واشنطن تنشط للحد من الهجرة غير الشرعية. أرشيفية
واشنطن تنشط للحد من الهجرة غير الشرعية. أرشيفية

يواجه الملايين ممن يعيشون على الأرض الأميركية بشكل غير شرعي، خطر الترحيل، والانفصال عن ذوويهم حال نجح الرئيس السابق دونالد ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض مرة ثانية. 

وتشتد حدة التنافس على رئاسة الولايات المتحدة، بين الجمهوري ترامب والديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس،مع قرب موعد الانتخابات في الخامس من نوفمبر. 

ويعد ترامب، حال أعاد الأميركيون انتخابه رئيسا لهم، بأكبر عملية ترحيل في تاريخ البلاد، من شأنها طرد كل من لا يحمل أوراق رسمية تدعم وجوده على الأرض الأميركية.

وحال نجح ترامب في الانتخابات التي تجري بعد أقل من عشرة أيام، فخطر الترحيل يطال  - بحسب الأرقام الرسمية لمكتب الإحصاء الأميركي-  نحو 11 مليون شخص يعيشون في الولايات المتحدة دون الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة. 

ولن يضر الترحيل المحتمل للمهاجريين غير الشرعيين بهم وحسب، بل بذوييهم الذي يتمتعون بأوضاع قانونية وبعضهم يحمل الجنسية الأميركية بالفعل. 

ويعيش أكثر من 22 مليون شخص في أسرة أميركية أحد أفرادها يتواجد في البلاد بشكل غير قانوني، وذلك وفق تحليل بيانات تعداد السكان لعام 2022 التي أجراه مركز بيو للأبحاث. 

ويمثل هذا الرقم -بحسب أسوشيتد برس- ما يقرب من 5 في المئة من الأسر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، و 5.5 في المئة في ولاية أريزونا، أحد الولايات المتأرجحة، ألتي يمكن ان تحسم هذه القضية أصوات اللاتينيين فيها.  

وتلعب 7 ولايات دورا حاسما في الانتخابات الرئاسية هذا العام، باعتبارها تتأرجح بين المرشحين ومن غير المعلوم لأيهما ستصوت.  

الهجرة جوهر حملة ترامب

وجعل ترامب منذ اليوم الأول لترشحه للرئاسة، الهجرة الشرعية محورا لحملته. وجعل ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين وطردهم من الحدود الأميريكية نصب عينيه. 

ويتهم ترامب إدارة الرئيس جو بايدن، ونائبته كامالا المرشحة المنافسة له، بالفشل في تأمين الحدود الجنوبية للبلاد. 

ويلقي ترامب باللوم على الهجرة غير الشرعية في تقلص ما يصفه بوظائف السود، وهي الوظائف التي عادة ما يشغلها الأميركيون من أصول أفريقية، التي بحسب المرشح الجمهوري بات يسيطر عليها المهاجرون غير الشرعيون. 

أما الديمقراطية هاريس، فتميل إلى دعم اقتصادات دول شمال ووسط أميركا الجنوبية التي تورد العدد الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين طريقة لاستئصال المشكلة من جذورها. 

تاريخ ترامب مع الهجرة غير الشرعية

جرب الأميركيون بالفعل ترامب وسياساته، بما في ذلك تلك التي تتعلق بالتعامل مع الهجرة غير الشرعية.

وانحرفت  إدارة ترامب، عن الممارسة العامة المتبعة، بإبقاء الأسر التي لديها أطفال معًا عندما يصلون إلى الحدود الجنوبية.

فهدفت إدارة ترامب إلى مقاضاة جميع البالغين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني، فيما جرى فصل الأطفال القُصر عن آبائهم ووضعهم في ملاجيء تنتشر في جميع أنحاء البلاد. 

لكن وبعد موجة من الاحتجاج، أعلن ترامب في 20 يونيو 2018 أنه سينهي هذه السياسة. وبعد ستة أيام، من ذلك التاريخ، أمر قاض الحكومة بإعادة لم شمل الأسر، التي انفصل الآلاف منها. 

