نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس
كامالا هاريس

جعلت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، كامالا هاريس، من محاربة المخالفات التي ترتكبها الشركات الأميركية جزءًا أساسيًا من خطابها للناخبين، مشيرة خلال حملتها إلى "سجلها الحافل" في مواجهة الشركات الكبرى، وإلقاء اللوم على مصنعي المواد الغذائية بسبب ارتفاع أسعار البقالة.

ورغم أن نائبة الرئيس الحالي، جو بايدن، كانت قد وعدت بزيادة الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. لكنها "تحاول بهدوء وبشكل سري، الحصول على دعم تلك الشركات"، بالإضافة إلى أخذ المشورة والنصح من قادتها في مختلف القطاعات، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وحسب مصادر الصحيفة، فإن هاريس عرضت القليل من التفاصيل السياسية، لكن العديد من المديرين التنفيذيين يقولون إنهم "يرون انفتاحها على ملاحظاتهم كافياً في الوقت الحالي".

وفي الأيام الـ10 التي سبقت انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، كانت حملته الانتخابية قد حصلت على حوالي 91   ألف دولار من نحو 990 مانحًا حددوا أنفسهم كرؤساء تنفيذيين، وفقًا لتقارير جمع التبرعات المقدمة إلى لجنة الانتخابات الفدرالية. 

هاريس ووالز في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة قبل يوم من مؤتمر الحزب الديمقراطي
يشيد بها الديمقراطيون وينتقدها الجمهوريون.. أبرز نقاط خطة هاريس الاقتصادية
مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر المقبل، تسعى نائبة الرئيس كامالا هاريس للنأي بنفسها عن بعض سياسات الرئيس جو بايدن الاقتصادية وتقديم خطة مختلفة لمعالجة التضخم الذي زاد في الأعوام الأخيرة.

وفي الأيام الـ10 التي تلت ذلك، تلقت حملة هاريس ما يقرب من 2 مليون دولار من 5000 من هؤلاء المانحين.

وذكرت مصادر مطلعة، أن هاريس كانت قد "استضافت في عدة مناسبات عشاء، مجموعة تضم من 8 إلى 10 رؤساء تنفيذيين في كل مرة، لمناقشة مجموعة من الموضوعات".

ومن أبرز الشخصيات التي تحاورت معها هاريس، وفق وول ستريت جورنال، رئيس شركة فيزا، رايان ماكنيرني، وهو ديمقراطي، والرئيس التنفيذي لشركة موتورولا سوليوشنز، غريغ براون، وهو جمهوري، والرئيسة التنفيذية لشركة " سي في إس هيلث"، كارين لينش، التي لا تنتمي علنًا إلى أي من الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي.

وعلى مدار ساعات، قال الحاضرون إنها كانت "تستمع عادة إلى أفكارهم بشأن تمويل البنية الأساسية، وقانون خفض التضخم، والتنوع، وجهود المساواة والإدماج، ومواجهة الصين، وسوق العمل". 

"انتصار كبير"

ويبدو أن مغازلة هاريس لمجتمع الأعمال، غذت التفاؤل بأنها سترفض بعض "الأولويات التقدمية" كرئيسة، والتي يراها المسؤولون التنفيذيون ضارة.

ووفقا لتقرير الصحيفة، فقد حقق قادة الشركات بالفعل فوزًا كبيرًا، إذ أيدت نائبة الرئيس مؤخرًا زيادة أقل حدة في معدل ضريبة أرباح رأس المال الأعلى، مخالفة بذلك الخطة التي حددها بايدن في مخطط ميزانيته في وقت سابق من هذا العام.

كما ضغط المسؤولون التنفيذيون على هاريس للتخلص من المزيد من مقترحات بايدن الضريبية الرئيسية في تلك الخطة.

وتتضمن إحدى الخطط، فرض ضريبة على مكاسب رأس المال غير المحققة التي تزيد عن 5 ملايين دولار عند الوفاة، بينما تفرض خطة أخرى، والتي تسميها الإدارة ضريبة الحد الأدنى لدخل الملياردير، ضرائب على بعض المكاسب غير المحققة أثناء الحياة للأشخاص الذين تزيد ثروتهم الصافية عن 100 مليون دولار.

ولم تتدخل هاريس بشكل خاص في فرض ضريبة على المكاسب غير المحققة، لكنها قالت إنها تدعم ضريبة الحد الأدنى لدخل الملياردير. 

