النظام الأميركي يعتمد على المجمع الانتخابي لاختيار رئيس البلاد
النظام الأميركي يعتمد على المجمع الانتخابي لاختيار رئيس البلاد

يحتدم الصراع بين المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، ومنافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، قبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات.

وتحظى الانتخابات الأميركية بنظام فريد من نوعه لا يعتمد على نتائج الاقتراع المباشر، بل تكون فيه الكلمة الأخيرة للمجمع الانتخابي لاختيار المرشح الفائز.

ويضم المجمع الانتخابي 538 عضوا تقسم على الولايات، وعلى العاصمة واشنطن، طبقا لعدد السكان، واستنادا إلى تمثيل كل ولاية في الكونغرس.

ومن أجل الفوز برئاسة الولايات المتحدة، يحتاج المرشح إلى نيل 270 صوتا على الأقل من أصوات المجمع الانتخابي البالغة 538.

لكن في حال حصل التعادل أو لم يصل أي مرشح إلى هذا الرقم، فكيف يتم حسم اختيار الرئيس، ومن هي الجهة المسؤولة عن ذلك؟

اللافت أن هذا التعادل في أصوات المجمع الانتخابي حصل من قبل، عام 1800، بين توماس جيفرسون وآرون بور.

وفي تلك الانتخابات، تعادل المرشحان بنتيجة 73 -73، وهما من الحزب الديمقراطي الجمهوري، بينما حصل المرشح الفيدرالي، جون آدمز على 65 صوتا فقط.

وعقد مجلس النواب، الذي كان تحت سيطرة الاتحاديين، انتخابات طارئة بالمجلس، في فبراير عام 1801، لتقرير من سيكون الرئيس، وتم انتخاب جيفرسون.

وفي عام 1804، تم التصديق على التعديل الـ12 من الدستور، الذي حدد كيفية اختيار الرئيس ونائب الرئيس في حال تعادل الأصوات.

ووفقا للتعديل، الساري حتى الآن، إذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية أصوات المجمع، فإن مجلس النواب الجديد، الذي يؤدي اليمين الدستورية في يناير، بعد الانتخابات الرئاسية، يختار الرئيس، بينما يختار مجلس الشيوخ نائب الرئيس.

وتنص الآلية على تصويت أعضاء مجلس النواب عن كل ولاية باعتبارهم كتلة واحدة، ويكون لكل منه صوت واحد فقط، بغض النظر عن عدد ممثلي الولاية في المجلس. 

ويتولى مجلس النواب، في اقتراع السري، باختيار الرئيس من بين الأشخاص الحائزين على أكبر عدد من الأصوات في لائحة الذين انتخبوا لمنصب الرئيس، على ألا يتجاوز عدد هؤلاء الثلاثة.

ويجب على المرشح الفائز أن يحصل على الأغلبية البسيطة للولايات (26).

أما مسؤولية اختيار نائب الرئيس فتقع على عاتق مجلس الشيوخ، المكون من 100 عضو يمثلون جميع الولايات الأميركية، وذلك بالطريقة ذاتها التي يتم فيها اختيار الرئيس.

ويتم المفاضلة في مجلس الشيوخ بين مرشحين اثنين حازا أعلى الأصوات في المجمع الانتخابي، وعلى أحدهما أن يحظى بالأغلبية البسيطة في المجلس، أي 51 صوتا.

وفي حال لم يتمكن مجلس النواب من اختيار رئيس بحلول يوم التنصيب، 20 يناير ، فإن نائب الرئيس الجديد الذي يختاره مجلس الشيوخ يصبح رئيسا مؤقتا، حتى يتمكن المجلس من اختيار رئيس جديد، وفق "سي أن أن".

وإذا لم يقم مجلس الشيوخ باختيار نائب للرئيس بحلول يوم التنصيب، فإن خطة الخلافة المنصوص عليها في التعديل الـ20 تدخل حيز التنفيذ مؤقتا، وهي استلام رئيس مجلس النواب المهام مؤقتا.

وفي انتخابات عام 1824، لم يحصل أي من المرشحين على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي مما أدى إلى إجراء انتخابات طارئة.

وأجريت الانتخابات بمجلس النواب، حيث فاز جون كوينسي آدامز بالرئاسة في فبراير 1825. 

هل من الممكن أن يحدث التعادل هذا العام؟

تقول "سي أن أن" إن هذا الاحتمال وارد، ويجب الاستعداد له.

ومن بين السيناريوهات المطروحة لحصول هذا التعادل، فوز هاريس بالولايات التي فاز بها بايدن في 2020، على أن يستعيد ترامب ميشيغان وبنسلفانيا.

والسيناريو الثاني فوز هاريس بالولايات التي فاز بها بايدن، بالإضافة إلى ولاية مين، مع استعادة ترامب بنسلفانيا وجورجيا.

والسيناريو الثالث فوز هاريس بالولايات التي فاز بها بايدن، بالإضافة إلى ولاية نورث كارولاينا، مع استعادة ترامب ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، وفوزه أيضا بولاية نيفادا.