وكانت السجلات التي تحتفظ بها الوكالات الأميركية ضعيفة، مما جعل من الصعب لم شمل الأسر. فيما تعرض العديد من الآباء للترحيل مما زاد الأمر تعقيدا. 

وعندما أصبح الديمقراطي جو بايدن رئيسًا، أنشأ فريق عمل لإعادة توحيد الأسر. وبناء على الجهود التي بذلتها المجموعات التي رفعت دعاوى قضائية ضد إدارة ترامب، حددت فرقة العمل حوالي 5000 طفل تم فصلهم.

وبموجب تسوية أُعلن عنها العام الماضي بين العائلات وإدارة بايدن، فإن أمام العائلات عامين لتقديم طلبات اللجوء.

ولم يذكر ترامب أو حملته الانتخابية على وجه التحديد ما إذا كان سيعيد إحياء هذه الممارسة إذا فاز في الانتخابات في الخامس من نوفمبر. 

وقالت كارولين ليفات، السكرتيرة الصحفية لحملة ترامب، إن  ترامب سيعيد سياساته الفعالة في مجال الهجرة، وسينفذ حملات صارمة جديدة من شأنها أن ترسل موجات صدمة إلى جميع المهربين في العالم، بحسب فويس أوف أميركا. 

رسائل سياسية من تصريحات الليبراليين والمحافظين . أرشيفية - تعبيرية
استقالة الموظف فتحت باب الجدل على قضية متجذرة في المجتمع الأميركي

أعاد إيلون ماسك توظيف ماركو إليز (25 عاما) في إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية، بعدما أثارت استقالته جدلا الخميس.

وأجرى ماسك استطلاعا للرأي بشأن إعادة إليز، وقال في منشور عبر منصة إكس "سيعود. كل ابن آدم خطاء، والعفو رباني"، وذلك بعد مطالبات من نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، والتي دعمها الرئيس دونالد ترامب.

فما الخطأ الذي ارتكبه إليز ودفعه للاستقالة من إدارة الكفاءة الحكومية بعد أسابيع قليلة على تعيينه؟

استقالة إليز كانت بعد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، كشفت فيه تغريدات سابقة له على حساب غير فعال، دعا فيها إلى "كراهية الهنود".

وبعد إثارة استقالته للجدل، دعا نائب الرئيس دي فانس وهو متزوج من ابنة لمهاجرين من الهند إلى إعادة الموظف لمنصبه.

وقال في منشور عبر إكس "هذه وجهة نظري: بالطبع لا أؤيد بعض منشورات إيلز، لكن لا أؤيد أن يدمر سلوك غبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حياة فتى. لا ينبغي لنا أن نكافئ الصحفيين الذين يحاولون تدمير الناس. أبدا".

وأضاف "لذا أقول أعيدوه (لمنصبه). إذا كان شخصا سيئا أو عضو فريق فظيعا فافصلوه عن العمل لهذا السبب".

جذور الجدل

قد ينظر البعض إلى هذه الحادثة على أنها قضية تتعلق باستقالة موظف وإعادته لعمله، ولكنها تعبر قضية أعمق في المجتمع الأميركي، والتي ترتبط بمدرستين: الأولى، "الصواب السياسي"/ (Political correctness) أو (Politically correct)، والثانية "قول الحقيقة كما هي" / (Tell It Like It Is).

والصواب السياسي هو اسم "يعبر عن الأفعال التي تتجنب الإساءة للآخرين، خاصة تلك المتعلقة بالجنس، أو العرق، أو الدين أو غيرها"، بحسب معجم كامبريدج.

أما قاموس ميريام ويبستار، فيعرفه على أن أي توافق مع "الاعتقاد بأن اللغة أو الممارسات التي قد تسبب حساسيات سياسية في مسائل الجنس أو العرق يجب القضاء عليها".

