الانتخابت الرئاسية ستجرى في الخامس من نوفمبر
الانتخابت الرئاسية ستجرى في الخامس من نوفمبر

أيام قليلة تفصلنا عن يوم التصويت الكبير في الانتخابات الأميركية، والتي تعد واحدة من أغرب الانتخابات في التاريخ الأميركي، مع انسحاب مرشح وظهور آخر قبل ثلاثة أشهر فقط من التصويت، فيما يواجه مرشح آخر تهديدات ومحاولتي اغتيال.

برنامج "داخل واشنطن" ناقش موضوع من سيحسم الفوز بمقعد الرئيس الـ47 للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر المقبل، وأجرى مقابلات مع خبراء ومختصين للحديث حول النتائج المتوقعة وما تشير اليه إستطلاعات الرأي الآن.

الصحفي ديفيد هوكينغز، أوضح أن قرار انسحاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، "لم يكن سهلا"، إذ كانت هناك فترة قصيرة أقل من أسبوعين بين أداء بايدن المثير للقلق في المناظرة مع ترامب، وبين إقناعه بالانسحاب على أيدي ديمقراطيين آخرين، بينهم نانسي بيلوسي، عملوا خلف الكواليس.

ويضيف هوكينغز أنه في غضون ساعات، أعلن بايدن عدم الترشح، وتأييده لكامالا هاريس، ومع نهاية تلك الليلة كانت المرشح الأساسي للحزب.

وأوضح أن الديمقراطيين في هذه الحالة فقط كسروا مقولة في عالم السياسية "الجمهوريون يقفون في صف واحد فيما يقع الديمقراطيون في الحب"، ففي هذه الحالة فقط وقف الديمقراطيون صفا واحدا للطلب من بايدن الانسحاب وتأييد هاريس.

وأوضح هوكينغز أن مؤيدي ترامب يعتقدون أنهم في موقف جيد حاليا بدليل أن ترامب قضى ثلاثة أيام من أهم أيام الحملة في زيارة ولايات ليس هناك أحتمال بأن يفوز بها، "هذا يعني أنه واثق من النتائج، كما أن مؤيديه يبدون واثقين أيضا بكسب ما يكفي من أصوات شريحة الرجال، من اللاتينيين والسود وغير الجامعيين، للفوز بهذه الانتخابات".

الصحفي ديفيد هوكينغز أشار إلى أن السباق الانتخابي متقارب للغاية بين الطرفين حيث تظهر استطلاعات الرأي تنافسا حادا ونتائج متقاربة في الولايات السبعة التي ستحدد نتيجة الانتخابات.

الانتخابات الرئاسية الأميركية ستجرى في الخامس من نوفمبر - صورة لرويترز
هل تحسم ولايات "الجدار الأزرق" سباق هاريس وترامب؟
تلعب الولايات المعروفة باسم "الجدار الأزرق" دورا محوريا في الانتخابت الرئاسية الأميركية، إذ تُعتبر معاقل تاريخية للحزب الديمقراطي، وتركز الحملة الانتخابية لهاريس على هذه الولايات، مما يعكس استراتيجيتها في تعزيز فرصها في الفوز.

رافي بيري، استاذ في جامعة هوارد، قال من جهته إن نجاح المرشحة الديمقراطية هاريس في الحملة الانتخابية بعد أنسحاب بايدن سببه انها كانت مستعدة لهذه التنافس رغم قصر الوقت، وان تأييد بايدن لها في البداية لم يضمن لها ترشيح الحزب الديمقراطي، لذا كان عليها تقديم أداء ممتاز حتى تحظى بترشيح الحزب.

بيري اشار إلى أن البعض من الديمقراطين تحدث عن وجوب ترشيح حاكم ما أو سيناتور ما أو شخصا آخر، لكن هذا لم يكن مقترحا جيدا بالنسبة للعديد من النساء وكذلك لشريحة كبيرة من الأميركيين من أصل إفريقي، فهؤلاء برأيه، لم يتقبلوا التخلي عن فكرة أول نائبة رئيس أميركية واحتمال ان تكون أول رئيس لأميركية سوداء من جنوب آسيا.

الأهم برأي بيري، هو أن هاريس استمرت في حملتها بقوة منذ ذلك الحين، ولم ترتكتب إجمالا أي أخطاء كبيرة خلال هذه الفترة، لكنه يقول إن لا أحد يعرف أذا كانت ستفوز بالرئاسة أم لا.

