A Port Authority Transit Corporation (PATCO) train travels across the Benjamin Franklin Bridge in Philadelphia, Monday, Sept…
مشهد لمنطقة جسر بنيامين فرانكلين في فيلادلفيا

تعد ولاية بنسلفانيا بمثابة مفتاح الفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية، إذ يعتقد الجمهوريون والديمقراطيون أن الرئيس المقبل هو من سيفوز بأصوات هذه الولاية. وهذا يطرح السؤال الأبرز: ماذا يريد ناخبو هذه الولاية المتأرجحة من الرئيس؟

أهمية بنسلفانيا

على مدى أكثر من قرنين، أُطلق على ولاية بنسلفانيا لقب "حجر الزاوية في الاتحاد الفيدرالي"، مما يعكس مكانتها المحورية في السياسة الأميركية. 

وفي احتفال بفوز الرئيس، توماس جيفرسون، في انتخابات 1802، أكد المتحدثون على أهمية الولاية، التي كانت ولا تزال تحتل مكانة مركزية في الحملات الانتخابية الأميركية.

ومنذ الأيام الأولى لتأسيس الولايات المتحدة، كانت بنسلفانيا في قلب الأحداث السياسية، مستضيفة المؤتمر القاري في فيلادلفيا في سبعينيات القرن الثامن عشر، وآخر ولاية تصادق بالإجماع على إعلان الاستقلال في يوليو 1776.

ولم تكن بنسلفانيا دائما ولاية متأرجحة، لكنها كانت دائما مؤثرة في الانتخابات الرئاسية. ودعمت الولاية المرشحين الجمهوريين بشكل ثابت من عام 1860 حتى 1932. 

ترامب أصيب فيما يشتبه أنه إطلاق للنار في تجمع انتخابي ببنسلفانيا

ومع ذلك، بدأت بنسلفانيا في الأربعينيات من القرن الماضي، في التحول نحو دعم الديمقراطيين. 

وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، استعاد الجمهوريون الأمل في الفوز بأصوات بنسلفانيا، وأصبحت الولاية واحدة من الولايات المتأرجحة الرئيسية التي تعتمد عليها الحملات الانتخابية لتحقيق الفوز بإدارة البيت الأبيض.

وتعكس بنسلفانيا اليوم التوازن بين التنمية الاقتصادية والسياسة البيئية. وأثارت سياسات الرئيس جو بايدن، المتعلقة بحظر تصدير الغاز الطبيعي المسال، انتقادات واسعة من العاملين في قطاع الطاقة، الذين يرون في هذه السياسات تهديدا لوظائفهم واستثماراتهم في الولاية. 

ورغم أن بايدن يسعى لتحقيق التوازن بين حماية البيئة والحفاظ على الوظائف، إلا أن هذا التوازن يظل مصدر جدل كبير بين الناخبين في الولاية.

وتتميز بنسلفانيا بتنوع سياسي كبير. فالناخبون في فيلادلفيا يميلون إلى الليبرالية، بينما يميل سكان المناطق الريفية إلى الاتجاهات المحافظة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. 

في المقابل، تشهد بعض المناطق الرئيسية انقساما في الآراء السياسية، مما يجعلها مناطق متأرجحة حقيقية داخل الولاية المتأرجحة أساسا.

لكن رغم كل ذلك، هناك ملف حاسم وحساس بالنسبة لغالبية الناخبين في ولاية بنسلفانيا. ويعتقد خبراء ومسؤولون سياسيون أنه الأهم لفوز أي مرشح بأصوات الولاية، وبالتالي الفوز برئاسة أميركا.

حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو بجانبه الرئيس الأميركي حيث يركز الجمهوريون على هذه الولاية في انتخابات الرئاسة المقبلة خاصة بعد انسحاب بايدن من السباق ودعمه هاريس

الملف الحاسم

عند الحديث عن ولاية بنسلفانيا في مواسم الانتخابات الأميركية، فإن ملف الطاقة، خاصة الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي والفحم، يقفز إلى أعلى سلم الأولويات، وعلى المرشح الرئاسي أن يقدم برنامجا مقنعا يساهم في الحفاظ على هذه الصناعة المزدهرة، والتي يعتمد عليها السكان هناك.

