المسؤولين الصينيين.

وقال السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف "أنا متأكد من أن الناس في كييف وبروكسل وباريس ولندن يقرأون برعب التعليق الطويل الذي أدلى به ترامب حول محادثته مع بوتين ولا يستطيعون تصديق أعينهم".

لكنّ تصريحات الرئيس الأميركي أثارت انتقادات أيضا في الولايات المتحدة، بينها ما صدر عن مستشار الأمن القومي السابق خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى جون بولتون الذي كتب عبر منصة إكس "من غير المعقول أن نسمح لروسيا بتقويض سيادة أوكرانيا (...)، ثم خيانة الأوكرانيين بالتنازل عن أراضيهم وعن ضمانات أمنهم أو عضويتهم في حلف شمال الأطلسي. ومن خلال تقديم هذه التنازلات وغيرها قبل بدء المفاوضات، استسلم ترامب فعليا لبوتين".

من جهتها، قالت الصين، الشريك والداعم الموضوعي لروسيا، إنها "سعيدة برؤية" واشنطن وموسكو "تعززان التواصل" بينهما.

وحاول وزير الدفاع الأميركي دحض الشكوك والانتقادات، مؤكدا الخميس أن دونالد ترامب هو "أفضل مفاوض على هذا الكوكب" والوحيد القادر على ضمان سلام "دائم" في أوكرانيا.

لكن هذا المسعى لم يثنِ دولا أوروبية عدة عن التشديد على ضرورة إشراك أوكرانيا في أي مفاوضات، وعلى أن تكون أوروبا حاضرة على طاولة المناقشات المستقبلية.

وحذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته بأن أوكرانيا يجب أن "تشارك بشكل وثيق" في أي مفاوضات سلام وأن أي اتفاق يجب أن يكون "مستداما".

وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي "لا يمكن إجراء مفاوضات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا"، في تصريح ينسجم مع مواقف أدلت بها الخارجية الفرنسية في باريس الأربعاء.

كذلك، قال وزير الدفاع السويدي بال جونسون "من الطبيعي تماما بالنسبة إلينا، كحلفاء أوروبيين، أن نشارك في هذه المناقشات"، مضيفا "قدمنا العام الماضي نحو 60 % من الدعم العسكري لأوكرانيا".

ولكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، أصبح من واجب الأوروبيين توفير الجزء الأكبر من هذا الدعم لأوكرانيا. وسيكون من مسؤوليتهم تنفيذ ضمانات أمنية "قوية" لأوكرانيا، من دون الاعتماد على وجود قوات أميركية على الأراضي الأوكرانية.

وكان لإعلان الإطلاق "الفوري" لمفاوضات السلام بشأن أوكرانيا والخطاب الواضح لوزير الدفاع الأميركي الجديد الذي طالب فيه الأوروبيين بتولي زمام المبادرة، وقع صاعق في مقر الحلف في بروكسل.

وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو إن "هذه لحظة حقيقة كبرى" بالنسبة إلى مستقبل حلف شمال الأطلسي.

وأضاف "يقولون إنه التحالف العسكري الأهم والأكثر قوة في التاريخ. هذا صحيح تاريخيا، لكن السؤال الحقيقي هو: هل سيبقى كذلك بعد 10 أو 15 عاما؟".

ورأى سيباستيان مايار من معهد جاك دولور أن أوروبا يجب أن تتفاعل بسرعة وبقوة مع هذه التطورات.

وكتب على "إكس" إنه "من غير المقبول بالنسبة إلى الأوروبيين أن يُبرَم اتفاق مع بوتين بشأن أوكرانيا من دون أن يكونوا جالسين إلى طاولة المفاوضات، وأن يشتروا الأسلحة مع مواجهة زيادات في التعرفات الجمركية، وأن يضمنوا وحدهم أمن أوكرانيا وإعادة إعمارها، ويتعين عليهم أن يستجمعوا قواهم على الفور!".

محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية
محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية

في خطوة وصفها مراقبون بـ "الاستراتيجية"، تستعد الولايات المتحدة وأوكرانيا لإبرام اتفاقية جديدة تتعلق بالمعادن النادرة والطاقة النووية.

ورغم التحديات العديدة، من أبرزها التعقيدات القانونية والسيطرة الروسية على بعض المنشآت الحيوية مثل محطة زابوريجيا النووية، إلا أن هذه الاتفاقية قد تفتح آفاقًا جديدة لأوكرانيا في إعادة بناء اقتصادها واستعادة قدرتها على إنتاج الطاقة.

