تصريحات ترامب جاءت خلال مشاركته في فعالية لمكافحة معاداة السامية
تصريحات ترامب جاءت خلال مشاركته في فعالية لمكافحة معاداة السامية

قال المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، الخميس، إنه سيحمّل الناخبين اليهود المسؤولية إذا خسر انتخابات 5 نوفمبر، مشيرا إلى أنهم "مدينون له بدعمهم بسبب موقفه من إسرائيل"، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".

وصرح الرئيس السابق، دونالد ترامب، في فعالية في واشنطن تهدف لمكافحة معاداة السامية، أنه إذا خسر الانتخابات "سيكون لليهود دور كبير في الخسارة".

وأضاف ترامب، أنه "لا يمكن فهم" اليهود الذين سيصوتون لنائبة الرئيس كامالا هاريس، معتبرا أن انتخابها "سيؤدي مباشرة إلى القضاء على إسرائيل"، وجدد اتهاماته لها بكراهية إسرائيل أو اليهود.

وأدلى ترامب بتصريحات مماثلة، في وقت لاحق، خلال القمة الوطنية للمجلس الأميركي الإسرائيلي، في الحدث الذي عقد أيضا بالعاصمة الأميركية.

وتأتي تعليقات ترامب قبل أسابيع قليلة من الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والذي أشعل صراعا داميا في الشرق الأوسط، وكان نقطة توتر رئيسية بين الديمقراطيين المعتدلين والتقدميين، مما يرى فيه الجمهوريون فرصة لكسب دعم الناخبين اليهود"، وفقا لبوليتيكو.

وخلال كلمته، وصف ترامب هجوم 7 أكتوبر بأنه "جرس إنذار للعالم بأسره" وحصل على وقوف وتصفيق حار من الجمهور إثر دعوته  هاريس إلى التبرؤ من "جميع المتعاطفين مع حماس".

وقال ترامب: "كونوا أذكياء. لقد شهدنا أسوأ تفشي لمعاداة السامية منذ أجيال عديدة".

وكشف الرئيس السابق أنه يخطط لترحيل "المتعاطفين الأجانب مع الجهاد ومؤيدي حماس"، مشيرا إلى أنه سيعيد حظر السفر الذي فرضته إدارته، والذي منع دخول الولايات المتحدة من قائمة الدول ذات الأغلبية المسلمة.

وقال ترامب: "سنخرجهم من بلادنا. سأحظر إعادة توطين اللاجئين من المناطق التي تعج بالإرهاب مثل قطاع غزة، وسنغلق حدودنا ونعيد حظر السفر. هل تتذكرون حظر السفر الشهير؟".

وسعى الرئيس السابق إلى تصوير نفسه على أنه أكثر دعما لإسرائيل والمجتمع اليهودي من هاريس والحزب الديمقراطي، مشيدا بسجله تجاه إسرائيل أثناء رئاسته، بما في ذلك قراره بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وعمل إدارته في التوسط لاتفاقيات إبراهيم، بين إسرائيل ودول عربية"، حسبما نقلت بوليتيكو.

وردا على التعليقات التي أدلى بها المرشح الجمهوري، اتهمت  مورغان فينكلشتاين، المتحدثة باسم حملة هاريس، ترامب بـ"إهانة اليهود واستخدام لغة معادية للسامية وقالت إنه سيتخلى عن إسرائيل لدعم مصالحه الشخصية".

وقالت فينكلشتاين: "لقد كانت نائبة الرئيس واضحة للغاية: لقد كانت داعمة مدى الحياة لدولة إسرائيل كوطن آمن وديمقراطي للشعب اليهودي. لديها التزام ثابت بأمن إسرائيل وستدافع دائما عن حقها في الدفاع عن نفسها. كما أنها تقف بحزم ضد معاداة السامية في الداخل والخارج وستفعل الشيء نفسه كرئيسة".

بدورها، انتقدتالرئيسة التنفيذية للمجلس اليهودي للشؤون العامة، إيمي سبيتالنيك، تصريحات ترامب بشأن أن الناخبين اليهود سيكونون ملومين إذا خسر في نوفمبر، معتبرة أنها تستغل "أنماطا خطيرة من الولاء المزدوج".
وأضافت سبيتالنيك في بيان رسمي: "لقد استغل دونالد ترامب خطابا مفترضا عن مكافحة معاداة السامية ليروج لصور نمطية معادية للسامية ويهاجم المجتمع اليهودي الأمريكي".

وتابعت: "إن استخدام اليهود وإسرائيل كأدوات في اللعبة السياسية يعرض أمن اليهود وإسرائيل وجميعنا للخطر. كما أن تصنيف اليهود إلى فئات 'جيدة' و'سيئة' والإيحاء بازدواجية ولائهم يساهم في تطبيع معاداة السامية".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.