وسلط بيري الضوء على المشاكل المرتبطة باستطلاعات الرأي التي قال إن بأمكانها التنبؤ بخيارات الناخبين السابقين، لكنها ليست لديها أي فكرة بشان تأييد الناخبين المسجلين حديثا سيما طلاب الجامعات، وبالتالي تستثني معظم الاستطلاعات هذه الشريحة المهمة وأرقامها لا تعكس توجهات العديد من الناخبين.

وأضاف الاستاذ في جامعة هاورد، أن في الحملات السابقة كانت هناك حالة من الاستياء بين مجتمعات السود حيال المرشحين وعدم الاهتمام الكافي بمجتمعات الأميركيين من أصل أفريقي.

وأشار  إلى أن حملة هاريس وضعت أجندة خاصة للرجال والنساء السود والعديد من الأقليات الأخرى التي لطالما تجاهلها مرشحو الأحزاب الكبرى، بحسب تعبيره.

وأوضح بيري أن حملة ترامب تحاول الان تهدئة مخاوف الناخبين من الاقليات عبر "المشاهير" ومن خلال القول انه سيستمر في اصلاح نظام العدالة الجنائية.

لكن هذه المحاولات، برأبه، لاقت رفضا وساهمت حملة هاريس في ذلك الرفض بسبب استجابتها من خلال أجندة محدد كالأجندة "الموجهة للسود" التي وضعتها قبل أسابيع قليلة والتي تتضمن بنودا من بينها المساعدة في شراء منزل لأول مرة، واعفاءات ضريبية للأطفال، حيث يقول بيري إنها "سياسات اقتصادية من شأنها أن تقلب الأمور لصالح هاريس".

الاقتصاد وأوضاع المعيشة.. أبرز اهتمامات الناخب الأميركي
يحتل الملف الاقتصادي صدارة القضايا المؤثرة في السباق الانتخابي الأميركي، حيث ترتبط خيارات الناخبين بشكل وثيق بآمالهم في تحسن أوضاعهم المعيشية، في وقت تتزايد فيه الضغوط على المرشحين لتقديم خطط ملموسة تعزز الاقتصاد الأميركي.

الصحفية جيسيكا تايلور، قالت لقناة الحرة إنها لم تتوقع أبدا انسحاب الرئيس بايدن من المنافسة، وأن هذا جعل المشهد الانتخابي الحالي الأغرب، موضحة أن قرار الانسحاب يعتبر لحظة جوهرية.

"فحملة ترامب تضررت في النهاية مما حدث، لأنها أصبحت تواجه مرشحا ديمقراطيا أقوى .. وحملة بايدن من جهة أخرى كانت تعتقد انها ستبرز القوة والاستقرار في هذه المنافسة، لكن المناظرة مع ترامب كانت عكس ذلك وعززت مخاوف الناخبين بشأن عمر بايدن وقدراته العقلية".

تايلور أشارت إلى أن الجميع كان يعرف ان بايدن لو تم ترشيحه سيكون أكبر شخص يتم انتخابه رئيسا على الاطلاق ولم يكن من المتوقع أن يترشح لفترة رئاسية ثانية في الثمانينيات من عمره. 

وأوضحت أن الاداء الضعيف لبايدن في المناظرة مع منافسه الجمهوري دونالد ترامب سببت حالة من الذعر، حينها أتفق الديمقراطيون على قرار انسحاب بايدن من الانتخابات.

استطلاعات الرأي، بحسب تايلور، تشير الى أن هاريس كسبت أصوات العديد من الناخبين الشباب مقارنة بحملة بايدن، وايضا تفوقت في عدد المسجلين الجدد من مجموعات أساسية أخرى كالنساء السود، اللواتي لم تكن لهن مشاركة واسعة في حملة بايدن أيضا. 

لكن الأرقام المتوفرة تدل على أن هاريس بصورة عامة حصلت على تأييد أقل قليلا من جو بايدن بين الناخبين السود ومتأخرة قليلا فيما يتعلق بالناخبين من أصول لاتينية، بحسب تعبيرها.

وتضيف تايلور أن أداء هاريس كان أفضل فيما يتعلق بكسب صوت شريحة النساء، فرغم وجود فجوة بين الجنسين في السياسة، لكن الطرفين يكثفان الجهود في هذا السياق حيث نرى هاريس تحاول كسب تأييد النساء البيض والنساء البيض غير الجامعيات، ورأينا تحولا في ضواحي المدن تجاه الحزب الديمقراطي بسبب سياسات الإجهاض.

