المرشحان للانتخابات الرئاسية الأميركية هاريس وترامب
الاستطلاع استكشف مواقف الأميركيين بشأن الوصف الديني للمرشحين ترامب وهاريس

يعتقد عدد قليل الأميركيين أن المرشحين للرئاسة، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كمالا هاريس، "مسيحيين بشكل خاص"، وفق ما كشفه استطلاع جديد أجراه مركز أسوشيتد برس-نورك للشؤون العامة في الفترة ما بين 12 إلى 16 سبتمبر.

وقال 14بالمئة من البالغين في الولايات المتحدة أن كلمة "مسيحي" هي وصف "قوي" أو "جيد جدا" لهاريس أو ترامب.

ويبدو هذا غير مهم للبعض من قاعدة ترامب الموالية وهم البروتستانت الإنجيليون البيض. فحوالي 7 من بين كل 10 من هذه المجموعة ينظرون إليه بشكل إيجابي. ولكن نصفهم فقط يقولون إن ترامب يمثل معتقداتهم بشكل أفضل. وحوالي 1 من كل 10 يقولون ذلك عن هاريس، فيما يقول الثلث تقريبا إن أيا من المرشحين لا يمثل معتقداتهم الدينية، وحوالي 2 من كل 10 يقولون إن كلمة "مسيحي" تصف ترامب بشكل "قوي" أو "جيد جدا".

وقالت، ماري غريفيث، أستاذة الدين والسياسة في جامعة واشنطن في سانت لويس إن الناخبين "في الحقيقة لا يهتمون بما إذا ما كان المرشح متدينا أم لا".

وتعكس نتائج الاستطلاع التحول في كيفية حديث الإنجيليين البيض عن الأخلاق والدين في السياسة، وفقا لغريفيث التي أشارت إلى أن هناك ثقافة إنجيلية بيضاء تعتني بأبنائها، لكنها "ترى أن الغرباء الليبراليين أشرار"، وبالتالي فإن دعم ديمقراطي غير ممكن للعديد منهم.

وقالت أستاذة الدين والسياسة، إن القادة الإنجيليين يدفعون بفكرة أن ترامب "هو رجل الله، ولا يمكننا أن نسأل لماذا. لا يجب علينا أن نسأل لماذا. لا يهم إذا ما كان أخلاقيا أو متدينا. لا يهم إذا ما كان يكذب بشكل قهري. المهم هو إعادة انتخابه من أجل الصالح العام".

الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في إحدى حملاته

وفي المؤتمر الوطني الجمهوري، استشهدت الحاكمة، سارة هاكابي ساندرز، من ولاية أركنساس، وهي مسيحية محافظة ومتحدثة سابقة باسم البيت الأبيض، بـ "الله" عندما تحدثت عن أول محاولة اغتيال ضد ترامب.

وقالت: "تدخل الله القدير لأن أميركا هي أمة تحت ظل الله، وبالتأكيد لم ينتهِ مع الرئيس ترامب. وبلدنا أفضل بسببه".

أنتيا باتلر، أستاذة الدراسات الدينية في جامعة بنسلفانيا، قالت إن "الإنجيليين البيض يرونه أداة لتحقيق أهدافهم، مثل تعيينه قضاة محافظين مناهضين للإجهاض في المحكمة العليا".

أما بالنسبة لرأس القائمة الديمقراطية، فإن أغلبية كبيرة من زملاء هاريس البروتستانت السود – ثلاثة أرباع – يرونها بشكل إيجابي و6 من كل 10 يقولون إنها تمثل معتقداتهم الدينية بشكل أفضل. 

ولكن حوالي 4 من كل 10 فقط يقولون إن كلمة "مسيحي" تصف هاريس "بشكل قوي" أو "جيد جدا". وهذا لا يزال أعلى من نسبة الديمقراطيين عموما الذين يعتقدون ذلك بشأن هاريس، والذين يبلغ عددهم حوالي الربع.

المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس في إحدى حملاتها الانتخابية

ولم تُفاجأ باتلر بأن التقدير لترامب "منخفض" بين البروتستانت السود، وأنهم يرون هاريس، "المعمدانية المتأثرة بالتقاليد الروحية من وطن والدتها في الهند، أكثر مسيحية".

وتقول:  "أعتقد أن الأميركيين الأفارقة لديهم فهم أفضل للعائلات متعددة الأديان، لأن هذا يحدث كثيرا بيننا.

وبشكل عام، يرى حوالي نصف الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع أن كلمة "مسيحي" تصف هاريس إلى حد ما على الأقل، بينما قال ذلك حوالي ثلثهم عن ترامب.

وشككت غريفيث فيما إذا كان السبب في أن عددا قليلا جدا من الأميركيين يرون أن هاريس مسيحية بشكل خاص هو أنهم لا يعرفون الكثير عنها بعد. فقد انضمت هاريس إلى السباق متأخرا، بعد أن اضطر الرئيس، جو بايدن، للتنحي في يوليو الماضي.

وتحاول مجموعة الكنيسة السوداء PAC، وهي مجموعة تقدمية، تعبئة الناخبين لصالح هاريس. في نقاش عبر الإنترنت استضافته PAC مؤخراً، شجعت القس تراسي بلاكمون، من كنيسة المسيح المتحدة بولاية ميزوري، القساوسة على أن يطلبوا من المصلين كل يوم أحد أن يتحققوا من وضع تسجيلهم الانتخابي عبر هواتفهم، وأن يستعدوا لاستخدام حافلات الكنيسة لنقل الناخبين إلى صناديق الاقتراع.

وقالت بلاكمون: "كامالا هاريس ليست مثالية – لا أحد مثالي. لكنها مؤهلة. إنها مخلصة لما تقوله ولن تفعله، ولديها الشجاعة لتقول ما لن تفعله".

وعندما طلب من الأميركيين المستجيبين وصف المرشحين بكلمات مثل "صادق" أو "أخلاقي"، لم يحقق أي منهما نتائج عالية. وحوالي الثلث قالوا إن هذه الكلمات تصف هاريس بشكل "قوي" أو "جيد جدا"، بينما قال ذلك حوالي 15 بالمئة عن ترامب.

بالإضافة إلى أولئك الذين قالوا إن هذه الكلمات تصف المرشحين "إلى حد ما"، ارتفعت النسبة لأكثر من نصف بالنسبة لهاريس، وحوالي الثلث لترامب.

وقالت غريفيث: "أعتقد أن هذا يعكس السخرية العميقة حول السياسة، حيث أصبح لدى الناس قناعة حقا بأن جميع السياسيين كاذبون".

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.