ناخبون لم يحسموا أمرهم بعد
ناخبون لم يحسموا أمرهم بعد

بعد المواجهة التي انتظرها ملايين الأميركيين بين كامالا هاريس، ودونالد ترامب، لم يحسم العديد من الناخبين المترددين موقفهم.

ومساء الثلاثاء، تناظر المتنافسان في معركة الرئاسة بشراسة بشأن الوضع الاقتصادي، وأمن الحدود والحقوق الإنجابية، وموقف واشنطن من الحرب بين إسرائيل وحماس، ومستقبل الدعم الأميركي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.

وقبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر، خرج المرشحان أمام الجمهور الأميركي لإعلان موقفهما من القضايا المختلفة، وبدت المناظرة أكثر حيوية من مناظرة يونيو (بين ترامب وجو بايدن) إلا أنهما قاطعا بعضهما في بعض الأحيان.

واعتبر المرشح الجمهوري للرئاسة في مستهل مناظرته التلفزيونية الأولى ضد منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي أنها لا تملك برنامجا اقتصاديا. وقال ترامب إنها "ليس لديها خطة. لقد نسخت خطة بايدن التي هي عبارة عن أربع جمل... أربع جمل تقول فقط: +حسنا، سنحاول خفض الضرائب. ليس لديها خطة".

واعتبر العديد من المعلقين أن هاريس كانت أكثر حيوية في المناظرة، واستطاعت وضع ترامب في موقف دفاعي. واعتبر عديدون أنها فازت بها.

لكن الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم ليسوا على يقين بشأن من فاز بها، وفق مقابلات أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" مع ناخبين مترددين.

والمترددون فئة من المواطنين غير متأكدين بعد من اختيارهم بين المرشحين الأساسين، ينتخبون أحيانا مرشحا ثالثا، خارج الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهم قادرون على حسم الانتخابات لصالح أحد مرشحي الانتخابات.

وهاريس، نائبة الرئيس، التي كانت مدعية عامة سابقة، كانت حريصة على تقديم نفسها للناخبين الذين ما زالوا في طور التعرف عليها.

وكان ترامب، الجمهوري الذي يخوض سباق الانتخابات للمرة الثالثة، عازما خلال المناظرة على تصوير هاريس على أنها ليبرالية منفصلة عن الواقع.

وحاولت هاريس كسب هؤلاء الناخبين المتشككين، وكثير منهم من النساء، الذين انزعجوا من أسلوب ترامب في المناظرات، وميله إلى توجيه الإهانات الشخصية.

وعلى مدى الأسابيع الماضية، كان الناخبون المترددون يسعون لمعرفة التفاصيل عن برامج المرشحين.

ورغم نجاح هاريس في توجيه هجمات لترامب خلال المناظرة، "قد يحتاج غير الحاسمين لموقفهم إلى المزيد من الإقناع"، وفق نيويورك تايمز.

وقال بعض هؤلاء للصحيفة إن هاريس كانت جيدة في المناظرة، ووضعت رؤية شاملة لإصلاح بعض المشكلات الملحة، لكنها لا تبدو مختلفة كثيرا عن بايدن.

"والأمر الأكثر أهمية هو أن ما أراد الناخبون سماعه ولم يسمعوه وهو التفاصيل الدقيقة".

وقال ناخبون إنهم سعداء لأنها تمتلك خطة اقتصادية، لكنهم يريدون أن يعرفوا كيف ستصبح هذه الخطة قانونا في ظل الاستقطاب في واشنطن.

ويشككون أيضا في واقعية خطتها الخاصة بتقديم مساعدات لشراء المنازل.

ومن بين هؤلاء الزوجان، بوب وشيرون ريد، وهما معلمان متقاعدان يبلغان من العمر 77 عاما ويعيشان في مزرعة في وسط ولاية بنسلفانيا.