فيما يكثف ترامب جهوده لكسب تأييد الرجال ومحاولته تحقيق مكاسب بين الرجال السود واللاتينيين بحيث يعوض ما حققته هاريس من مكاسب بين النساء.

وذكرت تايلور أن حملة ترامب عام  2024 كانت الأكثر احترافية مقارنة بحملاته في 2016 و 2020، بسبب استعانته بعدد من الموظفين من أصحاب الخبرة الذين يحظون باحترام الحزب الجمهوري، ورفضه الظهر الكثير في الإعلام أو المناظرات، لمنع هاريس هاريس من إبراز نقاط ضعفه.

وأوضحت ان نتائج الاستطلاعات الحالية هي الأفضل التي يحصل عليها المرشح الجمهوري في الولايات المتأرجحة مقارنة بانتخابات عام 2016، والنتائج التي حصل عليها ترامب في الانتخابات السابقة كانت أفضل بكثير من أرقام استطلاعات الرأي، متوقعة أن تكون هناك فرصة حقيقية أمام ترامب في الفوز في هذه الانتخابات.

أميركا

الصين تتحدى أميركا في بنما.. حقائق مفاجئة تشرح تهديد ترامب

ضياء عُطي
07 يناير 2025

ربما كان خبرا عابرا، لم ينتبه إليه أحد.

لكن عبور تلك السفن الصينية من أقصى شمال الأرض، الخريف الماضي، ولأول مرة، لم يكن عرضيا.

فالصين تريد السيطرة على ممرات البحر، يقول خبراء تحدث إليهم "موقع الحرة".

خذ بنما مثالا. هنا قناة ضيقة وقصيرة تربط المحيطين الهادي والأطلسي.

هل يفاجئك أن تعرف أن شركات صينية، أو مقرها الصين، تدير مدخلي القناة على المحيطين الأطلسي شرقا والهادئ غربا؟

قناة بنما تحديدا لها تاريخ فريد، وفيها مصالح وصلاحيات أميركية مقرة باتفاقيات دولية تمنح واشنطن حق التدخل العسكري لحماية القناة. 

لذلك، قد لا يبدو غريبا أن يطالب الرئيس المنتخب دونالد ترامب بـ"إعادة السيطرة على قناة بنما"، فهو يعتبرها "من الأصول الوطنية الحيوية للولايات المتحدة".

هذه هي قصة القناة، وحقائق ستفاجئك عن الحقوق الأميركية ومخططات الصين.

بين قطب ومحيطين

عدة شركات صينية تدير الموانئ والمنشآت اللوجستية لقناة بنما. (AFP)

قرب جزيرة نوفايا زمليا الروسية، على طريق القطب المتجمد الشمالي، عبرت، الخريف الماضي، سفينتان تجاريتان تديرهما شركات صينية لأول مرة.

السفينة الأولى (نيونيو ستار)، كانت قادمة من ميناء نانشا الصيني، متجهة نحو سان بطرسبرغ الروسية.

سفينة أخرى هي (فلايينغ فيش)، أو السمكة الطائرة، كانت تبحر في الاتجاه المعاكس.

تقاطعتا في الطريق. أصبحت "السمكة الطائرة" أكبر سفينة تعبر طريق القطب الشمالي عبر المياه الروسية، حتى ذلك الوقت.

حملت "السمكة الطائرة" أكثر من 5 آلاف حاوية. 

هذه فئة خاصة من السفن تسمى "بانماكس". وهي وحدة معيارية عالمية تعني أن السفينة تملك أكبر حجم يمكن أن تستوعبه منشآت قناة بنما.

القطب الشمالي وقناة بنما يجمع بينهما الأهمية الاستراتيجية، والمطامع الصينية. 

وعين الصين على "المنشآت ذات الاستخدام المزدوج" في قناة بنما ومنطقة القطب الشمالي، يقول الصحفي الأميركي المتخصص جون غرايدي.

 يرصد غرايدي الاهتمام الصيني بقناة بنما والممرات البحرية في مقالات ينشرها معهد البحرية الأميركية.

ويكشف لـ"موقع الحرة" عن مشاريع صينية في منشآت تابعة لقناة بنما، والدول المجاورة في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، ما جعل بكين تملك "نفوذا" غير مسبوق هناك، ضمن مبادرة "الحزام والطريق".