هذه الاتفاقية، التي تضم بنودًا مثيرة أبرزها إدارة أميركا محطات الطاقة النووية الأوكرانية، تفتح الباب أمام تساؤلات حول تأثير هذا التعاون على أمن أوكرانيا، وكيف ستساهم هذه الصفقة في دفع جهود السلام مع روسيا.

مايكل كيربي، الدبلوماسي الأميركي السابق، قال لقناة الحرة إن "الشيطان دائماً يكمن في التفاصيل"، مشيرًا إلى أن التعامل مع محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية لن يؤدي إلى نتائج ملموسة في حال لم تتم معالجة جوانب محددة بعناية.

وأضاف أن أوروبا تعتبر المستفيد الرئيسي من هذه المحطة، وأن إعادة تشغيلها سيكون خطوة هامة للغاية.

وأوضح أن شركات أميركية أبدت اهتمامها في تشغيل المحطة سابقًا، ولكن في الوقت الراهن، لا يمكن تشغيلها وفقًا للمعايير الأميركية.

وأوضح كيربي أن إعادة تشغيل محطة زابوريجيا ستكون ذات أهمية كبيرة بالنسبة لأوكرانيا، خاصة لشبكتها الكهربائية، ولكن هذا يتطلب التعاون مع روسيا التي تسيطر حاليًا على المحطة.

كما أشار إلى أنه من الضروري عودة العمال والمشغلين إلى المحطة النووية، الأمر الذي سيعزز الاقتصاد الأوكراني ويساعد في استعادة قدرة الإنتاج للطاقة.

وفيما يتعلق بالمعادن، أكد كيربي أن الاقتصاد المعاصر يعتمد بشكل كبير على المعادن الثقيلة والنادرة، وأن حصول الولايات المتحدة على هذه المعادن يعد هدفًا استراتيجيًا حيويًا لتعزيز صناعة البطاريات وقطاع الطاقة.

لكن في الوقت ذاته، لفت إلى أن القوانين الأوكرانية معقدة إلى حد كبير، ولا تسمح بتسهيل مشاركة هذه الثروات الطبيعية بما يتماشى مع الأهداف الأميركية.

جهود أميركية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. فرص النجاح والعراقيل
يسعى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشكل حثيث نحو إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المدمرة والمستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويقوم باتصالات دورية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، والأوكراني، فولوديمير زيلينكي، للبحث في فرص إحلال السلام.

وقال الرئيس دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستوقِّع اتفاقيةً تتعلق بالمعادن والموارد الطبيعية مع أوكرانيا قريبا، وإن جهوده للتَّوصل إلى اتفاق سلام في الحرب الأوكرانية تسير "بشكل جيد" بعد محادثاته هذا الأسبوع مع الزعيمين الروسي والأوكراني.

هذا ونقلت صحيفة فايننشال تايمز الجمعة عن مسؤولين أوكرانيين أن إدارة الرئيس ترامب تسعى لوضع بنود جديدة فيما يتعلق بوصول الولايات المتحدة إلى المعادن الحيوية وأصولِ الطاقة في أوكرانيا، مما يزيد مطالبها الاقتصادية من كييف، في وقت تدفع فيه من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.

ونقلا عن مسؤولين أوكرانيين، فأن واشنطن تريد من كييف على أحكام مفصلة بشأن من يملك ويدير صندوق استثمار مشترك واحتمال ملكية الولايات المتحدة لأصول اقتصادية أخرى مثل محطات الطاقة النووية.

زيلينسكي: خبراء أوكرانيون سيحضرون محادثات في السعودية
قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن خبراء من بلاده سيحضرون المحادثات القادمة التي ستشارك فيها الولايات المتحدة وروسيا، لكنهم لن يكونوا في نفس القاعة مع روسيا، وذلك في الوقت الذي يجري فيه تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

وتتمتع أوكرانيا بكمية كبيرة من هذه المعادن، وقد كانت محورية في المفاوضات بين الولايات المتحدة وكييف بينما يدفع ترامب نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وتوسطت إدارة ترامب في اتفاق مع أوكرانيا لإعطاء الولايات المتحدة حق الوصول إلى تلك المعادن.

وأكد الرئيس ترامب أن منح الولايات المتحدة مصلحة اقتصادية في هذه المعادن الحيوية سيوفر حافزًا أمنيًا أكبر لحماية كييف من العدوان الروسي.