ترامب استطاع الحصول على تأييد قادة جاليات عربية وإسلامية في ميشيغان. أرشيفية
ترامب استطاع الحصول على تأييد قادة جاليات عربية وإسلامية في ميشيغان. أرشيفية

يجد الأميركيون من أصول عربية أنفسهم في موقع فريد ونادر في السياسة الأميركية هذه الأيام، فالحملات الانتخابية تشتد وتتركز على ولاية ميشيغان حيث يشكل العرب نسبة مهمة من السكان.

وتقول صحيفة واشنطن بوست إن ترامب يسعى لإقناع مجموعة حاسمة من الناخبين العرب والمسلمين بضرورة التصويت له، رغم علاقته المتوترة معهم سابقا.

كريم السماك، منظم حملة تأييد العرب الأميركيين لترامب من ولاية تكساس، يقول إن العرب الأميركيين وجهات نظرهم محافظة وتصويتهم أيضا محافظ.

وأضاف في مقابلة مع قناة "الحرة"، أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كان العرب "يميلون إلى الحزب الديمقراطي" ولكن وجد هؤلاء أنفسهم بعد سنوات طويلة وسط "أيدلوجيات ونزاعات في الخارج" جعلتهم يغيرون من انتماءهم الحزبي باتجاه الجمهوريين.

وأضاف كريم السماك، أن من بين أسباب نجاح ترامب في استقطاب العرب هو موقفه ضد الحرب في العراق وأفغانستان، وتعهده بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وحملته الانتخابية الأخيرة التي ضمت جميع الشرائح ومن مختلف الأديان والأعراق.

ويتوقع مراقبون أن تكون لأصوات عرب ميشيغان دور حاسم في نتائج الانتخابات الأميركية.

هذه الولاية التي أعطت صوتها سابقا للديمقراطيين، يرى مراقبون أنها تشهد تحولا في موقفها بعد أن عبر دعاة عرب ومسلمون وناشطون في الولاية عن تأييدهم للمرشح الجمهوري ترامب لقدرته على "إنهاء حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا، ودعمه للقيم الأسرية وحماية الأطفال، ومواجهة الإسلام فوبيا" حسب وصفهم.

وتعتبر أصوات العرب والمسلمين مرتكز أساسي في الانتخابات الأميركية. ويشير خبراء إلى أن كلا من كامالا هاريس ومنافسها دونالد ترامب بحاجة ماسة للاستماع إلى هموم هذه المجتمعات وأولوياتها لضمان دعمها وجذب الناخبين.

في انتخابات 2020، كانت تلك الأصوات حاسمة في فوز بايدن، إذ أسهمت نسبة الإقبال المرتفعة من العرب والمسلمين في تحقيق انتصارات في ولايات مهمة مثل ميشيغان، حيث كان الفارق في الأصوات بين بايدن وترامب ضئيلا للغاية.

ورغم أن العرب الأميركيين كانوا يميلون تاريخيًا إلى دعم الديمقراطيين، فإن المواقف المتباينة تجاه الصراع الإسرائيلي في غزة ولبنان قد تؤدي إلى تغيير هذه الديناميكيات.

وعلى مدار العام الماضي، عملت حملة ترامب، الذي يصر على أن الحرب ما كانت لتحدث لو كان هو الرئيس، لجذب أصوات العرب الأميركيين. كما انتقد المسلمون الأميركيون إدارة بايدن - هاريس لدعمها إسرائيل بالسلاح وعدم قدرتها على إيقاف الحرب في غزة.

ووفقا للمعهد العربي الأميركي، فإن ربع الأميركيين العرب فقط، وعددهم 3.7 مليون نسمة، مسلمون والغالبية العظمى منهم هم في الواقع مسيحيون. ومع ذلك يمكن لأصوات العرب والمسلمين، التي تشكل حوالي 1 بالمئة من إجمالي الناخبين في الولايات المتحدة، أن تحسم النتائج في بعض الولايات التي تعتبر مفتاحية ومهمة.

ولدى الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين اهتمامات سياسية محددة تؤثر على سلوكهم الانتخابي. وتشمل القضايا الرئيسية السياسة الخارجية، وخاصة علاقات الولايات المتحدة مع دول الشرق الأوسط، والتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فضلا عن القضايا الداخلية مثل الحقوق المدنية، والهجرة، ومكافحة الإسلاموفوبيا.

أم في تكساس، قالت إنها دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، تعرض آثار أقدام المولودة بالولايات المتحدة، لكن السلطات رفضت منحها شهادة ميلاد.
أم في تكساس، قالت إنها دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، تعرض آثار أقدام المولودة بالولايات المتحدة، لكن السلطات رفضت منحها شهادة ميلاد.

جدد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تعهده بإلغاء حق المواطنة بالولادة، أو ما يعرف بـ "حق الأرض"، الذي بموجبه يحصل أي شخص ولد على الأرض الأميركية على الجنسية تلقائيا.

وتهدد خطوة ترامب، إن أقدم عليها، الآلاف ممن ولدوا لأبوين لا يحملان وثائق تدعم إقامتهما في البلاد.

ووعد الرئيس المنتخب باتخاذ أمر تنفيذي بإلغاء الحق الذي يكفله الدستور الأميركي في تعديله رقم 14. 

وأردف في مقابلة مع قناة إن بي سي الأميركية، الأحد، "علينا أن ننهي هذا الأمر" واصفا حق المواطنة بالولادة بأنه "مدعاة للسخرية."

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن نيته إلغاء حق المواطنة بالولادة.

ففي مايو العام الماضي، نشر مقطع فيديو جدد فيه دعوته لإنهاء الحق الدستوري في الحصول على الجنسية بالولادة على الأراضي الأميركية.