تنين على البابين

قناة بنما ممر مائي اصطناعي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ عبر برزخ بنما في أميركا الوسطى.

وهي واحدة من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم.

بفضل القناة، لم تعد السفن بحاجة إلى الالتفاف حول قارة أميركا الجنوبية عبر رأس هورن، للانتقال بين المحيطين. 

افتُتحت القناة رسميا عام 1914 بعد عقد من البناء الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية.

أما الآن٫ وبعد أكثر من قرن، فالشركات الصينية، أو التي مقرها الصين، تدير مدخلي قناة بنما، وهما ميناء كريستوبال على المحيط الأطلسي شرقا، وميناء بالبوا المطل على المحيط الهادئ، غربا.

كذلك، في 2018، فازت شركة الاتصالات الصينية والشركة الصينية لهندسة الموانئ بصفقة لتنفيذ مشروع بناء الجسر الرابع، الذي يعبر القناة ويمتد على مسافة 4 أميال.

كان المشروع جزءا من الاتفاقيات التي وقعتها بنما مع بكين عام 2017، عقب قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان، والهادفة لتحويل القناة إلى مركز رئيسي لحركة المنتجات الصينية، وتوزيعها في منطقة أميركا اللاتينية.

بين روزفلت وكارتر وترامب

النشاطات الصينية، يبدو أنها كانت الدافع وراء منشور للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب على منصته "تروث سوشال" في 21 ديسمبر الماضي، طالب فيه بـ"إعادة السيطرة على قناة بنما". 

قال ترامب إن القناة "تلعب دورا حيويا" للاقتصاد ومنظومة النقل في الولايات المتحدة. وذكر بالدور الذي لعبته واشنطن في بناء القناة، إبان حكم الرئيس الأسبق، ثيودور روزفلت في بداية القرن العشرين، والكلفة المادية والبشرية التي دفعتها أميركا لإنجازها.

ومن المفارقات التاريخية، أن إعلان ترامب سبق بأيام قليلة وفاة الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، الذي وقع اتفاقيات التسليم التدريجي للقناة.

فما قصة تلك الاتفاقية؟

الرئيس الأميركي الراحل، جيمي كارتر، كان حاضراً أثناء مراسم تسليم قناة بنما عام 1999. (AFP)

هذه هي التفاصيل التاريخية:

  • محادثات التسليم التدريجي لإدارة القناة بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، في عهد الرئيسين جونسون ونيكسون.

  • التوقيع على الاتفاقيات النهائية كان عام 1977 وعرفت باسم "اتفاقيات كارتر – توريخون"، نسبة لرئيسي البلدين آنذاك.

  • بقيت الإدارة مشتركة بين الدولتين خلال فترة انتقالية استمرت حتى عام 1999، عندما تسلمت بنما الإدارة بالكامل.

  • آخر إجراءات التسليم تمت في نهاية ديسمبر عام 1999، في عهد الرئيس كلينتون.

المهم أن تعرف أن "اتفاقية الحياد"، وهي واحدة من اتفاقيات كارتر – توريخون، تمنح الولايات المتحدة الحق باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن القناة، وتأمين استمرار عملها كممر مائي دولي محايد.

وهذا الحق هو في جذر مطالبة ترامب، يقول خبراء، في مواجهة أطماع الصين.

ماذا تريد الصين؟

تواجه قناة بنما تحديات تشغيلية ناتجة عن الجفاف وظاهرة "النينيو" وتغير المناخ. (AFP)

يتحدث الصحفي الأميركي المتخصص جون غرايدي عن منشآت ذات استخدام مزدوج في قناة بنما فتحت شهية الشركات الصينية. 

وهذه المنشآت طلبت إنجازها المؤسسة الحكومية المحلية التي تدير القناة لتواكب تطور الحركة البحرية، وحجم البواخر الناقلة للحاويات، ولمواجهة تحديات انخفاض تدفق الأنهار التي توفر كميات المياه الضخمة اللازمة لملء أحواض السفن.

قال غرايدي أيضا إن: "الجنرال لورا ريتشاردسون، التي تولت القيادة الجنوبية للجيش الأميركي حتى نوفمبر الماضي، سبق وأن حذرت من الاستخدام المزدوج للمنشآت المتواجدة في قناة بنما".

