ترامب يسعى للوصول إلى البيت الأبيض مجددا
ترامب يسعى للوصول إلى البيت الأبيض مجددا

كرر الرئيس الأميركي  السابق دونالد ترامب الاثنين تصريحاته التي أدلى بها الجمعة الماضي بأن المسيحيين لن يضطروا أبدا إلى التصويت مرة أخرى إذا أدلوا بأصواتهم لصالحه في نوفمبر، رغم أنها كانت قد أثارت كثيرا من الجدل.

وفي مقابلة بثتها قناة فوكس نيوز مساء الاثنين، تجاهل ترامب طلبات متعددة بالتراجع أو توضيح تصريحاته رغم محاولة المذيعة لورا إنغراهام تذكيره بأن الديمقراطيين سلطوا الضوء على هذا الاقتباس كدليل على أن الرئيس السابق سينهي الانتخابات، وحثته على دحض ما وصفته بأنه انتقاد "سخيف".

وقال ترامب الجمعة أمام تجمع للمحافظين المسيحيين: "أنا أحبكم. يجب أن تخرجوا وتصوتوا. في غضون أربع سنوات، لن تضطروا إلى التصويت مرة أخرى. سنصلح الأمر جيدا، ولن تضطروا إلى التصويت".

وأثارت تصريحات ترامب التي انتشرت بسرعة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا من الجدل والانتقادات من جانب الديمقراطيين حيث تم تفسيرها على أنها دليل على أنه سينهي الانتخابات، ووصفوها بأنها "مرعبة" واستبدادية ومعادية للديمقراطية.

 والسبت، انتقدت نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية المحتملة لخوض السباق الرئاسي في نوفمبر المقبل، ترامب ووصفته بأنه تهديد للديمقراطية.

وقالت حملتها الانتخابية في بيان إن الانتخابات المقبلة تدور حول الحرية، مضيفة أن الديمقراطية "تتعرض للهجوم" من ترامب.

وورد في البيان: "بعد الانتخابات الأخيرة التي خسرها ترامب، أرسل حشدًا لقلب النتائج. في هذه الحملة، وعد بالعنف إذا خسر، ونهاية انتخاباتنا إذا فاز، وإنهاء الدستور لتمكينه من أن يكون دكتاتورا لتنفيذ أجندته الخطيرة "مشروع 2025" على أميركا".

واعتبر النائب آدم شيف أن الديمقراطية على ورقة الاقتراع في نوفمبر، مضيفا أنه "إذا أردنا إنقاذها، فيجب أن نصوت ضد الاستبداد".

والاثنين، حثت إنغراهام ترامب على دحض هذا التفسير، لكنه بدلا من ذلك أكد على تصريحاته: "قلت، صوتوا لي، لن تضطروا إلى فعل ذلك مرة أخرى. هذا صحيح"، بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الثلاثاء.

وأضاف ترامب بأن "المسيحيين لا يُعرفون بأنهم مجموعة تصويتية كبيرة. إنهم لا يصوتون. وأنا أشرح لهم ذلك. أنت لا تصوت أبدا. هذه المرة، صوتوا وسأقوم بتقويم البلاد، ولن تضطروا إلى التصويت بعد الآن. لن أحتاج إلى صوتك".

عرضت إنغراهام عليه مخرجا قائلة له: "تعني أنك لست مضطرا للتصويت لنفسك، لأنك ستحظى بأربع سنوات في المنصب".

لكن ترامب بدأ الحديث عن عدم تصويت مالكي الأسلحة، فقاطعته إنغراهام بأن اليسار يفسر تصريحاته بأنه لن تكون هناك انتخابات أخرى أبدا، مطالبة إياه بالرد على ذلك "لنكن واضحين". 

هذه المرة قال ترامب مجددا إن المسيحيين "يصوتون بنسب صغيرة جدا"، مضيفا أن رسالته كانت "لا تقلق بشأن المستقبل. عليك أن تصوت في الخامس من نوفمبر. بعد ذلك، لن تقلق بشأن التصويت بعد الآن. لا أهتم، لأننا سنصلح الأمر. سيتم إصلاح البلاد ولن نحتاج حتى إلى أصواتكم بعد الآن، لأنه بصراحة سيكون لدينا مثل هذا الحب، إذا كنت لا تريد التصويت بعد الآن، فلا بأس بذلك".

في تبادل آخر، سألته إنغراهام مؤكدة "لكنك ستترك منصبك بعد أربع سنوات؟"

قال ترامب: "بالطبع. بالمناسبة هذا ما فعلته في المرة الأخيرة".

 وغادر ترامب منصبه في عام 2021 بعد فشل حملته الشاملة التي شنها مع حلفائه لإلغاء الانتخابات، وبعد اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول في السادس من يناير لمحاولة منع الكونغرس من التصديق على النتائج.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.