وفي هذا الصدد، أوضح مستشار هاريس أنها "منفتحة على هيكلة هذه الضريبة بشكل مختلف عما فعل بايدن، فعلى الرغم من أن عدم فرض ضريبة على المكاسب غير المحققة هو المشكلة الأساسية التي تحاول حلها، فإن من غير المرجح أن تسفر الخيارات الأخرى عن عائدات كافية لتعويض مقترحاتها السياسية باهظة الثمن".

وقال روجر هوتشيلد، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "ديسكفر" للخدمات المصرفية، وهو مؤيد لهاريس، إنه على الرغم من هذه الشكوك، فإنه يعتقد أن المرشحة الديمراطية "ستجد التوازن الصحيح" بشأن فرض الضرائب على الأثرياء إذا تم انتخابها. 

وكان هوتشيلد واحدًا من حوالي 100 من قادة الأعمال الذين وقعوا مؤخرًا على خطاب يؤيد هاريس.

"إقالة خان"

كما ضغط العديد من المديرين التنفيذيين في مجال الأعمال على هاريس بشأن أحد أكثر مطالبهم الملحة، التي تتمثل في استبدال لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفدرالية، الهيئة التنظيمية الأكثر تأثيرًا على الشركات في إدارة بايدن، وفق الصحيفة الأميركية.

وحث العديد من المانحين الرئيسيين لهاريس، بما في ذلك المؤسس المشارك لشركة "لينكد إن"، ريد هوفمان، نائبة الرئيس بشكل خاص وعلني على "إقالة خان إذا تم انتخابها"، بحجة أن "نهجها العدواني في إنفاذ مكافحة الاحتكار أعاق إبرام الصفقات". 

وفي حين رفض متحدث باسم خان التعليق على الأمر، فإن هاريس حاولت، وفقا لمصادر مطلعة نقلت عنها الصحيفة، "حاولت إبقاء الحديث مركّزًا على سياسة مكافحة الاحتكار بدلاً من الموظفين"، حيث قال بعض الأشخاص إن نائبة الرئيس أكدت أنها ستتبنى نظاما "لا يلحق الضرر بالشركات دون داعٍ".

وتقول هاريس لمستشاريها بشكل متكرر، إن الحكومة وحدها لا تستطيع إصلاح المشاكل المعقدة، وسعت إلى الاستعانة بالقطاع الخاص في المهام التي كُلِّفت بها، بما في ذلك تأمين 5.2 مليار دولار من الالتزامات من شركات مثل ماستركارد وفيزا لمعالجة الأسباب طويلة الأجل للهجرة من أميركا الوسطى، حسب وول ستريت جورنال.

واعتمدت حملتها على بعض مستشاريها الاقتصاديين في وول ستريت، بما في ذلك المصرفيين الاستثماريين بلير إيفرون وروجر ألتمان، لإظهار أنها ستكون أفضل في إدارة الاقتصاد، وهي قضية ذات أولوية للناخبين. 

وأصر هؤلاء وغيرهم على أنها "ستحكم بشكل أكثر عملية"، في حين يقول البعض إنها "ستتنازل عن قضايا مالية أقل للجناح التقدمي من الحزب، إذا انتُخِبت".

وأوضح براد كارب، رئيس شركة المحاماة بول فايس، الذي تبرع لحملتها: "إنها تؤمن بالتنظيم المعقول، وقواعد الطريق المتوقعة والشفافة للشركات والتقنيات المبتكرة، والإخلاص لسيادة القانون".

كما أمضت هاريس وقتًا في التقرب من أولئك الذين كانت قد تصادمت معهم سابقًا، وفق الصحيفة، التي لفتت إلى أنه قبل عقد من الزمن، وعندما كانت المدعية العامة لولاية كاليفورنيا، كان لديها نقاش حاد مع الرئيس التنفيذي لمصرف "جي بي مورغان"، جيمي ديمون. 

وفي وقت سابق من هذا العام، دعته لتناول الغداء. ووفقًا لأشخاص مطلعين على الاجتماع، فقد حظي الاثنان بحديث "مثمر"، حيث قال ديمون لزملائه لاحقا إن هاريس "معقولة ومنفتحة على تحسين كيفية عمل الحكومة والشركات معًا".    

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.