والاستخدام المزدوج، هو مصطلح يقصد به أن الميناءين المتواجدين على مدخلي القناة، بالإمكان توظيفهما للاستخدام العسكري والتجاري على حد السواء، رغم أنهما يعملان حتى الآن على عبور سفن الرحلات البحرية السياحية، تليها سفن الشحن.

تذكر إدارة القناة على موقعها الإلكتروني أن "حركة الملاحة بلغت 14 ألف سفينة في السنة".

وتذكر أيضا إدارة التجارة الدولية الأميركية أن "72% من حجم حركة السفن في قناة بنما، تتم من وإلى الولايات المتحدة، التي تمثل كذلك مرفقا هاما لحركة نقل النفط حول العالم".

تمكن القناة من ربط الساحل الشرقي للولايات المتحدة بكل من شرق آسيا والساحل الغربي لأميركا الجنوبية، ما يعني ربط المناطق الصناعية في كل من الولايات المتحدة والصين بأسواقها التقليدية.

قال جون غرايدي إن "أنشطة بكين في بنما، لا يمكن فصلها عن باقي أنشطتها في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي".

وأضاف: "مثل أنشطتها في بيرو، حيث تقوم ببناء ميناء ضخم للغاية، سيرفع حجم البضائع الصينية المصدرة إلى تلك المنطقة من العالم لأرقام فلكية، ويمكن استخدامه هو الآخر بسهولة لأغراض عسكرية".

وفي أقصى جنوب أميركا اللاتينية، بنت الصين محطة رصد فضائي تتضمن هوائيات ضخمة تسمح كذلك بمراقبة حركة الأقمار الصناعية، حسب غرايدي.

موقع المحطة جنوب الأرجنتين، يمر فوقه مسار أغلب الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض، ويسمح كذلك بمراقبة حركة الملاحة في مضيق ماجلان الاستراتيجي، وهو أحد الطريقين البديلين عن قناة بنما، إذ يمر الطريق البديل الآخر عبر القطب الشمالي.

البحرية الصينية في جنوب أميركا

مجموع الموانئ الصينية في أميركا اللاتينية والكاريبي يبلغ نحو 40 ميناء، وهذا الرقم مرشح للارتفاع، حسب غرايدي.

رغم ذلك، يقول إن "مستوى التعاون العسكري في المجال البحري بين بكين ودول أميركا اللاتينية، تشوبه الكثير من نقاط الضعف".

ورغم تنظيم تدريبات مشتركة بين البحرية الصينية والقوات البحرية لفنزويلا، إلا أن تلك التدريبات لم تشمل الاندماج في العمليات المشتركة والعمل التبادلي، ما يجعل البحرية الصينية لا تمتلك إمكانية تنفيذ المهمات العسكرية بالتعاون مع حلفائها.

وعلى سبيل المقارنة، يذكر غرايدي أن "التدريب على العمليات المشتركة هو أمر أساسي خلال مناورات الجيش الأميركي مع دول حليفة، حتى تلك ذات عدد القوات المتوسط مثل الفلبين".

وتكمن أهمية الأمر، إلى الفهم المشترك والمتبادل بين القوات العسكرية، والعقبات التي تعترض ذلك، وهي تتجاوز معضلة اللغة، وتشمل العقبات الثقافية، التي ظهرت كذلك خلال وجود السفن الحربية الروسية والإيرانية في فنزويلا.

لا يقتصر الوجود العسكري الصيني على بيع تجهيزات حربية مثل الصواريخ المضادة للسفن، التي صدرتها بكين إلى إيران ومنها انتقلت إلى حزب الله، بل يشمل على وجه الخصوص سيطرة شركة هواوي الصينية على شبكات الاتصالات المحلية، بما في ذلك الإنترنت من الجيل الخامس.

وتتعاون البحرية الصينية مع نظيرتها الروسية، فالبحرية الصينية هي المسؤولة عن برامج الانتشار في أعالي البحار، مثل منطقة القطب الشمالي.

لكن ذلك التعاون لم يصل بعد، إلى مستوى التعاون بين دول الناتو أو باقي حلفاء واشنطن، خصوصا وأن أسطول السطح الروسي يواجه تراجعا في قدراته العملياتية والعددية، على عكس أسطول الغواصات.

ومن اللافت، أن التعاون في القطب الشمالي، يشمل وجود سفن أبحاث مرتبطة بعدد من الجامعات الصينية، تقوم بجمع معطيات فنية، تملك الحكومة الصينية حق الحصول عليها.