لكن هذا التحدي يصطدم مع التوجهات العامة للعالم، والولايات المتحدة بشكل خاص، وهو تبني سياسات صديقة للبيئة تخفف من الاعتماد على الغاز الطبيعي والوقود الأحفوري.

ومع استمرار النقاش حول مستقبل الطاقة في بنسلفانيا، يبقى السؤال الرئيسي هو كيفية تحقيق التحول نحو الطاقة النظيفة من دون الإضرار بالاقتصاد المحلي. وفي هذه الولاية الحيوية، قد تكون هذه القضية هي العامل الحاسم في نتائج الانتخابات المقبلة.

وأصبحت سياسات إدارة الرئيس الأميركي بشأن حظر صادرات الغاز الطبيعي مثيرة للجدل في ولاية بنسلفانيا. وبعد انسحاب، جو بايدن، من السباق الرئاسي، ودعمه ترشيح نائبته كمالا هاريس، فإن سياساتها ومواقفها بشأن ملف الطاقة سيكون الحكم بينها وبين الناخبين في هذه الولاية المتأرجحة. 

وقد حث حاكم الولاية جوش شابيرو، وهو حليف قوي لبايدن، الرئيس على إعادة النظر في هذه السياسة التي وصفها بـ"البالغة الأهمية" لمستقبل الولاية الاقتصادي. والأهم أنها قد تؤثر على حظوظ الديمقراطيين.

وألغى بايدن خط أنابيب النفط Keystone XL، وهو القرار الذي تقول الشركات المحلية إنه أدى إلى خفض الطلب على خدماتها. 

وأمر بايدن هذا العام بإيقاف التصاريح الجديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، مما قد يحرم شركات الحفر من أسواق جديدة.

ويأتي هذا الجدل في وقت يسعى فيه الجمهوريون لاستغلال سياسات بايدن المناخية لتصويرها على أنها ضارة بالاقتصاد ومعادية للناخبين في ولاية بنسلفانيا.

يركز ترامب في حملته على ملفات الاقتصاد ووعد بحماية صناعة الوقود الأحفوري

وبينما تستعد بنسلفانيا للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024، فإن الديمقراطيين قد يواجهون صعوبة في إقناع الناخبين ببرامجهم، فقد سعى بايدن منذ توليه الرئاسة إلى اتباع سياسة توازن بين كسب دعم العمال في ولايات مثل بنسلفانيا، والحفاظ على دعم الديمقراطيين التقدميين الذين يدعمون جهوده لجعل الاقتصاد الأميركي صديقا للبيئة. 

ومع ذلك، أكد شابيرو أن الغاز الطبيعي يمكن أن يلعب دورا في التحول إلى الطاقة الخضراء، مضيفا في حديث لمجلة فايناشيال تايمز أنه "يمكننا أن نفعل كلا الأمرين".

أما الجمهوريون فيركزون على وعود لسكان الولاية بأن مرشحهم، دونالد ترامب، سيعمل على تعزيز صناعة الوقود الأحفوري.

وأظهر استطلاع للرأي الشهر الماضي أن 58 في المئة من سكان بنسلفانيا يعارضون وقف إدارة بايدن للغاز الطبيعي المسال، وهي سياسة تم الإعلان عنها في يناير والتي أوقفت مؤقتا طلبات بناء مصانع تصدير جديدة في خليج المكسيك. 

ويعد الغاز الطبيعي مصدر توظيف رئيسي في الولاية، حيث تمثل بنسلفانيا حوالي خمس إجمالي إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة.

عضوة مجلس الشيوخ الجمهورية، كاميرا بارتولوتا، تمثل مقاطعات بيفر وغرين وواشنطن منذ عام 2014، وهي مناطق غزيرة الإنتاج للغاز الصخري في بنسلفانيا الجنوبية الغربية، انتقدت السياسات الحالية للإدارة الأميركية قائلة: "إن توقف بايدن عن تصدير الغاز الطبيعي المسال يخلق حالة من عدم اليقين".

