People take part in a protest organized by pro-abortion rights, pro-LGBT rights and pro-Palestinian activists, in Chicago
تشهد شيكاغو تظاهرات حاشدة تطالب بوقف الحرب في غزة تزامنا مع انعقاد المؤتمر الوطني للديمقراطيين

منذ اليوم الأول للمؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو، واجهت نائبة الرئيس كامالا هاريس تحديا كبيرا من اليسار التقدمي، إذ نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع القريبة من مركز يوينيد للتعبير عن غضبهم من دعم إدارة بايدن لإسرائيل وفشلها في إنهاء الحرب على غزة.

وأظهرت هاريس نبرة فيها تعاطف مع الضحايا الفلسطينيين في غزة، وتأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. لكن غضب المحتجين الذين تجمعوا بالآلاف أمام مقر انعقاد المؤتمر في شيكاغو يكشف بأن عليها أن تقدم أكثر من ذلك.

وعلى مدى يومين، تجمع آلاف المحتجين في شيكاغو للتعبير عن استيائهم من طريقة تعامل إدارة الرئيس، جو بايدن، مع الحرب في غزة. وكانت هذه الاحتجاجات بمثابة تذكير بأن غضب الناشطين والمجتمعات التي يمثلونها، قد يضر بفرص هاريس للفوز بالرئاسة في نوفمبر المقبل.

وتشهد هاريس ضغوطا متزايدة من ناشطين وقادة سياسيين داخل الحزب الديمقراطي، الذين يطالبون الإدارة الأميركية بمزيد من الخطوات العملية لوقف إطلاق النار في غزة.

ومثل المحتجون مختلف الأعمار والخلفيات، بما في ذلك مجموعات متباينة تتراوح اهتماماتها من قضايا البيئة وحقوق الإجهاض إلى حقوق LGBTQ.

ومع ذلك، كان هناك شعور واسع بين المتظاهرين بالإحباط، فقد اعتبر البعض أن تنازل الرئيس، جو بايدن، عن الترشح لصالح هاريس "لن يحدث فرقا كبيرا" في السياسة الأميركية.

رغم الاحتجاجات تجنب قادة الديمقراطيين التطرق إلى حرب غزة بشكل واضح

"تغيير النبرة غير كاف"

ورغم محاولات هاريس لتخفيف حدة الاحتجاجات عبر تغيير نبرة خطابها بشأن الحرب على غزة، لم تختلف سياستها بشكل ملحوظ عن سياسة الرئيس بايدن، مما يزيد من تعقيد موقفها مع تقدمها في الساحة السياسية.

ودعمت هاريس حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وعارضت حظر توريد الأسلحة لها، وهو ما يتناقض مع مطالب بعض قادة الحزب الديمقراطي بضرورة تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وحظر تقديم الأسلحة.

ويصر بعض قادة الحزب الديمقراطي على أن تغيير النبرة من دون تغيير حقيقي في السياسات الأميركية لن يكون كافيا.

وفي تعبير عن هذا الاستياء، رفع المحتجون لافتة في مؤتمر الحزب الديمقراطي تطالب بوقف تسليح إسرائيل.

ويطالب الناشطون بإجراءات ملموسة، بما في ذلك سياسة وقف الدعم العسكري لإسرائيل، وهو ما يعتبرونه أساسيا لإنهاء الأزمة ووقف قتل المدنيين.

وأكد الناشطون من المجتمع العربي الأميركي على حاجة هاريس وبايدن لتبني سياسات جديدة أكثر فاعلية تتجاوز مجرد التغييرات في النبرة.

ورغم الاحتجاجات، تجنب المتحدثون الديمقراطيون الحديث بشكل مكثف عن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

لكن الرئيس بايدن أشار إلى الاحتجاجات، مبديا تفهمه لموقف المتظاهرين، وأهمية التوصل إلى هدنة وإنهاء النزاع في قطاع غزة.

وفي خطابه، أعلن بايدن عن جهوده الأخيرة لتحقيق وقف إطلاق النار، قائلا: "قبل أيام قليلة، قدمت اقتراحا جعلنا أقرب لتحقيق وقف إطلاق النار أكثر من أي وقت مضى منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر".

وأضاف أنه سيواصل العمل لإعادة المحتجزين وإنهاء الحرب في غزة، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز الأمن في الشرق الأوسط.

وخلال خطاب آخر حول الرعاية الصحية في نورث كارولاينا، قوبل بايدن بصيحات احتجاجية من ثلاثة متظاهرات انتقدن تدهور الأوضاع الصحية في غزة.

رد بايدن من على المنصة قائلا: "الجميع يستحق الرعاية الصحية"، معترفا بوجود نقاط صحيحة في انتقادات المتظاهرين.

وأعلن بايدن في مايو عن توجيه الجيش الأميركي لفتح ممر بحري للمساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو الخطوة الأكثر أهمية التي اتخذتها الولايات المتحدة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس.