وكانت لديهما آمال كبيرة بأنها سيحددان موقفهما بعد المناظرة، لكن الأمر "كان مخيبا للآمال"، وفق شيرون.

وتساءل الزوجان كيف يمكن للبرامج المكلفة التي يدعمها كل مرشح: الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ومساعدات هاريس للأسر الشابة والشركات الصغيرة، أن تساعد زوجين مثلهما، يعيشان على دخل ثابت لا يواكب معدلات التضخم. وقالا أيضا إنهما لم يسمعا إجابات مفصلة بشأن الهجرة أو السياسة الخارجية.

وهاريس، التي لا تزال غير معروفة لكثير من الأميركيين، تعمل تحت ضغط زمني لإقناع الناخبين بأنها مؤهله للرئاسة، وفق الصحيفة.

وكان استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز / كلية سيينا و\نُشر قبل المناظرة، قد كشف أن 90 في المئة من الناخبين المحتملين في جميع أنحاء البلاد قالوا إنهم يعرفون كل ما يحتاجون إلى معرفته عن ترامب، لكن 30 في المئة قالوا إنهم لا يعرفون الكثير عن هاريس.

وقالت شافاناكا كيلي، التي تعيش في ميلووكي، إن بناتها الثلاث ضحكن عندما تحدث ترامب خلال المناظرة عن شائعات بأن المهاجرين في أوهايو يأكلون الحيوانات الأليفة. وقالت: "كان الأمر أشبه بسؤال: هل يمكنك أن تأخذه على محمل الجد؟".

وأعجبت كيلي كثيرا بما قالته نائبة الرئيس، وخاصة ما يتعلق بدور ترامب في اقتحام الكابيتول، لكنها لم تسمع مقترحات محددة منها ولم تظهر أنها مختلفة عن بايدن.

وفي لاس فيغاس، قال غيرالد مايز، إنه شعر بأن المرشحين فشلا في إقناعه بقدرتهما على مساعدته بشأن مشاكل أسرته المالية، وخرج من المناظرة حائرا.

وقال: "لا يوجد شيء واضح بالنسبة لي. أريد أن أعرف كيف يؤثر كل هذا على عائلتي ماليا".

وتقول "سي أن أن" إنه حتى لو خسر ترامب المناظرة، فهم يتمتع بتفضيلات الناخبين في القضيتين الرئيسيتين في الانتخابات: الاقتصاد والهجرة، وهناك أيضا احتمال أن تؤدي أي أحداث صادمة في الداخل أو الخارج، في الشهرين المقبلين، إلى ترجيح كفة ميزان أحد المرشحين.

وفي حين أنه "من السابق لأوانه أن يترجم أداء هاريس القوي إلى زخم جديد، فإن حملتها ستكون متفائلة بأنها حسنت فرصها بين الناخبين المتأرجحين"، وفق "سي أن أن"

وكتب دوغ شون على فوكس نيوز أنه "رغم فوز هاريس بالمناظرة في تقديري، إلا أنه ليس من الواضح على الإطلاق أن هذه المناظرة، قبل 56 يوما فقط من الانتخابات، ستؤثر بشكل أساسي على النتيجة في 5 نوفمبر".

كامالا هاريس
كامالا هاريس

في ظل تصاعد التوترات بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، تواجه نائبة الرئيس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة في الولايات المتحدة، كامالا هاريس، تحديات كبيرة لكسب دعم المجتمع المسلم، الذي يشعر بخيبة أمل تجاه سياسة الإدارة الأميركية الحالية، وفقا لخبراء ومحللين سياسيين. 

وفي محاولة لتعزيز موقفها، أعلن عدد من الأئمة تأييدهم لهاريس، في رسالة مفتوحة نُشرت أولاً عبر  شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية.

وأشار الأئمة، وعددهم 25، في رسالتهم، إلى "أهمية التفكير المنطقي في قرارات التصويت"، معتبرين أن دعم هاريس "يعد الخيار الأفضل" لإنهاء النزاع الدموي في غزة ولبنان مقارنة بالبدائل الأخرى. 