ويوجد الغاز الصخري في طبقات الأرض التي يصل عملها إلى 1500 متر. ويتشكل هذا الغاز من مركبين أهمها: الميثان والهيدروكربونات والهيدروجين، والإيثان والبروبان وثاني أكسيد الكربونون، ويتشكل  عادة داخل الصخر الزيتي.

لم يقتصر الضغط على إدارة بايدن من الحاكم شابيرو فقط، بل مارس ديمقراطيون بارزون آخرون في الولاية ضغوطا على بايدن.

وفي فبراير، أعرب عضوا مجلس الشيوخ الديمقراطيان عن ولاية بنسلفانيا، جون فيترمان وبوب كيسي، عن مخاوفهما بشأن التوقف المؤقت لتصدير الغاز، وحذرا من أنهما سيضغطان من أجل التراجع إذا كان ذلك يعرض وظائف الطاقة للخطر في ولاية بنسلفانيا.

في الوقت ذاته، يستخدم الجمهوريون في واشنطن وقف الغاز الطبيعي المسال كورقة مساومة، حيث أشار رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، إلى أن التراجع عن الحظر قد يكون شرطا لدعم طلبات البيت الأبيض لتمويل الحرب في أوكرانيا.

ودافعت إدارة بايدن عن وقف الغاز الطبيعي المسال في رسالة إلى معهد البترول الأميركي، مشيرة إلى أن عملية الموافقات بحاجة إلى التحديث بسبب "التغيرات العميقة في أسواق الغاز الطبيعي الأميركية والعالمية". 

ويعتبر الناخبون العاملون في مجال اقتصاد الطاقة أن الديمقراطيين  معادون للتكسير الهيدروليكي، وهي التقنية التي من خلالها يتم استخراج الغاز الطبيعي المحصور في الصخور الرسوبية في أعماق الأرض. 

وهذا القطاع جذب استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات في الولاية، خصوصا في الركن الجنوبي الغربي منها.

وترى نسبة كبيرة من الناخبين الأميركيين في ولاية بنسلفانيا أن جهود بايدن لدفع الأميركيين لتبني السيارات الكهربائية قد تقوض الوظائف المرتبطة بالوقود الأحفوري. 

ويعتبر هؤلاء الناخبون أن التحول نحو الطاقة النظيفة يجب أن يتم بحذر وبمراعاة العواقب الاقتصادية على القطاعات التقليدية.

مواقف هاريس

في ظل التحديات البيئية المتزايدة، ولعب الولايات المتحدة دورا محوريا في مكافحة التغير المناخي، أظهرت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، التزاما قويا بهذا الملف خلال مشاركتها في قمة COP28 في دبي، حيث أعلنت عن سلسلة من المبادرات الجديدة لتعزيز الجهود الأميركية في هذا المجال.

وأعلنت هاريس في قمة COP28 عن تعهد الولايات المتحدة بتقديم 3 مليارات دولار إضافية لصندوق المناخ الأخضر، وهو الصندوق الرئيسي لمساعدة الدول النامية في التكيف مع أزمة المناخ والحد من التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري.

كما كشفت هاريس عن قواعد جديدة وضعتها وكالة حماية البيئة الأميركية، تهدف إلى تقليص انبعاثات الميثان بنسبة تقارب 80 بالمئة من قطاع النفط والغاز. وهذا ما يثير قلق شريحة من الناخبين الأميركيين في بنسلفانيا.

نائبة الرئيس الأميركي كمالا هاريس قد تكون هي المرشحة الديمقراطية مكان بايدن الذي انسحب في السباق الانتخابي

بالإضافة إلى ذلك، أكدت هاريس التزام الولايات المتحدة بالتخلص التدريجي من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والانضمام إلى تحالف "Powering Past Coal" الذي يسعى إلى وقف بناء محطات جديدة تعمل بالفحم دون تقنيات احتجاز الكربون.

