بايدن روج خلال خطابه لدور هاريس في الإنجازات التي حققتها إدارته
بايدن روج خلال خطابه لدور هاريس في الإنجازات التي حققتها إدارته

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كاملا هاريس، بدعم واسع النطاق خلال أول أيام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو، الإثنين، وسط تفاؤل بفوزها في السباق الرئاسي أمام منافسها الجمهوري دونالد ترامب.

وشهدت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الذي يستمر حتى الخميس، ظهور غير متوقع لهاريس في كلمة مقتضبة، وإلقاء الرئيس جو بايدن خطابا قال فيه إن "هاريس ستكون الرئيسة الـ47 للولايات المتحدة".

كما ألقت السيدة الأولى، جيل بايدن، كلمة، ووزيرة الخارجية السابقة، أول مرشحة رئاسية للحزب الجمهوري، هيلاري كلينتون، التي أعربت عن أملها في أن تتمكن نائبة الرئيس من تحقيق الإنجاز الذي تعذر عليها هي الوصول إليه.

"إنقاذ الديمقراطية"

وأمام ما يقرب من 50 ألف شخص، ألقى بايدن خطابا لمدة 38 دقيقة تقريبا، بدأ بعد 4 دقائق من تصفيق حار وهتاف "شكرا لك جو!". فيما رفح الحضور ومن بينهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، لافتات كُتب عليها "نحن نحب جو".

رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي

وسلط بايدن في أجزاء من خطابه الضوء على إنجازاته في البيت الأبيض وأسباب انسحابه من السباق الرئاسي، داعيا إلى تقديم دعم واسع النطاق لهاريس خلال الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.

وحسب شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، فإن بايدن طرح خلال خطابه خيار "إنقاذ الديمقراطية" مع هاريس، مشددا على أن بلاده تخوض "معركة من أجل مستقبل الديمقراطية".

وقال بايدن الذي صعد على المنصة بـ"عيون دامعة" بعد أن قدّمته ابنته آشلي لإلقاء هذا الخطاب الختامي لمسيرته السياسية، مخاطبا الحشد الذي قابله بهتافات صاخبة وتصفيق حار "أحبكم جميعا. وأحب أميركا".

وقال في بداية خطابه: "هل أنتم مستعدون للتصويت من أجل الحرية؟ هل أنت مستعدون للتصويت من أجل الديمقراطية وأميركا؟ اسمحوا لي أن أسألكم، هل أنت مستعد لانتخاب كامالا هاريس و(نائبها) تيم والز؟".

وأشاد بايدن خلال أجزاء من خطابه بإنجازات إدارته ودورها في تعزيز الاقتصاد الأميركي وتعزيز التحالفات الأميركية في الخارج، مدافعا عن انتخاب الأميركيين لهاريس كخليفة له في البيت الأبيض.

"قوة النساء في 2024"

وخلال الخطاب تحدث بايدن (81 عاما)، عن انسحابه من السباق الرئاسي، مشيرا إلى أنه "غير غاضب من الأشخاص الذين دعوه إلى الانسحاب".

وأطلق بادين نكتة قصيرة حول عمره، قائلا إنه يعرف الكثير من زعماء العالم "لأنه كبير السن للغاية".

وأنهى بايدن حملة إعادة انتخابه قبل شهر، تحت ضغط من كبار الديمقراطيين الذين اعتراهم القلق من قدرته على الفوز أو الحكم لأربع سنوات أخرى مع تقدمه في العمر.

ووجه بايدن كلمات محددة إلى المرشح الجمهوري للانتخابات، دونالد ترامب، معتبرا أنه "خاسر"، قائلا: "ترامب يصف أميركا بأنها دولة فاشلة. ويقول إننا نخسر. إنه الخاسر. إنه مخطئ تماما".

الرئيس الأميركي جو بايدن

وسعى بايدن خلال خطابه إلى الترويج لدور هاريس في الإنجازات التي حققتها إدارته خلال السنوات الماضية، وفق شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، بدءا من الاستثمارات في البنية التحتية إلى خفض أسعار الأدوية.

وقال: "بفضلكم، شهدنا واحدة من أكثر 4 سنوات استثنائية من التقدم على الإطلاق. وعندما أقول نحن، أعني كامالا وأنا".

وأضاف أنه يريد أن يؤكد على أن "الديمقراطية سادت وأسفرت عن نتائج، والآن يجب الحفاظ على الديمقراطية".