(COMBO) This combination of pictures created on September 09, 2024 shows, L-R, former US President and Republican presidential…
المنافسة تحتدم بين هاريس وترامب فيما يتطلع الناخبون لقضايا أساسية يصوتون بناء عليها

المخاوف بشأن حالة الاقتصاد والتضخم في الولايات المتحدة أصبحت عاملا أساسيا يؤثر على اتجاهات أصوات الأميركيين في الانتخابات الرئاسية 2024. لكنه ليس الملف الوحيد.

ويكشف استطلاع لمركز بيو للأبحاث أن حوالي ثمانية من كل 10 ناخبين مسجلين (81  بالمئة) يقولون إن الاقتصاد سيكون عاملا مهما جدا في تحديد قرارهم النهائي بشأن أصواتهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وأجرى مركز بيو للأبحاث الاستطلاع لفحص اتجاهات الناخبين الأميركيين في القضايا الأساسية التي تؤثر على قراراتهم الانتخابية.

وفي حين أن الاقتصاد هو القضية الأولى بين الناخبين الأميركيين، إلا أن الغالبية العظمى (69 بالمئة) تشير إلى خمس على الأقل من 10 قضايا شملها الاستطلاع على أنها ملفات مهمة جدا تؤثر على قراراتهم الانتخابية.

وهناك اختلافات واسعة بين الناخبين الذين يدعمون هاريس وترامب عندما يتعلق الأمر بتلك القضايا.

تتفاوت مواقف هاريس وترامب في القضايا الحساسة التي تؤثر على الناخبين

ومن بين مؤيدي ترامب، فإن الاقتصاد (93 بالمئة) والهجرة (82 بالمئة) والجرائم العنيفة (76 بالمئة) هي القضايا الحاسمة بالنسبة لهم.

ويقول 18 بالمئة فقط من مؤيدي ترامب إن عدم المساواة العرقية والإثنية مهم جدا، وحتى أقل من ذلك يقولون أن تغير المناخ مهم جدا (11 بالمئة).

وبالنسبة لمؤيدي هاريس، فإن قضايا مثل الرعاية الصحية (76 بالمئة) وتعيينات المحكمة العليا (73 بالمئة) لها أهمية قصوى. كما تشير أغلبية كبيرة إلى الاقتصاد (68 بالمئة) والإجهاض (67 بالمئة) على أنهما ملفان مهمان جدا لتصويتهم في الانتخابات.

قضايا مهمة

ويكشف استطلاع مركز بيو أنه في حين كان الاقتصاد لفترة طويلة قضية رئيسية للناخبين، ولا يزال كذلك اليوم، أصبحت قضايا أخرى ذات أهمية متزايدة للناخبين على مدار السنوات الأربع الماضية.

ويقول حوالي ستة من كل 10 ناخبين (61 بالمئة) اليوم أن الهجرة مهمة جدا لتصويتهم، بزيادة قدرها 9 نقاط مئوية عن الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وأعلى بمقدار 13 نقطة مقارنة بانتخابات الكونغرس لعام 2022.

وأصبحت الهجرة الآن قضية أكثر أهمية بالنسبة للناخبين الجمهوريين على وجه الخصوص.

ويقول 82 بالمئة من مؤيدي ترامب إن قضية الهجرة مهمة جدا لتصويتهم في انتخابات 2024، بزيادة 21 نقطة عن عام 2020.

ويقول حوالي أربعة من كل 10 من مؤيدي هاريس (39 بالمئة) إن الهجرة مهمة جدا لتصويتهم. وهذا أعلى بمقدار 8 نقاط مقارنة بمؤيدي الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس في عام 2022، ولكنه أقل من 46 بالمئة من مؤيدي بايدن الذين ذكروا الهجرة على أنها مهمة جدا قبل أربع سنوات.

وفي الأساس، اصطف ترامب مع القوى التي تريد هجرة أقل إلى البلاد، في حين تتبنى هاريس الاعتقاد بأن المهاجرين يجعلون الولايات المتحدة أفضل.

الآلاف يتجهون في رحلات للهجرة غير الشرعية باتجاه الولايات المتحدة. أرشيفية

ولدى ترامب سجل حافل في ملف الهجرة إلى أميركا، وقد وعد ناخبيه مجددا بشن حملة صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، واتخاذ إجراءات تنفيذية أكثر صرامة.

ويعتقد ترامب أن قوانين الحدود الحالية تهديد وجودي للولايات المتحدة، قائلا إن المهاجرين "يسممون دماء بلادنا" ويجلبون "لغات" جديدة. ويقول موقع حملته على الإنترنت إن "الرئيس ترامب سيغلق كارثة بايدن الحدودية. فهو سينهي مرة أخرى سياسة الاعتقال والإفراج، ويعيد البقاء في المكسيك، ويقضي على الاحتيال في طلبات اللجوء".

ووعد ترامب بتفويض الحرس الوطني وسلطات إنفاذ القانون المحلية للمساعدة في القضاء بسرعة على أعضاء العصابات والمجرمين المتورطين في قضايا الهجرة غير الشرعية.

