أكسيوس ذكر أن هناك "عداء شخصيا" بين الرئيسين السابقين
أكسيوس ذكر أن هناك "عداء شخصيا" بين الرئيسين السابقين

في انتخابات عام 2020 وفي 2024 أيضا، كان للرئيس الأسبق، باراك أوباما، "دور هادئ ولكن قوي" في تحديد المرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي وتشكيل الكوادر المشرفة على الحملات الانتخابية لإبقاء الرئيس السابق، دونالد ترامب، خارج البيت الأبيض، وفق تقرير لموقع "أكسيوس".

ويشير التقرير إلى أن دافع أوباما هو قلقه العميق بشأن مزاج ترامب وسياساته، لكن أكسيوس نوه أيضا إلى وجود "عداء شخصي" و"نزاع مرير" بدآ بينهما منذ عام 2011، عندما روج ترامب لنظرية مؤامرة بشأن "أصل" أوباما، مطالبا إياه بالكشف عن شهادة ميلاده تحت مزاعم أنه لم يولد في الولايات المتحدة، وبالتالي لم يكن مؤهلا قانونيا للرئاسة. 

وذكّر أكسيوس بتصريحات لرئيس موظفي البيت الأبيض في عهد أوباما، بيل دايلي، تعود إلى العام 2011، قال فيها لأكسيوس ردا على سؤال بشأن مشاعر أوباما تجاه ترامب: "لا يمكنك أن تقلل من أهمية موضوع شهادة الميلاد، كانت تلك محاولة تشويه سمعته كشخص".

ويوم الثلاثاء، صعد كل من أوباما، وزوجته، السيدة الأولي السابقة، ميشيل، على خشبة مسرح المؤتمر الوطني الديمقراطي لدعم المرشحة للانتخابات، كامالا هاريس، ووجهات "ضربات" لترامب "تحت الحزام"، وفق تعبير أكسيوس، في إشارة إلى هجومهما على شخصية ترامب وليس فقط سياساته.

ففي خطابه، الثلاثاء، قال أوباما: "لدينا ملياردير عمره 78 عاما لم يتوقف عن النحيب بشأن مشاكله منذ أن نزل من مصعده الذهبي قبل تسع سنوات".

وقالت السيدة الأولى السابقة: "إن نظرته (ترامب) المحدودة والضيقة للعالم جعلته مهددا بتواجد عاملَين كادحَين ناجحَين اثنين حظيا بتعليم رفيع وهما أيضا سود"، مشيرة إلى نفسها ولزوجها، أوباما.

وهتف الجمهور مؤيدا، لتضيف قائلة: "إنها حيلته القديمة ذاتها: مضاعفة الأكاذيب البشعة والتي تتضمن كره النساء والعنصرية كبديل عن أفكار وحلول حقيقية من شأنها أن تحسّن من حياة الناس".

وردا على تصريحات أوباما وزوجته، قال ترامب في تجمع انتخابي في نورث كارولاينا، الأربعاء: "هل شاهدتم ما فعله باراك حسين أوباما ليلة أمس؟ كان يطلق هجماته الصغيرة؟ كان يطلق هجماته على رئيسكم. وحتى زوجته ميشيل".

وأضاف "أتعلمون؟ هم دوما يقولون: 'سيدي رجاء التزم بالسياسة ولا تحول الأمر لقضية شخصية'، وحتى مع ذلك فإن هؤلاء (الديمقراطيين) كانوا يهاجمونني شخصيا طوال الليل، هل يتوجب علي أن أظل ملتزما بالسياسة الآن؟".

وذكر ترامب أن مستشاريه ينصحونه بقصر خطبه على التضخم وسياسات الحدود والهجرة غير الشرعية. 

"أوباما صنعه"

ويشير أكسيوس إلى أنه رغم الجهود التي يبذلها أوباما من أجل هزيمة ترامب، فهو يدرك أنه "ساهم في صنعه".

وفي عشاء المراسلين الذي استضافه البيت الأبيض، عام 2011، رد الرئيس حينها، أوباما، على مزاعم ترامب بشأن مكان ولادته.

وعلى عكس نصيحة مستشاريه، استخدم أوباما العشاء لإهانة ترامب. 

وقال دايلي للموقع: "لقد تجاوز (أوباما) الحدود كثيرا. حتى أنني، بصفتي رئيسا لموظفي البيت الأبيض، فكرت حينها 'ربما نبالغ في هذا الأمر'. لكن هذا لم يكن مهما".

وينوه الموقع إلى أن ترامب ربما كان قد شعر بالإحراج علنا، لكن وراء الأبواب المغلقة كان يشحن طاقته، إذ أصبح رئيسا بعد خمسة أعوام ونصف.

وفي عام 2016، عقب فوز ترامب بالرئاسة، عبّر أوباما عن شعوره بالإحباط وذكر أنه كان يؤمن أنه كان بإمكانه هزيمة ترامب لو أن الدستور الأميركي سمح برئاسة ثالثة.

