الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في إحدى حملاته
وعود اليوم الأول لترامب تغطي العديد من القضايا

قدم الرئيس الأميركي السابق و المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، 41 وعدا يعتزم الوفاء بها في اليوم الأول كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، منها الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين ومنع المتحولات جنسيا من المشاركة في الرياضة النسائية.

واعتمدت صحيفة "واشنطن بوست" قاعدة بيانات لخطابات ترامب منذ إطلاق حملته في 15 نوفمبر 2022، حتى 10 سبتمبر 2024، لتحدد قائمة وعود يقول ترامب إنه سيدأ تنفيذها منذ يومه الأول كرئيس. 

وقد ذكر هذه الوعود أكثر من 200 مرة في حملته الانتخابية، وفقا لتحليل الصحيفة لخطاباته.

وتقول الصحيفة إن العديد من وعود ترامب تقع خارج نطاق سلطة الرئيس بموجب الدستور، وفقا لخبراء قانونيين. وحتى بعض تلك التي تقع ضمن اختصاصه ستواجه تحديات قانونية أو لوجستية من شأنها أن تجعل تنفيذها مستحيلا في جدول زمني قصير. 

لكن ترامب حاول تجاوز هذه القيود من قبل، وقد يحاول مرة أخرى في فترة ولاية ثانية محتملة. 

وبعد الضغط عليه في أواخر العام الماضي للتعهد بعدم إساءة استخدام السلطة إذا عاد إلى البيت الأبيض، قال ترامب إنه لن يكون ديكتاتورا "باستثناء اليوم الأول"، متعهدا بإغلاق الحدود الجنوبية وتوسيع عمليات التنقيب عن النفط.

يقول ستيف فلاديك، خبير القانون الدستوري في مركز القانون بجامعة جورج تاون "الكثير وليس كل ما يقول ترامب إنه يريد القيام به في اليوم الأول سيكون غير قانوني أو غير عملي".

وأضاف فلاديك الذي ينتقد كيفية ممارسة ترامب للسلطة التنفيذية، "لكن حتى الأشياء غير القانونية قد تدخل حيز التنفيذ بعد بعض الوقت، وقد ينجح بالفعل في دفع القانون في اتجاهه."

وقدم ترامب وعودا شاملة في حملته الانتخابية لعام 2016 أيضا. وفي أول يوم له في البيت الأبيض، وقع أمرا رمزيا لبدء محاولاته لتفكيك قانون الرعاية الميسرة وأمر بتجميد جميع اللوائح الحكومية المعلقة حتى تتمكن إدارته من مراجعتها. 

كما ألغى خطة لخفض الرسوم على بعض الرهون العقارية الفيدرالية. وبعد فترة وجيزة، طرح سياسات أكثر قسوة، مثل القيود التي فرضها على السفر من البلدان التي تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين.

وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم حملة ترامب، في بيان إن ترامب "أوفى بوعوده في فترة ولايته الأولى ببناء الجدار، وإعادة بناء الاقتصاد، وجعل أميركا تحظى بالاحترام مرة أخرى على المسرح العالمي، وسيفي بوعوده في فترة ولاية ثانية أيضا".

وركز ترامب حملته الانتخابية لعام 2016 على الخطاب المعادي للمهاجرين، وهو يفعل ذلك مرة أخرى هذا العام. 

وقدم وعودا فريدة من نوعها لليوم الأول تتعلق بهذا الموضوع أكثر من أي شيء آخر، وفقا لتحليل الصحيفة، يشير الوعدان اللذان يذكرهما في أغلب الأحيان "بدء أكبر عملية ترحيل في التاريخ الأميركي" و "القضاء على كل سياسة حدود مفتوحة لإدارة بايدن" إلى حملة صارمة على الهجرة لكنه يقدم القليل من التفاصيل حول الإجراءات المحددة التي سيتخذها في البيت الأبيض.

ويتمتع الرؤساء بسلطة واسعة لتشكيل سياسات الهجرة بموجب الدستور وقانون الهجرة الفيدرالي، لذا فإن حقيقة أن ترامب يقدم وعودا واسعة بشأن هذه القضية ليست مفاجئة ، خاصة بالنظر إلى أهميتها للناخبين. 

لكن يجب على الرؤساء الالتزام بالحماية الدستورية مثل الإجراءات القانونية الواجبة عند سن سياسات الهجرة. 

وسيواجه وعده بإجراء عمليات ترحيل جماعي تحديات قانونية، فضلا عن عقبات لوجستية من شأنها أن تجعل الترحيل الفوري على نطاق واسع غير ممكن.

وعد آخر قطعه ترامب في اليوم الأول بشأن الهجرة هو إنهاء حق المواطنة عند الولادة، وهو مبدأ أساسي للحقوق المدنية الأميركية المنصوص عليها في التعديل 14. 

يتفق الخبراء على نطاق واسع على أن مثل هذه الخطوة ستتطلب تعديلا دستوريا اقترحه الكونغرس وصدقت عليه ثلاثة أرباع الولايات. 

