ترامب في لقاء سابق بالرئيس الروسي بوتين
ترامب وبوتين في لقاء سابق (أرشيفية).

في تطور لافت للأزمة الأوكرانية، تتصاعد الضغوط الأوروبية على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول مفاوضاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

ففي الوقت الذي تدعو فيه واشنطن إلى محادثات فورية لإنهاء الحرب، تعبر أوروبا وكييف عن قلقهما من أن تُعقد هذه المفاوضات دون مشاركة أوكرانيا بشكل كامل، مما يثير تساؤلات بشأن طبيعة أي اتفاق محتمل ومدى استدامته.

وفي هذا السياق، يرى تيمور دويدار، الخبير في الشؤون الدولية والمقيم في موسكو، في حديثه إلى موقع "الحرة"، أن "المفاوضات بين ترامب وبوتين لن تكون سهلة نظرًا لاختلاف طريقة الرجلين في التعامل مع الأزمات والصفقات".

وتابع: "ترامب يسعى إلى حصد النتائج في أسرع وقت ممكن، بينما يفضل الكرملين عملية المراحل المتسلسلة والمتعاقبة خطوة بخطوة حسب تطور الأوضاع، وذلك قبل الوصول إلى حل نهائي ومستدام".

أما الخبير في الشؤون الأوروبية، الأكاديمي والباحث، خليل عزيمة، فأعرب عن اعتقاده عبر حديثه إلى موقع "الحرة" عن عدم وجود أي خطة لدى ترامب لوقف الحرب، مضيفًا: "الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي مع بوتين، رغم وصف الطرفين بأنه كان جيدًا جدًا، إلا أنه كان لإعلان الموافقة على المفاوضات دون أي معلومات إضافية".

وأضاف عزيمة: "إعلان ترامب عن نيته لقاء بوتين هو لبناء نهج جديد في التعامل مع روسيا، ولكن لا يمكن أن نعول كثيرًا على هذا اللقاء بسبب أن ترامب يسعى لتحقيق مصالح الولايات المتحدة أولًا".

أوكرانيا في قلب المفاوضات.. أم خارجها؟

في هذا الصدد، أكد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، أن أوكرانيا يجب أن تكون طرفًا أساسيًا في أي محادثات سلام، مشددًا على أن أي اتفاق يجب أن يكون مستدامًا.

وأردف: "من المهم عندما نتحدث عن أوكرانيا أن تكون أوكرانيا منخرطة بشكل وثيق في كل ما يتعلق بمستقبلها".

أما في ألمانيا، فقد رفض المستشار، أولاف شولتس، الخميس، أي "سلام مفروض" على كييف، مؤكدًا أن الظروف التي قد تقبلها أوكرانيا لا تزال غير واضحة.

وفي نفس السياق، عبّر وزير الدفاع الألماني عن أسفه لما وصفه بـ "التنازلات الأميركية لروسيا حتى قبل بدء المفاوضات".

وعن الضغوط الأوروبية، قال عزيمة: "بالنسبة للأوروبيين فإن الأمر يختلف عن الموقف الأميركي، ولن توافق (أوروبا) أن تكون مستبعدة عن المفاوضات، خاصة أن الحرب تجري على أراضي القارة العجوز وهي تهدد أمنها".

ولفت عزيمة إلى أن "هناك عدم توافق بين رؤية ترامب للحل ورؤية الاتحاد الأوروبي"، مضيفًا: "لقد صدرت تصريحات مختلفة بأن تقوم أوروبا بتعويض الدعم الأميركي لأوكرانيا".

وزاد: "هناك إصرار أوروبي برفض أي حلول لا تأخذ الأمن الأوروبي الكامل، وخاصة دول البلطيق التي تتعرض لتهديدات مباشرة، بعين الاعتبار".

وعلى نفس المنوال، نوه دويدار إلى أن "أي اتفاق نهائي ومستدام لن ير النور بدون مشاركة دول الاتحاد الأوروبي، ولن تكون المشاركة في البدايات، والتي سوف تكون حكرًا بشكل أساسي على التفاوض بين واشنطن وموسكو".

ولفت دويدار إلى أن التفاوض سوف يشمل العديد من الملفات مثل "الأمن الأوروبي الذي اتسع مفهومه ليصبح الأمن الأورو-آسيوي".