بايدن أبدى في خطابه تفهما لمواقف المحتجين في شيكاغو بشان الحرب في غزة

تعزيز الأمن في المؤتمر 

وفي ضوء الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها مؤتمر الحزب الديمقراطي الوطني، عززت فرق الأمن في شيكاغو إجراءات الحماية حول منطقة المؤتمر، فيما يستمر المتظاهرون في الاحتشاد لليوم الثاني.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، وضعت الشرطة صفا ثالثا من الأسوار الأمنية في منطقة الشارع الرئيسي حيث تمكنت مجموعة من المتظاهرين من اختراق سياج أمني، الاثنين.

ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وحملوا لافتات تطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، كما هتفوا بشعارات مناهضة للإدارة الأميركية، منها: "بايدن، هاريس، لا يمكنكم الاختباء، أنتم تمولون إبادة جماعية".

وقال الضابط في شرطة شيكاغو، لاري سنيلينغ، إن بعض أفراد الشرطة تعرضوا لإصابات خفيفة نتيجة رشقهم بزجاجات مياه ورشهم برذاذ الفلفل، ولكن لم تسجل إصابات خطيرة.

وأضاف أن الشرطة أظهرت قدرا كبيرا من ضبط النفس في تعاملها مع الوضع. واعتقلت 13 شخصا خلال الاحتجاجات، بما في ذلك 10 أشخاص اخترقوا السياج، بتهم تتراوح بين التعدي الجنائي إلى الاعتداء على عناصر الشرطة.

وكان حاكم إلينوي، جي بي بريتزكر، قد أكد أن السلطات لديها خطة أمنية محكمة وأن الاختراق كان لفترة قصيرة.

وأكد احترام الحق في الاحتجاج، لكنه رفض أي تصرفات عنيفة. وتسببت الاحتجاجات والنشاطات الأخرى في تأخيرات كبيرة لوسائل النقل، مما أثر على الحضور.

شهدت شيكاغو تظاهرات أمام القنصلية الإسرائيلة تطالب بوقف الحرب على غزة

وسيقوم نحو 4700 مندوب في المؤتمر بتسمية هاريس رسميا مرشحة الحزب لانتخابات الخامس من نوفمبر، في تصويت يترافق مع مراسم احتفالية، يشكل إعادة لعمليات الاقتراع التي تمت عبر الإنترنت وحصلت خلالها نائبة الرئيس الأميركي على غالبية أصوات المندوبين.

وانضمت هاريس التي تلقي، الخميس، الكلمة الرئيسية في المؤتمر، إلى بايدن على المسرح بعد انتهاء خطابه وتعانقا فيما خص الحضور بايدن باستقبال حار وصفقوا وقوفا له بعد أقل من شهر على قراره المباغت بالانسحاب من السباق الرئاسي.

حملة هاريس لم تواجه صعوبة بجمع التبرعات
حملة هاريس لم تواجه صعوبة بجمع التبرعات

توجّه مرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، تركيزها نحو المناطق التي طالما اعتبرت معاقل تقليدية للحزب الجمهوري في حملتها الانتخابية الحالية، في نهج يختلف عن استراتيجية الرئيس، جو بايدن، السابقة، وفقا لموقع "بوليتيكو".

وذكر الموقع أن نائبة الرئيس لا تركز فقط على المناطق الديمقراطية الكبرى مثل ميلووكي وأتلانتا وفيلادلفيا، بل تسافر أيضا إلى مدن أصغر مثل أو كلير في ويسكونسن وسافانا في جورجيا، بأهداف توسيع قاعدة الناخبين الديمقراطيين وتقليص الفجوة في المناطق التي كانت تقليديا تصوت للجمهوريين.

استراتيجية ديمقراطية

ووضع الديمقراطيون هذه الاستراتيجية الجديدة بعد الخسارة أمام الرئيس السابق، دونالد ترامب، في انتخابات عام 2016، لمحاولة الحد من هزائمهم في المناطق التي تميل إلى الجمهوريين، لكن الرئيس جو بايدن "حاد عن هذا النهج"، في وقت سابق من هذا العام، مركزا بشكل أساسي على المدن الكبرى في محاولة لإصلاح مشاكله مع القاعدة الديمقراطية.

ويكشف تحليل حديث أجرته "بوليتيكو"، عن أن هاريس توجّه اهتمامها نحو "المناطق الجمهورية"، سواء في جولاتها الميدانية أو حملاتها الإعلانية، في تحول استراتيجي يسلط الضوء على نقاط قوتها الفريدة، ويبرز التحديات التي تواجهها مقارنة ببايدن، وفق المصدر ذاته.

ويظهر أن حملة هاريس أصبحت أقل تركيزا على تعزيز قاعدتها الديمقراطية التقليدية، متجاوزة الحاجة للانشغال بشكل مكثف بالمراكز الليبرالية الكبرى، مثل فيلادلفيا، التي طالما شكلت محور الحملات الديمقراطية السابقة.

