نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس

تركز الخطة الاقتصادية لنائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، التي قبلت ترشيح الحزب الديمقراطي لها في السباق الرئاسي، الخميس، على خفض التكاليف وتعزيز الفرص الاقتصادية للأميركيين من الطبقات المتوسطة والدنيا، من خلال تدابير تشمل الإعفاءات الضريبية وتوفير الأدوية بأسعار أقل.

ويُقدر تحليل من لجنة الميزانية الفدرالية المسؤولة، وهي منظمة غير حزبية للسياسة العامة في واشنطن، أن السياسات التي حددتها هاريس في جدول أعمالها لأول 100 يوم في منصب الرئيس، "ستزيد العجز بمقدار 1.7 تريليون دولار على مدى عقد من الزمان"، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

ومع ذلك، قالت حملة هاريس إن تكاليف الخطة الاقتصادية "يمكن تعويضها من خلال زيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء والشركات الكبرى".

وفيما يلي نستعرض الأجزاء الرئيسية من خطة هاريس الاقتصادية، وفقا لـ"بلومبيرغ":

تمديد التخفيضات الضريبية

كان قانون تخفيضات الضرائب وتحفيز فرص العمل الذي أصدره الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2017، سببا في خفض معدلات الضرائب على الشركات ومعظم الأميركيين. ومن المقرر أن ينتهي العمل به في نهاية عام 2025.

وفي إطار خطتها الاقتصادية، اقترحت هاريس الإبقاء على معدلات الضرائب الحالية كما هي بالنسبة لأولئك الذين يكسبون أقل من 400 ألف دولار، مع زيادة الضرائب على ذوي الدخل المرتفع.

كما أنها تدفع باتجاه زيادة معدل ضريبة الشركات إلى 28 بالمئة، ارتفاعا من 21 بالمئة الحالية، مؤكدة أن زيادة الضرائب "ستعزز إيرادات الولايات المتحدة".

وتقول أستاذة القانون وسياسة الضرائب في كلية القانون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، كيمبرلي كلوزينغ، لـ"بلومبيرغ"، إن تمديد جزء من قانون خفض الضرائب وتحفيز فرص العمل سيكون "مكلفا للغاية".

ومع ذلك، فإن خطة هاريس ستكلف أقل من خطة ترامب، المرشح الرئاسي الجمهوري، الذي قال إنه يريد تمديد التخفيضات بالكامل، وتنفيذ تخفيضات إضافية في معدل الضريبة على الشركات، وفق الوكالة.

لكن كلوزينغ، وهي مسؤولة سابقة في وزارة الخزانة خلال إدارة الرئيس جو بايدن، تضيف أن زيادة الضرائب على الأفراد الأثرياء "يمكن أن تساعد في تمويل بعض سياسات هاريس الاقتصادية الأخرى، بما في ذلك توسيع نطاق الإعفاء الضريبي للأطفال".

الإعفاء الضريبي الخاص بالأطفال

اقترحت هاريس إعادة الإعفاء الضريبي الموسع الخاص بالأطفال الذي أقره الديمقراطيون في خطة الإنقاذ الأميركية لعام 2021، والذي انتهى منذ ذلك الحين.

والإعفاء الضريبي الخاص بالأطفال، هو برنامج أميركي يهدف إلى تقديم دعم مالي للأسر التي لديها أطفال، وتم توسيعه مؤقتا خلال جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى زيادة الدفعات الشهرية التي يتلقاها الأهالي.

وحسب "بلومبيرغ"، من المستهدف رفع حد الإعفاء إلى ما يصل إلى 3600 دولار من 2000 دولار لكل طفل مؤهل، مع إعفاء جديد بقيمة 6000 دولار للمواليد الجدد.

ويُقدر خبراء الاقتصاد، وفق الوكالة، أن هذا سيكون "من بين أكثر مقترحات هاريس تكلفة"، رغم أنهم يشيدون بالفوائد الاقتصادية للبرنامج.

وساعد الإعفاء الضريبي الموسع للأطفال في خفض معدل فقر الأطفال إلى أدنى مستوى قياسي بلغ 5.2 بالمئة في عام 2021، وفقا لمكتب الإحصاء الأميركي.

ويؤكد الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، الأستاذ بجامعة كولومبيا، جوزيف ستيغلز، لـ"بلومبيرغ" أن "الأطفال الذين يكبرون في فقر لن يكونوا منتجين بنفس القدر. ولن يحققوا نتائج جيدة في المدرسة، ولن يتحسنوا في حياتهم في وقت لاحق".

حظر التلاعب بالأسعار

رغم أن التفاصيل لا تزال غامضة، فقد دعت هاريس إلى سن قانون فدرالي لمكافحة التلاعب بأسعار المواد الغذائية والبقالة.