واعتبروا أن عودة الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، إلى الحكم "تشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمع المسلم"، حسب الرسالة.

كما حذر الموقعون على الرسالة، من أن التصويت لمرشح من طرف ثالث في الولايات المتأرجحة، "قد يساعد ترامب في الفوز" بتلك الولايات، وبالتالي الفوز بالانتخابات.

وأعرب هؤلاء عن مسؤوليتهم تجاه "حماية المجتمع المسلم" من الأخطار المحتملة التي قد تنتج عن "اتخاذ قرارات غير مدروسة". 

وجاءت هذه الرسالة في وقت يعاني فيه فريق هاريس من نقص في الدعم البارز من قادة المجتمع المسلم، خاصة مع اتجاه بعض الجماعات المسلمة لدعم مرشحي الأحزاب الصغيرة المناهضين للحرب، وفق "إن بي سي نيوز".

وفي هذا السياق، أشار محمد السنوسي، أحد قادة المجتمع المسلم الذي ساهم في إعداد الرسالة، إلى أن معظم الأئمة الموقعين "يمثلون مجتمعات كبيرة في ولايات حاسمة مثل ميشيغان، وبنسلفانيا، وجورجيا، ونورث كارولاينا". 

وأبدى تفاؤله بأن هذه الرسالة "قد تسهم في تغيير مواقف بعض الناخبين المترددين" تجاه هاريس.

وكانت "إن بي سي نيوز" قد ذكرت في تقرير سابق، أن هاريس التقت بقيادات من الأميركيين المسلمين وذوي الأصول العربية في ميشيغان.

وأوضحت أن هاريس استمعت خلال الاجتماع إلى وجهات نظر هؤلاء بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكذلك الحرب في غزة ولبنان.

ونقلت الشبكة عن مسؤول في حملة هاريس الرئاسية، أنها أعربت عن "قلقها إزاء حجم المعاناة في غزة، وقلقها العميق بسبب الخسائر المدنية والنزوح في لبنان".

وناقشت نائبة الرئيس جهودها لإنهاء حرب غزة، بحيث تكون "إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن (لدى حماس)، وتنتهي المعاناة في غزة، ويدرك الشعب الفلسطيني حقه في الكرامة والحرية وتقرير المصير".

من جانبها، ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، الخميس، أن حملة هاريس تحاول جذب الناخبين المسلمين، من أجل التصدي لخسائر كبيرة بين الناخبين ذوي التوجهات اليسارية في الولايات المتأرجحة، الذين يشعرون بالغضب من موقفها بشأن إسرائيل، وسط تصاعد النزاع العسكري في الشرق الأوسط.

وأضافت المجلة، أنه في سباق متقارب مع المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، يحتاج الديمقراطيون إلى كل صوت يمكنهم الحصول عليه في الولايات المتأرجحة.

وتحاول حملة هاريس التواصل مع العرب والأميركيين المسلمين، لاسيما في ولاية ميشيغان المتأرجحة، بالإضافة إلى مجموعة أوسع من الناخبين ذوي التوجهات اليسارية الذين يشعرون بالغضب من التكلفة الإنسانية لحرب إسرائيل وحماس، حسب "بوليتيكو".

ولفت تقرير المجلة إلى أن هاريس أعادت التأكيد مرارا على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، رغم أنها تحاول الإبقاء على التوازن من خلال التعبير عن تعاطفها مع الضحايا المدنيين بين الفلسطينيين.

ووفقًا لمركز بيو للأبحاث، فإن عدد المسلمين الأميركيين في الولايات المتحدة يبلغ حوالي 3.45 مليون شخص، ومن الصعب تقييم موقف هذه الجالية بدقة، لكن عادةً ما يتمتع الديمقراطيون بميزة كبيرة بين الناخبين العرب الأميركيين.