جانب من متابعة الجمهور الأميركي للمناظرة التي جرت بين ترامب وهاريس في العاشر من سبتمبر
جانب من متابعة الجمهور الأميركي للمناظرة التي جرت بين ترامب وهاريس في العاشر من سبتمبر

أظهرت استطلاعات رأي جديدة، أن المرشحة الديمقراطية لرئاسة الولايات المتحدة، كامالا هاريس، تتقدم بفارق طفيف على المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، وسط مخاوف متزايدة من اندلاع أعمال عنف وعدم إتمام انتقال سلمي وسلس للسلطة، على غرار ما شهدته البلاد بعد الانتخابات الماضية قبل 4 أعوام.

وتشهد الولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر، انتخابات رئاسية يتنافس فيها الرئيس السابق ترامب، مع نائبة الرئيس الحالية هاريس.

ووفقا لأرقام الاستطلاعات الحالية، تصل نسبة التصويت لهاريس إلى 48.5 بالمئة، مقابل 46.5 بالمئة لترامب.

وقالت نائبة رئيسة التجمع النسائي في الحزب الجمهوري بولاية ماريلاند، بوني غليك، في تصريحات لقناة "الحرة": الجمهوريون لا يثقون كثيرا في الاستطلاعات لأنها لم تكن دقيقة أبدا عام 2016، حيث كانت حظوظ هيلاري كلينتون في الفوز كبيرة".

كما أقر تشيب ريد، المستشار القانوني السابق للرئيس جو بايدن (حينما كان يشغل منصب سناتور بالكونغرس)، بأن الاستطلاعات بالفعل لم تكن دقيقة خلال انتخابات عام 2016، لكنه أضاف: "ربما غيّر القائمون على الاستطلاعات طرق عملهم، فقد تمت إساءة تقييم قدرات ترامب مرتين من قبل".

وتابع ريد في حديثه لقناة "الحرة": "يمكن التشكيك في نتائج الاستطلاعات، لكن المشكلة أن الجمهوريين يشككون في نزاهة الانتخابات.. ولا أجد أية فرصة لتعاون الحزبين لو وصل ترامب إلى الرئاسة".

وهدد ترامب من أسماهم بـ"اليساريين المتطرفين" في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، قائلا إنه قد يؤيد استخدام القوات العسكرية ضد أميركيين وصفهم بأنهم "عدو من الداخل"، في حال تسببوا بتعطيل الانتخابات الشهر المقبل.

وقال ترامب بتصريحات لبرنامج "صنداي مورنينغ فيوتشرز"، نقلتها وكالة فرانس برس: "أعتقد أن المشكلة الأكبر هي العدو من الداخل، وليس حتى الأشخاص الذين دخلوا بلادنا ودمروها"، في إشارة إلى مواطنين أميركيين وليس مهاجرين.

وكان ترامب يجيب على سؤال حول توقعاته بشأن يوم الانتخابات، بعدما قال بايدن الأسبوع الماضي، إنه بينما يعتقد أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة، إلا أنه لا يعرف "ما إذا كانت ستكون سلمية".

وزعم ترامب في تصريحاته أن بعض المواطنين الأميركيين "أكثر خطورة من الصين وروسيا وكل هذه البلدان".

وسارعت حملة هاريس، إلى الرد على تصريحات ترامب المدوية. وقال إيان سامز، المتحدث باسم حملة نائبة الرئيس: "أعلم أن الناس أصبحوا لا يتفاعلون حيال ما يقوله ترامب على مدى العقد الماضي، لكن هذا يجب أن يكون صادما" للأميركيين.

تحديات أمام الانتقال السلمي

وواصلت غليك حديثها للحرة حول التحديات أمام الانتقال السلمي للسلطة، بالقول إن "المسؤولية تقع على المسؤولين بالحزبين والرئيس بايدن"، مضيفة: "أفترض بعد المشاكل خلال الانتقال السابق، أن يتم فرض تدابير أمنية كافية لضمان الانتقال السلمي".

وتابعت: "أعتقد أن الكثير من الأميركيين لديهم مخاوف، ولا يريدون تكرار ما حدث في السادس من يناير 2021".

فيما أشار ريد إلى أنه حال خسارة هاريس، "سيكون الانتقال سلميا وسلسا، وستعترف بالخسارة، لكن منذ 4 سنوات رفض ترامب الخسارة وسيفعل تماما ما فعله من قبل حال خسارته مجددا، وسيحمس مناصريه على العنف".

واستطرد بالقول: "أتوقع أن يفعل ذلك مجددا، وقد يكون العنف أسوأ مما رأيناه، لكن لحسن الحظ بايدن هو من في سدة الحكم عكس المرة الماضية حين كان ترامب رئيسا، وربما يتخذ التدابير لمنع العنف ومحاولة سرقة الانتخابات كما حدث في السابق".

وزعم ترامب الذي نجا من محاولتي اغتيال في يوليو وسبتمبر، حدوث "احتيال" واسع النطاق بعد هزيمته أمام بايدن عام 2020، دون أن يقدم أدلة على ذلك. كما اقتحم أنصار له مبنى الكابيتول أثناء اجتماع الكونغرس للمصادقة على نتائج الانتخابات.

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.