وتعتبر صناعة الفحم مهمة في اقتصاد بنسلفانيا، كما أن الولاية تستهلك كميات كبيرة من الفهم، وغالبيتها تستخدم في توليد الكهرباء.

وفي تصريحاتها السابقة في أكثر من مناسبة، أكدت هاريس أن الولايات المتحدة تتحرك من الطموح إلى الفعل في مواجهة أزمة المناخ. 

وأشارت إلى الاستثمارات الضخمة التي تم تنفيذها في إطار قانون البنية التحتية وقانون خفض التضخم، والتي تشمل مئات المشاريع الجديدة والمتوسعة للطاقة الشمسية وتوربينات الرياح وتصنيع المركبات الكهربائية والبطاريات، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لحماية البيئات والمجتمعات من الكوارث المناخية المتزايدة.

وبشكل عام، تعارض شريحة من الناخبين في بنسلفانيا سياسات الطاقة البديلة، والتوجه للسيارات الكهربائية والاستمثار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث يسود اعتقاد أن هذه التوجهات ستضر بقوة في اقتصاد الولاية. 

وتواجه إدارة بايدن انتقادات بشأن تعاملها مع أزمة المناخ، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 57 بالمئة من الأميركيين غير راضين عن سياسات الإدارة في هذا المجال. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، تسعى هاريس إلى تعزيز صورتها العامة وزيادة الوعي بالإنجازات المناخية للإدارة. 

في نهاية المطاف، تعكس مشاركة كامالا هاريس في قمة COP28 وتوجيهها للجهود المناخية الأميركية التزام الولايات المتحدة بقيادة الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي. ورغم التحديات والانتقادات، تظل هذه الجهود خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة وأمناً بيئياً.

حقائق عن اقتصاد الطاقة في بنسلفانيا

تعد ولاية بنسلفانيا، بمواردها الوفيرة من الطاقة الأحفورية، أحد الموردين الرئيسيين للساحل الشرقي للغاز الطبيعي والفحم والمنتجات النفطية المكررة والكهرباء للأمة. 

وتمتد جبال الآبالاش قطريا من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي عبر ولاية بنسلفانيا، وتقسم وادي نهر أوهايو في ولاية بنسلفانيا.

تحتوي هذه الجبال والوديان على احتياطيات غنية من الفحم. ويتبع حقل مارسيلوس شيل، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، قوس الجبال ويشكل أساس حوالي 60 بالمئة من ولاية بنسلفانيا.

وتحتل ولاية بنسلفانيا المرتبة الخامسة في البلاد من حيث عدد السكان، ولكن ثلاثة أرباع أراضي الولاية تصنف على أنها ريفية. 

ويعيش حوالي ربع سكان الولاية في المناطق الريفية ويتركز سكان الولاية حول فيلادلفيا في الجنوب الشرقي. 

وعلى الرغم من أن ولاية بنسلفانيا من بين أكبر 10 مستهلكين للغاز الطبيعي والفحم والمنتجات البترولية والكهرباء، إلا أنها هي ثاني أكبر مورد صافي للطاقة إلى الولايات الأميركية الأخرى، بعد تكساس.

وتعد ولاية بنسلفانيا الثانية بعد ولاية تكساس في إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة.

وتضاعفت احتياطيات الولاية المؤكدة أكثر من أربعة أضعاف في الفترة من 2011 إلى 2021.

ملف الغاز والوقود الأحفوري أساسي ومؤثر في اتجاهات الناخبين في بنسلفانيا

ويتمتع حقل مارسيلوس شيل بأكبر احتياطيات مؤكدة مقدرة من أي حقل للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة. 

وفي عام 2021، شهدت ولاية بنسلفانيا زيادة قدرها 8.9 تريليون قدم مكعب في احتياطيات الغاز الطبيعي الصخري المؤكدة، وهي ثاني أكبر زيادة بعد تكساس.