وقال ترامب في المقطع المصور، الذي نشره على منصة إكس، إن "الولايات المتحدة من بين البلدان الوحيدة في العالم التي تقول إنه حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنًا أو حتى موجودًا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهما في المستقبل هم مواطنون تلقائيًّا."

وبحسب الموقع الرسمي لمكتبة الكونغرس، توفر أكثر من 30 دولة الجنسية المكتسبة بالولادة، بما في ذلك كندا والبرازيل. 

والصورة أدناه، من مكتبة الكونغرس، توضح موقف الدول حول العالم من "حق الأرض"، ووفق تلك الخريطة تمنح البلدان المظللة  باللون الوردي الجنسية بالولادة دون شروط. 

ولا توجد إحصائيات رسمية، ترصد على وجه التحديد، عدد الأطفال الذين يولدون سنويًا بالولايات المتحدة لأبوين يتواجدان على الأراضي الأميركية بشكل غير قانوني، أو عدد الأطفال الذين ولدوا عن طريق ما يعرف بـ "سياحة الولادة."

وفي سياحة الولادة، تسافر المرأة الحامل بتأشيرة سياحة مؤقتة؛ لتلد في بلد يمنح المواطنة بالولادة، فيحصل مولودها على جنسية هذه الدولة تلقائيا.

وتشير تقديرات مركز دراسات الهجرة، وهو مركز بحثي مستقل، إلى ما يصل إلى 400 ألف طفل يولدون سنويا لآباء دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وإلى آلاف الأطفال الذي يولدون نتيجة سياحة الولادة سنويا.

تجربة 2020

وخلال رئاسة دونالد ترامب الأولى، وتحديدا في يناير عام 2020، فرضت وزارة الخارجية الأميركية قواعد جديدة استهدفت النساء الحوامل اللواتي يأتين للولايات المتحدة لغرض الولادة.

وألزمت تلك القواعد النساء الحوامل اللاتي يتقدمن بطلب للحصول على تأشيرات زيارة للولايات المتحدة، بإثبات أن لديهن سببا محددا للسفر، بخلاف الولادة.

وسمحت هذه الخطوة برفض منح التأشيرة لكل من يثبت أن غرضه الأساسي من الحصول عليها هو الإنجاب على الأرض الأميركية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، وقتها في بيان، إن تلك الإجراءات ضرورية لتعزيز السلامة العامة والأمن القومي".

وأضاف البيان أن "سياحة الولادة مليئة بالأنشطة الإجرامية".

عناصر في السلطات الفدرالية خلال مداهمة شققا راقية في كاليفورنيا حيث أقامت نساء أجنبيات حوامل، في إطار حملة ضد سياحة الولادة
القضاء الأميركي يحكم بالسجن على صينية جنت الملايين عبر "سياحة الولادة"
أصدرت محكمة في كاليفورنيا، الاثنين، حكما بالسجن 10 أشهر في سجن فيدرالي بحق امرأة ساعدت عملاء صينيين، بينهم أطباء ومحامون ومسؤولون حكوميون، على السفر إلى الولايات المتحدة بغرض الإنجاب حتى يحصل أبناؤهم أوتوماتيكيا على الجنسية الأميركية.

التعديل 14 من الدستور الأميركي

ويضمن التعديل رقم 14 للدستور الأميركي الجنسية لجميع الأفراد الذين يولودون في الولايات المتحدة؛ استنادا إلى حق الأرض.

وينص التعديل 14 من الدستور على أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها." 

"ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة."

" كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين."

ولطالما كان من المتعارف عليه أن هذا النص يشمل الأطفال المولودين داخل الولايات المتحدة لآباء غير أميركيين، كما يقول ديفيد غولوف أستاذ القانون الدستوري في جامعة نيويورك.

لكن غولوف في تصريح سابق لموقع الحرة لفت إلى أن المحكمة العليا لم تقرر بشكل قاطع ما إن كان النص نفسه ينطبق سواء كان الوالد (غير المواطن) موجودا على الأرض الأميركية -عند ولادة الطفل- بشكل قانوني أو غير قانوني.

وهو ما يفتح المجال أمام تأويل مختلف لنص التعديل 14 من الدستور الأميركي، كما تحدثت وسائل إعلام أميركية عدة.

ويقول أستاذ الإدارة والسياسة في جامعة بوسطن، ديفيد روزنبلوم، إن التعديل الـ14 واضح في أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة هم مواطنون أميركيون. اللغة واضحة، وقد صُممت للتأكد من أنه عندما تنتهي العبودية، فإن كل الأشخاص الذين كانوا عبيدا سابقا سيكونون مواطنين أميركيين".

ويشرح روزنبلوم لموقع "الحرة" أن بإمكان ترامب تحدي هذا النص بإيجاد تفسير آخر له من خلال المحكمة العليا، وغالبيتها من المحافظين (6 مقابل 3).

وبإمكانه أيضا، وفق الخبير، إصدار أمر تنفيذي، لكن سيتم الطعن فيه على الفور أمام أعلى محكمة في البلاد.

ويعتقد أن المحاكم الأميركية لو نظرت في الأمر التنفيذي، ستقرر على الفور بأنه غير دستوري، ومع ذلك لا يستبعد أنه مع وجود قضاة محافظين، عين ترامب 3 منهم، فقد يفسرون، أو يحاولون تفسير لغة النص بشكل مختلف.

ويشير روزنبلوم إلى أن بإمكان ترامب محاولة تغيير الدستور، لكنها ستكون عملية صعبة وتتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وغالبية الهيئات التشريعية في الولايات.