وحتى إذا حاول ترامب إلغاء حق المواطنة عند الولادة لمجموعات معينة من خلال إجراءات تنفيذية، من خلال توجيه الولايات بعدم إصدار شهادات ميلاد، على سبيل المثال، فمن المحتمل أن يتم إيقاف ذلك على الفور في المحكمة، كما يقول عمر غادوت، مدير مشروع حقوق المهاجرين في اتحاد الحريات المدنية.

وقال غودت"من المستحيل تخيل أي محكمة تسمح بحدوث شيء غير دستوري بهذا الشكل". 

يتمتع ترامب بمساحة أكبر عندما يتعلق الأمر بالتراجع عن الإجراءات التنفيذية بشأن الهجرة، مثل حماية الرئيس جو بايدن للأزواج المهاجرين غير الشرعيين للمواطنين الأميركيين. ولكن حتى في ذلك، يجب أن تمتثل قراراته للقانون الإداري الفيدرالي، الذي يحدد متطلبات تغيير اللوائح الحكومية.

ولقد تعثر ترامب من قبل وحاول مرتين كرئيس تفكيك برنامج إدارة باراك أوباما الذي يحمي المهاجرين غير الشرعيين الذين تم إحضارهم إلى الولايات المتحدة وهم أطفال ولكن المحكمة العليا منعته.

وفي عام 2023، مع احتدام النقاش الوطني حول تدريس العرق والجنس، بدأ ترامب في تقديم وعدين متميزين لليوم الأول حول التعليم في خطاباته الحاشدة. 

وفي 45 مناسبة على الأقل ، هدد بقطع التمويل الفيدرالي للمدارس التي تسمح بإجراء مناقشات حول العرق أو الجنس أو التوجه الجنسي الذي يعترض عليه.

وهذه الوعود غير قابلة للتنفيذ بالنسبة لترامب. وسيحتاج إلى موافقة الكونغرس لخفض التمويل لأنه لا توجد مثل هذه الشروط على تمويل التعليم الفيدرالي في القانون الحالي.

كما وعد ترامب 31 مرة بإلغاء ما يصفه بأنه "تفويض بايدن للسيارات الكهربائية".

لم يصدر بايدن أي "تفويض" محدد بشأن السيارات الكهربائية، لكن العبارة أصبحت متسعملة بين الجمهوريين، تشير عموما إلى معايير انبعاثات الوقود لإدارة بايدن ومجموعة من الحوافز، بعضها وافق عليه الكونغرس لتعزيز إنتاج السيارات الكهربائية. 

كما قال ترامب تسع مرات إنه "سيلغي الصفقة الخضراء الجديدة". 

ونشأ مصطلح "الصفقة الخضراء الجديدة" في قرار تغير المناخ لعام 2019 الذي اقترحه الديمقراطيون الليبراليون في الكونغرس. ومنذ ذلك الحين استخدمه الجمهوريون للإشارة إلى المكونات البيئية لقانون خفض التضخم والسياسات البيئية الأخرى التي يختلفون معها.

ولا يمكن إلغاء أي من هذه السياسات من جانب واحد في اليوم الأول من قبل ترامب لأنها إما تنطوي على تشريع أقره الكونغرس أو قواعد ستخضع للتقاضي إذا حاول ترامب إلغاءها.

بالإضافة إلى تهديداته بخفض تمويل المدارس بسبب المناقشات حول الهوية الجنسية ، تعهد ترامب في اليوم الأول بسن سياسات من شأنها أن تؤثر على الحياة الشخصية للأميركيين المتحولين جنسيا، ووعده الأكثر تكرارا على هذه الجبهة هو منع النساء المتحولات جنسيا من المشاركة في الرياضات النسائية، وهي ملاحظة أدلى بها 18 مرة. 

كما اقترح فرض حظر وطني على جراحات تأكيد النوع الاجتماعي للقصر، وهو ما يسميه "تشويه الأعضاء التناسلية للأطفال". ويمكن أن يحاول ترامب تقليص هذه الأهداف من خلال الإجراءات التنفيذية، ولكن، كما هو الحال مع الوعود الأخرى، هذه ليست سياسات يمكن للرئيس سنها من جانب واحد، ومن المحتمل أن يتم الطعن فيه على الفور في المحكمة.

وتشير الصحيفة إلى أن مقترحات اليوم الأول الأخرى من ترامب تغطي مجموعة من الموضوعات ويذكرها بشكل عابر في الغالب في خطاباته، مثل تعهده بإلغاء ثلاثة من الأوامر التنفيذية لبايدن في يومه الأول،  أحدها يتعلق بنمو الذكاء الاصطناعي، والآخر يوسع عمليات التحقق من الخلفية لشراء الأسلحة، وآخر يعزز التنوع والإنصاف والشمول في القوى العاملة الفيدرالية، وهذا الأخير هو أسهل شيء يمكن أن يفعله الرئيس في يومه الأول، بحسب فلاديك، إذ أن الرؤساء ليسوا ملزمين بالأوامر التنفيذية لأسلافهم، لذلك من المحتمل أن يبدأ في تفكيكها بسرعة. 

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.