ونوه إلى "وجود علاقة احترام كبيرة بين الزعيمين"، متابعًا: "من الأمور التي سوف تساعد على إنجاز أي اتفاقات هو احترام الغرب لمصالح روسيا في دول الاتحاد السوفياتي السابق وعدم محاولة الإضرار بها".

واشنطن تدافع عن موقفها.. لا خيانة لكييف

في مواجهة هذه الانتقادات، نفى وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، أن تكون محادثات ترامب مع بوتين خيانة لأوكرانيا، قائلًا: "ليست هناك خيانة، بل اعتراف بأن العالم، والولايات المتحدة، مهتمان بالسلام عن طريق التفاوض ووقف القتل".

وخلال اجتماع في باريس، شدد وزراء خارجية فرنسا، ألمانيا، بولندا، إيطاليا، إسبانيا، بريطانيا وأوكرانيا على أن أوروبا وكييف يجب أن تكونا جزءًا من أي مفاوضات، مؤكدين في بيان مشترك: "يجب أن تكون أهدافنا وضع أوكرانيا في موقف قوة، وضمان حصولها على ضمانات أمنية قوية".

تصريحات أوروبية قوية

وأكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أنه "لن يكون هناك سلام عادل ومستدام دون مشاركة الأوروبيين"، بينما شددت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، على أنه "لا يمكن اتخاذ أي قرار بشأن أوكرانيا دون أوكرانيا".

في حين صرح وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، بأن "الهجوم الروسي يهدد الأمن الأوروبي مباشرة، لذا لا يمكن اتخاذ قرارات دون أوروبا".

من جانبه، دعا وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، إلى "تعزيز الدعم لأوكرانيا وتوحيد الصف الأوروبي".

ولكن الخبير في الشؤون الأوروبية، توفيق أكليمندوس، يرى في تصريحاته إلى موقع "الحرة" أن "مواقف الدول الأوروبية ليست موحدة بشكل واضح، فثمة دول تؤيد انتهاء الأزمة بأسرع وقت وتميل إلى تحسين العلاقات مع موسكو".

واعتبر أكليمندوس أن انتهاء الأزمة في أوكرانيا يحتاج كذلك إلى تقديم ضمانات أمنية قوية لكييف، مردفًا: "أميركا هي وحدها القادرة على تقديم مثل تلك الضمانات، إذ أن أوروبا لا تزال غير قادرة على فعل ذلك".

ترامب يرسم خطوطه الحمراء

في الأثناء، حدّد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث خلال زيارة إلى بروكسل، الأربعاء، الخطوط الحمر بالنسبة لترامب في ما يتّصل بحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا.

واعتبر هيغسيث أنه من "غير الواقعي" تصوّر عودة أوكرانيا إلى حدودها قبل العام 2014، أي بما في ذلك شبه جزيرة القرم.

كذلك، فإنّ انضمام أوكرانيا إلى التحالف الأطلسي بعد مفاوضات السلام "غير واقعي"، وفق هيغسيث.

وهنا يرى عزيمة أن "ترامب قد يكون قادرًا على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وخاصة بعد التهديدات التي أطلقها قبل الاتصال الهاتفي الأخير مع بوتين، وبالتالي قد يجبر روسيا وأوكرانيا على الجلوس على طاولة المفاوضات".

واستدرك: "لكن سيواجه ترامب تحديات كبيرة في إقناع جميع الأطراف بحل نهائي نظرًا للوضع المعقد للحرب".

محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية
محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية

في خطوة وصفها مراقبون بـ "الاستراتيجية"، تستعد الولايات المتحدة وأوكرانيا لإبرام اتفاقية جديدة تتعلق بالمعادن النادرة والطاقة النووية.

ورغم التحديات العديدة، من أبرزها التعقيدات القانونية والسيطرة الروسية على بعض المنشآت الحيوية مثل محطة زابوريجيا النووية، إلا أن هذه الاتفاقية قد تفتح آفاقًا جديدة لأوكرانيا في إعادة بناء اقتصادها واستعادة قدرتها على إنتاج الطاقة.