ووفقا لخطة المرشحة الديمقراطية، فإن لجنة التجارة الفدرالية وغيرها من الهيئات، ستفرض عقوبات على الشركات التي تنتهك القواعد الخاصة برفع الأسعار، وستساعد في جعل صناعة الأغذية أكثر قدرة على المنافسة.

وحسب "بلومبيرغ"، فقد أثار هذا الاقتراح انتقادات من بعض خبراء الاقتصاد، الذين تساءلوا عن كيفية تحقيق هدفها بالضبط.

ويقول معظم خبراء الاقتصاد إن فرض ضوابط الأسعار "سيكون سياسة سيئة، لها آثار اقتصادية سلبية".

لكن وفقا لكبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة "موديز أناليتيكس"، مارك زاندي، فإن زيادة سياسات مكافحة الاحتكار والقدرة التنافسية "قد تكون مفيدة".

ومع ذلك، لا يؤيد زاندي فرض سقف للأسعار أو تثبيتها، لكنه يرى أن زيادة التدقيق في الممارسات التنافسية وممارسات التسعير والصناعات، "تشكل سياسة جيدة".

ويقول: "ينبغي أن تركز هذه السياسة على ضمان تنافسية الأسواق وحصول المستهلكين على كل المعلومات التي يحتاجون إليها، لاتخاذ قرارات شراء جيدة".

ورغم أن هذه الممارسات قد تؤدي إلى إبطاء معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية، فإنها من غير المرجح أن تؤدي إلى انخفاض الأسعار، حسب "بلومبيرغ".

حوافز جديدة لأصحاب المنازل وبنّائيها

اقترحت هاريس تقديم دعم يصل إلى 25 ألف دولار كدفعة أولى لمشتري المنازل لأول مرة، إلى جانب حافز ضريبي للبنائين الذين يعملون على بناء المساكن، داعية إلى إنشاء صندوق بقيمة 40 مليار دولار لتحفيز الابتكارات في مجال بناء المساكن.

وحسب ستيغلز، فإن هذه التدابير قادرة على المساعدة في معالجة النقص في المساكن وخفض التكاليف.

ومع ذلك، فإن هذه البرامج قد تؤدي إلى زيادة الطلب وعن غير قصد إلى ارتفاع أسعار المساكن، وفقا لمدير دراسات السياسة الاقتصادية في معهد "أميركان إنتربرايز"، مايكل سترين.

توسيع نطاق الرعاية الصحية

اقترحت هاريس فرض حد أقصى سنوي قدره 2000 دولار على تكاليف الأدوية الموصوفة لجميع الأميركيين. كما ترغب في تحديد سعر دفعات الأنسولين عند 35 دولارا شهريا، وزيادة الدعم للتأمين في السوق الفدرالية، والسماح لبرنامج الرعاية الصحية بتسريع المفاوضات بشأن أسعار الأدوية.

ويعتبر ستيغلز أن برنامج هاريس سيكون له دور مهم في خفض تكاليف المعيشة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون على الأدوية الموصوفة طبياً ومدفوعات الأنسولين.

فيما يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد، ديفيد كاتلر، إن هناك حاجة إلى مزيد من التفاصيل لتحديد التكلفة الفدرالية، للحد من التكاليف التي يتحملها المواطنون من جيوبهم الخاصة.

ومع ذلك، يضيف أن "التكلفة لن تكون باهظة للغاية على الأرجح"، وأن الفوائد الناتجة عن الأدوية الأرخص "ستكون كبيرة بالنسبة للعديد من الأميركيين".

إنهاء الضرائب على الإكراميات

اقترحت كل من هاريس وترامب إنهاء الضرائب الفدرالية على الإكراميات، لكن خبراء الاقتصاد متشككون في الخطة، وفق "بلومبيرغ"، حيث يُنظر إليها على أنها مجرد نقطة نقاش سياسية للانتخابات، وليس سياسة اقتصادية جادة.

وتقول كلوزينغ: "أشك في أنك ستجد مستشارا أو خبيرا سياسيا واحدا في البلاد يقترح أن هذه طريقة فعالة لتوجيه الأموال نحو الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، مقارنة بالأدوات التي لدينا بالفعل".

ويقترح ستيغلز أن الطريقة الأفضل لمعالجة قضية انخفاض أجور العاملين في قطاع الضيافة، تتمثل في زيادة الحد الأدنى للأجور.

فيما يصف سترين الاقتراح بأنه "حيلة من شأنها خفض العائدات الضريبية الفدرالية، في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من خلل مالي خطير للغاية".

يشار إلى أن هاريس استخدمت خطابها بالمؤتمر الوطني الديمقراطي، لتقديم نفسها كقائدة عملية يمكنها توحيد جميع الأميركيين وراء "طريق جديد إلى الأمام"، واصفة منافسها ترامب بـ"الرجل غير الجاد"، الذي ستكون عواقب إعادته إلى البيت الأبيض "بالغة الخطورة".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.