وبنسلفانيا هي ثالث أكبر ولاية منتجة للفحم بعد وايومنغ ووست فرجينيا ، وبها منجم بيلي الذي يعد عاشر أكبر منجم للفحم في الولايات المتحدة.

ويستخرج الفحم في بنسلفانيا منذ أكثر من 200 عام. وتمتلك الولاية احتياطيات كبيرة من الفحم القاري، والذي يستخدم لتوليد الكهرباء وإنتاج فحم الكوك لصناعة الصلب.

وبنسلفانيا هي مستهلك رئيسي للفحم، وتحتل المرتبة العاشرة بين الولايات في إجمالي استخدام الفحم. ويتم حرق حوالي ثلاثة أرباع الفحم المستهلك في الولاية لتوليد الكهرباء، ويستخدم الباقي في صناعة الصلب والتطبيقات الصناعية الأخرى.

وفي عام 2022، تم حرق حوالي 80 بالمئة من الفحم المستخرج في ولاية بنسلفانيا والمستخدم محليا لتوليد الكهرباء. 

واستخدم حوالي ثلاثة أعشار هذا الفحم في محطات توليد الطاقة في ولاية بنسلفانيا، ونقل الباقي إلى منشآت توليد في 14 ولاية أخرى. 

وكانت ولاية بنسلفانيا ثاني أكبر ولاية مصدرة للفحم في عام 2022، بعد ويست فرجينيا، حيث يصدر نحو خمسي فحم الولاية إلى ولايات أخرى.

وفي ولاية بنسلفانيا كان أول بئر نفط تجاري أميركي في عام 1859، لكن لديها عدد قليل من احتياطيات النفط الخام القابلة للاسترداد اقتصاديا اليوم، ولكنها تواصل إنتاج كميات متواضعة من النفط الخام.

وقبل ذلك، كانت بنسلفانيا موطنا لما يقرب من نصف الطاقة التكريرية للساحل الشرقي، مع أربعة مصافي بترول يمكنها معالجة حوالي 600 ألف برميل من النفط الخام يوميا.

(COMBO) This combination of pictures created on September 09, 2024 shows, L-R, former US President and Republican presidential…
المنافسة تحتدم بين هاريس وترامب فيما يتطلع الناخبون لقضايا أساسية يصوتون بناء عليها

المخاوف بشأن حالة الاقتصاد والتضخم في الولايات المتحدة أصبحت عاملا أساسيا يؤثر على اتجاهات أصوات الأميركيين في الانتخابات الرئاسية 2024. لكنه ليس الملف الوحيد.

ويكشف استطلاع لمركز بيو للأبحاث أن حوالي ثمانية من كل 10 ناخبين مسجلين (81  بالمئة) يقولون إن الاقتصاد سيكون عاملا مهما جدا في تحديد قرارهم النهائي بشأن أصواتهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وأجرى مركز بيو للأبحاث الاستطلاع لفحص اتجاهات الناخبين الأميركيين في القضايا الأساسية التي تؤثر على قراراتهم الانتخابية.

وفي حين أن الاقتصاد هو القضية الأولى بين الناخبين الأميركيين، إلا أن الغالبية العظمى (69 بالمئة) تشير إلى خمس على الأقل من 10 قضايا شملها الاستطلاع على أنها ملفات مهمة جدا تؤثر على قراراتهم الانتخابية.

وهناك اختلافات واسعة بين الناخبين الذين يدعمون هاريس وترامب عندما يتعلق الأمر بتلك القضايا.

تتفاوت مواقف هاريس وترامب في القضايا الحساسة التي تؤثر على الناخبين

ومن بين مؤيدي ترامب، فإن الاقتصاد (93 بالمئة) والهجرة (82 بالمئة) والجرائم العنيفة (76 بالمئة) هي القضايا الحاسمة بالنسبة لهم.

ويقول 18 بالمئة فقط من مؤيدي ترامب إن عدم المساواة العرقية والإثنية مهم جدا، وحتى أقل من ذلك يقولون أن تغير المناخ مهم جدا (11 بالمئة).

