تايلور سويفت (يمين) وبيونسيه (يسار) تعدان من أشهر الفنانات على مستوى الولايات المتحدة
تايلور سويفت (يمين) وبيونسيه (يسار) تعدان من أشهر الفنانات على مستوى الولايات المتحدة

على مدى العقود الماضية، أصبح للمشاهير تأثير متباين على نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة، حيث لعب الكثير منهم أدوارا حاسمة في تشكيل الآراء وتحفيز الناخبين وعكس كيف يمكن للشخصيات العامة أن تلعب دورا في السياسة الأميركية.

في الوقت الحالي على الأقل، من الواضح أن للمشاهير قدرة على لعب دور مهم في جمع التبرعات للمرشحين، حيث يمكن لحملات المرشحين الانتخابية الاستفادة من الفعاليات والمناسبات التي ينظمها المشاهير لجمع الأموال.

لكن هل يمكن لهؤلاء المشاهير، من مطربين ونجوم في هوليوود، استغلال قواعدهم الجماهيرية الكبيرة وملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعزيز حظوظ مرشح معين على حساب منافسه؟

هناك العديد من الأمثلة على دعم المشاهير للمرشحين في الانتخابات الأميركية، وقد أثر هذا الدعم في بعض الحالات على نتائج الانتخابات أو شكّل الرأي العام، وفق ما يراه بعض المراقبين، وهذه بعض الأمثلة البارزة:

باراك أوباما (2008 و2012):

•    أوبرا وينفري: دعمت الإعلامية الشهيرة، أوبرا وينفري، الرئيس الأسبق، باراك أوباما، في الانتخابات الرئاسية لعام 2008، مما أعطى حملته دفعة كبيرة من حيث التغطية الإعلامية والتأييد الشعبي، حيث كان لدعمها تأثير كبير على جذب الناخبين من مختلف الشرائح الاجتماعية.

دونالد ترامب (2016):

•    كاني ويست: كان مغني الراب، كاني ويست، من بين المشاهير الذين أيدوا دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. 

ساهم دعم ويست، وهو الزوج السابق لنجمة تليفزيون الواقع، كيم كاردشيان، في تعزيز صورة ترامب في بعض الدوائر، خاصة بين الشباب والفنانين.

جو بايدن (2020):

•    تايلور سويفت: دعمت المغنية الشهيرة، تايلور سويفت، جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وشاركت في جهود تحفيز الناخبين من خلال منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما ساعد في زيادة الاهتمام والمشاركة في الانتخابات.

•    بيونسيه: تُعتبر المغنية وكاتبة الأغاني والممثلة واحدة من أكثر الفنانين تأثيرا ونجاحا في عالم الموسيقى والترفيه في الولايات المتحدة. 

نشرت بيونسيه صورة لها على إنستغرام قبل أيام من اجراء انتخابات 2020، مرتدية كمامة تحمل شعار بايدن-هاريس، وملصق التصويت، مشجعة محبيها على التصويت لبايدن.

ومع ذلك، لا يمكن اعتبار تأثير المشاهير العامل الوحيد في الانتخابات، فهناك العديد من العوامل الأخرى مثل القضايا السياسية والخطط الاقتصادية والأحداث الجارية التي تلعب دورا مهما في تحديد نتائج الانتخابات.

يقول الباحث والمحلل السياسي الأميركي، إيريك هام، إن "هناك تأييدين فقط يهمان في هذه اللحظة، وهما بيونسيه وتايلور سويفت وكلتاهما لم تعلنا بعد عن قرارهما".

ويضيف هام في حديث لموقع "الحرة" أن "الجميع كان ينتظر بلهفة حضور بيونسيه للمؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأسبوع الماضي، لكنها في النهاية لم تحضر".

ويتابع هام: "كذلك رأينا أن دونالد ترامب نشر معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي أن تايلور سويفت منحته تأييدها، لكن في الحقيقة هي لم تؤيده".

"يوضح ذلك مدى تأثير هاتين الشخصيتين ويعطي فكرة عن أهميتهما للمرشحين من كلا الحزبين"، وفقا لهام.

في السنوات الأخيرة، أصبح التأثير الرقمي للمشاهير أكثر بروزا، وخاصة على الجيل الشاب، حيث يمكن لتغريدة أو مقطع فيديو قصير ينشره أحدهم على حسابه أن يغير آراء الملايين تجاه قضايا اجتماعية معينة، وخاصة في حال كانت محل خلاف داخل المجتمع الأميركي.

بالتالي يمكن لتأثير هؤلاء المشاهير تجاوز حدود الترفيه وأن تبرز قوة تأثيرهم في السياسة بطرق غير متوقعة.

وجدت دراسة جديدة أجرتها جامعة هارفارد، في أغسطس الحالي، أن المشاهير يمكنهم أن يلعبوا دورا مؤثرا في زيادة نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع وغيرها من المشاركة المدنية.

وقدمت الدراسة تصورات حول كيفية استفادة المشاهير من منصاتهم للمساعدة في زيادة نسب التصويت وتشجيع الحوارات السياسية في الولايات المتحدة.

ركزت الدراسة على النشاط غير الحزبي، مثل التثقيف العام للناخبين والتسجيل والتعبئة العامة، بدلا من الإجراءات التي يتخذها مرشح أو حزب معين.

وخلصت إلى أن هؤلاء المشاهير، وباستخدام منصاتهم، يمكن أن يساهموا في تشجيع وتمكين المزيد من الأميركيين العاديين على استخدام أصواتهم وممارسة حقوقهم المدنية.

المشاهير يكسبون أكثر من المرشح

لكن مع ذلك، لا توجد معطيات ملموسة لغاية اليوم عن تمكن أحد المشاهير أو مجموعة منهم في ترجيح كفة مرشح معين على حساب مرشح آخر.

يقول الباحث في معهد الدراسات المتقدمة بجامعة فيرجينيا، بيتر سكيري، إنه لا يعتقد أن هناك الكثير من الأدلة على أن تأييد المشاهير له تأثير كبير على نتائج الانتخابات".

ويضيف سكيري لموقع "الحرة" أن "دعم المشاهير لهذا المرشح أو ذاك موجود ولا يمكن إنكاره، ولكن ليس من الواضح على الإطلاق أنه سيساعد كثيرا".

ويعتقد سكيري أنه في المجمل تعود الفائدة على الشخص الذي يؤيد مرشحا ما وليس على المرشح ذاته "لأنها إحدى الطرق لجعل أسمائهم أكثر انتشارا والحصول على دعم جمهورهم لمشاهدة أفلامهم أو الاستماع إلى تسجيلاتهم أو موسيقاهم".

بالنهاية يشير سكيري إلى أنه "حتى لو افترضنا جدلا أن دعم المشاهير أحدث فرقا وجعل متابعيهم يؤيدون نفس المرشح، فالمشكلة هي هل بالأساس سيذهب هؤلاء المتابعين، ومعظمهم من الشباب، إلى صناديق الاقتراع؟ أشك في ذلك".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.