هاريس
كامالا هاريس تحدثت عن نصائح والدتها لها خلال خطابها بالمؤتمر الوطني الديمقراطي

رأى موقع "أكسيوس" الأميركي، أن قبول نائبة الرئيس كامالا هاريس، ترشيح الحزب الديمقراطي لها لتخوص الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، أثار حماس العديد من الناخبين السود والآسيويين واللاتينيين في الولايات المتحدة. 

وكانت هاريس قد قبلت الترشيح في مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو، الخميس، مما يجعلها المرشحة الديمقراطية الرسمية لخوض الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.

وقالت هاريس في خطاب أمام حشد من الجماهير: "بالنيابة عن الشعب، بالنيابة عن كل أميركي، بغض النظر عن الحزب والعرق والجنس.. أنا أقبل ترشيحكم"، مضيفة: "سأكون الرئيسة التي توحدنا حول أسمى تطلعاتنا". 

وأدى ترشيح هاريس التاريخي كأول امرأة سوداء وذات أصول آسيوية، تمثل حزبًا أميركيًا رئيسيًا في الانتخابات الرئاسية، إلى دفع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إلى شن هجمات اعتبرها كثيرون "عنصرية" و"متحيزة جنسيا"، وفقا للموقع الأميركي.

وأشار "أكسيوس" إلى أن هاريس، التي تنحدر من أصول سوداء وجنوب آسيوية، "لم تبتلع الطعم"، حيث شكك ترامب مرارًا في ذكائها وأخطأ في نطق اسمها، كما كان يفعل مع الرئيس السابق، باراك أوباما، لوصفه بأنه "غير أميركي".

وبدلاً من ذلك، تذكر هاريس الأميركيين بأن قصة هجرة عائلتها - والدها ولد في جامايكا ووالدتها في الهند - تشبه إلى حد كبير قصص العديد منهم.

وأوضحت كيف أن طموحات والدتها لحياة جديدة في الولايات المتحدة، كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت مسيرة هاريس (59 عاما) المهنية في القانون والسياسة.

وأضافت أن والدتها غرست فيها مبدأ مهما: "لا تقومي بأي عمل على نحو متهاون أو غير مكتمل".

"أمر مؤسف"

وكانت حملة ترامب الانتخابية قد نشرت مؤخرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، رسالة تشير إلى أن هاريس في حال فوزها "ستحوّل الضواحي البيضاء إلى أماكن يجتاحها المهاجرون القادمون من أفريقيا".

وكان ترامب قد تساءل في عام 2020 خلال مواجهته للرئيس الأميركي، جو بايدن، في الانتخابات السابقة، عما إذا كانت هاريس، التي ولدت في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، مؤهلة لتكون في المستقبل رئيسة للبلاد، لأن والديها ولدا خارج الولايات المتحدة.

من جانبها، رأت مديرة مركز سارة دبليو هيث للمساواة والعدالة في جامعة كاليفورنيا اللوثرية، سنثيا دوارتي، أن "تكتيك هاريس المتمثل في تجاهل هجمات ترامب العنصرية، مع تسليط الضوء على حركة الحقوق المدنية، هو وسيلة للتأكيد على شيء يتفق عليه معظم الأميركيين".

FILE PHOTO: A combination picture shows Republican presidential nominee and former U.S. President Trump and U.S. Vice President and Democratic presidential candidate Harris
انتخابات الرئاسة.. ترامب وهاريس يتجنبان التفاصيل
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه في الآونة الأخيرة، تجنب المرشحان الرئاسيان للانتخابات الأميركية، كاملا هاريس، ودونالد ترامب السياسات التفصيلية لصالح الأفكار الكبرى، وتركا المقترحات الرئيسية غامضة، مما سمح للناخبين بوضع افتراضات وتصورات مختلفة.

وقالت دوارتي عن خطاب هاريس: "كان حقيقيًا وصادقًا. فهي لا تتبنى سياسات راديكالية".

واستخدمت هاريس كلمة "تقرير المصير" مرتين - لوصف زواج والديها وكذلك محنة الفلسطينيين في قطاع غزة

وقالت دوارتي إن هذا مصطلح "يستخدمه النشطاء منذ فترة طويلة، من حركة (الفهود السود) إلى حركة (تشيكانو)، ويمكن اعتبار الإشارة للنشطاء بأنها لا تزال تقدمية في قلبها، على الرغم من تعديل مواقفها بشأن بعض القضايا".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.