وبالنسبة لمؤيدي هاريس، فإن قضايا مثل الرعاية الصحية (76 بالمئة) وتعيينات المحكمة العليا (73 بالمئة) لها أهمية قصوى. كما تشير أغلبية كبيرة إلى الاقتصاد (68 بالمئة) والإجهاض (67 بالمئة) على أنهما ملفان مهمان جدا لتصويتهم في الانتخابات.

قضايا مهمة

ويكشف استطلاع مركز بيو أنه في حين كان الاقتصاد لفترة طويلة قضية رئيسية للناخبين، ولا يزال كذلك اليوم، أصبحت قضايا أخرى ذات أهمية متزايدة للناخبين على مدار السنوات الأربع الماضية.

ويقول حوالي ستة من كل 10 ناخبين (61 بالمئة) اليوم أن الهجرة مهمة جدا لتصويتهم، بزيادة قدرها 9 نقاط مئوية عن الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وأعلى بمقدار 13 نقطة مقارنة بانتخابات الكونغرس لعام 2022.

وأصبحت الهجرة الآن قضية أكثر أهمية بالنسبة للناخبين الجمهوريين على وجه الخصوص.

ويقول 82 بالمئة من مؤيدي ترامب إن قضية الهجرة مهمة جدا لتصويتهم في انتخابات 2024، بزيادة 21 نقطة عن عام 2020.

ويقول حوالي أربعة من كل 10 من مؤيدي هاريس (39 بالمئة) إن الهجرة مهمة جدا لتصويتهم. وهذا أعلى بمقدار 8 نقاط مقارنة بمؤيدي الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس في عام 2022، ولكنه أقل من 46 بالمئة من مؤيدي بايدن الذين ذكروا الهجرة على أنها مهمة جدا قبل أربع سنوات.

وفي الأساس، اصطف ترامب مع القوى التي تريد هجرة أقل إلى البلاد، في حين تتبنى هاريس الاعتقاد بأن المهاجرين يجعلون الولايات المتحدة أفضل.

الآلاف يتجهون في رحلات للهجرة غير الشرعية باتجاه الولايات المتحدة. أرشيفية

ولدى ترامب سجل حافل في ملف الهجرة إلى أميركا، وقد وعد ناخبيه مجددا بشن حملة صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، واتخاذ إجراءات تنفيذية أكثر صرامة.

ويعتقد ترامب أن قوانين الحدود الحالية تهديد وجودي للولايات المتحدة، قائلا إن المهاجرين "يسممون دماء بلادنا" ويجلبون "لغات" جديدة. ويقول موقع حملته على الإنترنت إن "الرئيس ترامب سيغلق كارثة بايدن الحدودية. فهو سينهي مرة أخرى سياسة الاعتقال والإفراج، ويعيد البقاء في المكسيك، ويقضي على الاحتيال في طلبات اللجوء".

ووعد ترامب بتفويض الحرس الوطني وسلطات إنفاذ القانون المحلية للمساعدة في القضاء بسرعة على أعضاء العصابات والمجرمين المتورطين في قضايا الهجرة غير الشرعية.

وفي أغسطس 2020، قال أقل من نصف الناخبين (40 بالمئة) إن الإجهاض قضية مهمة جدا لتصويتهم. في ذلك الوقت، كان ناخبو ترامب (46 بالمئة) أكثر ميلا من ناخبي بايدن (35 بالمئة) للقول إن الأمر مهم للغاية.

بعد قرار المحكمة العليا إلغاء قضية رو ضد وايد، تغيرت الآراء حول أهمية الإجهاض كقضية تصويت.

واليوم، يصف 67 بالمئة من أنصار هاريس القضية بأنها مهمة للغاية، ما يقرب من ضعف ناخبي بايدن الذين قالوا هذا قبل أربع سنوات، وإن كان أقل إلى حد ما من حصة الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات النصفية (74 بالمئة) في عام 2022، ويقول حوالي ثلث أنصار ترامب (35 بالمئة) الآن إن الإجهاض مهم جدا لتصويتهم، وهو أقل بـ 11 نقطة مما كان عليه في عام 2020.

