تظاهرة في شيكاغو قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي – أسوشيتد برس
تظاهرة في شيكاغو قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي – أسوشيتد برس

ينظر كثيرون إلى المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، الذي تجري فعالياته في شيكاغو، على أنه بمثابة اختبار للحزب ولحامل لوائه الجديد، نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

ويتوقع حضور 50 ألف شخص، بينهم قادة الحزب البارزون، إلى جانب الرئيس جو بايدن. ويهدف المؤتمر إلى تعزيز وحدة الحزب الديمقراطي وتسليط الضوء على رؤيتهم المستقبلية للبلاد، مع التركيز على القضايا الرئيسية التي تشغل الرأي العام الأميركي.

وتشير الصحيفة إلى 6 أشياء، تقول إنه يجب مراقبتها خلال هذا الأسبوع، أولها يتعلق بكيفية تقديم هاريس نفسها، إذ يعد خطابها فرصة لإظهار إلى أي مدى تنوي تشكيل هويتها السياسية الخاصة بها، وإظهار مدى اختلاف فترتها الرئاسية عن فترة بايدن.

ثانيا: وحدة الحزب الديمقراطي، إذ يأمل الديمقراطيون أن يظل الحزب متحدا خلال أيام المؤتمر، وفي أذهانهم المؤتمر الخالي من الخلافات الذي نظمه المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، الشهر الماضي، في ميلووكي.

ورجحت الصحيفة أن يخيّم على المؤتمر الديمقراطي مظاهرات احتجاج ضد دعم إدارة بايدن القوي لإسرائيل في حرب غزة، وتوقعت أن تمتد الاحتجاجات من الشوارع إلى قاعة المؤتمر.

ثالثا: تسلُّم الراية من كلينتون، إذ من المقرر أن تتحدث مساء الاثنين، المرشحة الديمقراطية في الانتخابات السابقة، هيلاري كلينتون، والتي هزمها ترامب في عام 2016 عندما حاولت أن تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة.

وهي الخسارة التي قال بعض الديمقراطيين إنها كانت علامة على عدم رغبة الأميركيين في انتخاب امرأة لأعلى منصب في البلاد. والآن تسعى هاريس إلى كسر هذا الحاجز. وسوف يُنظر إلى كلينتون على أنها تسلم هاريس عصا القيادة.

وذكر موقع "ذا كونفرسيشن"، أن قادة الحزب الديمقراطي سيركزون خلال مؤتمرهم على مجموعة من القضايا الأساسية التي تتصدر أجندة معركتهم الانتخابية ضد الجمهوريين، ومن بينها قضية الإجهاض وسياسة الهوية.

المنافسة مشتعلة بين هاريس وترامب - أرشيفية
الهجرة وغزة وقضايا أخرى.. ما الاختلاف بين هاريس وترامب بشأن الملفات الشائكة؟
تتركز حملة المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، على إكمال ما بدأه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي حلت محله في السباق الانتخابي، إذ وعدت بمواصلة الكثير مما كان يفعله بايدن خلال السنوات الأربع الماضية، حال جرى انتخابها في انتخابات نوفمبر.

وتوقعت فوربس أن يتحدث ثلاثة رؤساء في المؤتمر: الرئيس الحالي، جو بايدن، والرئيس الأسبق باراك أوباما، والرئيس الأسبق، بيل كلينتون.

رابعا: ظهور بايدن الذي ربما يمثل له المؤتمر إحدى لحظاته الكبيرة الأخيرة على المسرح الأميركي.

وبرأي صحيفة نيويورك تايمز، ستكون هذه فرصة للحزب الديمقراطي لتكريم بايدن ومنحه فرصة لإلقاء خطاب وداع مبكر، ولتلاوة إنجازاته وطرح قضية خليفته هاريس.

خامسا: الجيل القادم، ذلك أن الحزب الديمقراطي يملك مجموعة قوية من المرشحين الذين لم يرغبوا في منافسة بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب، وكان بعضهم يستعد للترشح في عام 2028 أو المنافسة على بطاقة المرشح الديمقراطي حال انسحاب بايدن.

لكن السرعة التي تجمّع بها الحزب حول هاريس بعد أن أعلن بايدن انسحابه، منعتهم من الانضمام إلى المنافسة، وفي حال فوز هاريس في نوفمبر، فقد يكون عام 2028 صعبا أيضا.

سيمنح المؤتمر هؤلاء المرشحين، فرصة لتقديم أنفسهم للمستقبل، إذ ستوفر فترات التحدث، ووجبات الإفطار مع الوفود المحلية والخارجية، فرصة لهم للتعريف أكثر بأنفسهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن حاكم بنسلفانيا، جوش شابيرو، وحاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر، وحاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، وحاكم إلينوي، جي بي بريتزكر، ووزير النقل، بيت بوتيجيج، أبرز المرشحين الديمقراطيين المحتملين في المستقبل للبيت الأبيض.

وأخيرا: ترامب الذي لن يلتزم بالعادة التاريخية، المتعلقة بالصمت التام، خلال مؤتمر الحزب المنافس، وفق الصحيفة ذاتها.

إذ من المتوقع أن يزور الحدود الأميركية المكسيكية في مونتيزوما باس الخميس، وهو اليوم الذي ستقدم فيه هاريس خطاب قبولها الترشح عن الحزب الديمقراطي.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.