وبعيدا عن تعريف المصطلح في القواميس يعبر مصطلح الصواب السياسي أو حتى يذكره البعض باسم الصوابية السياسية عن "انتقاد محاولات التيار اليساري للسيطرة على استخدام اللغة وحتى السلوك" بحسب ما يذكر كتاب "موسوعة الأخلاق التطبيقية".

ويهدف هذا المصطلح للكشف عن "الافتراضات الخفية بطريقة محايدة عند الحديث أو السلوك" في مراعاة الحساسيات عند الآخرين، وهو ما تسبب في إثارتها للجدل بسبب رفضها للمعايير المألوفة، فيما يعتبر البعض أنها مثالا للمعايير المزدوجة.

وتبسط موسوعة "بريتانيكا" شرح المصطلح بأنه أي لغة أو سلوك "يهدف إلى تقديم أقل قدر من الإساءة، وخاصة عند وصف المجموعات التي يتم تحديدها من خلال العرق أو الجنس أو الثقافة أو الميل الجنسي".

ورغم استخدامه بكثرة في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظهر لأول مرة في المفردات الماركسية اللينينية في أعقاب الثورة الروسية في 1917، إذ كان يستخدم في إطار وصل الالتزام بسياسات ومبادئ الحزب الشيوعي.

وفي أواخر السبعينيات بدأ السياسيون الليبراليون في استخدامه في إشارة إلى التطرف في بعض القضايا اليسارية، وفي أوائل التسعينيات استخدمه المحافظون في التعبير عن رفضهم لما اعتبروه تزايدا في المبادئ الليبرالية اليسارية في الجامعات والكليات في الولايات المتحدة.

أما مصطلح "قول الحقيقة كما هي" يعرفه قاموس كامبردج على أنه "وصف موقف بصراحة من دون تجنب أي تفاصيل غير سارة". 

وفي تعريف مشابه يقول قاموس ميريام ويبستار إنه يعبر عن "الحديث عن الأشياء غير المفرحة بطريقة صادقة" من دون وضع أي اعتبارات لأي أمور أخرى.

ويستخدم هذا المصطلح في وصف السياسيين أو الخبراء "الذين ينظر إليهم على أنهم صريحون وصادقون" في التواصل، وحتى إن كانت الحقائق غير مريحة، بحسب القاموس السياسي.

اكتسبت عبارة "قول الحقيقة كما هي" شعبيتها من أغنية روي ميلتون عام 1945، واشتهرت بعد استخدامها من قبل أيقونة النضال في الولايات المتحدة مالكوم إكس، في خطاب في 1964.

وبعد بضع سنوات أصبحت هذه العبارة شعارا يتداوله الكثير من السياسيين الأميركيين المحافظين، الداعمين لقول الأمور كما هي من دون أي اعتبار لحساسيات أو اعتبارات أخرى.

الليبراليون يدافعون عن "الصواب السياسي" للحماية من الإساءة لمجموعات معينة، وهو ما يسخر منه المحافظون الداعمون لمبدأ "قول الحقيقة كما هي" معتبرين أن قول الحقيقة كما هي لا ينقص منها شيئا.

ويرى الداعمون لقول الحقيقة كما هي أن ما يدفع به الليبراليون يضع قيودا على حرية التعبير، ويجعل من أي نقاش غير صادق، بما يعيد تشكيل الواقع بطريقة غير حقيقية، وهو ما ينظر إليه الليبراليون على أنه فتح باب للعنصرية والتعصب تحت شعار "الحرية".

وما بين "الصواب السياسي" وقول "الحقيقة كما هي" خيط رفيع جدا، بين ما هو الحقيقة المحايدة أو الرأي الذي يعبر عما يجول في عقل صاحبه. 

فهل إرجاع ماركو إليز يؤسس لخطاب يتيح الكراهية والعنصرية؟، أو أنه يمثل صفحة جديدة لحديث أكثر تسامحا؟.