مشاركون في مسيرة من أجل حقوق الإجهاض في لوس أنجليس

وتدعم هاريس الحماية الفيدرالية القانونية لحق المرأة في الإجهاض، ويعارض ترامب الأمر. ولكل منهما حجته التي تبرر موقفه. لكن يبدو أن هناك تيارا واسعا من الأميركيين يؤيد حق المرأة في الإجهاض.

ترامب كان قد دعم القيود على على الإجهاض على المستوى الفيدرالي حينما كان في البيت الأبيض، لكن يبدو أنه يعيد حساباته، ويقلل من الحاجة إلى فرض حظر فيدرالي، حيث ينقسم الجمهوريون حول هذه القضية.

وتدافع هاريس عن قانون حماية صحة المرأة، وهو مشروع قانون لحماية حقوق الإجهاض في جميع الولايات الـ50 بموجب القانون الفيدرالي، ويحظر وضع عقبات غير ضرورية طبيا أمام الوصول إلى هذا الإجراء.  

وقد تفاخر ترامب بأنه "كسر قضية رو ضد وايد" من خلال اختيار ثلاثة من قضاة المحكمة العليا الخمسة الذين أسقطوها، محققا هدف الحزب الجمهوري على مدى أربعة عقود.

وفي الآونة الأخيرة، أعرب ترامب علنا عن خشيته من أن ردة الفعل العنيفة من الناخبين على موقفه من الإجهاض قد تكلفه هو وحزبه الانتخابات.

ومؤخرا، قال ترامب إن قضية الإجهاض يجب أن تترك للولايات، وهو تحول في موقفه السابق الداعم للقيود الفيدرالية على الحق في الإجهاض.

وقد أثار موقف ترامب الجديد معارضة من حلفاء الحزب الجمهوري، مثل السيناتور ليندسي غراهام، من ولاية ساوث كارولاينا، والمدافعين عن حقوق مناهضة الإجهاض، الذين يقولون إنه مخطئ وأنه لا ينبغي ردع الجمهوريين عن هدفهم الطويل الأمد المتمثل في سن بعض القوانين التي تعزز تقييد حقوق الإجهاض على المستوى الفيدرالي.

ويقلل بعض الجمهوريين من احتمالات إقرار الكونغرس للقيود الفيدرالية على الإجهاض، حتى لو حققوا فوزا يمكنهم من السيطرة الكاملة على السلطة التشريعية. 

الثقة في هاريس وترامب

ويكشف الاستطلاع أن الناخبين يميلون للثقة أكثر في ترامب في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والهجرة.

ويقول نصف الناخبين أو أكثر إنهم واثقون إلى حد ما على الأقل في قدرة ترامب على اتخاذ قرارات جيدة في هذه المجالاتمقارنة بهاريس.

في المقابل، يثق الناخبون أكثر في هاريس لاتخاذ قرارات جيدة بشأن سياسة الإجهاض ومعالجة القضايا المتعلقة بالعرق بشكل فعال.

ترامب يعد الأميركيين بسياسات اقتصادية تساهم في تخفيف الأعباء عن الأسر

ويرى المستطلعون أن ترامب يتمتع بميزة طفيفة على هاريس في التعامل مع قضايا إنفاذ القانون والعدالة الجنائية (51 بالمئة ترامب، 47 بالمئة هاريس).

والناخبون واثقون بنفس القدر في هاريس وترامب لاختيار مرشحين جيدين للمحكمة العليا (50 بالمئة لكل منهما).

هاريس تركز على الرعاية الصحية وحماية حق المرأة في الاجهاض

ويعتقد أقل من نصف الناخبين أنهم واثقون جدا أو إلى حد ما في أي من المرشحين لتقريب البلاد من بعضها البعض (41 بالمئة واثقون في هاريس، 36 بالمئة في ترامب). ويعرب الناخبون عن ثقة ضئيلة نسبيا في ترامب (37 بالمئة) أو هاريس (32 بالمئة) للحد من تأثير المال في السياسة، بحسب نتائج الاستطلاع.