وفي أغسطس 2020، قال أقل من نصف الناخبين (40 بالمئة) إن الإجهاض قضية مهمة جدا لتصويتهم. في ذلك الوقت، كان ناخبو ترامب (46 بالمئة) أكثر ميلا من ناخبي بايدن (35 بالمئة) للقول إن الأمر مهم للغاية.

بعد قرار المحكمة العليا إلغاء قضية رو ضد وايد، تغيرت الآراء حول أهمية الإجهاض كقضية تصويت.

واليوم، يصف 67 بالمئة من أنصار هاريس القضية بأنها مهمة للغاية، ما يقرب من ضعف ناخبي بايدن الذين قالوا هذا قبل أربع سنوات، وإن كان أقل إلى حد ما من حصة الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات النصفية (74 بالمئة) في عام 2022، ويقول حوالي ثلث أنصار ترامب (35 بالمئة) الآن إن الإجهاض مهم جدا لتصويتهم، وهو أقل بـ 11 نقطة مما كان عليه في عام 2020.

مشاركون في مسيرة من أجل حقوق الإجهاض في لوس أنجليس

وتدعم هاريس الحماية الفيدرالية القانونية لحق المرأة في الإجهاض، ويعارض ترامب الأمر. ولكل منهما حجته التي تبرر موقفه. لكن يبدو أن هناك تيارا واسعا من الأميركيين يؤيد حق المرأة في الإجهاض.

ترامب كان قد دعم القيود على على الإجهاض على المستوى الفيدرالي حينما كان في البيت الأبيض، لكن يبدو أنه يعيد حساباته، ويقلل من الحاجة إلى فرض حظر فيدرالي، حيث ينقسم الجمهوريون حول هذه القضية.

وتدافع هاريس عن قانون حماية صحة المرأة، وهو مشروع قانون لحماية حقوق الإجهاض في جميع الولايات الـ50 بموجب القانون الفيدرالي، ويحظر وضع عقبات غير ضرورية طبيا أمام الوصول إلى هذا الإجراء.  

وقد تفاخر ترامب بأنه "كسر قضية رو ضد وايد" من خلال اختيار ثلاثة من قضاة المحكمة العليا الخمسة الذين أسقطوها، محققا هدف الحزب الجمهوري على مدى أربعة عقود.

وفي الآونة الأخيرة، أعرب ترامب علنا عن خشيته من أن ردة الفعل العنيفة من الناخبين على موقفه من الإجهاض قد تكلفه هو وحزبه الانتخابات.

ومؤخرا، قال ترامب إن قضية الإجهاض يجب أن تترك للولايات، وهو تحول في موقفه السابق الداعم للقيود الفيدرالية على الحق في الإجهاض.

وقد أثار موقف ترامب الجديد معارضة من حلفاء الحزب الجمهوري، مثل السيناتور ليندسي غراهام، من ولاية ساوث كارولاينا، والمدافعين عن حقوق مناهضة الإجهاض، الذين يقولون إنه مخطئ وأنه لا ينبغي ردع الجمهوريين عن هدفهم الطويل الأمد المتمثل في سن بعض القوانين التي تعزز تقييد حقوق الإجهاض على المستوى الفيدرالي.

ويقلل بعض الجمهوريين من احتمالات إقرار الكونغرس للقيود الفيدرالية على الإجهاض، حتى لو حققوا فوزا يمكنهم من السيطرة الكاملة على السلطة التشريعية. 

الثقة في هاريس وترامب

ويكشف الاستطلاع أن الناخبين يميلون للثقة أكثر في ترامب في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والهجرة.

ويقول نصف الناخبين أو أكثر إنهم واثقون إلى حد ما على الأقل في قدرة ترامب على اتخاذ قرارات جيدة في هذه المجالاتمقارنة بهاريس.

في المقابل، يثق الناخبون أكثر في هاريس لاتخاذ قرارات جيدة بشأن سياسة الإجهاض ومعالجة القضايا المتعلقة بالعرق بشكل فعال.

ترامب يعد الأميركيين بسياسات اقتصادية تساهم في تخفيف الأعباء عن الأسر

ويرى المستطلعون أن ترامب يتمتع بميزة طفيفة على هاريس في التعامل مع قضايا إنفاذ القانون والعدالة الجنائية (51 بالمئة ترامب، 47 بالمئة هاريس).

والناخبون واثقون بنفس القدر في هاريس وترامب لاختيار مرشحين جيدين للمحكمة العليا (50 بالمئة لكل منهما).

هاريس تركز على الرعاية الصحية وحماية حق المرأة في الاجهاض

ويعتقد أقل من نصف الناخبين أنهم واثقون جدا أو إلى حد ما في أي من المرشحين لتقريب البلاد من بعضها البعض (41 بالمئة واثقون في هاريس، 36 بالمئة في ترامب). ويعرب الناخبون عن ثقة ضئيلة نسبيا في ترامب (37 بالمئة) أو هاريس (32 بالمئة) للحد من تأثير المال في السياسة، بحسب نتائج الاستطلاع.