لطالما أثارت جهات محسوبة على النظام الروسي شبهات بسعيها لتهديد الديمقراطيات الغربية
لطالما أثارت جهات محسوبة على النظام الروسي شبهات بسعيها لتهديد الديمقراطيات الغربية

فرضت الولايات المتحدة، الأربعاء، عقوبات على 10 أشخاص روس والمباشرة بملاحقات قضائية في حق مسؤولين يعملان في قناة "آر تي" التابعة للحكومة الروسية بتهمة محاولة التأثير على الانتخابات الأميركية في 2024.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن العقوبات شملت مسؤولين في قناة "آر تي" متهمين بتنفيذ جهود سرية لتجنيد مؤثرين أميركيين دون علمهم عبر استخدام شركة وهمية لإخفاء تورطهم أو تورط الحكومة الروسية.

ومن بين أبرز الأشخاص المشمولين بالعقوبات:

مارغريتا سيمونيان: رئيسة تحرير القناة التي اعتبرها البيان "شخصية محورية في جهود التأثير الخبيث للحكومة الروسية من خلال السماح لشركة وهمية بالعمل تحت غطاء قناة آر تي".

إليزافيتا برودسكايا: نائبة رئيس تحرير، وقال البيان إنها "قدمت تقارير إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولين حكوميين آخرين.

أنطون أنيسيموف: نائب رئيس تحرير، نفذ أنشطة نيابة عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

أندري كياشكو: نائب مدير البث الإعلامي الناطق بالإنجليزية في "آر تي" والمسؤول عن إرسال تحديثات للمسؤولين الحكوميين الروس وتقديم لمحة عامة عن عمليات القناة.

كوستانتين كالاشنيكوف: مدير مشاريع الوسائط الرقمية في القناة وعمل مع كياشكو في أوائل عام 2022.

إيلينا أفاناسييفا: موظفة في قسم مشاريع الوسائط الرقمية في "آر تي" مسؤولة عن تقديم التقارير لكالاشنيكوف. وقال البيان إنها اعتبارا من أوائل عام 2024، تفاعلت بشكل سري مع مؤثرين بارزين على وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية تحت غطاء شخصية وهمية، تدعي أنها موظفة في شركة أميركية لإخفاء تورط القناة  والحكومة الروسية.

واتهمت وزارة الخزانة موسكو بتوظيف مجموعة من الأدوات، بما في ذلك حملات التأثير الخبيث السرية والأنشطة السيبرانية غير المشروعة، لتقويض الأمن القومي والمصالح الخارجية للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء العالم.

وقالت إن "الكرملين تكيف بشكل متزايد لإخفاء تورطه من خلال تطوير نظام واسع من مواقع الوكلاء الروس والشخصيات الوهمية على الإنترنت والمنظمات الوهمية التي تعطي انطباعا زائفا بأنها مصادر أخبار مستقلة غير مرتبطة بالدولة الروسية".

بدورها ذكرت وزارة العدل الأميركية أن اتهامات جنائية وجهت لاثنين من الموظفين الواردة أسماؤهم أعلاه، وهم كل كوستانتين كالاشنيكوف (31 عاما) وإلينا أفاناسيفا (27 عاما) بتهمة التآمر لانتهاك قانون تسجيل الوكلاء الأجانب والتآمر لارتكاب عمليات غسيل أموال

وقالت وزارة العدل في بيان إن الموظفين أنفقا ما يقرب من 10 ملايين دولار لنشر محتوى حصل على ملايين المشاهدات من إعداد قناة "آر تي" عبر شركة لإنشاء المحتوى عبر الإنترنت مقرها ولاية تينيسي.

ونقل البيان عن وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند القول  إن الولايات المتحدة ستواجه "بقوة أي محاولات من قبل روسيا أو الصين أو أي طرف أجنبي آخر للتدخل في انتخاباتنا".

ولطالما أثارت جهات محسوبة على النظام الروسي شبهات بسعيها لتهديد الديمقراطيات الغربية وإثارة البلبلة وعدم الاستقرار في مجتمعاتها، من خلال نشر معلومات مغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي أكتوبر الماضي، أصدرت الولايات المتحدة تقييما استخباراتيا أرسلته إلى أكثر من 100 دولة، يفيد بأن موسكو تستخدم الجواسيس ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الروسية التي تديرها الدولة لتقويض الثقة العامة في نزاهة الانتخابات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.