وقال في مقابلة نقلها موقع الإذاعة الوطنية "إن بي آر": "أنا واثق من أني لو ترشحت من جديد وأوضحت ذلك، أعتقد أنني كنت لأتمكن من حشد غالبية الشعب الأميركي خلف الأمر".

وخلال رئاسته قابل ترامب مشاعر أوباما بمثلها، وعلى صعيد شخصي أيضا، إلا أنه مؤخرا أظهر المرشح الجمهوري نية حسنة باتجاهه. 

وقال في مقابلة مع "سي أن أن"، الثلاثاء: "يصادف أني أستلطفه.. أكن له ولزوجته احترامي". 

يذكر أن ترامب سعى خلال رئاسته إلى عكس القرارات التي صدرت عن رئاسة أوباما، من بينها الانسحاب من الاتفاقية مع إيران بشأن برنامجها النووي وإعادة النظر في برنامج الرعاية الصحية الشهير باسمه "أوباما كير".  

انتقادات أوباما لترامب وراء عدسات الكاميرات كانت أسوأ، إذ نقل عنه في كتاب بعنوان "معركة من أجل الروح: داخل حملات الديمقراطيين لهزيمة دونالد ترامب"، ذكر المؤلف والكاتب في صحيفة "أتلانتيك" إداورد آيزيك دوفير، أن أوباما كان يوجه انتقادات لاذعة تجاه ترامب أمام المتبرعين. 

وذكرت الغارديان في تقرير عن الكتاب، عام 2021، أن أوباما كان قد وصف ترامب بأنه "مجنون" و"فاسد".  

"هجوم شخصي بقدر ما هو سياسي"

في عام 2020، ظل أوباما محايدا لمعظم موسم الانتخابات التمهيدية، عندما كان يبدو أن بيرني ساندرز قد يكون مرشحا للحزب الديمقراطي، ولكن عندما حقق نائبه السابق، جو بايدن، فوزا كبيرا في ساوث كارولينا، ساعد أوباما بايدن في تعزيز الدعم بين صفوف الحزب الديمقراطي ضد ساندرز وتوحيد الحزب بعد الانتخابات التمهيدية الصعبة.

ثم انضم العديد من مساعدي أوباما السابقين إلى حملة بايدن الرئاسية في أدوار رفيعة المستوى، ليواصل بايدن هزيمة ترامب في الانتخابات العامة، في حملة افترض العديد من الديمقراطيين أنها ستنهي المسيرة السياسية لترامب.

وفي عام 2020، نوه موقع مجلة "تايم" إلى أن أوباما لم يتصرف مثل ما سبقه من رؤساء تركوا مناصبهم، والذين يندر أن ينتقدوا من يخلفهم. 

وباستخدام لغة لم يسمع بها من رئيس سابق، استغل أوباما وقته في مخاطبة المؤتمر الافتراضي لحزبه الديمقراطي لوصف ترامب بأنه "كسول" و"غير قادر على القيام بالمهمة" أو حتى أخذها على محمل الجد. 

وبدلاً من ذلك، قال أوباما إن ترامب "لم يُظهر أي اهتمام بمعاملة الرئاسة باعتبارها أي شيء سوى برنامج واقعي آخر يمكنه استخدامه للحصول على الاهتمام الذي يتوق إليه". وقال إن آماله في أن يدرك ترامب المسؤولية الملقاة على عاتقه كانت فارغة.

وفي العام ذاته، نشر موقع "إن بي آر" تقريرا قال فيه: "قبل ترامب، بدا أن جميع الرؤساء السابقين كانوا على وفاق، حتى على الرغم من الانقسام الحزبي، من منطلق احترام مؤسسة الرئاسة. ولكن الأمر لم يعد كذلك الآن".

ترامب، من جانبه، كان قد وصف علاقته بأوباما، في مقابلة مع "فوكس نيوز"، عام 2023، إن علاقتهما "كانت جيدة" خلال تسلم الإدارة الأميركية بعد فوز ترامب عام 2016، مضيفا أنه "كان لطيفا وزوجته كانت لطيفة". 

لكنه استدرك قائلا: "إحدى المشاكل مع أوباما، هي أننا مختلفان فيما يتعلق من ناحية أني كنت أرى الأمور بصورة مختلفة عنه".

وأضاف "كانوا يحبونه في أوروبا، لأنه سمح لهم بنهبنا". 

وفي يونيو الماضي، أفسد بايدن مناظرته ضد ترامب، ولم يقف أوباما في طريق الجهود المبذولة لدفع بايدن جانبا، وفق أكسيوس.

وعندما انسحب بايدن وأيد هاريس، انضم العديد من مستشاري أوباما الحاليين والسابقين إلى حملة هاريس في أدوار عليا.

ويشير "أكسيوس" إلى أن أوباما كان ليدعم أي مرشح ديمقراطي بصرف النظر عن المرشح الجمهوري الذي يواجهه، لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن "هجماته الشخصية على ترامب"، بما في ذلك ما قاله في خطاب الثلاثاء بشأن ما وصفه بـ "هوس ترامب الغريب بأحجام الحشود" مشيرا بيديه بحركة قد تفهم بشكل آخر "كانت شخصية بوضوح بقدر ما هي سياسية".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.