وبدلا من ذلك، يرى فريقها أن الفرصة سانحة للتوسع بين شرائح متنوعة من الناخبين في البلدات الصغيرة والضواحي والمناطق الريفية التي تزورها حاليا، وخاصة بين الناخبين البيض الأكبر سنا، الذين يفتقر معظمهم للتعليم الجامعي.

ويوضح دان كانينين، مدير الولايات المتأرجحة في حملة هاريس، قائلا: "هناك شريحة من الناخبين تحتاج لمعرفة المزيد عن نائبة الرئيس، فهم لا يعرفونها كما عرفوا جو بايدن. مهمتنا هي سد هذه الفجوة المعرفية، وضمان فهمهم لشخصيتها، ومبادئها، وإدراكهم أنها تناضل من أجل جميع الأميركيين".

رهان هاريس

وتبرز استراتيجية هاريس الجديدة بوضوح في بنسلفانيا، حيث كثفت جهودها بشكل ملحوظ. في جولة حافلة قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي، زارت مناطق محافظة وريفية، بينما جال زميلها في الترشيح، تيم والز، في مقاطعات تقليدية جمهورية ومتأرجحة، وفقا للموقع.

وسعت هاريس نطاق نشاطاتها متجاوزة المناطق المفضلة لبايدن في فيلادلفيا، موجهة قدرا كبيرا من مواردها نحو مناطق أخرى في الولاية. إذ مثلا، فاق عدد زياراتها لغرب بنسلفانيا، خلال الأسابيع الستة الأولى، من حملتها ما قام به بايدن، طوال الأشهر الستة السابقة.

غير أن "بوليتيكو" تلفت إلى أنه كان لهاريس الأصغر من بايدن بأكثر من عقدين، الطاقة للحفاظ على جدول أعمال أكثر نشاطا يجوب الولايات المتأرجحة.

وجادل مساعدو المرشحة وبايدن بأن الاختلاف الحاصل في تحركاتهما خلال الحملة، يمكن تفسيره من خلال التقويم الانتخابي، إذ أنه في وقت مبكر من الحملة يجب على المرشحين الرئاسيين توحيد قاعدتهم، قبل أن يتحولوا لاحقًا إلى كسب أصوات الناخبين المتأرجحين، وكان بايدن سيذهب في النهاية إلى هذه الأماكن أيضا.

ويراهن فريق هاريس على كسب أصوات في المناطق المتأرجحة والريفية من خلال التركيز على قضايا مثل مكافحة التلاعب بالأسعار وخفض تكاليف الأدوية وقضايا الحقوق الإنجابية.

ويرى خبير استطلاعات الرأي، بيروود يوست، أن هاريس عززت دعمها في المراكز الحضرية، لكنها تواجه تحديات في الضواحي، خاصة في المناطق التي يقطنها ناخبون بيض أكبر سنا.

وتقلل حملة ترامب من أهمية استراتيجية هاريس، مركزة على تعزيز دعمها في المناطق الريفين، مؤكدين على سياسات المرشح الجمهوري الداعمة للمزارعين وموقفه من الصين والتجارة كعوامل جذب للناخبين الريفيين والعمال.

المتحدثة باسم اللجنة الوطنية الجمهورية، آنا كيلي، تعتبر أن محاولات هاريس "متأخرة"، مشيرة إلى أن الناخبين الريفيين "تعبوا من خذلان الديمقراطيين لهم، وهم يصطفون لدعم الرئيس ترامب."

مايك كيلي، النائب الجمهوري وحليف لترامب يمثل جزءا من غرب بنسلفانيا، يرى أن جهود هاريس "تنم عن ضعف"، مؤكدا أن ترامب "أقرب لروح بيتسبرغ مما أعتقد أن نائبة الرئيس ستكون. أعتقد أنها تبدو كشخص من كاليفورنيا".

ورغم ذلك، توضح الصحيفة أن الاستراتيجية التي تعتمدها هاريس أظهرت نجاعتها مشيرة إلى تجربة فوز ديمقراطيين آخرين باستخدام نهج مماثل في انتخابات سابقة، إذ أن حاكم بنسلفانيا، جوش شابيرو، والسيناتور جون فيترمان، اعتمدا نفس المقاربة في انتخابات 2022، مع شعار "كل مقاطعة، كل صوت".

ويوضح نائب شابيرو، أوستن ديفيس، أن هاريس تتبع نفس الاستراتيجية الناجحة، مضيفا "عليك أن تجوب الولاية بأكملها وتشرك الجميع، وخاصة في الأماكن التي لا يسهل فيها أن تكون ديمقراطيا"، مضيفا "يمكنك أن تخسر هناك، لكن لا يمكنك أن تخسر بهامش كبير."