هذه الاتفاقية، التي تضم بنودًا مثيرة أبرزها إدارة أميركا محطات الطاقة النووية الأوكرانية، تفتح الباب أمام تساؤلات حول تأثير هذا التعاون على أمن أوكرانيا، وكيف ستساهم هذه الصفقة في دفع جهود السلام مع روسيا.

مايكل كيربي، الدبلوماسي الأميركي السابق، قال لقناة الحرة إن "الشيطان دائماً يكمن في التفاصيل"، مشيرًا إلى أن التعامل مع محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية لن يؤدي إلى نتائج ملموسة في حال لم تتم معالجة جوانب محددة بعناية.

وأضاف أن أوروبا تعتبر المستفيد الرئيسي من هذه المحطة، وأن إعادة تشغيلها سيكون خطوة هامة للغاية.

وأوضح أن شركات أميركية أبدت اهتمامها في تشغيل المحطة سابقًا، ولكن في الوقت الراهن، لا يمكن تشغيلها وفقًا للمعايير الأميركية.

وأوضح كيربي أن إعادة تشغيل محطة زابوريجيا ستكون ذات أهمية كبيرة بالنسبة لأوكرانيا، خاصة لشبكتها الكهربائية، ولكن هذا يتطلب التعاون مع روسيا التي تسيطر حاليًا على المحطة.

كما أشار إلى أنه من الضروري عودة العمال والمشغلين إلى المحطة النووية، الأمر الذي سيعزز الاقتصاد الأوكراني ويساعد في استعادة قدرة الإنتاج للطاقة.

وفيما يتعلق بالمعادن، أكد كيربي أن الاقتصاد المعاصر يعتمد بشكل كبير على المعادن الثقيلة والنادرة، وأن حصول الولايات المتحدة على هذه المعادن يعد هدفًا استراتيجيًا حيويًا لتعزيز صناعة البطاريات وقطاع الطاقة.

لكن في الوقت ذاته، لفت إلى أن القوانين الأوكرانية معقدة إلى حد كبير، ولا تسمح بتسهيل مشاركة هذه الثروات الطبيعية بما يتماشى مع الأهداف الأميركية.

جهود أميركية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. فرص النجاح والعراقيل
يسعى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشكل حثيث نحو إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المدمرة والمستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويقوم باتصالات دورية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، والأوكراني، فولوديمير زيلينكي، للبحث في فرص إحلال السلام.

وقال الرئيس دونالد ترامب إن الولايات المتحدة ستوقِّع اتفاقيةً تتعلق بالمعادن والموارد الطبيعية مع أوكرانيا قريبا، وإن جهوده للتَّوصل إلى اتفاق سلام في الحرب الأوكرانية تسير "بشكل جيد" بعد محادثاته هذا الأسبوع مع الزعيمين الروسي والأوكراني.

هذا ونقلت صحيفة فايننشال تايمز الجمعة عن مسؤولين أوكرانيين أن إدارة الرئيس ترامب تسعى لوضع بنود جديدة فيما يتعلق بوصول الولايات المتحدة إلى المعادن الحيوية وأصولِ الطاقة في أوكرانيا، مما يزيد مطالبها الاقتصادية من كييف، في وقت تدفع فيه من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.

ونقلا عن مسؤولين أوكرانيين، فأن واشنطن تريد من كييف على أحكام مفصلة بشأن من يملك ويدير صندوق استثمار مشترك واحتمال ملكية الولايات المتحدة لأصول اقتصادية أخرى مثل محطات الطاقة النووية.

زيلينسكي: خبراء أوكرانيون سيحضرون محادثات في السعودية
قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن خبراء من بلاده سيحضرون المحادثات القادمة التي ستشارك فيها الولايات المتحدة وروسيا، لكنهم لن يكونوا في نفس القاعة مع روسيا، وذلك في الوقت الذي يجري فيه تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

وتتمتع أوكرانيا بكمية كبيرة من هذه المعادن، وقد كانت محورية في المفاوضات بين الولايات المتحدة وكييف بينما يدفع ترامب نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وتوسطت إدارة ترامب في اتفاق مع أوكرانيا لإعطاء الولايات المتحدة حق الوصول إلى تلك المعادن.

وأكد الرئيس ترامب أن منح الولايات المتحدة مصلحة اقتصادية في هذه المعادن الحيوية سيوفر حافزًا أمنيًا أكبر لحماية كييف من العدوان الروسي.