وأضاف غرايدي أن هناك 4 سفن أبحاث صينية تتواجد حالياً ضمن نطاق الدائرة القطبية الشمالية، وأن سفينة خامسة تستعد للالتحاق بها قريباً.

أبحاث علمية وتجسس

قال المحامي والمعلق السياسي الأميركي، غوردن تشانغ، الذي عمل في الصين وهونغ كونغ لحوالي عقدين من الزمن، إن "سفن الأبحاث البحرية، تستخدم كذلك لمهام التجسس والاستطلاع العسكري".

تشانغ الذي تحدث إلى موقع "الحرة" قال إن "أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها بكين في هذا المجال، هو تحديد مواقع الغواصات النووية الأميركية، عبر قياسات وعمليات سبر لقاع المحيط، تقوم بها سفن الأبحاث العلمية".

ووفقا لتشانغ، فإن أهداف الصين تتجاوز النشاط التجاري وتشمل أهدافا عسكرية واضحة. وأبرز الأمثلة على ذلك هو الدعم العسكري الذي تقدمه بكين لطهران.

أغلب السفن العابرة لقناة بنما متجهة من وإلى الولايات المتحدة. (AFP)

ويرى المحامي الأميركي، بأن إيران وحلفاءها في المنطقة، ما كانوا ليتمكنوا من شن هجمات ضد إسرائيل، لولا الدعم العسكري الصيني لها، عبر بيع كميات كبيرة من الأسلحة.

يذكر أن الوجود العسكري البحري الصيني، امتد من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط عند انطلاق أحداث الربيع العربي، عندما قامت إحدى فرقاطات البحرية الصينية بحراسة مجموعة من السفن التجارية، التي قامت بإجلاء العمال الصينيين من ليبيا عام 2011.

ثم عادت البحرية الصينية بعملية مماثلة، لإجلاء مواطنيها من اليمن خلال شهر مارس 2011، لتواصل تواجدها شرق المتوسط لاحقا، الذي يمثل الجناح الغربي لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية.

لا يقتصر الوجود الصيني في القطب الشمالي أو بنما أو الشرق الأوسط، على نشاط السفن التجارية والعسكرية أو سفن الأبحاث، بل هو رسالة موجهة إلى واشنطن، مفادها "أننا هنا"، حسب جون غرايدي.

وأعلنت بكين نفسها كدولة متشاطئة مع القطب الشمالي، ما يمثل إشارة إلى أنها قد تطالب بحرية الملاحة دون دفع رسوم عبور لروسيا، عبر "طريق الحرير القطبي".

قد تكون حماية سفنها التجارية من هجمات القراصنة قبالة سواحل الصومال هدفا مفهوما لبكين، وأهم وسيلة لتحقيق ذلك، قاعدتها الوحيدة في دولة عربية أو أفريقية، وهي جيبوتي.

لكن الوجود العسكري الصيني في الشرق الأوسط، يهدف كذلك إلى حماية خطوط تصدير النفط القادمة من الشرق الأوسط وإيران نحو الصين.

ماذا يفعل ترامب؟

ومع اقتراب موعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة للسلطة في 20 يناير الحالي، تبرز تساؤلات حول السياسة التي ستتبعها إدارة ترامب بشأن النفوذ الصيني في النصف الغربي من الكرة الأرضية.

رئيس بنما، خوسيه راؤول موليدو، الذي رفض تصريحات ترامب، نظم حفلا خاصا بالذكرى 25 لتسلم القناة من الولايات المتحدة، وأعلن أن شعور الفرح بتلك الذكرى، يشوبه الكثير من الحزن بسبب تزامنها مع وفاة الرئيس الأميركي الأسبق، كارتر.

دعوة ترامب إلى استعادة القناة، وتزامنه مع وفاة كارتر، أعاد إلى الأذهان السجال السياسي الحاد، الذي دار نهاية سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، حول تسليم القناة إلى بنما.

خلال ذلك السجال، رفع الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغن، شعار "نحن بنيناها، نحن اشتريناها، ونحن ننوي الاحتفاظ بها".

لم يكن قرار كارتر يحظى بشعبية كبيرة، ما كلف 7 أعضاء في مجلس الشيوخ مقاعدهم خلال الانتخابات الموالية، بسبب مساندتهم القرار.

لكن ريغن لم يراجع قرار كارتر بخصوص قناة بنما، رغم كل الصخب الإعلامي وحديث الانتخابات.

ضياء عُطي