وأثار بايدن خلال خطابه حقوق الإنجاب باعتبارها قضية انتخابية رئيسية، بعد أن ألغت المحكمة العليا في قضية "رو ضد وايد" الحق في الإجهاض، قائلا: "لقد اكتشف الجمهوريون المؤيدون لترامب قوة النساء في عام 2022. وسيكتشف ترامب قوة النساء في عام 2024".

ظهور هاريس المفاجئ 

في نهاية خطاب الرئيس بايدن، انضمت إليه هاريس بشكل مفاجئ على المنصة، حيث ألقت كلمة مقتضبة أشادت خلالها به.

وقالت وسط هتافات الحاضرين: "أريد أن أبدأ بالاحتفاء برئيسنا الرائع جو بايدن. جو، شكرا لك على قيادتك التاريخية وعلى خدمتك أمتنا مدى الحياة".

هاريس تنضم بشكل مفاجئ إلى بايدن على المنصة في أول أيام مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي

وأضافت: "أنظر إليكم جميعا وأرى جمال هذا الوطن العظيم، أشخاص من شتى أنحاء البلاد ومن كل مستويات الحياة، ما يوحدنا هو رؤية موحدة لمستقبل بلادنا، وفي شهر نوفمبر سنتوحد بصوت واحد كشعب واحد سنقول نحن نتقدم إلى الأمام".

وتابعت هاريس: "بتفاؤل وأمل وبإيمان. ما يقودنا هو حبنا للبلاد وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، كل هذه الأفكار التي نحب. ولنتذكر دائما عندما نكافح، نفوز".

"سنقاتل وسننتصر"

وخلال اليوم الأول من المؤتمر، ألقت أيضا السيدة الأولى، خطابا تحدثت فيه عن "لطف الرئيس بايدن وتفانيه في مساعدة الآخرين خلال سنوات خدمته"، مشددة على ضرورة دعم هاريس في الانتخابات الرئاسية.

وقالت جيل بايدن إنها وعائلتها كانوا يقدرون هاريس لسنوات، بالنظر إلى "قربها من ابنها الراحل بو بايدن".

وأضافت: "لقد رأينا شجاعتها وتصميمها وقيادتها عن قرب. كامالا وتيم والز، ستفوزان، وأنتما تلهمان جيلا جديدا".

وتابعت السيدة الأولى: "سنقاتل وسننتصر معا".

السيدة الأولى جيل بايدن

"المستقبل هنا!"

وفي أول مؤتمر للحزب الديمقراطي تحضره شخصيا منذ ترشحها لانتخابات الرئاسة قبل 8 سنوات، أعربت هيلاري كلينتون، عن أملها في أن تتمكن هاريس من تحقيق الإنجاز الذي تعذر عليها هي الوصول إليه.

وقالت كلينتون خلال كلمتها التي جاءت بعد خطاب بايدن، وسط تصفيق متواصل من الحضور: "المستقبل هنا! أتمنى أن تتمكن أمي وأم كامالا من رؤيته"، وذلك في إشارة إلى أنه في حال فوز هاريس بالانتخابات، فستصبح أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة.

وأضافت كلينتون، التي كانت أول امرأة تفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض السباق الرئاسي عام 2016: "إن قصة حياتي وتاريخ بلادنا تؤكد أن التقدم ممكن، لكن ليس مضمونا. يتعين علينا أن نناضل من أجله، وألا نستسلم أبدا".

هيلاري كلينتون

وحسب شبكة "إن بي سي نيوز"، فإن وزيرة الخارجية السابقة، تحدثت خلال كلمتها عن دورها وهاريس في تأييد حقوق المرأة، حيث كان من الممكن رؤية بعض النساء وهن يمسحن دموعهن -بما في ذلك جوين والز، زوجة نائب هاريس في الحملة الانتخابية، حاكم ولاية مينيسوتا تيم والتز- وتأييدهن لكلام كلينتون بشأن سخرية دونالد ترامب منها ومن ضحكات هاريس.

وقالت كلينتون: "معاً، نجحنا في إحداث الكثير من الشقوق في السقف الزجاجي الأكثر صلابة. الليلة، نحن قريبون جدا من اختراقه مرة واحدة وإلى الأبد"، وذلك في إشارة إلى إمكانية فوز أول امرأة بانتخابات الرئاسة الأميركية.

وأضافت: "عندما يسقط حاجز أمام واحد منا، فإنه يمهد الطريق لنا جميعا".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.