السلطات الأميركية تحقق في محاولة اغتيال ثانية لترامب في بالم بيتش بفلوريدا
السلطات الأميركية تحقق في محاولة اغتيال ثانية لترامب في بالم بيتش بفلوريدا

رغم أن المناظرة بين نائبة الرئيس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، كامالا هاريس، والمرشح الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترامب، جرت مباشرة بعد واقعة إطلاق نار مروعة في مدرسة بولاية جورجيا، فإن قضية الأسلحة النارية لم تأخذ حقها في الحدث الكبير الذي تابعه نحو 60 مليون أميركي، بحسب مراقبين.

ففي الرابع من سبتمبر أقدم تلميذ في مدرسة ثانوية يبلغ من العمر 14 عاما على استخدام بندقية نصف آلية من طراز أيه أر-15، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 9، ما جعله يصبح أصغر مطلق نار جماعي في مدرسة منذ ربع قرن وفق واشنطن بوست.

المدرسة التي وقع إطلاق النار فيها بجورجيا
"أزرار الذعر" منعت مأساة أكبر.. تفاصيل جديدة بشأن إطلاق النار في "مدرسة جورجيا"
قبل أسبوع واحد تقريبا من إطلاق النار في مدرسة أبالاتشي الثانوية بولاية جورجيا، حصل كل معلم وموظف في المدرسة ما يطلق عليه "زر ذعر" للضغط عليه بشكل معين حينما يكون هناك تهديدا، وساهم ذلك في التعامل السريع مع الحادث.

وحتى بعد المناظرة بأيام، تعرض ترامب نفسه لمحاولة اغتيال ثانية ببندقية هجومية من طراز إيه.كيه-47 (كلاشنيكوف) على يد مشتبه به يدعى ريان ويسلي روث (58 عاما)، الذي كان له سجل إجرامي طويل، وماض من الاتهامات المتعلقة بجرائم الأسلحة.

كان لدى روث تاريخ طويل من الإدانات الجنائية، بما في ذلك حيازة سلاح "الموت الجماعي والدمار"، والذي كان من شأنه أن يمنعه من امتلاك سلاح.

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، وقع ما لا يقل عن 2373 حادث إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة، مع وقوع 385 حادثا في عام 2024 وحده حتى الخامس من سبتمبر، وفقا لأرشيف العنف المسلح.

عشرات الآلاف من الضحايا بسبب العنف المسلح في الولايات المتحدة

ويرى الخبير السياسي الأميركي نورم أورنستين في استضافته ببرنامج "داخل واشنطن" عبر قناة "الحرة" أن قضية الأسلحة النارية ستكون مهمة للناخبين المترددين في الولايات المتأرجحة خلال انتخابات الخامس من نوفمبر المقبل.

فكيف يرى كل من المرشحين ترامب وهاريس قضية الأسلحة النارية؟

هاريس تندد بـ"وباء العنف المسلح"

أشادت نائبة الرئيس كامالا هاريس بعمل إدارة بايدن على سن قانون المجتمعات الأكثر أمانا الحزبي، وهو أهم إصلاح فيدرالي للأسلحة النارية منذ عقود.

يساعد قانون عام 2022 الولايات على التعزيز من عمليات التحقق من الخلفية لمشتري الأسلحة النارية الذين تقل أعمارهم عن 21 عامًا.

في وقت سابق من هذا العام، أعلنت هاريس عن إطلاق أول مركز موارد على الإطلاق لأمر الحماية من المخاطر الشديدة على المستوى الوطني لدعم التنفيذ الفعال لقوانين العلم الأحمر على مستوى الولاية التي تسمح للمحاكم بمصادرة الأسلحة من الأشخاص الذين تعتبرهم تهديدا.

لكن هاريس دعت إلى المزيد، بما في ذلك قوانين "red flags" التي تخص التنبيهات لمن يود امتلاك أسلحة على مستوى البلاد، والتحقق الشامل من خلفيته وحظر الأسلحة الهجومية.

وبالرغم من ذلك، قالت هاريس إنها تؤيد التعديل الثاني للدستور الأميركي الذي يحمي حق المواطنين في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها، بينما تدعم أيضا سلامة الأسلحة.

وبعد واقعة المدرسة الثانوية بولاية جورجيا قالت هاريس إنه يتعين علينا إنهاء "وباء العنف المسلح" في الولايات المتحدة إلى الأبد.

والز عدل من مواقفه بشأن الأسلحة وساهم في وضع تشريعات لتغييرها كحاكم لمينيسوتا
كيف غير تيم والز من موقفه بشأن حق حمل السلاح في أميركا؟
في أول خطاب له، ظهر حاكم مينيسوتا المرشح لمنصب نائب الرئيس والذي يصاحب كامالا هاريس في رحلتها الانتخابية، تيم والز، يوم الثلاثاء، ليطرح قضية أساسية تشغل بال الأميركيين: "كيف يمكن لأطفالنا الذهاب إلى مدارسهم بحرية دون القلق بشأن ما إن سيقتلون رميا بالرصاص في صفوفهم". 

ترامب.. "الأكثر تأييدا للأسلحة النارية"

ومما يدل على الهوة الكبيرة بينه وبين هاريس، يعتبر ترامب نفسه بأنه "الرئيس الأكثر تأييدا للأسلحة النارية، والتعديل الثاني للدستور الأميركي".

وتعهد بإلغاء لوائح الأسلحة النارية التي أقرتها إدارة بايدن، ووصفها بأنها هجمات على مالكي الأسلحة ومصنعيها.

وأشار ترامب مرارا إلى أنه لن يسن أي قيود جديدة على الأسلحة النارية إذا أعيد انتخابه.

وغالبا ما يجادل في أعقاب حوادث إطلاق النار الجماعي بأن الأسلحة النارية ليست مسؤولة عن المآسي، بل مشكلة الصحة العقلية.

وبعد حادث إطلاق النار في المدرسة بولاية جورجيا علق ترامب بقوله: "لقد أخذ وحش مريض ومختل عقليا هؤلاء الأطفال الأعزاء منا في وقت مبكر جدا".

ويعتقد أورنستين في حديثه مع "الحرة" أن العديد من الناخبين المترددين في الضواحي في الولايات المتأرجحة الذين لديهم أطفال في المدرسة أو أحفاد في المدرسة لديهم فكرة مفادها أنهم سيضطرون إلى قضاء حياتهم في القلق كل صباح وهم يذهبون إلى المدرسة وما إذا كانوا سيعودون إلى المنزل، مشيرا إلى أن هذه القضية ستنال الكثير من اهتمامهم في الانتخابات.  

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.